من أجمل الأوقات التي أقضيها مع أسرتي عندما نسافر في أجازة خارج مصر لأنها تعتبر فرصة للتواجد مع بعضنا طوال الوقت وهو لا يتيحه لي العمل الصحفي الذي يأخذ مني النصيب الأكبر ، إضافة الي زيارة أماكن جديدة والتعرف علي شعوب مختلفين بثقافتهم المختلفة احرص أن يتعرف أبنائي عليها ، ولذلك أكون حريصا بين الوقت والأخر أن نقضي إجازة خارج البلاد ، وكانت رحلتي الأخيرة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم يمر عليها سوي أيام هي الأمتع ، رغم زياراتي السابقة لأمريكا ، لأن أسرتي عاشت حوالي أسبوعين في بلد النظام والقانون واحترام الإنسان في رحلة قمت بترتيبها بنفسي عن طريق الانترنت ، وبعيدا عن شركات السياحة التي كنا نتعامل معها دائما ، وتتيح لك شبكات الخدمات السياحية المنتشرة علي النت معلومات كاملة عن جميع خطوط الطيران واسعارها المختلفة .. كل ما عليك فقط أن تحدد موعد الرحلة ومكان المغادرة والوصول وعدد المرافقين ، وتختار الشركة التي تعجبك والسعر الأرخص ، ثم تفعل نفس الخطوات لحجز الفنادق في المدن التي ستزورها ، وهي طريقة سهلة تتيح لك اختيارات عديدة وحسب الميزانية التي حددتها لنفسك ، والأهم في الموضوع ترتيب عملية التنقل بين الأماكن والمدن ، خاصة اذا كانت متباعدة كما هو الحال في ولاية كاليفورنيا التي وقع عليها اختيارنا، لأنها الأجمل سياحيا بين الولاياتالأمريكية. وبدأت رحلتنا في التعرف علي طبيعة هذا الشعب منذ وصولنا مطار سان فرانسيسكو ، حيث قمت بحجز سيارة جراند شيروكي ، ونصحني أحد المسافرين المصريين والمقيم في أمريكا أنها ذات سعة لترية كبيرة واستهلاكها كبير في الوقود والغالي جدا هناك وبالفعل طلبت من موظف الشركة استبدال الجيب بسيارة تويوتا كامري موديل 2013 ولم يبد الرجل ضيقا أو تعنت بعد ان دفعت قيمة الايجار مقدما ، فالموظف المبتسم أظهر لي قائمة كاملة بجميع السيارات ومعها معلومات عن استهلاك الوقود لكل منها ، وللحقيقة كلها سيارات مغرية ولكن إلتزمت بالنصيحة والسيارة التي حددتها ، وبالفعل كانت سيارة عبقرية فهي مزودة بكل الكماليات وقوية جدا وثابتة علي الطريق مع السرعة العالية علي طريق الهاي واي بين سان فرانسيسكو وسان دييجو والتي تصل الي 800 كيلومتر, والقيادة كانت متعة أخري رغم بعدها ، فالطريق به خمس حارات في كل اتجاه ، وكل سيارة ملتزمة بالحارة التي تسير فيها ، ومعنا صديق عبقري لا يضل الطريق أبدا وهو ( جي بي اس ) أو " نيفيجيتور " الذي تزوده فقط بعنوان الفندق ويتولي ارشادك بالصوت والصورة ويرشدك بالالتزام بالاتجاه ويحذرك من وجود كاميرات في اشارات المرور ، وينبهك في الانحدار يمينا أو يسارا قبل الوصول لهذه النقطة بدقائق ، وعلي الطريق تجد كل نصف ساعة " مخرج " يأخذك لمحطات بنزين متجاورة وبينها مجموعة مطاعم وأسواق ، والطرق كالحرير تزيد من متعة القيادة الأمنة ، مع شعور بالأمان لأن سيارة أخري لن تقطع الطريق أو أخري قادمة في الاتجاه المعاكس ، فالشرطة تجدها فجأة تسير خلفك وتوقفك لو حاولت تخطي الحارة المرورية بدون اشارة او مساحة كافية ، واذا تجاوزت السرعة أو القيت باقي السيجارة او ورقة علي الطريق ، والغرامة فورية قيمتها ألف دولار . ولأن القانون والنظام يسري علي الجميع بدون تفرقة فالكل ملتزم وانت أيضا تجد نفسك تسير في منظومة علي الطريق من الصعب مخالفتها . وعندما وصلنا سان دييجو عل الحدود مع المكسيك وجدتها مدينة ممتعة زرنا فيها السي وورلد وحديقة الحيوان ، والغريب في هذه المدينة عدم وجود أماكن انتظار للسيارات في الشوارع ، ولكن كل بيت او موقع عمل له جراجا خاصا به ، كما أن محطات الوقود تخدم فيها نفسك فلا يوجد عمال بالمحطة ، فتذهب إلي موظف داخل الغرفة وتحدد له رقم الماكينة وتدفع له المبلغ الذي تريد التموين به ، وبالكمبيوتر تنفذ الماكينة الأمر بالمبلغ المحدد وباختيارك بين الأنواع الثلاثة للبنزين 87 / 89 / 91 وأقل سعر للجالون 4,39 دولار . وكانت المحطة التالية لنا " أنهايم " حيث ديزني لاند وكاليفورنيا بيكتشرز وهي الابهار الحقيقي في أكبر مدينة ملاهي بالعالم قضينا داخلها ثلاثة ايام كاملة منذ الافتتاح في التاسعة صباحا وحتي الثامنة مساء موعد الإغلاق ، وبجانب انبهاري بكل ما فيها الا ان اعجابي كان بشركة هوندا التي خصصت لها جناحا عن علوم المستقبل والتكنولوجيا الحديثة ، يبدأ بتعريفك بالموديلات الحديثة لسيارات الشركة ثم تشاهد في الجناح مستقبل الدنيا خلال السنوات القادمة حتي ملامح وجهك كل ما عليك سوي ادخال بيانات السن وهل انت مدخن ثم تلتقط لك الكاميرا الصورة الحالية ويقوم الكمبيوتر باظهار صورتك وانت في السبعين ربيعا ، وتختتم الجولة بعرض مسرحي للريبوت ( أسيمو ) وتطور هذا " الانسان الألي " منذ اختراعه وحتي بدء العرض وهو يتحدث ويرقص ويلعب الكرة ويصعد ويهبط السلالم ويقدم الشاي والماء لصديقه الانسان . والمحطة الثالثة كانت في لوس أنجلوس ثم هوليوود ، وقضينا يوما كاملا في يونيفرسال استديوز لتشاهد علي الطبيعة كيفية صناعة الابهار في السينما الأمريكية من سقوط الطائرات وتهشمها تماما والجثث المتناثرة والانفجارات وحرق السيارات والحروب بجانب شو عبقري للزائرين بصحبة كينج كونج وترانسفورمرز والفك المفترس وغيرها من الأفلام الضخمة التي أصبحت علامة في السينما العالمية ، بجانب جولة في استديوهات التصوير . في سان فرانسيسكو الساحرة كانت محطتنا الرابعة حيث الكوبري المعلق علي المحيط والمقاهي والمتاجر المنتشرة علي الكورنيش . والمحطة الأخيرة كانت نيويورك في طريق عودتنا وزرنا منهاتن وتايم سكوير وهي منطقة الابهار الحقيقي للأمريكان بالابراج العملاقة والشوارع الصاخبة . أمريكا بحق بلد الامتاع والنظام والقانون والعمل واحترام الانسان .