كل شييء يبدو هادئاً ذلك المساء، لكنه كان هدوءاً كذوباً اشبه بالذى يسبق العاصفة، فلم يكن الرجل العجوز الذى يسير بمفرده فى احد شوارع نزلة السمان يعلم انه سيلتقى بجثه طفل، بدا ان النيران اكلتها بلا رحمه. جسد العجوز يترتعش من هول المفاجأة، وقبل ان يترنح ويختل توازنه، جلس على الارض وامسك بهاتفه المحمول، يتصل بشرطة النجدة من اجل كشف ملابسات هذه القضية المثيرة. دوى سيارة النجدى يمزق سكون الليل الهادىء، وبعدها بلحظات كانت فرقة من مباحث الهرم تحضر الى المكان، تعاين الجثة التى اتضح انها لطفل لم يتجاوز من العمر العشر سنوات، لكنه مجهول الهوية، لا يملك بطاقة، او اى اشارة مادية الى مكان سكنه او اسم عائلته. ايقن رجال المباحث انهم امام قضية معقدة، لكن مهما كان التعقيد، لابد وان تصل العدالة الى القاتل او القتلة الذين ازهقوا روح برئية بتلك الطريقة البشعة. اطباء التشريح اصدورا تقريرهم اخيراً، ليؤكدوا ان الجثة بالفعل لطفل، فى نفس الوقت كان رجال المباحث يفرزون بلاغات الغياب، ربما يكون واحد منهم قد اختفى عن اهله، لكن بحثهم طال بلا جدوى. اخيراً، استعان رجال المباحث برسام حاول الوصول الى وجه الطفل، وراحوا يعرضون صوره على مواقف "الميكروباصات" حتى التقطها سائق "توك توك" ليؤكد ان الطفل يعمل ايضاً سائق "توك توك" وإنه معروف بسمعته الحسنة، ومختفى قبل عدة ايام. وقتها رجح فريق البحث إن الجريمة تمت بدافع السرقة خاصة ان المنجي عليه عثر عليه بمفرده وليس معه التوك توك الخاص به، ومن هنا بدأ ضباط مباحث الهرم بالبحث عن المتهمين المسجلين الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم والقبض على عدد كبير منهم في محاولة للوصول للمتهم الأساسي مرتكب الواقعة، حتى تم فحص أكثر من 150 متهم ارتكبوا وقائع سرقات مماثلة، وبإجراء التحقيقات معهم اعترف احدهم انه ضمن تشكيل تتزعمه فتاة شابة اسمها " سماح "، وانه قام باستدراج المجني عليه بالتوك توك الخاص به بمعاونه 3 آخرين من أرباب السوابق، بحجة توصيلهم الى إحدى الطرق المهجورة بنزلة السمان، وفي منطقة نائيه، ظهرت الفتاة وقاموا أفراد التشكيل بضربه على رأسه من الخلف حتى فقد الوعي، ثم قاموا بطعنه عدة طعنات بأماكن متفرقة بجسده وتقيد يديه وقدميه، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بإحراق جثته، وسرقة جميع متعلقاته وهاتفه المحمول والتوك توك الخاص به وفروا هاربين، وقتها لم يبقي سوى القبض على باقي المتهمين، حاول فريق البحث معرفة الأماكن التي يتردد عليها باقي المتهمين من المتهم المقبوض عليه وبعد معرفة الأماكن قامت قوة من مباحث القسم بمداهمة الأماكن وتم القبض على زعيمة العصابة وباقي المتهمين وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة بعد تكوينهم تشكيل عصابي تخصص في سرقة التكاتك من قائدها، كما كانت المفاجأة عندما اعترفوا أنها ليست الواقعة الأولى التي ارتكبوا فيها جريمة القتل أو عملية السرقة بل قاموا بسرقات حوالي 9 مرات أخرى، وتم تحرير المحضر اللازم وإحالة المتهمين الى محكمة جنايات الجيزة التي قضت بمعاقبة "سماح" و باقي المتهمين بالسجن المؤبد.