استحقاق «نجيب محفوظ» لقب الكاتب الكونى لم يكن من فراغ، بل جاء نتيجة الكم الهائل من اللغات التى ترجمت بها أعماله الأدبية التى وصلت إلى 40 لغة، لدرجة أن الجامعة الأمريكية خصصت له مكتبة كاملة باسمه لتستوعب كل هذه التراجم.. علاقة الترجمة بروايات «نجيب محفوظ» تأخرت 30 سنة على الأقل، هذا ما قاله جمال الغيطانى فى مستهل كلامه أثناء الاحتفالية التى أقامها قسم النشر بالتنسيق مع قسم الترجمة بالجامعة الأمريكية بمناسبة مرور 100 سنة على مولد عبقرى الرواية المصرى العالمى، وأشار «الغيطانى» إلى أن العلاقة بينهما - أى بين الترجمة ومحفوظ. بدأت عام 1948 من خلال المترجم العالمى «دينيس جونسون»، وهو ما أخر عليه «نوبل» على الأقل 30 سنة، بسبب تأخير وصول أعماله إلى العالم. الغيطانى قال إن عمليات الترجمة للأعمال الأدبية المصرية أو العربية بشكل عام إلى اللغات المختلفة تتعطل بسبب ظروف الحياة السياسية والثقافية والتعقيدات التاريخية التى تقف عقبة فى سبيل توثيق العلاقة بين الثقافتين العربية والغربية، وأضاف: إن الظروف السياسية هى التى تتحكم فى اختيار الأعمال التى تتم ترجمتها، وغالبا ما تؤثر هذه الظروف فى نوعية الأعمال المختارة، فربما تسوق الظروف السياسية ما هو أقل قيمة عن الأجود والأفضل، مثلما حدث فى بداية الستينيات عندما بدأت الدول الاشتراكية تهتم بالأدب العربى بشكل خاص، لكنهم أساءوا اختيار الأعمال التى قاموا بترجمتها، حيث كانت من نصيب الأقل قيمة والتى تتوافق مع انتماءاتهم الاشتراكية، بينما كانت أعمال محفوظ تنتمى - كما يعتبرونها - إلى البرجوازية الصغيرة، وهو ما جعل أعماله وغيره من قامات الإبداع الأدبى فى تلك الفترة بعيدة عن مرمى الهدف. من ضمن ما قاله الغيطانى عن «نجيب محفوظ» أنه فى إحدى رحلاته إلى ألمانياالشرقية عام 1987 قبل انهيار سور برلين فوجئ بمجموعة من الأدباء الألمان يتحدثون عن رواية «ثرثرة فوق النيل» وأنها لامست مشاكلهم وقضاياهم، فاندهش الغيطانى عن كيف لرواية مصرية تحكى عن مجموعة حشاشين أن تلامس قضايا أهل ألمانيا، فأكدوا له أن الرواية عبرت عن عزلة المثقفين ويأسهم وهو ما ينطبق عليهم، أيضا حكى الغيطانى عن سبب اختيار أحد المخرجين المكسيكيين لرواية «زقاق المدق» ليقدمها فيلما عام 1992 وتساءل: ما علاقة «زقاق المدق» بالمكسيك، لكنه فهم فيما بعد عندما التقى بالمخرج بأن الفيلم يعبر عن جوهر العلاقة بالأخ الأكبر، وهو ما ينطبق على المكسيك بعلاقتها بالأخ الأكبر فى الشمال - الولاياتالمتحدةالأمريكية - هذا هو نجيب محفوظ الكاتب الكونى فكرا وترجمة. احتفالية الجامعة الأمريكية بمئوية «نجيب محفوظ» حضرتها زوجته وابنتيه، كما حضرها عالم اللغة السويدى «ستور آلن» الأستاذ بجامعة جوتنبرج. «آلن» هو الشخص الذى كان يتولى منصب السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية عام 1988، وقت حصول محفوظ على نوبل وهو الذى أشرف على اختياره لهذه الجائزة العالمية فى الآداب .الاحتفالية شملت إقامة معرض فنى تحت اسم «نجيب محفوظ.. حياته وأعماله»، يتضمن أغلفة رواياته التى تمت ترجمتها إلى جانب مقالاته الصحفية وخطاباته وبعض مقتنياته الخاصة وأفيشات أفلامة، كما قامت الجامعة الأمريكية بنشر طبعة خاصة من أعماله باسم «مكتبة مئوية نجيب محفوظ» تضم أعماله الكاملة المترجمة فى 20 مجلدا.