منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة «AROYA»    فتح اشتراكات السكة الحديد للطلاب على 3 أنواع من القطارات    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025.. زيادات جديدة    سوريا.. لجنة تابعة لحكمت الهجري ترفض خارطة الحل بالسويداء    جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدم منازل وكهوفا فلسطينية جنوب الضفة    ترامب وميلانيا يصلان قصر وندسور    تخصيص قطعة أرض بالقاهرة لشركة فلامنكو للصناعة وتجارة الأغذية    لحسم التأهل للمونديال.. تحديد ملعب مباراة المنتخب أمام جيبوتي    يامال يعود لبرشلونة أمام ريال سوسيداد بعد التعافي من الإصابة    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة اقتحام ملثمين منزلها والاعتداء عليها وعلى أسرتها وتقييدهم بالفيوم    تأجيل محاكمة طفل المرور المتهم بالاعتداء على طالب بعصا بيسبول ل1 أكتوبر    نائب وزير الصحة تبحث مع محافظ قنا تنفيذ الخطة العاجلة للسكان والتنمية    وكيل تعليم القاهرة يتفقد استعدادات المدارس للعام الدراسي الجديد 2026/2025    رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات المهرجان الرياضي الثالث    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    ميناء دمياط يستقبل 21 سفينة متنوعة    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    الليلة.. أيمن وتار ضيف برنامج "فضفضت أوي" مع معتز التوني    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    بعد سقوطها من الطابق الرابع.. بنها التعليمي يوضح حالة الطفلة وردًا على والدها    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    عبر الفيديو بملابس خاصة.. المتهم بقتل تشارلي كيرك أمام المحكمة لأول مرة    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرق أوسط بدون ملالي إيران

القنبلة الفارسية لن تدمر إسرائيل وحدها ستقصف أرواح ملايين العرب أيضا
هذا مجرد تمرين عقلي .. سيناريو سياسي لتصور منطقة الآلام الملتهبة المعروفة باسم الشرق الأوسط بدون أن يكون فيها نظام الحكم القابض علي أمور إيران .. فهل كانت سوف تصبح أفضل حالا لو لم تؤدِّ الثورة الشيعية في إيران إلي نشوء (الجمهورية الإسلامية) .. وهل يمكن أن يرتاح العالم الممتد من أفغانستان إلي المغرب مرورا بالخليج ولبنان إذا ما أدي تغيير داخلي في إيران أو ضغط استراتيجي خارجي إلي (سقوط دولة ولاية الفقيه) ؟
القاعدة هي أن أي فراغ ينتج عن اختفاء أي قوة سوف تملؤه قوة أخري . نظام الشاه نفسه كان عنصرا رئيسيا في معادلات التوازن بالمنطقة وخصوصا في الخليج .. ولو لم يعلن الخميني ثورته لكانت قوة أخري في بلاد فارس قد فعلت أمرا مماثلا، ولكن بمواصفات مختلفة .. وكمثال بسيط فإن اختفاء نظام صدام حسين من المشرق العربي أدي إلي نمو عوامل تفلطح إيران .. وتحرر سوريا من بعض قيود تحركها الإقليمي السابقة .. كما قد يؤدي خروج نظام الملالي من المعادلة الإقليمية إلي إعادة صياغة كل ترتيبات الإقليم .. وقد يكون هذا مطمحا إسرائيليا .. كما قد يكون فوزا استراتيجيا لتركيا.
كونه مطمحا إسرائيليا لايعني أنه ليس علينا تخيل هذه الأوضاع .. وكوننا نتخيل لايعني كذلك أننا نؤيد عمليات الضغط الداخلي والخارجي علي إيران لكي يتخلخل كيان دولة (ولاية الفقيه) . إن ما ينبغي عمله هو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل .. سواء كانت لدي إيران خطط نحوها أو كانت لدي إسرائيل .. واذا كان من حق أي شعب أن يختار النظام الذي يحكمه بالطريقة التي يريد .. وإذا كان علينا أن نرفض أي محاولات للتدخل في شئون الدول وتغيير نظم الحكم فيها قسريا .. فإننا نرفض كذلك أن تحاول هذه النظم تصدير صيغتها وثورتها إلي دول أخري حولها أو بعيدا عنها.
