وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 6 مايو 2024    غدا.. بدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء بدمنهور وتوابعها    أسعار الفاكهة والخضروات فى الأقصر اليوم الإثنين 6 مايو 2024    عاجل| المخاطر الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط تقفز بأسعار النفط عالميا    يلين: معدلات التضخم تحت السيطرة، وهذا أكبر تهديد للاقتصاد الأمريكي    هل تراجعت أرباح مجموعة ويستباك المصرفية؟    مسئول إسرائيلي: اقتربنا من التوصل لاتفاق تهدئة لكن نتنياهو أفشل الصفقة    الرئيس الصيني يلتقي ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية في باريس    أوكرانيا: تدمير 12 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا خلال 24 ساعة    إصابة 3 مدنيين في غارة إسرائيلية على بعلبك بشرق لبنان    نجم الزمالك يطالب بإقالة جوميز.. تفاصيل    جدول مباريات اليوم.. مباراتان في الدوري المصري.. قمة السعودية.. وختام الجولة في إنجلترا    شم النسيم.. سيولة مرورية بميادين القاهرة والجيزة    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    "ماتنساش تبعت لحبايبك وصحابك".. عبارات تهنئة عيد الأضحى المبارك 2024 قصيرة للأحباب    لمواليد برج العذراء والجدي والثور.. ماذا يخبئ مايو لأصحاب الأبراج الترابية (التفاصيل)    في شم النسيم، الصحة تكشف مدة ظهور أعراض التسمم بعد تناول الأسماك المملحة    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    محمد صلاح يُحمل جوزيه جوميز نتيجة خسارة الزمالك أمام سموحة    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناطق الفتنة الطائفية نماذج علي الوحدة الوطنية!

كلما يشهد بلدنا حادثا طائفيا يثار الجدل المعهود.. هل الحادث طائفي أم مجرد عمل إجرامي؟ هل له أساس راسخ في عقول ونفوس أبناء بلدنا أم أن أيادي خفية مندسة استطاعت إشعال لهيب الفتنة الطائفية؟ هل ما حدث خلق عداء بين عنصري الوطن أم أنه كشف عن عداوة محتقنة كانت تنتظر من يوقظها؟ جدل كلامي لا ينتهي..ولكي أجيب عن الأسئلة بشكل مختلف زرت في الأسبوع الماضي كلاً من الزاوية الحمراء والإسكندرية وجبل الطير بالمنيا.. أنها المناطق التي شهدت الأحداث الطائفية الأشهر علي مدار الثلاثين سنة الأخيرة.
في الزاوية الحمراء
ما بين شرق ووسط القاهرة تقع منطقة الزاوية الحمراء تلك المنطقة التي شهدت ما يسمي ب حادث الزاوية عام 1981 في عصر السادات واحدة من أبشع الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر. جامع كبير يتصدر المشهد في الشارع العمومي قابع علي قطعة الأرض التي تسببت في الخلاف الذي أدي إلي حادث الفتنة الطائفية البشع.. والذي يبدو أنه حسم لصالح بناء الجامع بدأت جولتي في الشارع الملاصق للجامع الذي شهدت أرضه المعركة الطائفية الشهيرة.. معظم المحلات هناك تحمل أسماء قبطية مثل البتول وهو الوصف الذي يطلق علي السيدة مريم العذراء - والعهد الجديد.. فعلمت أن المنطقة الملاصقة للجامع التي كانت قريبة من أحداث الفتنة معظمها منطقة أقباط شهيرة باسم عزبة أبو ليلة: بعد عدة حوارات أجريتها مع أصحاب المتاجر في عزبة أبو ليلة أيقنت أن الحادث القديم لازال راسخا في أذهانهم فتذكر ممدوح جميل صاحب بقالة أنه كان في المرحلة الإعدادية أنذاك وأن الخناقة كانت علي حتة أرض كما يتذكر أن أخاه الكبير كان عريسا جديدا فنهبت شقته واشتعلت النيران في شقة والده التي احترقت بالكامل ورجع عم فاروق زقزوق البالغ من العمر 75 عاما بالذاكرة إلي الوراء وقال: كنت وقتها أعمل سائقا في شرق الدلتا وبيتي كله اتحرق. وقال لنا عزيز تاجر: ابن عمي صبري قتل في هذه الأحداث.
