استهل قسم النشر في الجامعة الأمريكية احتفاله بمئوية صاحب نوبل، نجيب محفوظ، بمحاضرة تذكارية، تحدث فيها ستير آلان عضو الأكاديمية السويدية المانحة لنوبل السابق، والروائي جمال الغيطاني. الندوة أدارتها الدكتورة سامية محرز رئيس قسم الترجمة في الجامعة الأمريكية، وحضرها عدد كبير من المهتمين بالأدب والدارسين المتخصصين من المصريين والأجانب. بدأ ستير آلان كلمته بسرد نبذة تارخية حول الجائزة، بداية من وصية الفريد نوبل1833-1869 بمنح الجائزة،، ووصل إلي إنشاء مؤسسة جائزة نوبل التي تشرف علي اختيار الفائزين بها مجموعة من الهيئات العلمية المرموقة، هي الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم لاختيار جائزة الفيزياء والكيمياء والعلوم الاقتصادية، وجمعية نوبل في كارولينسكا لجائزة نوبل في الفيسيولوجيا، والأكاديمية السويدية لجائزة نوبل في الأدب، ولجنة برلمانية من خمسة أعضاء في البرلمان النرويجي لجائزة نوبل للسلام، والأخيرة تشكل في مجموعها مؤسسة مستقلة لا تخضع للحكومة أو البرلمان أو أي سلطة، أوشركة أو منظمة و يتم اختيار أعضائها بالانتخاب. آلان أضاف مداعبا الجمهور أن كل شيء عن الأكاديمية يبقي سراً لخمسين عاما، لذا ممنوع طرح الأسئلة، وسرد جميع حيثيات فوز أدباء نوبل منذ بدايتها إلي الآن، وعندما جاء ذكر حيثيات فوز نجيب محفوظ بكي تأثرا، حين ردد الكلمات التي وجهها لمحفوظ أثناء حفل توزيع الجائزة: "ثراؤك وأعمالك المركبة، دفعتنا إلي إعادة النظر تجاه الأمور الأساسية بالحياة، موضوعات مثل طبيعة الزمن والحب والمجتمع والمعايير المتعارف عليها، والمعرفة والإيمان، تتكرر وفقا للظروف، يتم تقديمها بشحذ الفكر وبجرأة غاية في الوضوح". ثم ألقي جمال الغيطاني كلمة تحت عنوان"نوبل و الطريق إلي الكونية"، أكد فيها أن محفوظ تأخر كثيرا عن الانتقال إلي الثقافات الأخري، فقد بدأ الإبداع في أول الثلاثينات، ولم يعرفه العالم إلا بعد حصوله علي نوبل 1988، مشيراً إلي أن أول مشروع لترجمة أعماله اقترحه عليه دينيس جونسون ديفيز حوالي سنة 1948 لترجمة "زقاق المدق"لكنه لم يتم، وأن أعماله ترجمت إلي اللغة الروسية قبل اللغات الأخري، لكنه لم يحظ بالمكانة، لخلط الاتحاد السوفييتي بين السياسة و الأدب، وبالرغم من ذلك مجد أعماله مستعربون كبار أمثال فاليديا كيربتشنكو في روسيا ودوريس كيلياس في ألمانياالشرقية، غير أن العالم الناطق بالإنجليزية ظل جاهلا به حتي نهاية الستينيات، عندما بدأ قسم النشر بالجامعة الأمريكية الاهتمام بأعماله، باقتراح من الدكتور حسين الصاوي أستاذ الإعلام بها، وفي الفرنسية اهتم الناشر بيير برنارد بأعماله، ونشر له "اللص و الكلاب"، و"زقاق المدق"، وظهرت مقالات عديدة تصفه بأنه ملك الرواية وبلزاك الأدب العربي، ثم قام معهد العالم العربي بدعم ترجمة الثلاثية التي صدرت عن دار لاتيس. الغيطاني سرد واقعتين تبرزان المضمون الإنساني الشامل لأدب محفوظ: "حين كنت في ألمانياالشرقية سنة1987، فوجئت بعدد من أدبائها يقولون إن رواية "ثرثرة فوق النيل" تعبر عن أزمتنا في ظل النظام الشيوعي، فأبديت دهشتي. تساءلت متعجبا :ما العلاقة بينكم و بين مجموعة من المصريين يدخنون الحشيش في عوامة علي النيل؟ قالوا بحسم: إنه يعبر عن عزلة المثقفين وانشطار المجتمع"، والأخري طلب أحد المخرجين الكبار بالمكسيك إنتاج فيلم عن"زقاق المدق"، وقال إنها تعبر عن مأساتنا مع الأخ الأكبر في الشمال، تلك عبقرية الكاتب أن يري في المحدود ما هو غير محدود، الثلاثية وأولاد حارتنا والحرافيش وقلب الليل كلها مشغولة بفكرة الأصل، وهي فكرة صوفية في المقام الأول، لقد انضم كمال عبد الجواد و أمينة وأحمد عاكف وسعيد مهران والجبلاوي و الناجي و غيرهم ممن يسعون في عالم محفوظ إلي الأسماء الخالدة في ذاكرة الإبداع الإنساني الرفيع، وأصبح محفوظ أديبا كونياً يخص البشرية بعد عام1955، إنه تاريخ ذو مغزي عميق للكافة.