دعم أمريكي بانفجار الثورة الإيرانية في عام 1979، والإطاحة بنظام الشاه، وجدت الجماعات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط نموذجا ملهما، لاشك أنه ألهب أحلاما مختلفة ومطامع عديدة .. إذ إنها الكيان الوحيد الذي أسمي نفسه بالجمهورية الإسلامية وقادها إلي العصر الجديد نظام حكم يقوم علي شرعية دور رجال الدين .. وحاكمها الأول كان زعيما دينيا وتلاه زعيم ديني .. للأول قداسته .. أي الخميني .. وللثاني نفس القداسة .. وإن افتقد مقومات الزعامة .. أي خامنئي.
لقد حظيت هذه الثورة .. والقوي المرتبطة بها ولائيا ومعنويا أو حتي بالإلهام .. بأنواع دعم مختلفة، حتي لو بطريقة غير مباشرة، من الولايات المتحدة، وكان الدعم الأول هو رفع الغطاء عن نظام الشاه الموالي لواشنطن .. في ذات الوقت الذي كانت تدور فيه رحي ترتيب عمليات المقاومة ضد الغزو السوفيتي في أفغانستان تحت رعايه أمريكية .. حيث تم استقطاب ألوف ممن وصفوا بأنهم (مجاهدون)، كانوا هم اللبنة الأولي التي تحولت فيما بعد إلي تنظيم (القاعدة)، وصولا إلي هدم العراق من خلال عملية غزو في عام 2003 .. ما أدي إلي إخلاء الساحة الاستراتيجية لصالح إيران في واحدة من أهم بقاع غرب آسيا وشرق العالم العربي. في الذهنية العربية، وتاريخ الشقاقات الإقليمية بين الأشقاء يذكر الجميع أن أول من وقف في وجه استراتيجية السلام التي بادرت إليها مصر كانت هي دول (الصمود والتصدي) التي قادها العراق .. وشق بها وحدة الصف لسنوات طويلة .. وأسفرت الانقسامات عن مقاطعة عربية لمصر .. مقاطعة رفضت مبدئية السلام ولم تقبل بتوقيع الاتفاق بين مصر وإسرائيل.. لكن الحقيقة المنسية وسط الخضم العربي هي أن إيران الخومينية رفضت بدورها الأمر .. واعتبرت السادات خارجا عن الإسلام .. وتعضد موقفها منه مع استضافته للشاه الراحل .. وكانت هي التي باركت اغتياله .. وأطلقت اسم قاتله علي واحد من أهم شوارع طهران.
تحالف إسرائيلي إيراني
بُعيد غزو إسرائيل للبنان 1982 ووفقا لما ورد في مذكرات شارون، فإن إسرائيل وجدت أن عليها أن تسلح الشيعة في لبنان، لكي يقفوا بمضي الوقت في وجه المنظمات الفلسطينية هناك، في ذات الوقت تقريبا الذي بدأت فيه إيران دعم المقاومة الإسلامية وإطلاق مشروعها التوسعي شيعيا وسياسيا في لبنان من خلال حزب الله، الذي خرج من رحم حركة أمل .. وانطلقت تدربه وتسلحه وتموله وتوفر له الخبراء.. تحت شعارات مقاومة إسرائيل إلي أن أصبح دولة داخل الدولة بعد أن انسحبت إسرائيل من لبنان .
ولا يمكن بالتأكيد تخيل أن كيانا من هذا النوع كان سيكون له وجود لولا نظام الملالي في إيران، ودور أجهزة التخابر الإيرانية والحرس الثوري الفارسي .. التي صنعت من حزب الله أداة تواجد توسعي مقلق ويمثل خطرا استراتيجيا يجعل لبنان رهينة لعشرات من التهديدات التي تستهدف الحزب أو يصطنعها الحزب أو يستخدم فيها الحزب.
