أدعوك وأنا معك أن تغمض عينيك وتسترجع معى أيام وسنوات الدراسة الابتدائية صديقتى نعمت متى وأنا نتسابق من منا سيقرأ مجلة سمير أولا حيث نتشارك سويا فى ثمنها إجلال ذكى بنت ناظر محطة سكة حديد دمياط نتقافز لقطف سعف النخيل الأخضر لنجدله سويا أشكالا رائعة بأيدينا الصغيرة احتفالا بأحد السعف لم نفكر لحظتها من فينا المسلم أو المسيحى وأنه احتفال مسيحى لأننا مصريون نعيش فى بلدتنا دمياط كبرنا معا وفرقت بيننا الأيام والمشارب. تأخذنى اللحظة إلى ذكريات سنى فى عمارة كانت جارتى فيها طنط كارمن أم إيفا ومدحت وهانى أخذت على عاتقها رعاية طفلى وأنا فى عملى أعود لأجد زوجها عم بديع وكيل الوزارة يحمل نجلى أعلى كتفيه وطنط كارمن تطعم ابنتى لم أر منهما أى غضاضة وكأن نجلى هما حفيدها. حين مرض نجلى بالتهاب اللوزتين كان متعلقا بابنتها إيفا ذات السادسة عشرة من عمرها وأصر أن تبيت معنا وخافت أمها من نقل العدوى لها ولكن بسبب إصرار وبكاء نجلى أصرت إيفا أن تبقى معه وكان إن مرضت هى فى اليوم التالى. لم يتطرق حديثنا يوما حول القضايا الدينية بل كانت طنط كارمن هى أنيس وكاتم أسرارى لا نفترق إلا حين يذهب كل منا إلى مخدعه. أحداث ماسبيرو الأخيرة أعادت فتح ملف الفتنة الطائفية المفتعلة الذى صار متخما بالأوراق والأحداث استيقظ المصريون ذات صباح على ورقة جريدة من ذلك الملف تحترق غرس المتربصون زرعا جديدا فى أرض الفتنة وظنوا أن هذا الزرع هو بداية بستان دم جديد يضاف لمزارع الدم التى أريقت فى أحداث مصطنعة عبر التاريخ وكانت المفاجأة إخماد النيران بفضل النسيج المجتمعى والإرث الثقافى لعنصرى الأمة انتصرت الوطنية المصرية وانهزمت الفتن والمؤامرات بالضربة القاضية ليمسك ضبط النفس بزمام الأمور ويقف الجميع ليتأمل المشهد ويسترجع شريط الذكريات الجميلة بيننا. نحن كمصريين نرفض الوقيعة بيننا مسلمين ومسيحيين عشنا دوما يدا واحدة لا فرق بيننا نرتبط ببعضنا البعض نتماسك .