إلا أن حالة استثنائية من الود وصفاء النفس والحب والعشرة تجمع بين المسلمين والأقباط من أهالي المنطقة.. فيستكمل ممدوح كلامه: بالرغم من أن هذا المربع معظمه مسيحيون إلا أن عندي زبائن مسلمين كثيرين ويفسر عم فاروق الحادث - الذي احترق فيه بيته - قائلاً: الاتنين طماعين عايزين يستولوا علي حتة الأرض.. المسيحي واحد من بتوع الحي وعده بأنه سيساعده في أن يضع يده علي قطعة الأرض تدريجيا مقابل 15 ألف جنيه فاعترض المسلم صاحب المحل الموجود حاليا أسفل الجامع.. فبني سوراً وقالوا سنقيم جامع فالدنيا ولعت.
ويقول عزيز الذي فقد ابن عمه في الحادث: محمد صاحب المعرض اللي جنبي ده أكثر من أخي.. الذين خربوا وحرقوا منذ عشرين سنة ناس لا نعرفهم.
وفي وسط مربع الأقباط الشهير بعزبة أبو ليلة يقف مقهي كبير تعتليه لافتة كبيرة تحمل الآية بسم الله الرحمن الرحيم..إنا فتحنا لك فتحا مبينا .. دخلت إلي المقهي وبدأت حوارا مع الحاج محمد محمود الذي جذب لي كرسياً وقال: يا بنتي إحنا هنا عيلة واحدة.. لا يوجد أي شيء بيننا وزبائني مرقس ومحمد واسحق وحسين.. وفجأة اقترب مننا شخص شده الحاج محمد من قميصه قائلا أهه مثلا ده زكريا مسيحي عليه حساب ومش عايز يدفعه فضحك الجميع.. والتفت الحاج محمد خلفه كمن انتبه إلي أمر ما فجأة ونظر إلي رجلين منغمسين في عشرة دومينو وقال عندك مثلا رمسيس وعثمان.. مسيحي ومسلم كل يوم يلتقيان هنا علي المقهي.
جذبت كرسيا وجلست علي نفس الطاولة التي يجلس عليها الأسطوان مالك رمسيس وسمير عثمان..سائقان علي المعاش.. قال عثمان: ''قبل الحادث لم يكن هناك أي نوع من بوادر مشاكل بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة.. التقط منه الأستاذ رمسيس طرف الحوار: وبعد الحادث انقطعنا عن الحديث لمدة شهرين وعدنا مرة أخري بعد أن هدأت الدنيا.. كلنا نتجمع هنا وبنأخذ رأي بعض وبنشيّل بعض مشاريب.
ومن أمام محل البتول للموبيليا وقفت لأسأل رأفت صاحب المحل قال كنت طفلا لكن أهالينا يحكون لنا ان جيراننا المسلمين وقفوا وسدوا الطريق ليحمونا من الذين كانوا يحاولون الهجوم علينا. توجهت بعد ذلك إلي منطقة القصيرين الشهيرة وهي ليست بعيدة عن عزبة ابوليلة.. في ظهيرها.. والتي توجد فيها نسبة كبيرة من المسلمين وكثير من النساء منقبات.. توجهت إلي أم مينا التي جاءت إلي منطقة القصيرين بعد الحادث ب3 سنوات.. أم مينا أرملة تعمل في بيع المفروشات.. ابنها اسمه الحقيقي أنور هلال أنور لكنهم في البيت يطلقون عليه مينا لأن والده رحمه الله كما تعتقد أم مينا قد ظهر له مارجرجس مرتين مرة عندما كان يرفض الذهاب إلي مولد مارجرجس فظهر له علي حصان وكان علي وشك أن يضربه.. وعندما ذهب إلي المولد ظهر له مرة أخري وقال له المرة القادمة سوف تأتي وأنت أكثر انبساطا.. أم مينا لديها ابنتان الصغري تعمل مدرسة دين مسيحي في مدرسة الدلفرند بمصر الجديدة أما الكبيرة فاختارت أن تترهبن في دير بالإسكندرية.. والجيران المسلمون الذين هم علي علاقة جيدة بأم مينا سألوها لماذا تركت ابنتها تعيش بعيدا عنها.. وتعذرهم أم مينا قائلة هما مش فاهمين.. وعن زبائنها تقول معظم زبائني مسلمون ولأقول لك الحق يريحونني في التعامل أكثر من المسيحيين.
