مركزية الجبهة الوطنية تختتم متابعة التصويت استعدادًا لبدء أعمال الفرز في جولة إعادة النواب    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    مجمع الفنون والثقافة يحتضن فعاليات مسرح المنوعات بجامعة العاصمة    محافظ الجيزة: حزمة إجراءات تنفيذية لدعم كفاءة المرافق في حدائق الأهرام    «المشاط»: 65.7 مليار جنيه استثمارات حكومية موجهة لأقاليم الصعيد بخطة 2025-2026    ضياء رشوان: لا يوجد أي نوع من الترتيبات أو الاتصالات بشأن عقد لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو    أمريكا تفرض عقوبات على 29 سفينة تابعة ل«أسطول الظل» الإيراني    منتخب المغرب يتوج ببطولة كأس العرب بعد الفوز على الأردن    موعد كأس العرب 2029 في قطر: تفاصيل البطولة القادمة    في يومها العالمي.. الأوقاف: اللغة العربية حروفها عبقرية المباني وأصواتها جليلة المعاني    الداخلية تكشف حقيقة نقل ناخبين بسيارة في المحلة    بيلاروسيا تعلن نشر صاروخ أوريشنيك الروسى الفرط صوتى على أراضيها    محاربة الشائعات    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    عضو "شركات السياحة": لا سياحة حقيقية دون منظومة نقل متكاملة    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    بالصور.. انهيار شقيقة الفنانة نيفين مندور خلال تشييع جثمانها    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    عبد اللطيف صبح: 55% من مرشحى الإعادة مستقلون والناخبون أسقطوا المال السياسى    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    محافظ أسوان ونقيب مهندسي مصر يضعان حجر الأساس للنادى الاجتماعى    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    بنك مصر يطلق تمويل إكسبريس للأطباء حتى 8 مليون جنيه لدعم القطاع الطبي بسعر عائد تنافسي 5%    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماتخلّيش ولا واحد يشمت يا أحمد "الحلقة السادسة"

كعادتها دائمًا كانت «روزاليوسف»- ولاتزال- تستضيف على صفحاتها تاريخ الفنانين وحكاياتهم.. نستكشف من مسيرة العمر ومشواره قصص الكفاح والحب والأمل والصعود.. لأننا نؤمن أن تاريخ البلد ووجدان الشعب ما هو إلا محصلة أيام ويوميات وحكايات رموزه.
يصحبنا فى هذه السطور الكاتب الصحفى الكبير محمد توفيق فى رحلة ممتعة مع فتى الشاشة الأسمر عبر كتابه «أحمد زكى86».. ونتيح لحضراتكم فصلًا من حياته وأحد أهم أعوامه زخمًا وفنًا وتأثيرًا.
ونحن بنشر الكتاب على فصول نؤكد أن حكاية فنان بحجم أحمد زكى هى ملك لكل محبيه وجمهوره.. بحلوها ومرها.. بما حققه من إنجازات وبطولات.. وبكل ما قابله من خذلان.. لأنه رمز كبير وهذا قدر الكبار.

"1"
رن جرس الهاتف، ولم يكن المتحدث من الذين يمكن أن يُقال لهم: «الأستاذ تعبان، ولا يمكنه الرد»، بل إنه أحد الاتصالات التى ينتظرها أحمد، وأحد أسباب رفع روحه المعنوية.
إنها سعاد حسنى...!
بمجرد أن سمع أحمد اسمها، نهض من فراشه ليتكئ على وسادة خلفه، وأمسك بالسماعة، وبادرته سعاد بالسؤال عن صحته، وعن موعد عودته، وطمأنها أحمد، وبدا أن صوته فى حالة أفضل، وواسته فى وفاة أبيهما الروحى صلاح جاهين، وأخبرته أنه بمجرد عودته سيقومون بعمل تأبين لجاهين، تُغنّى هى فيه بعض الأغنيات التى كتبها لها، ويُلقى هو بعض الرباعيات.
