كشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة في قضية العلاج علي نفقة الدولة، والتي وجهت فيها الاتهامات ل 14 نائبا بإهدار المال العام، وتسهيل الاستيلاء عليه عبر تزكيتهم في استخراج قرارات العلاج بالمخالفة للوائح والقواعد المعمول بها بوزارة الصحة، أن أكثر النواب تورطا في القضية هما كلا من نائب الوطني «سيد عزب» عن دائرة «كفر شكر» والنائب المنضم حديثا إلي حزب الوفد «عمران مجاهد» عن دائرة «الزرقا» بدمياط، وأن أكثر المستفيدين من القرارات مؤسسة يوم المستشفيات للتأهيل الخاصة بصرف الأجهزة التعويضية ومستشفيات نور الحياة والمغربي والعيون الدولي، بالإضافة لتورط الإخوان في المغالاة في القرارات. حسب التحقيقات الجارية فإن القيمة الإجمالية للمخالفات - كما ورد بالتقرير الذي أعدته مباحث الأموال العامة - بلغ 130 مليون جنيه قيمة قرارات العلاج الصادرة بالمخالفة لبروتوكول العلاج علي نفقة الدولة. المفاجأة التي فجرتها تحقيقات النيابة أن مؤسسة يوم المستشفيات للتأهيل- أكثر المستشفيات المستفيدة من صدور قرارات علاج بتزكية النواب- هي مؤسسة خيرية ذات نفع عام، وأن القائمين علي العمل بها «عملهم تطوعي» كما أنها تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي. المثير في التحقيقات أيضا هو صدور تقرير تفتيشي من قبل وزارة التضامن الاجتماعي بناء علي طلب المستشار «علي الهواري» - المحامي العام لنيابات الأموال العامة - يؤكد خلو سجل المؤسسة من المخالفات المالية رغم تورطها ومستشفيات العيون الأخري، وكشفت أوراق التحقيقات أيضا أنه علي الرغم من أن القانون لا يجيز صرف أجهزة تعويضية مثل «موتوسيكلات المعاقين» علي نفقة الدولة علي أن يتم صرفها لمستحقيها من المعاقين عن طريق وزارة التضامن، إلا أن النواب المتورطين سهلوا صرف تلك الموتوسيكلات علي نفقة الدولة، وأن الخطأ في ذلك يرجع إلي النظام المعمول به في المجالس الطبية المتخصصة: «جهاز الكمبيوتر» لا يحدد بدقة نوع الجهاز الواجب صرفه لطالب الجهاز التعويضي، حيث لا يسجل نوع الجهاز. كما أكد مصدر قضائي داخل النيابة أن الأموال العامة الآن بصدد تقييم دفوع النواب وفحص المستندات المقدمة منهم، وعرض بعض الأوراق علي قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي للنظر في واقعة التزوير التي تم اكتشافها أثناء التحقيقات الخاصة بتزوير قرارات علاج علي نفقة الدولة من قبل النائب «عمران مجاهد» ! كانت نيابة الأموال العامة برئاسة المستشار «علي الهواري» - المحامي العام الأول للنيابة - قد أخلت سبيل النائب «عمران مجاهد» بضمان محل إقامته بعد تحقيقات معه استغرقت 8 ساعات تم خلالها مواجهته بما نسب إليه من اتهامات تضمنت الاشتراك في جناية الإضرار العمدي بالمال العام، والاستجابة لرجاء أو توصية، كما تضمنت أوراق القضية تزويره في محررات رسمية بقيامه باصطناع عدد من قرارات العلاج علي نفقة الدولة، ونسبة صدورها زورا عن بعض الأطباء العاملين في مستشفي فارسكور العام. النائب الوفدي - حديثا- أنكر تلك الاتهامات وأقر بعدم صحتها وأن الأطباء الواردة أسماؤهم بتلك القرارات هم من العاملين بمستشفيات حكومية بدائرة محافظة دمياط مثل مستشفي