لكن وبالرغم من صفاء المشهد.. أثناء جولتي بين أهالي المنطقة علمت أنه قبل عيد الميلاد بأيام شهدت منطقة الزاوية مشاجرة بين فتاة قبطية تدعي كريستينا سارح من عائلة السماكين الذين يعملون في تجارة السمك و4 شباب مسلمين اعتدوا عليها ضربا وهي في طريقها من الكنيسة إلي البيت.. وكانت المشاجرة علي وشك أن تتسبب في ''حادث الزاوية الجزء الثاني ''لولا تدخل النائب إيهاب العمدة الذي هدأ الأوضاع بين الجانبين واشتري عجلا وذبحه في حضور العائلتين.. ذهب نصفه إلي الجامع ونصفه إلي الكنيسة أما عائلة كريستينا فلطخوا ملابسها بالدماء وطافوا بها في المنطقة كلها كعلامة علي استرداد حقهم.. من حسن الحظ أن الصحف لم تعلم بالواقعة. توجهت إلي منطقة السماكين التي تنتمي إليها كرستينا.. شاورت لي طفلة صغيرة علي والدتها.. امرأة بدينة تقف علي أحد شوادر السمك وتدعي أم روماني نظرت إليها فأخذت تتفحصني بتحفز.. اقتربت منها وسألتها إذا كانت ابنتها قد تعرضت بالفعل إلي اعتداء من أي نوع فحكت لي الحكاية: ابنتي كانت خارجة من كنيسة العذراء والدها طلب منها أن تغير كوع الحوض فاشترت الكوع وهي في طريقها إلي البيت هي وأخوها الصغير الذي كان يحمل الكوع.. خدش به سيارة شاب فأخذ يشتم ابنتي بألفاظ نابية وقال لها أمشي يا بنت المرا وبنت كذا وكذا وكذا وتطور الشجار حتي ضربها بكوب الشاي في وجهها .
اللافت أنه أثناء حديثي مع أم روماني تردد علي شادرها أكثر من زبون مسلم كان من ضمنهم منقبة في إشارة بالغة علي أن المشاجرة لم يكن لها علاقة بالدين.
أطلقت لخيالي العنان ليجيب عن السؤال التالي.. كيف كان سيسير السيناريو إذا كان هذا الشجار بين كرستينا ابنة عائلة السماكين وذلك الشاب بسبب كوع الحوض قد تضخم؟.. فضحكت من قلبي عندما تصورت مانشيتات الصحف ومانشيتات مواقع أقباط المهجر عن اضطهاد الأقباط في مصر وتقارير حقوق الإنسان التي عادة ما تتلوا هذه الأحداث.
في محرم بك
كنت أعمي والآن أبصر كان عنوان المسرحية الكنسية التي نسبت إليها أسباب الفتنة الطائفية بمحرم بك بالإسكندرية.. في أكتوبر ,.2005 تجولت في تلك المنطقة التي شهدت أعمال الحرق والتخريب..
علي الرصيف المواجه لكنيسة مارجرجس والأنبا انطونيوس مباشرة وقف الحاج محمد الصغيرأمام محله .
تحدثت إلي الرجل الذي يبدو في الأربعينات من عمره وعلي جبهته زبيبة صلاة كبيرة فقاطعني قائلا أنا أهلي كلهم مسيحيين.. وعم منصور أهه.. بالصدفة جاء الأستاذ منصور ليزور صديقه وجاره الحاج محمد في متجره.. واستكمل الحاج محمد كلامه قائلاً في ذلك اليوم كانت القاعدة عندي هنا في المحل.. لم تؤثر علي علاقتي بمنصور في شيء لأنني أعلم من وراءها وقد شهدت ذلك بنفسي.. كنت أصلي العصر في الجامع في ذلك اليوم وفوجئنا بعشرة ملتحين ليسوا من المنطقة ولا نعرفهم يقولون لنا نحن عرفنا عن أمر مسرحية تقام في الكنيسة الموجودة هنا تهين الإسلام والمسلمين وأنتم جالسين لا تفعلون شيئا.. فتحمس لهم بعض الشباب الصغير.. هؤلاء مأجورون.. وهنا تدخل الأستاذ سليمان موظف علي المعاش - قائلا: أنا لا يمكن أن أصف لك حجم الود الذي يجمعنا فأنا المسيحي الوحيد الذي أسكن في العمارة هنا وعندما تواجهني أي مشكلة حتي وإن كانت عائلية أحكي للحاج محمد وهنا قاطعه محمد قائلا وأنا والله العظيم البيت ده كله مسلمين لكن الأستاذ منصور أقرب إلي منهم كلهم.
