موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالشرقية    مصر تنفذ 21 صفقة ضمن برنامج الطروحات الحكومية بقيمة 6 مليارات دولار    كيف سافر أحمد الشرع إلى فرنسا في ظل المنع من السفر؟.. التفاصيل الكاملة    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    تشكيل أرسنال الرسمي أمام باريس سان جيرمان في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    الشباب يرفعون شعار:«ابعد عن المأذون ومنديله»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    نائب وزير الصحة يترأس اجتماع الأمانة الفنية للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية    محافظ أسوان: بدأ تشغيل «التأمين الصحي الشامل» من أول يوليو القادم    تجديد حبس موظف متهم ب«تهكير» حسابات بعض الأشخاص وتهديدهم في الفيوم 15 يوما    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    هزيمة النازية ... وجريمة إسرائيل!!    محمد شردى يجرى جولة بكاميرا "الحياة اليوم" مع عمال النظافة بالقاهرة    انطلاق ملتقى "الثقافة والهوية الوطنية" في العريش    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    حمدي فتحي ينهي موسمه مع الوكرة بالخروج من كأس أمير قطر    الإسماعيلية تتابع الموقف التنفيذي لمنظومة تقنين واسترداد أراضي الدولة    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    آخرهم رنا رئيس.. 6 زيجات في الوسط الفني خلال 4 أشهر من 2025    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    بسبب السحر.. شاب يحاول قتل شقيقته بالقليوبية    الآلاف يشيعون جثمان الطفل "أدهم" ضحية أصدقائه في كفر الشيخ - فيديو وصور    عضو ب"القومى للمرأة": حظر تشغيل كل من كان عمره أقل من 15 سنة فى المنازل    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    تحت تأثير المخدر.. المشدد 5 سنوات لمتهم قتل وأصاب 3 أشخاص في القليوبية    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    رئيس جامعة القاهرة: هناك ضرورة لصياغة رؤية جديدة لمستقبل مهنة الصيدلي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    أحمد حاتم عن دوره في "الملحد": "عامله لوجه الله.. والدور مش عن الإلحاد بشكل عام"    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    عاجل- الحكومة: توريد 1.4 مليون طن قمح حتى الآن.. وصرف 3 مليارات بمحصول القطن    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حازم صلاح أبوإسماعيل.. خطر علي مصر!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 05 - 11 - 2011

«تكلم حتي أراك .. اكشف عن أفكارك حتي أستطيع أن أقرأ طالعي ومستقبلي في عهدكم الرشيد .. حتي أقرر كيف سأواجه أيامي تحت ولايتك؟.. كيف سأخوض معركتي ومن معي لنسقطك من كرسي الحكم قبل أن تختطف مصر من وسطيتها، وقبل أن تعبث في تركيبة اعتدالها .. وتغرقها في ظلام دامس لو وصلت لسدة الحكم؟
في كل مرة يظهر مرشح الرئاسة المحتمل «حازم صلاح أبو إسماعيل» علي الشاشات يضع حجرا لأساس دولة مغلقة بإحكام لا منفذ فيها ولا بصيص ضوء تتسلل منه أفكار الليبرالية والمدنية وحقوق الإنسان والحريات الخاصة .. كل مرة يكمل جزءا من بنيان مشروعه لاستنساخ دولة الملالي الإيرانية، أفكاره من زمن فات، يداعب ويداهن البسطاء تحت شعار براق وهو إقامة دولة «الحلال والحرام» وبها يشطر المجتمع إلي فسطاطي «الإيمان والكفر»، وينصب نفسه إلهًا يراقب ويحاسب العباد وليس رئيسا يدير شئون البلاد والعباد !
شإذا مددت تصريحات وأقوال الرجل علي استقامتها ستنتهي بك إلي دولة الجحيم .. حيث لا حرية تصان ولا مدنية تتحقق ولا مستقبل تنتظر .. ولا إبداع ينتج .. ولا رخاء يعم.. بل سيخرج من رحم أفكاره جنين مشوه لشكل الدولة المصرية التي ستتعرض لمتاعب ومصاعب وصراع قد يخلف عنه تمزق بنيتها التي استقرت عبر قرون واطمأن لها شعبها وزواره والمجتمع الدولي من حولنا، في هذا الحول الناتج من الوسطية إلي التشدد المنمق !
