إخفاء صفوت عن كاميرات الإعلام من أقبح الصور التي طالعتنا بها الأحداث الأخيرة.. تلك الصورة التي تكررت في مشاهد حبس المسئولين في النظام السابق.. تلك المحاولات التي يقوم بها «البودي جاردات»..المصاحبون لهم وذلك في محاولة لتغطيتهم بسترات تحجب الرؤية وتمنع تصويرهم، وهي سترات تذكرنا بتلك السترات التي يتم إلقاؤها علي من يتم ضبطهم في قضية آداب. وفي مشهد تكرر دون ابتكار.. في كل محاولات ستر العورة أثناء ترحيل حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق والسيد أحمد عز.. رجل أعمال الحزب الوطني والسيد زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية.. المخلوع.. والسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري «المنحل» والسيد الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب «المنحل» أيضا. ولمن فاتهم مشاهدة هذه اللقطات فقد سبق وسجلتها السينما المصرية وتنبأت بها.. بالرمز طبعا - من قبل في لقطات كانت تصور مشاهد الاستعداد لذبح «عجل أو جاموس» بأن يقوم أهل القرية التي سوف تقوم بذبح هذا «العجل» بعمل «زفة عرض» له تجوب شوارع القرية، بينما يتصايح أطفالها «من ده بكره بقرشين» ولقد وصف أحد مراسلي وكالة صحافة عالمية مشاهد حبس رموز النظام السابق بأنه لأول مرة يري نظاما بأكمله في السجن. ولكن يبدو أن هذه المراسل قد فاته أن مصر قد كررت هذا السيناريو لأكثر من مرة حتي أنه بات عادة فرعونية نتوارثها. ففي الأعقاب المباشرة لحكم الرئيس السادات دخل السجن كل أو أغلب مسئولي الحكم في عهد الرئيس عبد الناصر وإن كان الرئيس السادات قد شاء أن يحاكمهم بتهمة الانقلاب عليه، فإن تهم الفساد والإفساد كانت حاضرة أيضا ووقائعها مؤكدة، فلقد آلي الرئيس عبد الناصر علي نفسه عدم محاكمة أي مسئول أو وزير بتهم الفساد، حتي أنه قد شاع في تلك الفترة «أن من يفسد يترقي». ولكن السادات وعقب صراع السلطة في مايو 1971 أدخل السجن وبضربة واحدة سامي شرف «الوزير السابق برئاسة الجمهورية - وشعراوي جمعة وزير الداخلية - ولبيب شقير رئيس مجلس الأمة - والفريق أول محمد فوزي وزير الحربية - والوزير عبد المحسن أبو النور - والوزير ضياء الدين داود - والسيد علي صبري نائب رئيس الجمهورية وغيرهم من الرموز.. حتي أن الأمر طال حبس الصحفيين ايضا. إن من حاول أن يحول بيننا - وبين مشاهدة وقائع دخول صفوت الشريف وفتحي سرور وجمال وعلاء مبارك الحبس ، وهي لقطات ربما تثأر ولو قليلا من الذين قتلوا زهرات شباب مصر - وهو شريك في جرم قتل هؤلاء الشهداء. إن مشاهدة هذه اللقطات هي تأكيد لواقع جيد ولاشك أنها تساعدنا وتشعرنا أن ما حدث هو فعلا ثورة.. وأن هذه الثورة قد باتت تحقق إنجازات ملموسة علي الأرض التي هبط عليها الإنسان المصري لأول مرة منذ ثلاثين عاما.. وأن هذه الثورة تحفر مجري لها في أرض كانت قد ماتت ومات فيها كل رجاء، وأن هذه الثورة مازالت حية فتية تستلهم استمرارها من رغبات جميع المصريين، إن من حجبوا عنا رؤية الأجسام «البالية» هل يستطيعون مهما أوتوا من قوة أو من «سترات» أن يحجبوا عنا كل هذا الفساد الذي صنعه النظام السابق وتحجر علي مدي الثلاثين عاما الماضية ؟! لقد تم حبس السيد صفوت الشريف «المتغطي» علي خلفية اشتراكه في تدبير أحداث موقعة «الجمل والحصان».. ولكن أين أدوات السيد صفوت الشريف.. رئيس المجلس الأعلي للصحافة السابق.. أين أدواته داخل المؤسسات الصحفية والذين استعان بهم في تنفيذ هذه الأعمال الإجرامية؟! سيادة النائب العام عبد المجيد محمود.. نريد الرؤوس الكبيرة وأيضا الذيول الصغيرة التي مازالت تعبث.. وتحاول أن تتستر علي إثم ما صنعت. وأمس فقط سقطت دولة «الديكتاتور العجوز» وبقرار حبس الرئيس وولديه.. أصبح الطريق مفتوحا.. للوصول إلي محطة «مصر الجديدة». «أحلي بلد بلدي.. أشجع ولد ولدي يا مصر يا عمري.. يا بسمتي.. وفجري»