الزرقا العام، وأنهم المنوط بهم الاشتراك في عضوية اللجان الطبية بتلك المستشفيات، وأنه لعدم وجود أختام شعار الجمهورية بتلك المستشفيات المذكورة يتم مهر الأختام المذكورة عنها بختم مستشفي فاركسور. جاء في التحقيقات أن «عمران» قام بإصدار قرارات للعلاج خلال الفترة من 1 سبتمبر وحتي 30 ديسمبر عام 2009 بلغت قيمتها 21 مليون جنيه من جملة قرارات صدرت خلال 4 سنوات بتزكيته، كما نسب إليه أيضا تزوير قرارات العلاج بالاشتراك مع أحد الموظفين في المجالس الطبية المتخصصة. أدلي عمران بأقواله أمام النيابة، وجاء فيها أنه أثناء لقاء عقد في لجنة الصحة بالمجلس، وبحضور وزير الصحة اشتكي - عمران - من أن قرارات العلاج تستغرق وقتا طويلا في الصدور مما يضر بالمرضي من المواطنين، وفوجئ بالوزير يرد قائلا : «وإحنا هنعمل لهم إيه إللي يموت يموت» فاعترض النائب علي اللفظ الذي نطق به الوزير مؤكدا أنه سيرد عليه. وأضاف في أقواله أنه كان يحصل علي الطلبات لأجل المرضي خاصة أنه كان يشعر بأنه ليس له جدوي كنائب خلال ال 6 أشهر الأولي من وجوده تحت قبة البرلمان ففكر أن يخدم الناس التي كانت تسأل عن العلاج. وكما قال «عمران» في التحقيقات فإنه كان يذهب ليحصل علي قرارات العلاج بمستندات كشف اللجنة الثلاثية لينقلها للمجالس الطبية في القاهرة لأجل الأهالي في دائرته «الزرقا» بدمياط ودوائر من محافظات أخري كالمنصورة والقاهرة والجيزة. وبعدما وجه له «طارق الحسيني» - رئيس النيابة - سؤالا بشأن كثرة القرارات التي حصل عليها خلال 4 أشهر في الفترة ما بين 1 سبتمبر إلي 30 ديسمبر 2009 بلغت قيمتها 21 مليون جنيه، وأسباب كثرة القرارات خلال هذه الفترة بالذات؟ !دفع «عمران» بأنها كانت الفترة التي ساعد فيها الأهالي علي الحصول علي قرارات علي نفقة الدولة للعلاج من فيروس (C) حيث بدأ الناس يكتشفون أنه من الممكن الحصول علي قرارات علاج علي نفقة الدولة لهذا المرض فكان الضغط الشديد للطلبات من الأهالي. كما وجهت النيابة لعمران تهمة التزوير في القيمة المالية لقرار علاج إحدي المواطنات علي نفقة الدولة من 3 آلاف إلي 13 ألف جنيه وأدلي عمران بأنه كان يترك خاتمه مع الموظفين بالمجالس الطبية المتخصصة واستغل بعضهم ذلك فكان يتم استخدام خاتمه والتوقيع به علي طلبات للعلاج علي نفقة الدولة ومنهم طلب تلك السيدة التي كانت تعاني من مرض مزمن. وواجهت النيابة عمران بما ذكره مسئولو المجالس الطبية المتخصصة من قيامه بإضافة أسماء أطباء إلي تقارير اللجنة الثلاثية مدعياً علي غير الحقيقة أنهم أطباء اللجنة الثلاثية التي تشكلها المجالس الطبية المتخصصة وأنه تربح من خلال الأطباء كما حققوا هم أيضاً ربحاً من وراء تلك القرارات فقررت النيابة استكتاب عمران وعرض ذلك علي مصلحة الطب الشرعي للتحقق من واقعة التزوير مما دفعه لتفجير مفاجأة بأنه سيأتي بالأطباء إلي النيابة ليكشفوا عن كذب الادعاءات الموجهة إليه. كما وجهت نيابة الأموال العامة العليا لستة نواب من جماعة المحظورة اتهامات متعلقة بمخالفة بروتوكولات العلاج في القرارات التي قاموا بتزكيتها والتربح من وراء ذلك وتسهيل الاستيلاء علي المال العام الممثل في أموال وزارة الصحة بعد التلاعب في