أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 94 بجريدة الوقائع المصرية    للراغبين في مسابقة ال 18 ألف معلم، خطوات التقديم على موقع بوابة الوظائف الحكومية    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    هيئة تدريب القوات المسلحة تكرم الضباط المتميزين المبعوثين إلى الدول الشقيقة    إكليل وخواتم وصلبان.. مظاهر استقبال مبهجة لأقباط بورسعيد احتفالا ب"أحد الزعف".. صور    أول تعليق من وزيرة التخطيط على تقرير صندوق النقد الدولي عن مصر| خاص    انطلاق المؤتمر البيئي الدولي الثانى بجامعة سوهاج    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس مجلس النواب البحرينى    كواليس زيارة وزير خارجية فرنسا للبنان .. فيديو    عاجل| جانتس: لن أستمر بمجلس الحرب إذا قامت حكومة "نتنياهو" بمنع صفقة تبادل للمحتجزين    الأونروا: أنباء عن وفاة طفلين على الأقل بسبب الحر في غزة    زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة    تعادل سلبي بين المصري والداخلية في الشوط الأول    جوارديولا يعلن تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نوتينجهام    إيقاف تشابي ألونسو مباراة واحدة    منتخب مصر يرفع رصيده ل 8 ميداليات في ختام بطولة مراكش الدولية لألعاب القوى البارالمبي    «الداخلية» تقبض على متهمين غسلوا 20 مليون جنيه من الإتجار بالنقد الأجنبي    تأجيل محاكمة المتهم بقتل نجل لاعب الزمالك السابق في حلوان    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    تأجيل إعادة إجراءات محاكمه 3 متهمين بفض اعتصام النهضة    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    دينا الشربيني ضيفة لميس الحديدي الثلاثاء المقبل    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    صدى البلد يكرم منة فضالي بعد نجاحها في موسم رمضان الدرامي.. صور    أخبار الفن.. ميار الببلاوى فى مرمى الاتهام بالزنا وعبير الشرقاوى تدافع عنها.. الكينج وشريف منير يكذبان حسن شاكوش    الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد من 25 إلى 14%    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    وزير الصحة: نشهد قفزة جديدة في تطوير وتحديث برامج علاج سرطان الكبد الأولي    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    استعدادا لشم النسيم.. الزراعة: طرح رنجة وفسيج بالمنافذ بتخفيضات تتراوح بين 20 و30%    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    حسام غالي يكشف مفاجأة لأول مرة عن لاعبي الأهلي أثناء توقف النشاط الرياضي    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    فيلم «أسود ملون» ل بيومي فؤاد يحقق المركز الرابع في شباك التذاكر    بحضور محافظ مطروح.. «قصور الثقافة» تختتم ملتقى «أهل مصر» للفتيات والمرأة بالمحافظات الحدودية    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو في حالة اضطراب كامل وليس لديها رؤية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أهم الأيام في التاريخ القبطي.. الكنيسة تحتفل بأحد السعف وسط فرحة عارمة وإقبال كبير|شاهد    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اليويفا يكشف النقاب عن حكم مباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في ذهاب نصف نهائي تشامبيونزليج    تفاصيل مشاركة رئيس الوزراء في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تندلع حرب أهلية فى أمريكا؟!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 19 - 03 - 2023

ربما لو لم يكن كاتبه سفيرًا أمريكيًا سابقًا ما توقفت أمام مقال «هل هناك حرب أهلية أمريكية فى الأفق؟»، صحيح أن العنوان مثير، ويبدو عجيبًا وهو يتحدث عن دولة عظمى هى الأكثر تأثيرًا فى النظام العالمى، فهل هذا ممكن؟، ما أكثر الكتابات التى لا تساوى الدق على حروف لوحة المفاتيح فى كمبيوتر محمول أو تليفون ذكى، وقد يكون العنوان خدعة والمقال نفسه «طقة مخ»، لكن حين قرأت اسم الكاتب «روبرت فورد» وهو كان سفيرًا للولايات المتحدة فى الجزائر (2006 - 2008)، وسوريا (2010 - 2014)، وأيضًا كان زميلاً فى معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إذن نحن أمام كاتب شغل مناصب رسمية ويعرف ماذا يقول.
المقال الذى نشره موقع المجلة فى فبراير الماضى، يبدأ بحادث له مغزى ويشى بقدر العنف الكامن فى البنية السياسية الأمريكية، أن جنديًا سابقًا فى الجيش الأمريكى من مؤيدى الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، أعد نفسه للقتال على طريقة «أرنولد شوارزنجر» فى فيلم «كوماندو»، لبس سترة واقية من الرصاص وعلق بندقية آلية فى كتفه، وشن غارة على مكتب التحقيقات الفيدرالى بمدينة سينسيناتى ولاية أوهايو، فى 11 أغسطس 2022، ردًا عقابيًا على تجرؤ مكتب التحقيقات الفيدرالى على دخول بيت ترامب فى فلوريدا، بحثًا عن مستندات رسمية يحتفظ بها فى مكتبه الخاص بالمخالفة للقانون، وبعدها حاول المسلح الهرب فحاصرته الشرطة وقتلته.
