مستشفى المعلمين بأسوان.. حلم بدأ ب 50 قرشًا يصطدم بواقع التمويل (فيديو وصور)    مصر تؤكد استمرار العمل بنظام سعر صرف مرن وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    ترامب يعلن تمديد الاتفاق التجاري مع المكسيك لمدة 90 يوماً    علوم البحار عن زلزال روسيا: رصدنا اضطرابات بالإسكندرية - صور    شيكابالا يرحب بصفقة الزمالك الجديدة بهذه الطريقة    وديًا.. ميلان يقسو على بيرث جلوري ب9 أهداف    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    دياز: كومباني أخبرني بأنني سألعب على الجناح الأيسر.. وهذه تفاصيل محادثتي مع فيرتز    اسكواش - دون خسارة أي مباراة.. مصر إلى نهائي بطولة العالم للناشئات    القبض على 3 متهمين بقتل سائق توكتوك بالخانكة    بالصور.. بدء عزاء لطفي لبيب وحضور سوسن بدر وشيري عادل    ماذا قال محمد ممدوح عن مشاركته دنيا سمير غانم لأول مرة في"روكي الغلابة"؟    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    ضبط فني ينتحل صفة أخصائي تحاليل ويدير معملًا غير مرخص بجرجا في سوهاج    سفير المغرب في حفل الذكرى 26 لعيد العرش: علاقتنا مع مصر أخوة ضاربة في عمق التاريخ    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    أمريكا تحظر منح تأشيراتها لأعضاء منظمة التحرير ومسئولى السلطة الفلسطينية    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    رئيس جامعة بنها يفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين "TOT"    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    محافظ القليوبية يكرم 44 طالبا من أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    ندوة لشباب ملتقى لوجوس الخامس مع البابا تواضروس    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    مصرع مسن أسفل عجلات اتوبيس على طريق بركة السبع بالمنوفية    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    الصحة: المرور على 1032 منشأة صحية وتدريب أكثر من 22 ألف متدرب    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    تعاون بين "سلامة الغذاء" وجامعة القاهرة الجديدة للتكنولوجيا لتأهيل كوادر شابة    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر.. كما عرفته
نشر في أخبار السيارات يوم 21 - 04 - 2018


ناصر والقصيدة
لحظات مؤلمة وقاسية ودموع حاولت جاهدا منعها أو إخفاءها فباءت محاولاتي بالفشل في الطريق إلي نجع حمادي برفقة الصديق الشاعر علاء رسلان للعزاء في صديقنا الغالي الشاعر الراحل عبد الناصر علام الذي اختطفه الموت من بيننا وهو لم يزل في عامه الثاني بعد الخمسين.
كنت ومنذ مساء الخميس 12 -4-2018م لم استوعب خبر رحيله رغم علمي بمدي خطورة مرضه لأنني لم اتخيل أنني سأفجع فيه يوما، ما بل إنني كنت أتمني أن ينعيني هو لأنني أعرف قوة إرادة عبد الناصرعلام أو ناصر كما كنت أناديه.
عندما خطوت بقدمي سرادق العزاء كان في مقدمة السرادق صديقه المقرب القاص محمد شمروخ، لم أتمالك نفسي وحينما قام بتهدئتي وتنبيهي لوجود الصديق القاص حسن عبد الموجود الذي تصادف وجوده في الصعيد ليودع صاحبه والذي لم أقابله منذ فترة، وفي أحضان حسن كان انهياري ولم أشعر بعدها بشيء إلا وأنا اتشبث به وكأنني أخشي أن يفارقني كما فارقنا ناصر. لم تكن حالة حسن أو شمروخ أو علاء أفضل مني بل أسوأ فعبد الناصر علام حالة إنسانية وشعرية فريدة، وموهبة فطرية حباه بها الله فكانت مع قلبه الصافي وسريرته النقيه ودماثة خلقه هي الوزنات التي استثمرها وربح بها كل من قابله وتعامل معه، وأنا واحد من هؤلاء الذين كان من حسن حظهم أن يتعرفوا علي ناصر منذ منتصف الثمانينيات وتوطدت العلاقة بيننا مع بداية التسعينيات فقد كنت مع الصديقين القاص والكاتب الصحفي إسحاق روحي والشاعر علاء رسلان نذهب أسبوعيا لنجع حمادي التي تبعد عن فرشوط 8 كليومترات لنجتمع في نادي الشبان المسلمين، أو منزل الحاج مصطفي مروان رحمه الله رئيس جماعة آمون الأدبية، أو لنحضر ندوات وأمسيات جماعة النيل الأدبية بقصر الثقافة مع عمنا الشاعر عبد الستار سليم والشاعر عزت الطيري.