وقبل أن تضع سعاد سماعة الهاتف أبلغته بأن هناك بارقة أمل فى بدء تصوير فيلم «الراقصة والسياسى» الذى توقف الحديث عنه منذ شهور بعد أن كان قد تحدد موعد ومكان التصوير، ونشرت الصحف تفاصيله وأنه مأخوذ عن قصة إحسان عبدالقدوس، وكتب له السيناريو والحوار رفيق الصبان، ويُخرجه سمير سيف.
وفرح أحمد، وبعد أن أغلق الهاتف نظر إلى سقف الغرفة، وبدأ يستعيد ذكرياته مع سعاد منذ وعده جاهين بأن يكتب فيلمًا يجمع بينهما، رغم أن أحمد فى تلك اللحظة لم يكن ممثلًا تتم الاستعانة به إلا فى الأدوار الثانوية فى الأفلام، فقد شارك فى عام 1976 فى فيلم «صانع النجوم» بطولة محمود ياسين وسهير رمزى بدور هامشى، وجاء ترتيبه فى الأسماء متأخرًا.
وفى الوقت الذى عُرض فيلم «الكرنك» لأول مرة فى السينما، بدأ جاهين فى كتابة سيناريو وحوار فيلم «شفيقة ومتولى» عن قصة شوقى عبدالحكيم، وإخراج سيد عيسى.
وتدور أحداث الفيلم حول استدعاء السلطات الحاكمة عشرات الآلاف من الشباب للعمل بالسُّخرة فى قناة السويس، فيضطر «متولى» أن يترك شقيقته «شفيقة» وحدها مع جدها، وتضطر إلى قبول إغراءات ابن شيخ البلد «دياب».
لكن الفيلم بدا أعقد من أن يخرج إلى النور بسهولة، فقد حدث خلاف بين سعاد حسنى ومخرج الفيلم سيد عيسى، وحاول الجميع الصُّلح بينهما، وبذل أحمد زكى جهدًا كبيرًا حتى لا يصل الخلاف إلى الصحف ويتوقف تصوير الفيلم، وبالتالى يتوقف حلم حياته، لكن محاولاته لم تفلح، وصارت قصة خلافات سعاد حسنى وسيد عيسى عنوانًا ثابتًا فى الصحف لشهور طويلة، بل ذهب طرفا الخلاف إلى المحاكم.
"2"
وفى فبراير عام 1977 تم الإعلان عن انتهاء الخلاف بين سعاد حسنى والدكتور سيد عيسى، مخرج الفيلم، بعد خلاف طويل دام أكثر من عام، وقد لعب المخرج يوسف شاهين دورًا بارزًا فى إنهاء الخلاف.
ولهذا قصة…
فقد ذهب المنتج السينمائى جان خورى، زوج شقيقة يوسف شاهين، إلى المخرج سيد عيسى، وعرض عليه شراء الجزء الذى صوّره من فيلم «شفيقة ومتولى» وشراء الملابس والديكورات والأغانى التى سوف يتم تصوير بقية الفيلم بها. وطلب سيد عيسى الحصول على 70 ألف جنيه ثمنًا للمشاهد التى تم تصويرها، وتمسك منتج الفيلم، وهو شقيق سيد عيسى، بأن يقوم شقيقه باستكمال تصوير الفيلم، ولكن جان خورى طلب أن يقوم مخرج آخر بإتمام الفيلم.
وهنا تدخل يوسف شاهين لإنهاء الخلافات التى دارت بين الأطراف المعنية بالأمر، واستطاع إقناع سيد عيسى بترك الفيلم لمخرج آخر، ورشح شاهين عددًا كبيرًا من المخرجين لاستكمال المشاهد المتبقية من الفيلم، من بينهم صلاح أبو سيف وحسين كمال وعلى بدرخان ويحيى العلمى، وآخرون.