لما وضعت الثورة أوزارها، وتنحي الرئيس السابق، وجرت مياه كثيرة تحت جسور الدولة الجديدة، كان أن ظهر «حازم صلاح أبو إسماعيل» في شهر مايو، طل علينا من شباك مغارته التي اختفي فيها بعيدا عن ميدان التحرير والثوار ليبشرنا بنفسه مرشحا وهاديا للأمة ورئيسا للدولة بعباءته الإسلامية، يسبقه تاريخ طويل من الدعوة التي انتظم فيها من خلاله درسه الأسبوعي كل يوم سبت عقب صلاة المغرب بمسجد «أسد بن فرات» بالدقي ومنه ذاعت شهرته وزاد أتباعه ومريدوه!
- علي ذمة الإخوان
الرجل المتلحف بالإسلام غشنا، وأنكر عنا علاقته بجماعة الإخوان المسلمين وخرج يقول لموقع «اليوم السابع» عند إعلان خبر ترشحه للرئاسة أنه ليس عضوا فيها ولا في مكتب الإرشاد أو مجلس شورتها وأن ترشحه علي قوائم الإخوان في انتخابات مجلس الشعب 2005، وفي نقابة المحامين يرجع لعلاقة التعاون بينه وبينهم، مشيراً إلي أنه سبق له أن ترافع عنهم في قضاياهم وحضر مؤتمراتهم !
«أبوإسماعيل» طمس نصف الحقيقة فيما هو ظاهر عن ترشحه علي قوائم الإخوان في انتخابات الشعب ونقابة المحامين، أما الغاطس من الحقيقة أنه كادر إخواني أصيل فوالده الداعية الإسلامي «صلاح أبوإسماعيل» واحد من كبار رجالات الإخوان والمنتمي لها فكرا وتنظيما وكان علي صلة وثيقة بعمر التلمساني وترشح علي قائمة الإخوان وقت تحالفهم الشهير مع حزب الوفد في قائمة موحدة في انتخابات 1985، وأصبح نائبا وقبلها كان نجله «حازم» الطالب في كلية الحقوق - تخرج فيها 1984 - عضوا نشطا في جماعة الإخوان وأحد مسئولي شعبة الطلبة في جامعة القاهرة وتولي مهمة استقبال الطلاب الجدد ودعوتهم للانضمام إلي الجماعة قبل أن ينتقل نشاطه التنظيمي إلي شعبة الدعوة !
حتي درسه الأسبوعي في مسجد «أسد بن فرات» هو أحد نشاطات الإخوان في الدقي التي يقيم فيها وينتسب لشعبتها والمسئول عنه وعنها المهندس «أشرف عبد السميع» أحد كبار مسئولي الجماعة في الجيزة، وليس أدل علي علاقته بالجماعة ترشيحها له علي قائمتها في انتخابات نقابة المحامين 2001 التي حققت طموحه المؤجل لسنوات رغم اعتراضات عدد من محاميي الإخوان علي شخصه بسبب ذاتيته ودورانه في فلكه الخاص بعيدا عن التنسيق الجماعي، ومع ذلك تجاوزت قيادات الإخوان عن الأمر بسبب الظرف التاريخي وقتها، حيث كان محبوسا عدد من رجالها التي تعتمد عليهم في مجلس النقابة مثل «مختار نوح» و«خالد بدوي» قريب السمت من «حازم صلاح أبوإسماعيل» فكلاهما داعية وكلاهما يستطيع حشد أصوات لقائمة الإخوان عبر خطابهما وهو ما تحقق ليدخل مجلس النقابة في هذه الدورة والتي تلتها حتي صدر حكم حل المجلس.
لم يعرف طيلة وجوده في مجلس النقابة عن تأثير له يذكر أو نشاط يمكن رصده، بل كان حضوره باهتا لجلسات المجلس وهو ما تثبته المحاضر حيث كان أكثر المتغيبين، فلم يكن له دور أو خدمة أو مساهمة في العمل النقابي ويكتفي بحشد أصوات للإخوان في الانتخابات!
