المشاط تبحث مع نائب رئيس شركة ألستوم الفرنسية العالمية تعزيز استثمارات الشركة في مصر وجهود توطين الصناعة    السفير المصري بقطر يقدم التعازي في ضحايا الحادث المروري بشرم الشيخ    بن غفير يطالب بإبعاد بعض الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل للخارج    مبابي: رونالدو قدوتي    تموين قنا يحبط تهريب 6 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مهرجان القاهرة السينمائي يكرم المخرج محمد عبدالعزيز بالهرم الذهبي لإنجاز العمر    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    وزير الخارجية يستقبل خالد العناني في أول زيارة منذ انتخابه مديرا عاما لليونسكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    محافظ المنوفية يدشن فعاليات مبادرة الكشف عن فيروس سي والأنيميا والسمنة بمدرستين في شبين الكوم    رحلة بناء الذكاء تبدأ قبل الولادة.. اكتشفي أسرار ال1000 يوم الذهبية في حياة طفلك    شعبة القصابين: تراجع شراء اللحوم 20%.. والجزارون يتجهون لفتح مطاعم لبيع «الحواوشي»    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 وطريقة الاستعلام عن المعاش    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    قافلة دعوية برعاية «أوقاف مطروح» تجوب مدارس الحمام لتعزيز الانتماء ومحاربة التنمر والتعصب    ما حكم زيارة مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين؟ الإفتاء تفسر    وزير الدفاع يشهد تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية (صور)    بعد قرار الرئيس، هل يختلف نائب الشيوخ المنتخب عن المعين؟    "إي آند مصر" تطلق مبادرة "صحة مدارسنا"    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    برشلونة يحسم مصير ليفاندوفسكي ويبدأ البحث عن خليفته    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    باكستان تغلق حدودها مع أفغانستان عقب تبادل إطلاق نار عبر الحدود    افتتاح ندوة "الإيمان أولًا" بجامعة بنها    اليوم.. استئناف منافسات الكبار ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    "القاهرة السينمائي الدولي" يعلن تكريم الفنانة الفلسطينية هيام عباس بجائزة الهرم الذهبي    أكرم القصاص: أسبوع القاهرة للمياه منصة دولية لمواجهة ندرة المياه وتغير المناخ    إصابة 5 فى تصادم سيارة ملاكى وتوك توك وتروسكيل بطريق برج نور أجا بالدقهلية    آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع العواصم الأوروبية دعمًا للشعب الفلسطينى    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    «المصدر» تنشر أسماء الأعضاء المعينين فى مجلس الشيوخ    5 أبراج لا تعتذر عن أخطائها.. برج الحمل يعتبر كلمة آسف ضعف    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    ختام جولة مشروع "المواجهة والتجوال" بمحافظة جنوب سيناء.. صور    محافظ المنوفية يدشن فعاليات المبادرة الرئاسية للكشف عن فيروس سي بمدرسة المساعي الجديدة بنات بشبين الكوم    ب6 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    مي فاروق: «ألبومي الجديد تاريخي.. والتكريم الحقيقي حب الجمهور»    بالفيديو.. ننشر جهود صندوق مكافحة الإدمان في أسبوع    الرئيس السيسى يتابع مع شركة أباتشى الموقف الاستكشافى للمناطق الجديدة    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين استمرار قتل وإصابة المدنيين في الفاشر بالسودان    فيديو.. الأرصاد: أجواء مائلة للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والصغرى تسجل 17 درجة    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    أسبوع الانتصارات    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إيلى كوهين».. الجاسوس الذى كشفته السفارة الهندية بالمصادفة!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 25 - 05 - 2025