ورفض كل المخرجين استكمال هذا الفيلم، واقترح الدكتور سيد عيسى أن يقوم يوسف شاهين باستكمال الفيلم، لكنه لم يتحمس لذلك، فعرض عليه سيد عيسى أن يشاهد ما تم تصويره من الفيلم، وبعدها يتخذ قراره النهائى. وبعد أن شاهد شاهين المشاهد التى تم تصويرها من الفيلم، أبدى موافقته المبدئية على استكماله، واتفقا على أن يحصل على 40 ألف جنيه بدلًا من ال70 ألف جنيه التى طلبها.
وذهب يوسف شاهين مع سعاد حسنى وأحمد زكى إلى قرية «بشلا» بمحافظة الدقهلية لاستكمال تصوير الفيلم فى نفس الديكورات التى أقامها الدكتور سيد عيسى.
"3"
لكن يبدو أن شاهين لم تكن لديه النية الحقيقية لاستكمال إخراج فيلم بدأه أحد غيره، لكنه فى الوقت نفسه كان يريد مساعدة صديقيه صلاح جاهين وسعاد حسنى اللذين لجآ إليه لحل تلك المشكلة التى بدت بلا حل.
فبعد أن انتهت الأزمة تمامًا، اقترح شاهين أن يقوم على بدرخان بإخراج المشاهد التى تقوم بها سعاد حسنى بينما يقوم «جو» بتصوير المشاهد الأخرى، ووافق بدرخان على اقتراح شاهين حتى يكتمل الفيلم الذى يبدو أنه لن يكتمل.
لكن بعد أن بدأ بدرخان فى إخراج المشاهد الخاصة بسعاد حسنى، أعلن يوسف شاهين الاعتذار عن الفيلم، وأخبر سعاد بأن كل ما فعله كان من أجل إنقاذ الموقف فقط، وحتى يتم استكمال الفيلم، وابتسمت سعاد وشكرته، وجلس الاثنان مع زوجها على بدرخان لإقناعه بإخراج الفيلم كاملًا.
وفى البداية رفض بدرخان الفكرة، لكنه استجاب لهما بعد أن اشترط أن يفعل ما يشاء دون الالتزام بأى شىء تم تصويره، فهو سيقوم بإخراج الفيلم من البداية وفقًا لرؤيته، ولن يستكمل تصوير فيلم لشخص آخر.
ووافقت سعاد، وطلبت أن يرتفع أجرها من 15 ألف جنيه إلى 25 ألفًا، ووافق يوسف شاهين بوصفه منتج الفيلم مع جان خورى.
وبدأ تصوير «شفيقة ومتولى» من جديد بعد أن ظن الجميع أن هذا الفيلم لن يكتمل أبدًا، ولم يكن هناك مَن هو أكثر سعادة من أحمد زكى الذى كان قد فقد الأمل تمامًا فى عودة تصوير هذا الفيلم.
وفى السابع والعشرين من نوفمبر عام 1978 عُرض فيلم «شفيقة ومتولى» للمرة الأولى فى السينما، وربما كان هذا اليوم واحدًا من أجمل وأحبّ الأيام إلى أحمد زكى، ووُضعت صورة أحمد زكى إلى جوار صورة سعاد حسنى على أفيش الفيلم، ولكن اسمه جاء الأخير بعد أحمد مظهر، ومحمود عبدالعزيز، وجميل راتب، ويونس شلبى.
"4"
وفى تلك الأثناء اتفق أحمد زكى مع المخرج سيد عيسى على بطولة فيلم آخر اسمه «المغنواتى» بمشاركة صلاح منصور، وشكرى سرحان، وسهير المرشدى.
وحال استعداد أحمد لأداء دور المغنواتى، جاءت إليه المخرجة علوية زكى لتعرض عليه بطولة مسلسل تليفزيونى اسمه «اللسان المر» كتبه عبدالوهاب الأسوانى، ويشاركه فى بطولته حسن عابدين وزوزو نبيل.