في هذه الأثناء وتحديدا في 2005 قررت الجماعة ترشيحه أيضا علي قائمتها في انتخابات مجلس الشعب في دائرة الدقي التي غاب عنها «مأمون الهضيبي» لوفاته ليواجه حازم الوزيرة السابقة «آمال عثمان»، وقد أعلنت النتائج بفوزه وتمخضت النتائج الرسمية عن إعلان فوز آمال عثمان وقد اتهم الإخوان الحكومة بوجود تلاعب في النتائج، وقد حدث الأمر ذاته في انتخابات 1995 وحصل في كل منهما علي حكم قضائي متميز رصد صورة التزوير الفاضحة في كل منهما وقضي في كلتا المرتين بإثبات نجاحه بأغلبية كبيرة جدا من الأصوات ثم قاطع انتخابات .2010
لماذا يداري عنا نجل «أبوإسماعيل» علاقته بالإخوان ويتبرأ منهم بهذه الفجاجة وكل مقرب من الجماعة يعرف أنه كان ولايزال علي ذمتهم؟ وأن غموضا يكتنف الأمر ولا يليق بداعية إسلامي أن يخفي الأمر عن الشعب الذي يبتغي صوته حتي لو كان الدافع أو المبرر هو لعبة السياسة .. أليست الشفافية خطابه .. والصدق منهجه .. والأمانة دستوره؟! مرشح الرئاسة الإسلامي أخفي عنا لقاءه بمرشد الإخوان وقيادات الجماعة «خيرت الشاطر» و«محمود عزت» واستأذن منهم قبل ترشحه خشية أن يلقي نفس مصير «عبدالمنعم أبو الفتوح» الذي ترشح علي غير رغبة الجماعة وخرج عنها رسميا .. حيث توجه «حازم صلاح أبو إسماعيل» إلي رأس جماعة الإخوان وأعطوه الضوء الأخضر وقالوا له نصا: «علي بركة الله»، وما جري في اللقاء أن أبلغوه أنه ليس مرشح الإخوان وإن سئل عن علاقته بهم وتاريخه معهم يرجع ذلك للعلاقات الطيبة مع الجماعة!
لم يعد الإخوان وصمة، ولا الانتماء لهم جريمة، ولكن حفاظا علي قرارهم بعدم ترشيح أحد منهم علي منصب رئيس الجمهورية ظل ثابتا شكلا، وإن اختلف موضوعا .. فقرار الرفض المعلن لترشح «عبد المنعم أبو الفتوح» كان وراءه اعتراض علي شخصه تحديدا، أما بالنسبة «لحازم صلاح أبو إسماعيل» فهو أداة وبالون اختبار لقياس الأمر فهو مرشح تجهيز المسرح، وتهيئة الأجواء، ووسيلة ضغط بالاستفادة من مريديه كورقة تلاعب بها الإخوان القوي السياسية والحكومة والمجلس العسكري!
حبيب السلفيين
اختلط علي البعض تصنيف «حازم صلاح» بين خطابه الديني الأقرب للسلفية ومنهم أغلب مريديه، وبين انتمائه السياسي للإخوان الأكثر اعتدالا .. فالمتابع لدروسه وعظاته يجده يتبني أفكارا تتجاوز في تشددها منهج الإخوان وتتماس إن لم تكن توازي كبار مشايخ السلفية وخلقت له شعبية لا بأس بها في أواسط البسطاء وحتي المعتدلين .. لكن حقيقة الأمر كما أسلفنا أنه إخواني شكلا وإن كان سلفيا موضوعا، يقف في منطقة وسطي بين التيارين بشكل مقصود وممنهج دفعته له جماعة الإخوان واستغلته وغيره من كبار الدعاة أمثال د. جمال عبد الهادي ود.عبد الستار فتح الله ليقوما بحلقة الوصل وفتح قنوات اتصال مع التيار السلفي والتواصل معهم.
الإخوان تصنف سياسيا كجماعة لها بنيان تنظيمي علي عكس السلفية كتيار أو حركة تتعامل مع الجماهير لا يحتويها تنظيم وإنما لها أتباع ومريدون وعلماء ومشايخ ويتولي حازم أبوإسماعيل ومن علي شاكلته في الإخوان تبني خطابهم والتواصل معهم والظهور علي قنواتهم للتأثير فيهم والاستفادة من حشدهم في الأقاليم تحديدا!
دولة المايوه
لو رأي التونسيون مصيبتنا في «حازم صلاح أبو إسماعيل» لهانت عليهم بلوتهم في «راشد الغنوشي» .. كلاهما يمثلان التيار الإسلامي.. ولكنهما أشبه بقضيبي قطار لا يلتقيان أبدا.