إن حركة مقاومة لها أهداف وطنية وغير مقحمة في حسابات إقليمية معقدة باعتبارها وكيلا أول ومباشرا لإيران وتقدس آية الله خامنئي وولاءها لطهران، لم يكن لتقدم علي ارتكاب جريمة تخابر في مصر وترتيب عمليات إرهابية ومن بينها رصد حركة السفن والناقلات المختلفة في قناة السويس .. ولم تكن لتضطر لأن تتورط في عمليات مالية قذرة وصولا إلي تهريب المخدرات والاتهام بسرقة السيارات في أوروبا أو أن تجاري التوسعات الإيرانية المكلفة بها في بعض الدول الأفريقية وغير ذلك .
إن هذه الذراع المزروعة، بكل مشكلاتها وتبعاتها، أي حزب الله، هي التي علي نهجها مضت إيران الخومينية - الخامنئية، لكي تمد جسور إنشاء وكلاء آخرين أو الاستيلاء عليهم بعد أن نشأوا في ظروف مختلفة .. كما هو الحال في حركة حماس التي وجدت نفسها - طواعية - داخل المنظومة الإيرانية .. مرة أخري تحت شعارات المقاومة .. وبغطاء من سوريا .. وبحيث صارت إحدي الأدوات الفارسية رغم سنية مذهبها العقيدي.
التصدير المؤجل
التصورات التي رأت أن تطبيق مبدأ تصدير الثورة الذي تعهدته الخومينية وورثتها ونظام ملالي إيراني ومؤسساته، كانت تعتقد أن الطريقة التي ستتبع هي التثوير المباشر، والدعاية للمذهب الشيعي، أو الدعوة للجمهوريات الإسلامية علي شاكلة إيران، لكن الخطة المنهجية التي اتبعتها - ولم تكن لتكون لولا وجود هذا النظام - تحركت في اتجاهات مختلفة .. الأول هو مد يد التمويل للوكلاء المنظمين .. مثل حزب الله وحركة حماس وحركة الحوثيين .. والثاني هو تحبيذ الأقليات الشيعية في دول الخليج .. وتثويرها وربط ولائها بأئمة خارج بلادها ونشر دعوة ولاية الفقيه فيما بينها .. والثالث هو تقديم الدعم والمساندة وفتح القنوات والتشجيع للحركات الجهادية السنية وإيواء عناصرها في بعض الأوقات .. والرابع هو عمليات نشر المذهب الشيعي في دول مختلفة في أنحاء متنوعة.
لقد أعلن مبدأ تصدير الثورة منذ اندلعت الخومينية وتأسست الجمهورية الأولي تحت ولايته، وخمد المبدأ حينا من الوقت بعد أن مات، ثم عاد ليعلن صراحة في توقيتات مختلفة خاصة في السنوات الأخيرة .. ولاسيما في احتفالات إيران بذكري ثورتها .. وقد تصور البعض في البداية أن الثورة المصدرة سوف تأخذ أشكالا مباشرة تقوم علي تفجير القلاقل والتوتر في البلدان المستهدفة وبحيث تجد دولة ما أو أكثر أنها بصدد تحدٍ من نوع مماثل للتحرك الخوميني في إيران عام 1979 .. لكن الواقع هو أن عملية التصدير أخذت زمنا مطولا لكي تتجسد في شكل قنابل موقوتة وقابلة للانفجار في أوقات مختلفة .. خاصة في السنوات الست الأخيرة ومع وصول أحمدي نجاد للحكم .. وحدوث الترسيخ الأوضح للمشروع القومي الفارسي .. وتمازج الفارسية مع المذهبية .. واتساع نطاق الرغبة في فرض الهيمنة علي الإقليم .
حربا وطعنا وتآمرا
لقد أعلن هذا المشروع أنه يقف في وجه ما أسماه التكبر الأمريكي، والصهيونية، وقال علنا إنه يريد القضاء علي إسرائيل ومحوها من الوجود .. وهي العبارة التي تكررت علي لسان أحمدي نجاد وتعتبر الذريعة الأساسية في تبرير عدم الثقة في البرنامج النووي الإيراني .. ولكن عمليا فإن المشروع الفارسي كان أن استهدف بالأساس القومية العربية .. واستقرار الدول العربية .. والأنظمة العربية في مناطق عربية مختلفة .. إما حربا مباشرة .. أو تآمرا .. أو التفافا .. أو احتواءً.. أو طعنا من الخلف.