ماذا نفهم من «الصخب» الذى صنعه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل حول «أرشيف ‏سوريا الرسمي» الخاص بالجاسوس الإسرائيلى «إيلى كوهين»، والذى حصلت عليه إسرائيل ‏من سوريا مؤخرا؟
بالطبع هو جزء من عملية تجميل لقبحه السياسى، ولا عجب أن يصاحب الصخب أكاذيب ‏تضيف نوعًا من الإثارة الزائفة على الحكاية، فهو قال فى بيان صادر عن مكتبه إن استرجاع ‏‏2500 وثيقة وصور ومقتنيات شخصية كانت فى الملف السرى تحت حراسة مشددة، جاء ‏نتيجة عملية معقدة نفذها جهاز الموساد بالتعاون مع جهاز مخابرات شريك، بينما الحقيقة أن ‏الاسترجاع كان باتفاق مباشر بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس السورى أحمد ‏الشرع فى اللقاء الذى حدث بينهما خلال زيارة ترامب لدول الخليج العربية، ولا مخابرات ‏ولا عمليات معقدة ولا يحزنون!‏
ولا ننكر أن إيلى كوهين كان واحدًا من أهم جواسيس إسرائيل، وقد وصل إلى مكانة سياسية ‏رفيعة فى سوريا الستينيات، حتى قبض عليه وأُعدام فى مايو 1965!‏
والحكاية تبدأ من الإسكندرية عند رفعت سليمان الجمال سنة 1954، الذى يعرفه المصريون ‏والعرب باسم رأفت الجمال حسب الرواية التى كتبها الرائع صالح مرسى، والمسلسل الأشهر ‏الذى أخرجه يحى العلمى، فى ذلك الوقت كان جهاز الخدمة السرية المصرى قد جند رفعت ‏الجمال ودسه فى أوساط اليهود فى الإسكندرية فى شقة صغيرة باسم جاك بيتون، الأب ‏شالوم بيتون والأم آلجيرا لازرا، واشتغل فى شركة تأمين، على أن يتصرف كشخص متدين ‏محافظ إلى حد التزمت، غير ودود ولا يحب الاختلاط بالناس.‏
وبالمصادفة التقى الجمال ب«ليفى سلامة»، الذى كان محبوسًا معه فى زنزانة بسجن الحضرة، بعد ‏أن قبض على الجمال على الحدود المصرية الليبية بشيكات سياحية مزورة، فاصطحبه سلامة ‏إلى الجميلة «مارسيل نينيو» نجمة فضيحة لافون الشهيرة، وقد لعبت فيها دور حلقة الاتصال ‏بين خليتى التخريب اللتين أشعلتا الحرائق فى عدد من الممتلكات الأمريكية والبريطانية فى ‏القاهرة والإسكندرية، للوقيعة بين الدولتين وثورة يوليو، وحكم عليها بالسجن 15 عامًا.‏
أحس الجمال أن اللقاء مع مارسيل كان مدبرًا، وعن طريقها تعرف على إيلى كوهين، وهو ‏من أبوين سوريين، يتحدث العربية بلكنة حلبية، أى بطريقة أهل حلب.‏
وصار الجمال وكوهين صديقين، يقضيان وقتًا طويلًا معًا، وقد ألقى القبض عليهما معا حين ‏تكشفت عملية لافون، ثم اُطلق سراحهما لعدم كفاية الأدلة، وتفرقت بينهما السبل، إلى أن ‏جمعتهما المصادفة مرة أخرى فى أكتوبر 1957، لكن فى إسرائيل.‏
كان جاك بيتون منهمكًا فى عمله خلف مكتبه بشركة «سى تورز»، حين سمع صوتًا مازال ‏يذكر نبراته: جاك.. جاك..أخيرا وجدتك بعد ثلاث سنوات.‏
لم يصدق الجمال أنها مصادفة، واصطحبه إلى مقهى قريب، يسترجعان فيه ذكرياتهما ‏بالإسكندرية، وأيام النضال من أجل الوطن إسرائيل، كان الجمال حذرا، ويكاد يؤمن بأنه ‏مدسوس عليه، كجزء من عملية ملاحقته والتأكد من «صدق صهيونيته»، ووضع الجمال خطة ‏لبث الاطمئنان فى قلبه، أولًا: داوم على المقابلات وتعميق الصداقة حتى لا يشعر أنه يتجنبه ‏فيرتاب فيه، ثانيًا: التوقف التام عن أى نشاط خارج السياحة حتى لا يلاحظ ما يصنع.‏
ونجحت خطة الجمال إلى الحد الذى باح له كوهين ببعض أسراره، وأخطرها أنه يعمل فى ‏إدارة التجسس بالقطاع العربى، وفجأة اختفى إيلى كوهين كفص ملح وذاب لمدة سبع سنوات، ‏حتى شاعت أنباء القبض عليه فى سوريا وإعدامه فى ميدان عام، واعتبرته إسرائيل بطلا ‏قوميا نظمت من أجله الاحتفالات والمظاهرات ومراسم التكريم.‏