ووافق أحمد على بطولة المسلسل إلى جانب الفيلم، لكن سيد عيسى رفض اشتراك أحمد فى عملين فى وقت واحد، وخيَّره بين الاستمرار فى الفيلم أو الذهاب إلى المسلسل؛ فاختار أحمد المسلسل، فقرر المخرج استبعاده، واختار المطرب على الحجار ليقوم بطولة فيلم «المغنواتى».
ولم يتحمس الحجار للدور، واشترط أن يوافق أحمد زكى على قيامه بالبطولة، لكن المخرج أخبره أنه لو لم يوافق على بطولة الفيلم سيقوم بإحضار ممثل آخر ولن يعمل مع أحمد زكى مرة أخرى.
وذهب على يبحث عن صديقه أحمد - الذى تعرف عليه فى منزل صلاح جاهين- فى الأماكن التى اعتادا على اللقاء فيها، لكنه لم يجده.
وفى الوقت نفسه علم أحمد أن المخرج اختار الحجار لبطولة الفيلم، فغضب، وذهب إلى كافيه «لاباس» فى الواحدة صباحًا. وفى أثناء جلوس أحمد وجد الحجار قادمًا إليه قائلًا: «أخيرًا لقيتك يا أحمد»، وقبل أن يكمل كلامه قام أحمد زكى واتجه إلى الحجار ليشتبك معه، ظنًّا منه أنه هو مَن أوحى إلى المخرج بهذا القرار.
واحتوى الحجار غضب أحمد، وقصَّ عليه ما حدث، فهدأ أحمد ثم قال له على: «أنا كنت بادوَّر عليك عشان أستأذنك قبل ما أوافق على الفيلم، ولو رفضت مش هاعمل الفيلم»، فظهرت براءة الأطفال فى عين أحمد -على حد تعبير الحجار- وشجَّع الحجار على بطولة الفيلم، وأخبره بأنه اختار المسلسل لأنه أكثر انتشارًا، ويمكن أن يمثل نقطة تحول فى حياته الفنية.
وظهر مسلسل «اللسان المُر» قبل فيلم «المغنواتى» وكلاهما لم يحقق النجاح المنتظَر، لكن المسلسل جعل أحمد زكى يشترى أول سيارة «فيات 128»، ويضع قدمه على أول طريق البطولة رغم أن اسمه جاء فى التتر بعد الفنانة مديحة حمدى.
أما المخرج سيد عيسى فقد أعلن أنه سيقوم بعمل فيلم «شفيقة ومتولى» للمرة الثانية، ولكن من دون أحمد زكى وسعاد حسني!

"5"
بعد عامين على ظهور فيلم «شفيقة ومتولى» التقى أحمد وسعاد فى فيلم جديد كتبه بشير الديك، وأخرجه محمد خان، وهو «موعد على العشاء»، ولكن هذه المرة جاء أحمد فى المرتبة الثالثة فى الاسم، والأجر بعد سعاد حسنى وحسين فهمى.
ولم يشغل ذلك بال أحمد، لكنه انشغل بقراءة السيناريو والحوار، وتوقف طويلًا عند أحد المشاهد الصعبة فى الفيلم، وهو مشهد وفاة «شكرى» ذلك الشاب الذى يلعب دوره، والذى سيدخل ثلاجة الموتى بعد وفاته للتأكد من شخصيته، وستأتى «نوال» الشخصية التى تلعب دورها سعاد لتلقى عليه نظرة تتأكد منها أن من مات هو حبيبها. وقرر أحمد أن يفاجئ خان وسعاد، وأن يدخل ثلاجة الموتى بنفسه، وينام داخلها.
ولم يصدق خان أن ممثلًا يمكن أن يفعل ذلك، فالثلاجة بها موتى حقيقيون، وإذا اتخذ أحمد قراره بدخول الثلاجة فسينام إلى جوار أحد الأموات، وهذه مسألة تحتاج إلى جهاز عصبى من فولاذ.