الحاج محمد الصغير بلحيته البيضاء القصيرة والزبيبة التي تعتلي جبهته قد يعطيك انطباعا بأنه من المتشددين دينيا.. كان الحاج محمد لديه أمل كبير في الإخوان المسلمين الذين خذلوه. كان يظنهم بديلاً جيداً عن الحكومة التي يري أنها ظلمته هو والأستاذ سليمان لكنه اكتشف زيف ظنه.. خفيف الظل ثقافته كونها من الفضائيات والصحف المعارضة.. قال لي أنا أحب كل المسيحيين ماعدا يوسف بطرس غالي.. يحب الحكايات فحكي لي عن جارتهم المسيحية التي تسكن في العمارة المواجهة التي أخذت تحيك بلوفر تريكو 9 أشهر لتهديه لطفلته.
علي امتداد نفس الرصيف توقفت عند محل حلاق يدعي مصطفي.. كان واقفا علي باب المحل يتحدث مع شخص يبدو أنه صديق.. أجابني فورا قائلا لا توجد أي عداوة في محرم بك وبالأمارة هذا الرجل يدعي مرقس وأنا اسمي مصطفي.. حبايب ودي ناس دخلت دسيسة.. لكن نحن ربنا وربهم واحد.. وحكي مرقس قائلاً أنا أعمل شغل نجارة وكنت أقوم بعمل نجارة هذه الكنيسة.. ابني كان تعبان جداً ذهبت إلي الكنيسة وتوسلت إلي الكاهن ليعطيني أي مبلغ تحت الحساب.. كنت أحتاج 500 جنيه فقط لكنه رفض وقال لي أنت تصلي عند الإنجيليين فلن أعطيك شيئاً ومن سلفني المبلغ أنذاك صديق يدعي هاني أحمد شوقي.
أثناء الحديث دخل رجل أسمر يدعي حسن السيد.. أحد زبائن مصطفي
خرجت وأنا في حالة تساؤل هل هذه النماذج يمكن أن تكون صدفة؟.. وكأن هذه الثنائيات أبطال في قصة كتبها مؤلف ساذج إلا أنني فوجئت بأن الأمر هكذا في كل المنطقة.. فلم أذهب إلي أي مكان إلا ووجدت مثل هذه الثنائيات وكأنها معدة مسبقا.
من علي مقهي بورصة الشرق نداني عم علي أبو دومة القهوجي وجذبني من ساعدي وقال لي بصي عندي علي القهوة الأستاذ داود والأستاذ محمود الحمامي يجلسان دائما مع بعض.. قال لي داود أتريدين معرفة قصة السي دي؟ هذه قصة انتخابات فقط لا غير.. عملها واحد بتاع مجلس شعب.. فقال محمود معقبا نعم.. هم استغلوها فقاطعه داود قائلا: وفي ذلك اليوم عم علي هرب من القهوة.. فقاطعه أبو دومة قائلا صلي علي النبي يا عم داوود هربان إيه؟ أنا هربت يوم واحد فقط.. يضحكون.
دخل علينا شاب يدعي مينا وسلم علي الرجال الثلاثة.. وجلس علي طاولة بعيدة وبعد دقائق دخل صديقه أحمد وجلس علي الكرسي المواجه له علي الطاولة..