قرارات العلاج لبعض المرضي، كالنائب «حسنين الشورة» عن دائرة كفر الزيات بالمخالفة في 16 قرار علاج علي نفقة الدولة صدرت بمبالغ أكثر من المبالغ المتعاقد عليها بلغت قيمتها 54 ألف جنيه حيث جاء في التحقيقات أن قرارات العلاج صدرت نتيجة استجابة الموظفين بالمجالس لرجاء وتوصية من النائب،. ووجهت له اتهاما آخر مثل باقي الأعضاء بالاشتراك مع موظفين للإضرار بأموال وزارة الصحة كما أثبتت تحريات مباحث الأموال العامة أن هناك قرارات صادرة بدون الاستناد لتقرير اللجنة الثلاثية أو أن قرارات اللجنة فيها غير واضحة وأن بعض المرضي كانوا خاضعين للتأمين الصحي ومع ذلك حصلوا علي علاج علي نفقة الدولة.. النائب الإخواني أقر بأن إجمالي ما تم صدوره بتزكية منه حوالي 4700 قرار وأنه قدم قرارات تم رفضها من المجالس الطبية المتخصصة لكونها غير مستوفاة وأقر أيضاً بأن مركز كفر الزيات يعتبر المركز الثاني علي مستوي الجمهورية والتاسع علي مستوي العالم بوجود ملوثات بيئية به والعديد من الأهالي مصابون بالأمراض. كما واجه «معتز الجميلي» -رئيس النيابة- نائبي الإخوان «جمال حنفي» و«محمد فضل» بالاتهامات التي وردت في تحريات مباحث الأموال العامة بوجود مخالفات في قرارات العلاج حيث حصل عليها النائب «جمال حنفي» لصالح «مرضي» وصلت قيمتها إلي 200 ألف جنيه بأسعار أعلي من بتروتوكول العلاج خاصة فيما يتعلق بالأجهزة التعويضية لصالح شركة الجمهورية، وأيضاً لصالح مستشفي نور الحياة للعيون وكذلك مخالفات في قرارات صدرت بتزكية من النائب محمد فضل بلغت قيمتها 90 ألف جنيه، حيث صدرت القرارات لمستشفيات لا تتعاقد الوزارة معها. فضل قال إنه لا يعرف المستشفيات المتعاقدة مع الوزارة و ليس لديه قائمة بها وأن ذلك دور الإدارة المتخصصة بالمجالس الطبية. وجاء في أوراق التحقيقات أيضاً أسماء المرضي والتجاوزات المبلغ عنها ضد النائب «إبراهيم محروس أبو شادي»- عن دائرة إيتاي البارود وهي مخالفات مالية في قرارات بلغت قيمتها 26 ألف جنيه، حيث كشف عن المخالفة في 6 قرارات كما وردت أسماء لثلاثة أشخاص لم يذهبوا للمستشفيات بالقرارات التي حصلوا عليها بتزكية من النائب. النائب «سمير زاهر» عضو مجلس الشوري والمتهم أيضاً في نفس القضية تعمد التخفي في ذهابه للنيابة للتحقيق وكذلك عند الخروج حيث دلف من باب آخر مسرعاً. حيث ذهب إلي «محمد عبدالسلام أمين» رئيس النيابة الذي باشر الاستماع لأقواله بصدد المخالفات الموجهة ضده.. «زاهر» حاول أن ينفي لرئيس النيابة ما نشر في الصحف من إشاعات تروج بامتناعه عن رده القيمة المالية للقرارات التي صدرت بتزكيته كما حاول البعض الإساءة له، واستفسر أيضاً عما إذا كان قد قام نواب آخرون برد المبالغ المالية التي أهدرت بالمخالفة للقانون. ووجهت النيابة أيضاً اتهامات جنائية لعدد من مسئولي الصحة والمجالس الطبية المتخصصة وهي قبول وساطات نواب البرلمان التي أدت إلي إهدار المال العام، وأن المخالفات كانت لصدور القرارات بدون تحديد نوع العمليات للمرضي وتزكيتها للمستشفيات الخاصة والاستثمارية وليست العامة الحكومية كما أن القيمة المالية المحددة للقرارات ارتفعت عن المتفق عليه ووفقاً لبروتوكول العلاج علي نفقة الدولة.