خان كان يعرف أحمد جيدًا، ويدرك مدى حرصه على إتقان دوره، وشاهد ما فعله فى فيلمهما الآخر «طائر على الطريق» حين أصر على إلقاء نفسه من سيارة مسرعة، ورفض أن يكون هناك دوبلير له رغم خطورة المشهد على حياته.
وكذلك حين اختفى أحمد أسبوعين قبل بدء تصوير الفيلم، وحين عاد اتصل بمحمد خان، وطلب أن يقابله فى النادى ليتناولا الغداء معًا، وحين ذهب خان فوجئ بأحمد داخل حمام السباحة يقطعه ذهابًا وإيابًا رغم أنه لم تكن لديه أى فكرة عن السباحة قبل خمسة عشر يومًا، وذلك حتى لا يكون هناك دوبلير له فى مشهد نزول البحر الذى لن يستمر سوى ثوانٍ قليلة على الشاشة.
كل ذلك يتذكره خان؛ لكنه رأى أن ما حدث فى «طائر على الطريق» شىء، وما يريد أن يفعله أحمد فى «موعد على العشاء» شىء آخر.
لكن أحمد لم يتراجع، وظل على موقفه فى يوم التصوير، وذهب إلى المشرحة، ودخل ثلاجة الموتى، رغم أنه لن يقوم بالتمثيل فى المشهد، بل هو مجرد مُحفز لسعاد حتى تستطيع أن تؤدى دورها بانفعال حقيقى.
وذهب أحمد إلى المشرحة قبل أن تحضر سعاد، واصطحبته إحدى الممرضات إلى ثلاجة الموتى، وأخبرته أنها ستقوم بسحب إحدى الجثث لينام مكانها.
ونام أحمد داخل ثلاجة الموتى فى نفس المكان الذى وُضعت فيه أم كلثوم يوم وفاتها، ودخلت سعاد إلى المشرحة لتتعرف على زوجها بعد وفاته، وبمجرد أن رأت أحمد فى الثلاجة لم تتحمل الصدمة، وأُصيبت بحالة إغماء، وانشغل محمد خان والمصورون بها.
وبدأ الخوف يتسلل إلى قلب أحمد، ونظر إلى يمينه فوجد جثة، ونظر إلى يساره فوجد جثة أخرى، واكتشف أن ثلاجة الموتى ليست بها فواصل بين المتوفين، ووجد نفسه محاطًا بالموتى، ويشم الرائحة المنبعثة منهم، وبينه وبينهم سنتيمترات، فبدأ يشعر بأن أعصابه تنسحب منه، وأن نبضات قلبه تكاد تتوقف، فقام بالضغط على قدمه لينبه جسده أنه ما زال حيًّا.
وأُعيد المشهد أكثر من مرة حتى يحصل خان على ما يريده، ثم قام بإخراج أحمد زكى من الثلاجة الذى لم يصدق أنه ما زال حيًّا.
" 6"
وبعد أربع سنوات من فيلم «موعد على العشاء» عاد أحمد للوقوف أمام سعاد، ومعهما صلاح جاهين فى مسلسل تليفزيونى للكاتبة سناء البيسى اسمه «هو وهى».
لكن أحمد فى تلك اللحظة يختلف تمامًا عمّا كان عليه قبل ست سنوات، فهو الآن بطل لعدد كبير من الأفلام، واسمه وصورته يتصدران الأفيشات فى الشوارع.
ولم تعد رهبة البدايات تسكنه، بل صارت ثقة العارف تطمئنه، فحين قرأ مسلسل «هو وهى» فرح به، وشعر أنه سيُخرج طاقة فنية هائلة بداخله خصوصًا أن سيقف أمام سعاد التى تجعله يشعر بأنه فى مباراة تمثيلية مليئة بالندّية والقوة، حتى إنها تجعله فى لحظات لا يتذكر أن من تقف أمامه هى النجمة سعاد حسنى بل هى «بدرية» الموظفة المطحونة.