الغنوشي رغم اعتراضات الليبراليين عليه في تونس لايزال خطابه معاصرا، برجماتيا يتفهم لغة العصر، وكيفية مخاطبة العالم من حوله، وحاضرا في المشهد الدولي .. ناضل لمشروعه متنقلا بين تركيا ولندن أثرت في رؤيته للإسلام الوسطي المتماشي مع مجريات العالم الحديث ولا يصطدم به .. وقدم رؤية إسلامية مطمئنة للداخل والخارج علي السواء.
«الغنوشي» بدأ عهده عند عودته بزيارات المدن السياحية الساحلية واجتمع مع أصحابها ومستثمريها والعاملين فيها وطمأنهم علي نشاطهم السياحي وعلي الحريات وعلي السماح بكل أوجه الخدمات والحريات السياحية من ارتداء المايوه وإباحة الخمور حفاظا علي نشاط اقتصادي يقوم عليه عصب الاقتصاد التونسي، وبعد أن حظي حزبه بالأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي ألقي خطابا يتحدث عن تونس الجديدة التي تستوعب كل التيارات.
أما هنا، ف «حازم» جرنا 1000 عام إلي الوراء حيث يرقد مع أهل الكهف .. طل علينا «أبو إسماعيل» - لا فض فوه - مستنكرا حق السائحة في ارتداء المايوه علي الشاطئ واعتبر الأمر يمس شرف كل مصري وإننا إن سمحنا بذلك فنكون أشبه بمن يتاجر في عرضه ليأكل !! بل أعلن في حال فوزه بمنصب الرئاسة أنه سيغلق صالات القمار ويمنع الاختلاط بين السائحين وشرب الخمور والملاهي الليلية والرقص الشرقي فيها واختزل شرف المصريين فيها، فأصبح علي كل منا أن يحمل نفسه وزر ارتداء أي سائحة لباس بحر ويعتز بشرفه ويدافع عنه.
اللافت أنه يبرر ويروج لآرائه المتطرفة أسوة بدول أجنبية مثل إسرائيل التي أغلقت صالات القمار وولاية تورنتو الكندية التي أقرت قانونا يمنع ارتداء الملابس الفاضحة في الشوارع حيث انتقي منهم ما يعزز به أفكاره .. لكن هل يستطيع أن ينقل علمانيتهم الكاملة إلي مصر ؟!
حجة باهتة وحق يراد به باطل أراد به أن يقضي علي صناعة يعمل فيها 3-4 ملايين مواطن وتدر علي الدخل القومي ما يزيد علي 12 مليار دولار سنويا وهي موجهة للأجانب بالأساس فصالات القمار يحظر أصلا علي المصريين دخولها، أما الشواطئ فلا يجوز أن تتحدي ما استقر عليه المجتمع الدولي في ارتيادها بالمايوه وأما من لا يريد أن يطلع علي هذه المشاهد أن يمنع أهل بيته من الظهور فيها، فكل مواطن مسئول عن نفسه وإلا سيضطر حازم صلاح أبو إسماعيل أن يؤسس فرقا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتجوب الشواطئ لتراقب وتمسك بكل مختلط أو مرتد المايوه !
من وراء حجاب
اختزال مخل وتزيّد في غير محله أن يصور ارتداء المايوه للسائحة أو حتي المواطنة هو تعرٍ وتجارة للجنس وليس تدخلا في الحريات الخاصة التي تقرها كل القوانين والاتفاقات الدولية حيث إنه حسب الثقافة الغربية مجرد لباس يناسب البحر والتمتع بالشمس الدافئة والطبيعة الساحرة في بلادنا.
قامت الثورة ليزيد هامش الحريات الفردية والخاصة، لا أن يفرض علينا زياً، ونرتدي حسب خطوط الموضة الإسلامية التي يضع حدودها نجل «أبوإسماعيل» الذي اعتبر الحجاب قضية شعب، وأنه بصدد إصدار تشريع يخص زي المرأة لأنه حق المجتمع عليها! هكذا تصور أن دولة الإسلام هي تكفين النساء وتغطية أجسادهن وليست دولة العلم والعمل.. فلا يعقل بعد 25 يناير أن نعود خطوات إلي الوراء، أن تتراجع الحريات، أن يتدخل رئيس الجمهورية إلي غرف النوم، وأمام المرايات، والتفرغ لملاحقة كتف مكشوف أو جديلة تسللت من وراء حجاب!
