منذ تأسيسها فى عشرينيات القرن الماضى لم تكن روزاليوسف مجرد مجلة بل كانت منارة للفكر الحر وصوتًا جريئًا للحقيقة فى أحلك لحظات الوطن ومن صفحاتها انطلقت معارك الكلمة ومن مبناها العريق تشكل وعى أجيال كاملة من الصحفيين والمثقفين الذين حملوا شعلة التنوير والمسؤولية الوطنية. روزاليوسف كانت وما زالت صاحبة الريادة فى بلاط صاحبة الجلالة تكتب بمسؤولية وتواجه بشجاعة وتنتصر دومًا لقيم العدالة والعقل والإبداع وفى لحظات التحول الكبرى فى تاريخ مصر كانت روزاليوسف هناك تسجل تحلل وتدافع عن ضمير الأمة دون تردد.
أما روزاليوسف التى عرفتها أنا فهى حكاية عمر كاملة بدأت خيوطها الأولى فى طفولتى حين كان والدى أحد أبنائها المخلصين يصحبنى إلى مبناها العريق فى وسط القاهرة كنت أراقب بعين الدهشة هذا المكان المليء بالهيبة والتاريخ كان والدى شاهدًا على التاريخ وعاصر العظماء فيها وعمل إلى جوارهم فترسخ فى قلبه حبها الذى لم يفارقه يومًا ومع مرور السنين انتقل هذا الحب إلىّ دون أن أشعر فهو من غرس عشقها فى قلبى طفلًا قبل أن أفهم معنى الصحافة نفسها واليوم وبعد أن أصبحت رجلًا ومسؤولًا وأحد كوادرها لا تزال عينا أبى تلمعان كلما جاءت سيرتها أمامه حبًا وحنينًا لمكان تركه منذ سنين لكنه لم يترك قلبه أبدًا فذلك هو الإرث الحقيقى الذى تركته روزاليوسف لأبنائها حب لا يزول وانتماء لا يعرف المسافات وولاء لا تهزه الأيام مهما كانت قاسية.
ولأن القدر لا يخذل العاشقين وجدت نفسى بعد سنوات من مرحلة الطفولة إلى الشباب على أعتابها متدربًا صغيرًا أحمل حقيبة الأحلام أتعلم بين جدرانها معنى الكلمة والشرف والموقف ومضت الأعوام لأصل إلى أن أكون مدير تحرير أحد أعرق إصداراتها أحمل على كتفى إرث من سبقونى فى هذا الصرح العريق تجاه الكلمة.
لقد أعادت روزاليوسف تشكيل شخصيتى مهنيًا وإنسانيًا علمتنى الصبر والانضباط والالتزام وغرست فىّ الإيمان بأن الصحافة ليست مهنة فحسب بل رسالة وشرف ومسؤولية ومن بين جدرانها خرجت بأجمل ما يمكن أن تهبه المهنة رفاق درب أوفياء وأصدقاء أصبحوا عائلة.
واليوم ونحن نحتفى بمئوية روزاليوسف أؤمن أنها لم تكن يومًا مجرد مجلة أو إصدارات صحفية بل روح خالدة تسكن أبناءها جميعًا وستظل دائمًا كما كانت مدرسة الصحافة الحرة وذاكرة الوطن الحية وحب لا ينتهى إنها روزاليوسف.