وهلل المتطرفون اليمينيون على شبكات التواصل الاجتماعى ب «البطل الشهيد»!
الواقعة فى حد ذاتها عادية ولها «سوابق» فى الحياة الأمريكية، لكن ما كتبه هذا الجندى على صفحته بالفيسبوك فى غاية الخطورة: «إن مكتب التحقيقات الفيدرالى يشكل تهديدًا للولايات المتحدة»، و«على مؤيدى ترامب أن يحصلوا على أسلحة وأن يكونوا مستعدين للقتال»!
بعد الواقعة بأيام، أجرت مجلة الإيكونوميست استطلاعًا للرأى مشاركة مع مؤسسة يوجوف وهى شركة إنجليزية متخصصة فى أبحاث السوق، انتهى إلى أن ما يقرب من نصف الأمريكيين يرون احتمالية نشوب حرب أهلية خلال السنوات المقبلة!
بعد شهرين تقريبًا نشرت جريدة نيويورك تايمز مقالًا فى صفحتها الأولى بعنوان حاد «تزايد الحديث عن حرب أهلية، ويبدو أن تفشى ظاهرتا الاستقطاب السياسى والميليشيات المسلحة عزز فكرة الحرب الأهلية، إلى درجة أن كتبًا عديدة صدرت تستعرض المخاطر المتوقعة لهذه الميليشيات..ومنها:
-المليشيا السوداء وهى أحدث ميليشيا ظهرت، وهى مجموعة مسلحة من الأمريكيين الأفارقة يتزعمهم ضابط سابق بالجيش الأمريكى، يقول إنها تعمل على مواجهة العنف الشرطى ضد أصحاب البشرة السوداء.
-حركة بوجالو وهى حركة يمينية تأسست فى عام 2012، تؤمن بحيازة السلاح وتفوق العرق الأبيض وتعمل على إشعال حرب أهلية ضد السود والأقليات الأخرى من غير البيض، ولم ينتبه إليها المجتمع الأمريكى إلا فى عام 2019، حين قادت مسيرات ضد مظاهرات السود والحركات المناهضة لعنف الشرطة ضد بعضهم، كما لها أذرع متعددة لا مركزية هاجمت عناصر من الشرطة وخربت بعض المنشآت لإلصاق تلك الجرائم بالمتظاهرين السود.
- حركة حَفَظِة القسم، يمينية تؤمن أيضًا بتفوق العرق الأبيض، وهى تتشكل من 43 ألف عضو، شعارهم حماية الدستور الأمريكى بكل السبل سلمية ومسلحة، وقد نظموا فى عامى 2014 و2015 دوريات ببنادق نصف آلية فى الشوارع وأسطح المنازل فى مدينة فيرجسون بولاية ميسورى، من باب استعراض القوة، خلال اضطرابات شهدتها المدينة. ناهيك أنهم تواجدوا فى مزرعة باندى عام 2014، فى مقاطعة كلارك بولاية نيفادا، لمناصرة عضو بها، حين صادر عملاء مكتب الأراضى ماشية اعتبرت أنها تُرعى بشكل غير قانونى على أرض فيدرالية. وفى عام 2019 وجهت الحركة تهديدًا مباشرًا إلى كاترين براون حاكمة ولاية أوريجون وقتها بإشعال حرب أهلية، فى حال تمرير قانون جديد يحد من انبعاثات ثانى أوكسيد الكربون فى عدد من الصناعات، وهو ما كان سيضر أعضاء فى الحركة يملكون مصانع تضر البيئة.
-حركة ال3 فى المئة، الاسم مشتق من حرب التحرير الأمريكية فى القرن الثامن عشر، وهم نسبة الذين حملوا السلاح ضد بريطانيا من إجمالى سكان المستعمرات، وهى مجموعة شبه عسكرية متشددة فى مقاومة تدخل الحكومة الفيدرالية فى الشئون المحلية للولايات، وتؤمن بقدرة المواطنين المتطوعين على مقاومة الجيش الأمريكى بنجاح إذا استلزم الأمر صدامًا معه.
-محاربو الحرية، وهى مجموعة سوداء تشكلت عقب مقتل جورج فلويد على يد شرطى فى مدينة مينابوليس.
وقد كتبت مجلات وجرائد ومواقع إلكترونية مقالات وتقارير عن احتمالات الحرب الأهلية الجديدة، مثلًا الجارديان البريطانية نشرت تحقيقًا موسعًا قبل شهور بعنوان «شروط العنف السياسى متوافرة: ما مدى قرب الولايات المتحدة من الحرب الأهلية؟»، لكن نشرة أخبار جامعة شيكاغو أجرت مواجهة رائعة بين مجموعة من الأساتذة والمفكرين حول السؤال فى 5 يناير الماضى، بعنوان: هل تتجه أمريكا نحو حرب أهلية؟، تمسك فيها البروفيسور ويليام هاويل أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الحكومة الفعالة برأيه وقدم له العديد من الأسانيد: أعتقد أننا بالتأكيد لسنا على شفا حرب أهلية!