حربا، وبوضوح شديد، ولمدة طويلة جدا، كان أن استمرت الحرب العراقية الإيرانية لثماني سنوات، وقد يري البعض من المؤرخين أن صدام حسين هو الذي استدعي إيران إلي الحرب، لكن هذه رواية غير مؤكدة، وباليقين فإن طهران لم تكن تستهدف من الحرب ضد العراق أن تحمي حدودها وتحقق ردا لعدوان وإنما سعت حقا إلي تدمير العراق وقوته وإبعاده من المعادلة الاستراتيجية في الخليج .. وما يؤكد ذلك أن ميدان الحرب كان إما علي الحدود بين الدولتين أو في قلب مناطق داخل العراق، ولم تكن إيران الداخل في مدي تهديد العراق.
تآمرا والتفافا، كما جري الحال مع مصر، التي دعمت حركة حماس إيرانيا لكي تكون خنجرا في خصر أمنها القومي، وعضدت عملية حزب الله ضدها، وقامت بتخوينها وشن حملة سياسية دينية إعلامية عليها، وبما في ذلك أيضا محاولة الالتفاف علي أمنها من الحد الجنوبي عبر مد الجسور مع الخرطوم في أوقات سابقة.
احتواءً من خلال الحلف المستمر والمعلن مع سوريا، حيث تلاقت المصالح منذ فترة طويلة بين العاصمتين، لأسباب عراقية ولبنانية، وفيما بعد لأسباب مصرية، وتنامي التحالف بنيويا، ووصل حد التعاون الاستراتيجي الذي لا يمكن الفكاك منه ببساطة لو حتي أرادت سوريا ذلك .. وهي بالتأكيد لا تريد.
وطعنا من الخلف، كما هو الحال في ما بين السعودية واليمن، حيث تقوم حركة الحوثيين بتهديد استراتيجي لاستقرار البلدين وخصوصا اليمن .. وحيث تحظي الحركة التي دخلت مؤخرا في هدنة غير مضمونة الاستقرار والثبات بدعم إيراني تسليحي ومالي .. وحيث بدأت تنتشر عمليات التحول إلي الشيعة الاثني عشرية في شمال اليمن.
لقد ضاعف التدخل والتداخل الفارسي في العراق من النتائج الاستراتيجية المدمرة لعملية غزو العراق، وساهمت عمليات التوسع ذات الغطاء المذهبي في قلب العراق في تفجير الأوضاع الطائفية الناتجة عن سقوط نظام صدام حسن .. وحيث يوجد كذلك وكلاء متنوعون لإيران داخل هذا البلد العربي المنهار . وفي ذات الوقت فإن الدعم الأكيد من إيران إلي حركة حماس ساهم في انقلابها علي السلطة وأدي إلي تقسيم التراب الفلسطيني بعد احتلاله وتفتيت الفصائل وبث الشقاق الذي تصعب عمليات إصلاحه الآن.
خلل الموازين
وفي حين تعلن إيران أنها تقف في وجه إسرائيل، وتحاول تدميرها (شفويا) فإنها عمليا إنما تذهب إلي إحداث خلل كبير في موازين القوي الإقليمية .. إما بالوصول إلي العتبة النووية .. فتكون في مواجهة قطب شرق أوسطي آخر هو إسرائيل حيث وقتها سيتم اقتسام النفوذ بين الكيانين غير العربيين .. أو من خلال التفجير الذي تسعي إليه في المنطقة إذا لم تصل إلي تحقيق حلمها النووي أو منعت قسرا من بلوغه .. عبر حرب جديدة أو أي آلية أخري.
