ساعات ويبدأ رمضان ويعرض مسلسل الشحرورة أو الأسطورة أو الصبوحة إنها ثلاث صفات ارتبطت بالمطربة الكبيرة «صباح» واستقر الرأى كعنوان للمسلسل على اسم «الشحرورة» المأخوذ عن نوع من العصافير التى تغرد مثل صوت «صباح»!! لا أتصور أن الأغنيات الناجحة التى قدمتها صباح طوال تاريخها هى التى سوف تثير اهتمام المشاهدين رغم أننى واحد من عشاق صوت وأغنيات «صباح» كما أن «كارول سماحة» بطلة المسلسل مطربة لها جمهورها وسوف تعيد تقديم بعض من أغانى «صباح».. الطرب والغناء لن يستحوذا على اهتمام المشاهد الرمضانى قدر اهتمامه بالحكايات الشخصية وهى متعددة فى حياة «صباح» كما أنها لا تخجل فى أحاديثها من ذكر الكثير منها، خاصة خيانتها للعديد من أزواجها ولن أكررها عليكم لأنه من المؤكد أنكم تحفظونها ولكنى أتوقف أمام قصة أخرى لم تكن «صباح» ترويها كثيراً فى أحاديثها حتى لا تجرح «فيروز»، إنها تلك الحكاية العاطفية السريعة التى ربطتها مع الملحن الراحل «عاصى رحبانى» فى الخمسينيات قبل زواجه من «فيروز» وكيف أن والدها لم يرحب بهذه الزيجة لإحساسه أن «عاصى» لن يوفر لصباح حياة مادية سعيدة!! ماذا لو كانت «صباح» تحدت والدها وأصرت على الزواج من «عاصى»؟! تأملوا حال الغناء على مدى يتجاوز نصف قرن، هل كان الأخوان رحبانى «عاصى» وشقيقه الأصغر «منصور» وثالثهما «فيروز» هل كان من الممكن أن نلغى من القاموس الغنائى العربى واحدة من أغلى وأرق الإبداعات الغنائية فى عالمنا العربى.. الحقيقة هى أن القدر حدد معالم الطريق ،لا يمكن لصباح أن تصبح «فيروز» كما أن العكس أيضاً صحيح.. «فيروز» كانت بالنسبة للرحبانية هى المنبع والمصب الفنى، إن الرحبانية يستمدون النغمة والكلمة من ومضات صوتها ويعيدونها إليها لتزداد ألقاً على نبرات صوتها، كان الأمر أشبه بوحدة إبداعية متكاملة. صباح دائماً ما يقولون إن «الأخوين رحبانى» لا تستطيع أن تحدد من منهما الذى أبدع هذه الجملة الموسيقية ومن الذى أكملها وأيضاً كان هناك طرف ثالث وهو صوت «فيروز» ولا يمكن أن نعتبرها مجرد مستقبل فقط، إنها فاعل أصلى فى هذا التدفق الغنائى منذ لحظة التفكير فى المدخل اللحنى، إنها تولد مع الشرارة الأولى للعمل الفنى، هى حاضرة معهم!! عاصى رحبانى «صباح» لا تقبل أن تقيدها فى إطار واحد حتى لو كان من ذهب ولهذا انتقلت كالعصفور بين كل الأغصان والأطياف الغنائية، إنها حاضرة مع نغمات «عبدالوهاب» و«السنباطى» و«الطويل» و«الموجى» و«بكر» و«فريد الأطرش» و«محمد فوزى» و«منير مراد» وغيرهم بينما «فيروز» تألقت فى إطار الرحبانية حتى ألحانها القليلة بعيداً عنهم سوف تكتشف أن «الأخوين رحبانى» مسيطران فى التوزيع الموسيقى ليؤكدا على المذاق الرحبانى تذكروا أغانيهما على سبيل المثال لعبدالوهاب مثل «سكن الليل» و«مُر بى» و«سهار بعد سهار» سوف تجد أن التوزيع الموسيقى للرحبانية طاغيا.. «فيروز» حاولت أن تخرج من هذا القفص الذهبى فى نهاية السبعينيات وسجلت ثلاث أغنيات لرياض السنباطى ومر أكثر من 30 عاماً ولم تخرج هذه القصائد للناس وأظنها لن تخرج أيضاً لأنها بعيدة عن المذاق «الفيرورحبانى».. بعد رحيل «عاصى» أكملت فيروز المشوار مع إبنهما «زياد» الذى منحها عصرية ولكن الإحساس الرحبانى لم يخفت، لا يزال حاضراً بقوة!! «صباح» أكبر فى العمر من «فيروز» بنحو 10 سنوات ولا تزال تحاول أن تبدع برغم قسوة الزمن.. «فيروز» تصالحت مع الزمن وحافظت على تواجدها وعلى ترقب الناس لها وهى دائما على القمة.. التنوع الذى حققته «صباح» منحها اسمها والرحبانية «عاصى» و«منصور» وبعدهما ابنها «زياد» حافظوا على خصوصية «فيروز»!! نعم القدر منح لصوتى لبنان «فيروز» و«صباح» ما يستحقانه فى ظرف اجتماعى فرض نفسه على الحياة والمسار الفنى لكل منهما ولهذا لم تتزوج «صباح» من «عاصى» الذى ارتبط بعدها بسنوات قليلة بفيروز وظلت - لو - «كلمة متشعلقة فى الجو»!!