خطورة «حازم أبوإسماعيل» أنه يعبث في بنية المجتمع المصري وتركيبته الاجتماعية الوسطية، يلعب في مناخ الاعتدال الذي ألفناه، ليضيق علينا المساحات، ويحصي علينا الأنفاس، إن وصول هذا الرجل بأفكاره إلي السلطة هو قمة الخطيئة، والخطورة علي حاضر مصر ومستقبلها وعلي أمنها القومي الذي صانها لقرون لمجرد أنها اختارت الوسطية والاعتدال دستوراً.
غزوة الصناديق
في دائرة مستديرة نظمها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالتعاون مع منظمة «الجوباش» التابعة للأمم المتحدة ورأسها د. قدري سعيد وحضر فيها حازم أبوإسماعيل وممثلو بعض القوي السياسية، وكانت تناقش في يومها الأول فكر الإخوان والتيارات الإسلامية، فكان «حازم» مدافعا عن أفكار الإسلاميين عموما، والسلفيين بشكل خاص وعن حقهم في استخدام الشعارات الدينية ومداعبة مشاعر الجماهير بل وصل إلي آخر مدي حين دافع عن محمد حسين يعقوب واستخدامه للفظ غزوة الصناديق عند إجراء الاستفتاء، وبرر ذلك بأنه جرت العادة أن يستخدم وصف الانتخابات بالمعركة الانتخابية، وأن «يعقوب» أبدل كلمة «معركة» بكلمة «غزوة» والأمر لم يكن يستحق هذه الضجة!
الرد المفحم جاء من ناشطة سياسية تدعي سلمي حامد قالت له: إن تبريره غير صحيح، وفي غير موضعه، لأن المعركة تكون بين أنداد أما الغزوة فهي تعبير مقصود به المسلمون في مواجهة غير المسلمين!
وسواس
يبدو حازم صلاح أبوإسماعيل موسوسا بطبيعته، لا يثق في أحد متشككا من أي شيء.. حتي المحامين في مكتبه يشتكون من طباعه لدرجة أنهم يعانون عند سفره بسبب إصراره علي إخفاء كل الأوراق والقضايا والإغلاق عليها كما لو كانت سرا حربيا.. خصوصا أنه غير حاسم.. فكثيرا ما يتصدي لمشروعات وأفكار يدرسها ونتيجة خوفه من اتخاذ قرار بشأنها يحفظها في الأدراج حتي لا يتحمل المسئولية في حالة إخفاقها!
أكذوبة الدولة الدينية
حازم صلاح أبوإسماعيل هو أسير الأبنية السلفية القلقة، والمصمتة.. فهو لا يضع تعاريف محددة، ولا يفاضل بين النظم المختلفة، ولا يلتزم موضوعات البحث، ولا يتخذ مناهج واضحة، ولا يسير في سياقات منتظمة، ولا يعمل في اتجاهات متجانسة، وزاد من ذلك بل ضاعف منه أنه ممن عمدوا إلي احتكار الفكر الإسلامي.. يداعب العامة ببريق الألفاظ.. يلاعب الجهال برنين القوافي.. يستثير الجماهير بزائف الشعارات!
أما قوله وغيره بأن الإسلام دين ودولة.. فهو قول أقرب إلي الشعارات التي لا تستند إلي أساس علمي ولا تقوم علي سند تاريخي، فالإسلام عقيدة وشريعة لم تكن دولة ولم تأمر بذلك وليست الدولة ركنا فيها أو أساسا لها.
فالدولة الإسلامية أو بالأحري نظام الدولة في الإسلام نظام تاريخي، أي جزء من التاريخ وليس نظاما عقائديا بحال، والذي يخلط بين العقيدة والتاريخ يخلط بين الدائم والمتغير، ويمزج بين الصفاء والتعقيد.. إن العقيدة مثالية صافية، أما التاريخ فهو جماع النشاط البشري بكل ما فيه من نقائص، ودمج العقيدة في التاريخ خطأ ما بعده خطأ وسوء لا يدانيه سوء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.