بصورة مباشرة، وفي الثلاثين عاما الأخيرة، فإن إيران كانت لها علاقة وثيقة .. فعليا أو من خلف الستار عبر وكلاء .. عن أربع حروب إقليمية مختلفة من بين ست حروب في المنطقة .. هي: غزو لبنان 1982، الحرب العراقية الإيرانية، غزو الكويت ثم تحريرها، وغزو العراق، وحرب لبنان 2006، وحرب غزة 2008، وعلي فترات مختلفة حرب الحوثيين خصوصا الأخيرة .. وفيما يبدو فإنها (إيران) سوف تكون مسئولة كذلك عن حربين تاليتين قريبتين.
وبغض النظر عن أنها تدفع المنطقة إلي سباق نووي أكيد، إذا ما استمر الوضع الحالي لمشروعها النووي، بخلاف توطين التوتر في الخليج ودوله، فإن نظام الملالي يسأل مباشرة عن مجموعة من السوءات الإقليمية التي لم يذهب إليها أحد غيره .. تقريبا .. ومنها ما يلي: بدء إطلاق الحملة العالمية الغربية لتشويه الإسلام .. حين أطلق الخوميني فتواه الأشهر والقائمة حتي اليوم والهادفة إلي اغتيال سلمان رشدي صاحب كتاب آيات شيطانية. تكرار واتساع نطاق عمليات تثوير الحج سنويا وتهديد استقراره.
إحياء الصراع المذهبي فيما بين المسلمين .. بحيث أصبح من جديد ينقسم إلي عالمين سني وشيعي . تطبيق خطة موازية لخطة بوش الساعية إلي تغيير بنية الأنظمة العربية .. كل حسب هدفه .. مع اختلاف طريقته.
توفير الأسباب التي تؤدي إلي بقاء القواعد الأمريكية لفترات أطول في قلب عديد من الدول الخليجية .. مادام بقي التهديد الإيراني معلنا لكثير منها.
قنبلة تدمر العرب
ولكن الأخطر والأهم من كل ذلك الآن هو أن التصرفات الإيرانية في شأن الملف النووي، إنما تؤدي إلي إضرار مروع بالمصالح العربية، لأنها تدفع النظام الدولي إلي اتخاذ إجراءات تتجاوز المسموح به في اتفاقية منع الانتشار النووي، وبحيث قد يؤدي الوضع الذي يرسي الآن إلي إقرار أعراف غير قانونية تبقي المهيمن نوويا علي وضعه، حتي لو كان سرا، وتمنع الآخرين من اللحاق به.
ولقد أوهمت إيران لبعض الوقت عددا كبيرا من المتعاطفين معها، في الدول المسلمة، بأن القنبلة التي تتجه إلي إنتاجها إنما سوف تكون نووية إسلامية، في حين أنها حلم نووي فارسي موجود وقائم ويجري السعي إليه منذ أيام الشاه حين بدأ البرنامج النووي الإيراني الذي تطور فيما بعد وأصبحت له الأهداف الأيديولوجية والاستراتيجية الحالية، هؤلاء المتعاطفون الذين يقل عددهم يوما تلو آخر .. ولكن الكثيرين لم يعودوا يتجاهلون علي الإطلاق أن أي استهداف بالقنبلة النووية الفارسية لإسرائيل إنما يعني أيضا تهديد حياة ومصير ملايين من العرب المسلمين سواء الذين يعيشون في إسرائيل أو في فلسطين أو في دول مجاورة.
هذا هو وضع الشرق الأوسط الذي أسفرت عنه دولة الملالي وجمهورية ولاية الفقيه .. وما أدت إليه عمليات ومساعي تصدير الثورة .. ومحاولات فرض الهيمنة الفارسية في المنطقة العربية خلف أستار وخدائع متعددة .. ومن ثم فإن علينا أن نتخيل كيف كان سيكون حال الشرق الأوسط لو لم يكن هذا الكيان علي حاله منذ 1979 .. وأيضا كيف سيكون الوضع لو طبقت السيناريوهات المعلنة الهادفة إلي إسقاطه بطريقة أو أخري في المرحلة التالية.. وهي خطط تفتقد إلي فرص التحقق المؤكدة.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.