عمومًا تعبير الحرب الأهلية الأمريكية الثانية صكه الأكاديميون الأمريكيون تأصيلًا للعنف السياسى فى تاريخ الولايات المتحدة، نتيجة الاستقطاب الحاد الذى تسبب فيه نجاح دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، وقبل أن يتسلم السلطة فى البيت الأبيض رسميًا فى يناير 2017، ووصف معارضوه تصرفاته وسلوكياته العامة بأنها تعزز العنف السياسى، وترفع من وتيرة الفاشية والقومية المتطرفة والتفوق الأبيض، وقال نورمان جروفمان أستاذ السياسة بجامعة كاليفورنيا إن أمريكا لم تشهد استقطابًا حادًا كالذى تعيشه اليوم، ولم يكن الكونجرس منقسمًا على هذا النحو منذ مئة عام، وقالت ليليان ماسون أستاذة العلوم السياسية فى جامعة جونز هوبكنز إن اتساع الصدع بين قسمى البلاد جمهوريين وديمقراطيين زاد من مخاطر اضطرابات عميقة، يتجاوز تأثيرها المشاعر والآراء، وقد تمس استقرار البلاد.
وتحول التعبير من مجرد مصطلح يردده الأكاديميون ويتحاورون حوله إلى شبه واقع، حين لم يعترف مؤيدو دونالد ترامب بهزيمة مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحاولوا منع تسليم السلطة سلميًا إلى الرئيس المنتخب جون بايدن، واقتحموا مبنى الكابيتول فى 6 يناير 2021، واشتبكوا بالأسلحة النارية مع رجال الشرطة.. وبالتدريج علت فكرة الحرب الأهلية التى يمكن أن تندلع فى السنوات المقبلة، بين الأمريكيين المحافظين واليسار السياسى والمقصود به الديمقراطيين ومن هم على شاكلتهم، الذين يدعون إلى عقد مؤتمر دستورى جديد، لوضع تشريعات تحد من ملكية الأسلحة وزيادة حماية الحقوق المدنية.
ورد جمهوريون: إن «بعض العنف قد يكون ضروريًا لاستعادة البلاد إلى المسار الصحيح»!
والسؤال الآن: إذا لم يكن هناك فى الأفق حل سياسى للاستقطاب، فما هو شكل الحرب الأهلية التى يمكن أن تندلع فى أمريكا؟
السؤال ليس من عندياتى، إنما طرحه روبرت فورد سفير أمريكا سابقًا فى الجزائر وسوريا.
ويجيب: من المرجح أن يشارك فيها المئات من العنصريين البيض والميليشيات المحافظة، خاصة أن بعضها يستعد علنًا للصراع المسلح، ويدربون عناصرهم على مهمات قتالية على الملأ، ولا يخفون توقعاتهم بالحرب ضد الحكومة المركزية يومًا ما.
لكن فى المقابل لن تكون قوات الأمن الحكومية وحيدة فى مواجهة هذه الميليشيات والعنصريين، فمن المؤكد أن قطاعات كبيرة من السكان سوف تدعمها، ناهيك عن جماعات مسلحة تدافع عن حركات الاحتجاج اليسارية.
إن حربًا أهلية جديدة اليوم لن تشبه أبدًا الحرب الأهلية الأمريكية فى القرن التاسع عشر، فالاختلاط بين الأمريكيين كبير ولا توجد فواصل عرقية وعنصرية ولا بين جمهوريين وديمقراطيين فى كل ولاية، وعلى الأرجح إن نشبت الحرب ستكون أشبه بالقتال الذى حدث فى «الجزائر» فى العشرية السوداء «التسعينيات»، بين المتطرفين الإسلاميين وأنصار الحكومة، يعنى قطع طرق، إيقاف سيارات وحافلات، اعتقال معارضين أو اغتيالهم، اقتحام منازل وقتل السكان المشتبه فيهم..إلخ.
وإذا اشتعلت اشتباكات بين الميليشيات اليمينية والشرطة المحلية ووحدات الجيش فى بعض الأماكن، قد ينشق جنود عن وحداتهم.
أما باربرا ف والترز فقد ألفت كتابًا فى العام الماضى بعنوان: كيف تبدأ الحرب الأهلية، وقالت إن الحرب الأهلية الأمريكية الجديدة قد تشبه موجات العنف بين الكاثوليك والبروتستانت فى إيرلندا الشمالية إبان سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.
وإن كان توماس ريكس كتب مقالًا افتتاحيًا فى واشنطن بوست توقع فيه عدم نشوب هذه الحرب.
إن غدًا لناظره قريب.
18


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.