كانت هذه الفترة من أزهي فترات الازدهار الثقافي والأدبي بنجع حمادي من وجهة نظري فهناك كان محمود الأزهري، وعوض الله الصعيدي، وعبد الهادي النجمي، والراحلون علي الروبي وأحمد جاد مصطفي، وأحمد جامع وعلي جامع، وعبد الجواد خفاجي، ومحمد عبد الحميد توفيق، وغيرهم، وجميعهم من نجع حمادي وأبي تشت وفرشوط. لم يكن يمنعنا من المواظبة علي الحضور لا ماديات ولا صعوبة مواصلات، كانت الندوات والأمسيات الشعرية والإبداع جل همنا، وكان عبد الناصر علام فاكهة هذه الجلسات والتي كنا نستكملها علي كازينو عبد اللاه علي النيل في ضيافة ناصر الذي كان زبونا يوميا هناك، بل هو قبلة كل من يريد مقابلة ناصر الذي لم يتخلف يوما عن الجلوس في حضرة النيل برفقة أصدقائه وشيشته، ثم كانت مقابلاتنا في المؤتمرات خارج نجع حمادي والتي كان يتألق فيها ناصر بطريقة إلقائه لشعره الذي برع فيه بروحه المرحة وخفة ظله وقوة ذاكرته الفولاذية، حيث كان يلقي أشعاره وهي طويلة دون أن يمسك ورقة أو قلما، كان يكتبها بروحه وبكل نبضة من نبضات قلبه الذي كان يسع الجميع لذا كانت روحه التي تلقي الأشعار التي تخرج من قلبه لقلوب جمهوره الذي عشقه وتعلق به وبشعره الذي كان لسان حال العاشقين والبسطاء والمهمشين والمكلومين والمجروحين.
كان ناصر مثله مثل شعراء العامية يتحدث بلسان رجل الشارع معبرا عن مشاكله ومعاناته ضد الجهل والفقر والمرض والظلم والفساد ولكن مشروعه الشعري لم يكن يشبه الآخرين فله أسلوبه الذي ميزه عن غيره، كان عبد الناصر نجما من نجوم الشعر يضاهي نجوم الفن والأغاني صار له جمهوره ومحبوه الذين كانوا يتفاعلون معه بل ويطلب البعض منه القصيدة التي يحبها، وكنت أطلب مع بعض محبيه قصيدة »ديك محشي فريك»‬ أو قصائد »‬بهاليل النظام» »‬انصراف يا كباتن» »‬ولاد العبيطة» أو قصيدة »‬العملية في النملية» التي يقول فيها:
»‬عم سعيد.. يا عم سعيد.. قلبي في غربة وعيدي بعيد.. شوك في ايديا وخوف حواليا.. والكفين لابسين ف حديد.. العملية في النملية.. والعما فيكم مش ف عينيا».
لم أصدق بأنني في سرادق عزاء عبدالناصر الثوري الجريء الذي لم يكن يخشي في الحق لومة لائم، ولم يخش إلا الله عز وجل، ففي عام 2009م كانت الفتن الطائفية علي أشدها في العديد من المحافظات وحدثت فتنة كبري في فرشوط، وفي يناير 2010م حدثت مذبحة نجع حمادي ولم أكن أدري ماذا أفعل وما هو دور المبدعين والمثقفين؟ وكنت أشرف علي صفحة أدب بإحدي الصحف الخاصة ففكرت في عمل حوارات أدبية مع مبدعين وطنيين ونخب حقيقية، وكان ناصر أحد الذين طلبت منهم المشاركة فلبي علي الفور وتحدث عن بدايته وعن دور المثقفين ودور الإبداع، وكان هذا الحوار مع بعض الحوارات الأخري دافعا لأن أنشرها في كتاب فيما بعد لأنها كانت توثق لفترة تاريخية مهمة في نهاية نظام الرئيس السابق مبارك، كما أنها كانت تؤكد علي جرأة المبدعين ورؤيتهم لما يحدث من فساد وعن ترهل النظام وانتشار الفساد وتخاذل مؤسساتنا الثقافية.
لم استوعب رحيله فلا يزال صوته يرن في أذني: »‬ما ينفعش يا عمي نبيل» ففي مساء 15 فبراير 2018م فوجئت به في شقتي مع الصديق محمد شمروخ جاء ليعزي الصديق إسحاق روحي بمناسبة ذكري الأربعين لوفاة والده رحمه الله وحينما قلت له: احنا عارفين ظروفك يا صاحبي. قال بلهجته الصعيدية المحببة وبابتسامته وخفة ظله: ما ينفعش هي عشرة يوم.
عبد الناصر ابن الجنوب الشهم الكريم يعرف جيدا أصول وعادات وتقاليد الصعيد ويحرص علي أن يقوم بواجباته الاجتماعية مهما كانت حالته الصحية صعبة وحرجة بل أنني كدت أقبل يده حتي يسمح لنا بأن يصحبه شقيق اسحاق بسيارته لنجع حمادي أو حتي لموقف السيارات رفض وقال: »‬دا واجب وأنا كويس.. صدقني» جاء ليودعني وها أنا في نجع حمادي وفي شارع التحرير الذي يسكن فيه أتنفس رحيق أيام جميلة مضت، واسترجع صدي ضحكات صاحبي الذي تركني ورحل في زمن ما أحوجنا فيه إلي مثله.
سلام لروحك يا ناصر، وهنيئا لك ما أنت فيه الآن من نعيم.. فهناك يا صديقي لا تعب ولا مرض ولا حقد ولا كراهية ولا خسة ولا مؤامرات ولا إهمال لمسئولين يجلسون علي كراسي هي أجدي وأنفع منهم، هناك فاحص القلوب لمثل هذه الأرواح المبدعة، وهناك محبة حقيقية وصداقة منزهة عن الأغراض مثل التي كانت بيننا.
إلي اللقاء يا صاحبي وإلي أن ألقاك سأسمع قصائدك كل يوم وسأعيد قراءة »‬انزفني - دلوقتي اقدر - روحك تنط لتحت - دق القلب - لسه ها تتحمل هزايم - عيال أخري - وسلسلة ضهري» وإلي أن ألقاك بلغ سلامي لأرواح أحبابنا محمود مغربي وصفوت البططي ومأمون الحجاجي وأحمد جاد مصطفي ولكل أرواح المبدعين العاشقين لأوطانهم وللإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.