أما سعاد فهى كما هى تقف على قمة جبل من الأعمال الفنية الخالدة التى تجعلها تبحث عن الأدوار التى تضيف إلى مكانتها، وتُعزز من قيمتها، ولعلها وجدت ذلك فى القصة التى كتبتها سناء البيسى، والأغانى التى كتبها صلاح جاهين، وكذلك فى قدرات أحمد زكى التى رأت جزءًا منها فى الفيلمين السابقين.
لكن ربما التحدى الأكبر الذى جعل الاثنين يُقبلان على هذا العمل هو قيامهما بعدد كبير من الشخصيات نظرًا لأن المسلسل عبارة عن حلقات منفصلة، كل حلقة لها أبطال جدد، وبالتالى يمكن للممثل أن يفرّغ كل طاقاته الفنية وهو مطمئن، فمرة فلاح، وأخرى عامل سنترال، ومرة دكتور، وأخرى فنان تشكيلى، وهكذا.
لكن فى هذا المسلسل كان هناك مشهد أربك حسابات أحمد حين قرأه على الورق، ولم يكن يدرى ما يمكن أن يفعله فيه. ففى إحدى الحلقات كان يقوم بدور الزوج الذى يشك فى زوجته التى تسير وراء كلام أمها وتعمل به، ما يُحيل حياة الزوج إلى جحيم.
وفى لقطة هى عبارة عن حلم، طلب المخرج يحيى العلمى من أحمد زكى أن يقوم بضرب سعاد حسنى على وجهها. لكن أحمد تردّد كثيرًا فى ضرب سعاد، فكيف يضربها على وجهها، وقد ظل سنوات يحلم أن يقف أمامها؟ حاول أن يتحايل على المشهد، لكن المخرج أصر، فرضخ أحمد وذهب إلى سعاد يحاول أن يتفق معها على طريقة تمثيلية يضربها بها، ولكنه فوجئ بها تقول له: «اضرب عادى جدًّا.. ولا يهمك... أنا عايزة المشهد يكون فى منتهى الصدق».
ما فعلته سعاد جعل أحمد مُتيمًا بها، ويتحدث عنها مع كل من يقابله، وصار يرى أن المكانة التى وصلت إليها لم تكن من فراغ، وإنما بفضل صدقها الشديد الذى يجعلها تصل إلى ذروة الأداء التمثيلى، وتتربع على القمة. لذلك حين سُئل أحمد زكى عن إمكانية عمل جزء ثانى من مسلسل «هو وهى» قال: «أتمنى أن تستمر (هو وهى) حتى نهاية العمر».
لكن فى أثناء تصوير المسلسل شعر أحمد فى لحظة أن هناك مؤامرة قامت بها سعاد حسنى مع سناء البيسى ضد الرجال، فقد جعلتا غالبية أبطال الحلقات من الرجال خونة.
يومها ذهب أحمد غاضبًا إلى جاهين، وأخبره بأنه لا يريد استكمال هذا المسلسل المسيء للرجال، والذى يُظهرهم بوصفهم ظَلَمَة وخَوَنَة، لكنّ جاهين ضحك واحدة من ضحكاته العالية، وقام بتهدئة أحمد، وقرأ عليه أغنية تشفى غليله من النساء، وتجعله يُكمل المسلسل، وتقول كلماتها:
لا لا... اثبت
ماتخلّيش ولا واحد يشمت
ارسم على وشك تكشيرة
واوعى تلفّ بجرحك تشحت
البنت فى تفسير الأحلام
دنيا سبحان العلّام
الأنثى خلاص... إلغاء... إعدام…
غشاشة من ضلع أعوج
وزى البحر فى قلبه ضلام.
2
3
4
6
7


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.