بدأ أحمد الحوار قائلا ليلة الأحداث كنت أنا ومينا في سايبر نجلس علي النت ورأينا سويا الدعوات علي البال توك بالتجمهر عند أبو قير اعتراضا علي المسرحية وفي اليوم التالي بالفعل حدث ما تم الاتفاق عليه.. وفوجئت بأناس أنا أعرف أنهم ليسوا متدينين ولا يصلون لكنهم تحمسوا من الخطب التي كانت تقال في ذلك اليوم إلا أن ذلك لم يؤثر علي علاقتي بمينا للحظة واحدة.. وكان لي صديق يدعي رائف أخته مثلت في المسرحية فقاطعه كل الناس إلا أنني حرصت علي الذهاب إليه وتشجيعه.. لكن هذا لا يعني موافقتي علي ما جاء في المسرحية فقد أضارني جداً.. وهنا قال مينا شاهدنا السي دي سويا ولم أبرر له أيا مما جاء به لأنني كنت معترضا عليه تماما لكننا لاحظنا أنها إنتاج عام 2003 أي قبل الأحداث بعامين مما جعلنا نتأكد أن هناك من تعمد تفجير المشكلة في هذا التوقيت.. في عيد الميلاد خرج أحمد مع مينا الذي يفضل الخروج مع صديقه المسلم يوم العيد عن الخروج مع أصدقاء الكنيسة. لم يختلف الحال كثيراً في منطقة سيدي بشر وتحديدا في شارع 45 الذي شهد مشاجرات دامية بين المسلمين والمسيحيين في عام ,.2007 تأملت الشارع الهاديء وأنا أستعيد مشاهد من ذلك اليوم الذي كنت اغطي أحداثه لجريدة روزا اليومية وتذكرت أنني اضطررت لارتداء غطاء رأس لكي أستطيع الخروج من ساحة الكنيسة التي كان يرفع فيها الشباب المسيحيون السنج والمطاوي والجنازير إلي منطقة المسلمين الذين كانوا يمسكون بالأخشاب والجاز لحرق متاجر الأقباط.. غطيت شعري لأستطيع أن أحدثهم لأنهم كانوا في حالة هياج كانت من الممكن أن تصل بهم إلي حد قتل أي فتاة سافرة الرأس.
علي قهوة اللوتس القابعة علي أول ناصية بعد الكنيسة حكي لي مجدي عبد ربه عما تعرض له صديق عمره زغلول صاحب المقهي أثناء الأحداث فقال: بعد انتهاء الأحداث عاد زغلول هو وأخوه ليفتحا المقهي فهجم أحدهم علي المقهي مما أدي بأخو زغلول إلي ضربه دفاعاً عن نفسه وفي قسم البوليس طلبوا من شقيق زغلول أن يتنازل عن المحضر فوافق بينما كان الشاب المسلم في المستشفي وبعد أن خرج رفض أن يوقع علي التنازل ورفع قضية وحكم بسنة سجنا لشقيق زغلول مما أدي بزغلول إلي الذهاب بنفسه إلي ذلك الشاب الذي اشترط عليه أن يشتري عجلا ليتنازل عن القضية فاشتري زغلول العجل لكنه عاد واشترط أن يذهب إلي أول الشارع وينده عليه حتي يتفرج الشارع كله عليه.. فاضطر زغلول إلي الانصياع لشروطه من أجل أخيه.. إلا أن هذه الأحداث لم تؤثر علي علاقة زغلول بأصدقائه ولا حتي بالعاملين معه فقال هذا عم محروس قهوجي مسلم وسوف يستلم منه الوردية مسلم أيضا.
ومن داخل مكتبة ماري كريسماس الموجودة علي نفس رصيف الكنيسة والمتخصصة في بيع الهدايا المسيحية حكي لي إكرامي منصور صاحب المكتبة أن كثيراً من زبائنه مسلمون ومنهم منقبات.. يشترون تماثيل للعذراء وللمسيح كهدايا لأصدقائهم المسيحيين إذن من أين أتت هذه الفتنة التي شاهدتها بنفسي؟.. أجابني عم عيد حارس بالكنيسة لا نعرف أيا من الشباب الذين ملأوا الكنيسة في ذلك اليوم.. وأيا منهم لا يصلي في كنيستنا علي الإطلاق.
ويضيف: معظم الأفراح والحفلات التي تقام في الكنيسة يحضرها مسلمون واحيانا يكون نصف المعازيم مسلمين.