خلال تلك السنوات خضع إيلى كوهين لتدريب وإعداد على مستوى عال جدا، وأعطته ‏المخابرات الإسرائيلية اسما سوريا هو كامل أمين ثابت، تاجر يعمل بالاستيراد والتصدير، ‏هاجر أبواه إلى بيروت حيث ولد، ثم انتقلوا إلى مصر واستقروا فى الإسكندرية، وبعد موت ‏والديه سافر إلى الأرجنتين، ليؤسس مع عمه الثرى شركة لبيع الأقمشة فى شارع ليجازى فى ‏قلب العاصمة بيونس ايريس، لكن الشركة أفلست فعمل فى أوروبا فترة، ثم عاد إلى ‏الأرجنتين، لكنه يتمنى العودة إلى وطنه الذى حرم منه طول حياته.‏
وصل إيلى كوهين إلى بيونس إيرس على متن الطائرة السورية القادمة من زيورخ فى ‏الحادى والعشرين من مارس 1961، بجواز سورى مزور، واستأجر شقة فخيمة بالعقار رقم ‏‏1305 فى شارع تاكوارا، وبسرعة صار زبونا فى المقاهى والمطاعم التى يتردد عليها ‏السوريون واللبنانيون، وقتها كان يعيش فى العاصمة الأرجنتينية ما يقرب من نصف مليون ‏عربى، ولا يختلطون كثيرا بالسكان المحليين، وفضلوا أن يكونوا مجتمعًا شبه مستقل تجنيا ‏للمشكلات، وتعرف إيلى على الجالية السورية التى فتحت له ذراعيها وقلبها، رجال مال ‏وأعمال من ذوى علاقات رفيعة بالوطن الأم، ويزورهم من وقت لآخر دبلوماسيون وسياسون ‏قادمون من الوطن، وفى عام 1962، وبعد انكسار الوحدة المصرية السورية، رتبوا له ‏العودة إلى سوريا كواحد من الصفوة، وكان التاريخ من اختيار إيلى، بعد مغادرة الخبراء ‏والمستشارين المصريين دمشق، كى يضمن ألا يتعرف عليه واحد منهم، وارتقى إيلى كوهين ‏فى الحياة السياسية والحزبية السورية بسرعة، وكان مرشحًا لتولى مناصب رفيعة فى ‏حزب البعث والحكومة، ويقال إن الأسرار كانت تسال أمامه كنهر يفيض، خاصة وكيف لا ‏وهو صديق شخصى للرئيس أمين الحافظ الذى كان ملحقا عسكريا لسوريا فى الأرجنتين ‏وتعرف عليه هناك..‏
وظل الحال كذلك حتى قبض عليه فى يناير 1965 متلبسا بجهاز الإرسال.‏
كان كوهين يسكن فى شقة فاخرة قبالة السفارة الهندية، واشتكت السفارة إلى السلطات من ‏تشويش لاسلكى على رسائلها إلى نيودلهى، فراقبت السلطات محيط السفارة ورصدت رسالة ‏لا سلكية يومية على ترددات غير مصرح بها، لكنها فشلت فى تحديد مصادرها، فلجأت إلى ‏ضابط ألمانى سابق متخصص فى الاتصالات، كان سببًا فى كشف جاسوس شهير فى بلجيكا ‏عرف باسم الجاسوس الأحمر يبعث رسائله بنفس طريقة دمشق، فأوصاهم أن يقسموا ‏المنطقة إلى مربعات، يقطعون عنها الكهرباء يوميا بالتبادل، على أن تعبر وقتها سيارة لرصد ‏الذبذبات اللاسكية المربعات جيئة وذهابا، وبالفعل عثرت على مصدرها، ودخلوا على كامل ‏أمين ثابت المزعوم وهو يبعث برسالته، وكانوا يتصورونه مجرد مواطن خائن.‏
وفى 24 يناير وصلت إلى المخابرات الإسرائيلية آخر رسائل إيلى كوهين: إلى رئيس وزراء ‏إسرائيل ورئيس جهاز المخابرات فى تل أبيب، كامل وأصدقاؤه ينزلون ضيوفا فى دمشق، ‏وسوف تسمعون عن مصيرهم قريبا، إمضاء: جهاز مكافحة التجسس فى سوريا.‏
وفى فجر 18 مايو 1965 فتحت أبواب سجن المزة، وتحركت عربة عسكرية مغلقة متجهة ‏إلى ميدان المرجا الشهير، وبداخلها إيلى كوهين منهارا، قدماه شبه مشلولتين من التوتر، ‏ووقفت العربة فى الميدان، حضر حاخام سوريا «مسيو أندابو»، قرأ عليه الصلوات اليهودية ‏الأخيرة، وكتب كوهين خطابا إلى زوجته، ثم أعدم شنقا تحت أنظار ألاف السوريين الذين ‏أحاطوا بالميدان منذ منتصف الليل، ودفن فى مقابر اليهود فى دمشق، التى احتفظت بملفه ‏ستين عامًا، حتى سلمته إلى إسرائيل، وتتفاوض حاليا على تسليم رفاته أيضا.‏
وتجربة إيلى كوهين هى التى علمت رفعت الجمال أن يبتعد عن دائرة السلطة مهما كانت ‏الإغراءات، فهى دائرة مغلقة يسهل تتبع أصحابها!‏
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.