كتب: موفق بيومى كان والدي رحمه الله من أغني أغنياء الأرض، وقد ورثني وبقية أبنائه وأحفاده ثروات متفاوتة الضخامة من حب الله ورسوله وأهل بيته ومن والاهم وأحبهم. أذوب عشقا حتي نهايات كأس العشق، وليس لكأسه من قرار في أركان ثروتي - بل ثرواتي - أنسي الدنيا وما فيها وأنا علي أعتاب روضة مولانا ولي النعم أو علي بوابة البرزخ الزينبي، أو علي حافة باب حافة الممر الدسوقية المعتقة، أفرط ومرحي به من إفراط في حب عم أبي وشيخه الجليل ودليله وهاديه سيدي الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني ذلك الشيخ المهيب غوث زمانه الذي أسعدني الحظ - وقلما يفعل - بلقائه ومصافحته وتقبيل يديه قبل أكثر من أربعين عاما، أفرط في عشق الرجل بذات القدر الذي أفرط فيه في عشق تلميذه الشيخ مختار الذي كان من أحب أبناء الشيخ الكبير وأقربهم إلي قلبه والذي ورث عبء إعادة تنظيم تلك الطريقة الصوفية الضخمة التي يتبعها ملايين كثيرة من الأتباع والمريدين والمحبين في جميع أقطار الأرض وإن كان معظمهم يتمركز في مصر والسودان وورث خلافات وانقسامات لا حصر لها أعقبت انتقال الشيخ إلي ربه قبل أكثر من ربع قرن، انقسمت الطريقة الأم شأن كل الكيانات العملاقة عند وصولها إلي ذروة ضخامة ونجاح بعينها وعندها استقل الشيخ مختار مؤسسا طريقة وطريقا جديدين إلي الله حاملا في عنقه وعلي كاهله مهمة وأمانة قيادة وإرشاد الملايين من الباحثين عن النجاة حتي الوصول بهم بإذن الله إلي بر الأمان. علاقتي مع العارف بالله الشيخ مختار ورغم رجوعها إلي بضع سنين مضت إلا أنها تقف - لحكمة لا يعلمها سوي الله - عند حدود سيل من المكالمات التليفونية التي ألاحقه بها بلا حياء ومن غير كلل كلما أهمتني الدنيا وشغلتني ودوما تفعل ذلك كما اعتادت مع أمثالي من ضعاف الإيمان الذين يعبأون بها ويخشونها وأهلها ويقابل الرجل إلحاحي بسيل مضاعف من التواضع والترحاب. لم أر الشيخ مختار بعد أو أقابله، لكنني أستشعره وأكاد أسمع أنفاسه كلما حاولت أن أهرع إلي الله - وقليلا ما أحاول - بحثا عن ريح رحمة أو جذوة من نار وصل ونور وصال. في بقعة نائية عن البشر دانية من الله علي أطراف صحراء وادي النطرون اختار المختار أن يبني مدرسته لتربية الرجال وقيادتهم في رحلة الوصول إلي الله، لم يعتزل الدنيا - وهذا حال الشيوخ الكمل - ولكنه توقف عن الانشغال بها واختار أن تشغله وأبناءه الآخرة، تلك الآخرة الخالية من ثعابين قرع مثلما تخلو دنياهم من ظلم وظلمات الفقه البدوي النفطي. سيدي الحبيب - بحق - الشيخ مختار الذي تخليت - لجهلي وجهالتي - عن السعي إليه ولم تتخل - لكرمك - عن السعي نحوي والهرولة إلي، ما أحلك البعد عن الله ورسوله وإله وعنك، وما أحلي القرب منهم ومنك! أكتب هذه السطور لأعلن عن حبي لمنجم خير ونبع هداية ولأدعوكم أن تسعوا إلي رجل أحسب أن الله راض عنه وأحسبه هو.. عن ربه راضيا.