ذكرني خبر القبض علي الجاسوس الاسرائيلي إيلان تشايم جرابيل وهو يرفع لافتة ضد الرئيس أوباما في ميدان التحرير بقصة الجاسوس الاسرائيلي الأشهر إيلي كوهين الذي بكته إسرائيل وأعلنت الحداد يوم إعدامه في دمشق عام 1965.. هذا الجاسوس الذي كشفته عيون المخابرات المصرية العامة بالصدفة البحتة وهو يتجول في الجبهة السورية مع كبار القواد العسكريين . هذا الجاسوس الشهير هو الياهو بن شاؤول كوهين يهودي من اصل سوري حلبي، ولد بالإسكندرية التي هاجر اليها احد اجداده سنة 1924. وفي عام 1944 انضم الي منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدا متحمسا للسياسة الصهيونية وفي سنة وبعد حرب 1948 اخذ يدعو مع غيره من اعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين الي فلسطين واتخذ الجاسوس اسم »جون دارلينج« وشكل شبكة للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأمريكية في القاهرةوالإسكندرية في فضيحة كبري عرفت حينها بفضيحة (لافون)، وبعد انتهاء عمليات التحقيق كان أيلي كوهين قد تمكن من إقناع المحققين ببراءة صفحته وخرج من مصر عام 1955 حيث التحق بالمخابرات الاسرائيلية ثم أعيد إلي مصر ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي ضد مصر في أكتوبر 6591وبعد الإفراج عنه هاجر إلي إسرائيل عام 1957.. وتم تدريبه علي كيفية استخدام اجهزة الارسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل اخبار سوريا ويحفظ اسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة. مع تعليمه اصول الايات القرآنية وتعاليم الدين الإسلامي. وفي 3 فبراير 1691 غادر ايلي كوهين إسرائيل إلي زيوريخ ومنها حجز تذكرة سفر إلي العاصمة التشيلية سنتياجو باسم كامل أمين ثابت ولكنه تخلف في بيونس ايرس، ثم ارسل الي سوريا ليتمكن من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسئولين وكان من الأمور المعتادة أن يقوم بزيارة أصدقائه في مقار عملهم ولم يكن مستهجنا أن يتحدثوا معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل وأن يجيبوا بدقة علي أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميج أو السوخوي أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة تي 25 وتي 45 . وهناك اكثر من رواية حول سقوط ايلي كوهين نجم المجتمع السوري لكن الرواية الأصح هي تلك التي يذكرها رفعت الجمال الجاسوس المصري الشهير بنفسه حيث قال: شاهدته مره في سهرة عائلية حضرها مسئولون في الموساد وعرفوني به انه رجل اعمال اسرائيلي في امريكا ويغدق علي اسرائيل بالتبرعات المالية.. ولم يكن هناك اي مجال للشك في الصديق اليهودي الغني، وكنت علي علاقة صداقة مع طبيبة شابه من اصل مغربي اسمها (ليلي) وفي زيارة لها بمنزلها شاهدت صورة صديقنا اليهودي الغني مع امرأة جميلة وطفلين فسألتها من هذا؟ قالت انه ايلي كوهين زوج شقيقتي ناديا وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج، .. لم تغب المعلومة عن ذهني كما انها لم تكن علي قدر كبير من الأهمية العاجلة، وفي أكتوبر عام 1964 كنت في رحلة عمل للاتفاق علي افواج سياحية في روما وفق تعليمات المخابرات المصرية وفي الشركة السياحية وجدت بعض المجلات والصحف ووقعت عيناي علي صورة ايلي كوهين فقرأت المكتوب أسفل الصورة، (الفريق اول علي عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سوريا والعضو القيادي لحزب البعث العربي الإشتراكي كامل امين ثابت) وكان كامل هذا هو ايلي كوهين الذي سهرت معه في اسرائيل وتجمعت الخيوط في عقلي فحصلت علي نسخة من هذه الجريدة اللبنانية من محل بيع الصحف بالفندق وفي المساء التقيت مع (قلب الأسد) محمد نسيم رجل المهام الصعبة في المخابرات المصرية وأبلغته بالمعلومة المهمة. وتم القبض علي ايلي كوهين في دمشق وسط دهشة الجميع واعدم هناك في 18 مايو 1965 .