في جبل الطير وقرية أحمد العابد:
منذ عام نشرت أخبار عن فتنة طائفية بالمنيا بين أهالي قرية جبل الطير الأقباط وأهالي قرية أحمد عابد المسلمين الساكنين أسفل الجبل الفتنة.. شجار علي قطعة أرض ونيران وحرائق بالبيوت.. نفس السيناريو المعروف.
تكاد قرية دير جبل الطير تخلو من أي مسلمين إلا من عائلة مسلمة واحدة تسكن في شارع الصهريج.. تعلو البيوت صور المسيح والعذراء وآيات من الإنجيل في نفس الوقت الذي تجد فيه البيوت ملطخة بدماء وعليها بصمات التخميس وهي من عادات المسلمين.
تمتلك عدد من أسر قرية الدير أراضي زراعية موجودة في قرية أحمد العابد وكثير من رجال قرية العابد يعملون تبع المحاجر في الجبل.
دخلت إلي منزل دياب عبد الفضيل جيد الذي قال نحن هنا 6 بيوت مسلمون.. أجدادنا كانوا يعيشون هنا لذلك نحن هنا.. وتحدثنا مع الحاجة فضة التي تبلغ من العمر قرابة ال70 عاماً.. قالت علاقتنا بالأقباط هنا كويسة جداً.. وعيدت عليهم بمناسة عيد الميلاد وكانوا صائمين 45 يوماً أما الصيام الكبير فيكون 55 يوما.. وكان لسه فيه عيد الغطاس من قيمة يومين.. لكن العيش وسط قرية القباط لم يمنع الحاجة فضة ولا أبناءها من معرفة أصول دينهم فبالرغم من عدم وجود مسجد في القرية إلا أنهم يصلون في المساجد بالقري المجاورة او يصلون في البيت كما يحرصون علي صيام رمضان.
تقول فضة: هذه كانت أول مرة تحدث مثل هذه المشاجرة علي مر عمري كله.. لكن لم يفعل لنا أحد أي شيء.. وبالنسبة للزواج غالباً ما لا يكون أمام أبناء عائلة فضة إلا الزواج من بنات أخوالهم وأعمامهم فالحاجة فضة تعرف جيدا أن مجرد التفكير في الزواج من الأقباط محرم .
ومن داخل بيت عائلة مينا المواجه لبيت الحاجة فضة قال لنا منصور: من قام بهذه المشاجرة شوية عيال.. لكننا نحب بعض جدا ومتعايشين وأبناؤنا يلعبون مع بعض ويختلطون.
لكن الجدير بالملاحظة أن 80% من هيئة التدريس بمدرسة جبل الطير مسلمون.. وعلمنا من ناظر المدرسة الأستاذ أحمد عبد الرازق أن الطلبة الذين لا يوجد بينهم مسلم واحد يقرأون القرآن والأحاديث في طوابير الصباح وتكون قراءتهم سليمة.
نزلت من جبل الطير إلي قرية أحمد العابد.. كثير من نساء القرية منقبات وأعمار كثيرات منهن لا تتعدي العشرين.. وعند سؤالهن كلهن قلن أنها رغبة الزوج. بيوت مسيحية معدودة وسط القرية.. فتقول حنة ملاك نعيش هنا في العابد لنكون قريبين من أرضنا.. وبالرغم من أن منزل حنة موجود أسفل الدير مباشرة أي في نفس المكان الذي شهد حرق المنازل إلا أنها تعيش حياة ود وصفاء مع جارتها وصديقتها المنقبة سهرانة.
وعلي بعد 2 كيلو قابلت إمام مسجد القرية الشيخ علي أبو حبيب الذي أكد أن من يقرأ السيرة النبوية يعرف أن الرسول كان يسامح من يسيئون إليه وهذا ما يخطب به في الجامع. وفي نهاية الجولة تجمهر أهالي القرية حولنا ليطلبوا مني أن أوصل صوتهم إلي المسئولين من أجل بناء مدرسة لأبنائهم الذين إما يضطرون إلي الذهاب 25 كيلو بعيدا عن بيوتهم أو طلوع جبل الطير كل يوم حيث توجد مدرستان.. فقد اشتري أهالي القرية قطعة أرض وينتظرون استخراج التصريح.. أزمة قرية أحمد عابد ليست في الفتنة وإنما في عدم وجود مدرسة .. أزمة قرية عابد ليست في الفتنة إنما في عدم وجود مدرسة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.