كلمة الحب ، لا تكفي للتعبير عن محبة الأبناء ، فالكلمات تعتبر وسيلة محدوده إذا قيست بالمحبة الجارفة التي تسكن قلوب الآباء محبة لفلذات أكبادهم ، وبعض الأباء لا يجيدون التعبير بالكلمات عن محبة الأبناء ، ويحبون أبناءهم بطريقة عمياء ، ومن هنا يخافون عليهم من "الهوا الطاير" ، لذلك يلجأون إلى أسلوب آخر هو : الحماية الزائدة ، ومعناها : أن يقوم الأبوين أو أحدهما بجميع الأعمال والمسئوليات التي يجب أن يقوم بها الطفل . بطريقة أخرى ؛ حينما لا يفعل الأبناء أي شيئ في المنزل ، حتى ترتيب حجرة نومهم ، أو أن تساعد البنت امها في المطبخ ، فحينما يقوم الأب أو الأم بعمل كل شيئ بدلا عن أولادهم ، والمبرر لديهم : الأولاد مشغولين بالمذاكرة ،أو لما تروح بيت جوزها يبقى تتعلم ، يصبح النمط السائد في التربية داخل الأسرة : أسلوب الحماية الزائدة ، ولا نتعجب حينما نجد أغلب البنات لا يعرفن شيئا عن الطهى ، فحب الأم منعها من أن تكتسب مهارات حياتية غاية فى الأهمية ، هذه المهارات هي التي تحتاج اليها في حياتها العملية ، خاصة عند زواجها ، لأنها ستصبح أما في المستقبل القريب ،ويقع عليها عبء أسرة كاملة ، وإذا أردنا أن نعرف ماذا يفعله هذا الأسلوب في التربية ، نقارن بين فتاتين قدرتهما العقلية ضعيفة ولم يذهبا الى المدرسة ، فالأم التي " تستت بنتها المريضة ، ولا تجعلها تفعل أى شيء ، وتقول : يبقى احنا والزمن عليها ، مالكوش دعوى بيها ، انا مش عايزاها تعمل أي حاجة . نلاحظ ببساطة أن هذه الفتاه قد ظلمتها أمها بهذه المحبة العمياء ، لأنها كما يقول العامة " هطلتها " أي جعلتها " عبيطة ، ولا تستطيع فعل أى شيئ ، حتى ركوب المايكروباص ، لأنها عطلت قدراتها ، ولم تدربها على أي مهارة حياتية تنفعها بعد ممات الأم ، أما الأم الواعية ، التي تحب ابنتها حبا مبصرا ، فنراها تقول : يابنتي محدش هاينفعك غير نفسك ، فلازم تتعلمي كل حاجة علشان ما تتذليش لحد ، ويا بخت من بكاني وبكا الناس عليّ . ونجد أن هذه الفتاه تنمو قدراتها بدرجة جيدة ، بل نستطيع القول أنها إذا تزوجت تستطيع تحمل مسئولية بناء أسرة بمساعدة الزوج ، والحياة من حولنا تمتلئ بتجارب مريرة عن أضرار الحماية الزائدة للأبناء ، فهذا الأبن الذي لم يتعلم معنى المسئولية والقيام بواجباته تجاه أسرته ، ومساعدة أبوية حينما كان صغيرا ، سيكبر وينشأ أنانيا ، محبا لذاته ، حتى كوب الماء يطلبه من زوجته ، ويتشدق بالرجولة الزائفة التى تربى عليها ، وأن الراجل ما يعملش حاجة ،وسيظل طوال عمره معتمدا على أبويه ، حتى عندما يكبر الأبوان ويحتاجان لابنهما ، لن يجدا ابنا مسئولا عنهما ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، والانسان يحصد ما يزرع ، وسيقول الأباء حتما : يا خسارة تربيتنا في الأولاد !!!! ، ولا يلومن إلا أنفسهما ، لأن هذا نتاج تربيتهما الخاطئة ، والمحبة العمياء ، والشاعر العربي يقول : وينشأ ناشئ الفتيان فينا ... على ماكان عوده أبوه فيا أيها الآباء أحبوا أبناءكم حبا مبصرا ، لا مريضا أو أعمى ، ولتعلموا أن الحياة قاسية ، والنعيم لا يدوم ، وقليل من العناء والضغوط يسهم في بناء أولاد أسوياء ، فلا تفعلوا ما يجب أن يفعله أبناؤكم بديلا عنهم ، والتدليل يفسد عن القسوة الزائدة ، ولهذا حديث آخر .