يجب علينا دائمًا ألا ننخدع بزهوة البدايات، وألا نضع أمالًا كبيرة عليها، خاصة إذا كنا كجمهور مصرى وعربى متشوق بشدة لسماع صوت من أفضل أصوات مصر، ألا وهو صوت «بهاء سلطان». عودة «بهاء سلطان» للساحة الغنائية من جديد، تم التمهيد له بالعديد من اللقاءات الحوارية التى كان هو بطلها مع إعلامية يثق الشعب المصرى بها، وهى «إسعاد يونس».
كان هناك حالة من التأكيد الدائم على أن هذا الصوت المهم تعرض للظلم بسبب الظروف الإنتاجية مع «نصر محروس» صاحب الشركة التى وقع «بهاء سلطان» معها لصناعة أعماله. ولأننا جمهور يمتاز بالطيبة، كان هناك تعاطف كبير جدًا مع مشكلة «بهاء سلطان»، والجميع تمنى عودته من جديد، خاصة وأنه لديه رصيد كبير من النجاحات الجماهيرية. ولذلك فمن الطبيعى أنه بعد صدور أول أغانى «بهاء» بعد عودته، أن يتصدر «ترند» يوتيوب، وأن يكون هو الحدث الغنائى الأبرز، علمًا بأن أغنيته صدرت فى وقت لم يكن هناك أى تنافس حقيقى على الساحة وقتها، وهو أمر يحسب للمنتج المخضرم «نصر محروس، الذى استغل هو الآخر حالة الجدل المثارة حوله بسبب «بهاء سلطان»، وظهر معه فى الكليب ليزيد الانتظار زخمًا جدليًا، ونجح بكل براعة «كالعادة» فى تحقيق ما أراد. ولكن ما الأمر بعد مرور ما يقرب من شهر بالتمام والكمال.. ما الذى صنعته هذه الأغنية؟ لم تتخط الأغنية حتى الآن حاجز العشرة ملايين مشاهدة، وهو رقم جيد، لكنه ليس بالعظيم، رغم أن الكليب احتوى على ثلاثة نجوم من مجالات مختلفة، نجم الإنتاج «نصر محروس»، والتلحين «عزيز الشافعى»، والغناء «بهاء سلطان». صحيح فى هذه الأوقات الصعبة، عندما يكون المغنى عائدا للساحة بعد غياب طويل، لا يكون منتظرًا منه أن يعود بأمر مختلف عن الذى كان يقدمه قبل ذلك، ومن المنطقى، بل من المهم أن يعود للجمهور فى الصورة التى رأوه فيها آخر مرة قبل الغياب، ليذكرهم به، ولكن يكون التحدى الأهم بعد هذه العودة، هو تطوير المشروع الغنائى الذى تم تأسيسه منذ سنوات، وهذا لم يحدث مع «بهاء سلطان»! الدليل على ما أقوله هو آخر أعمال «بهاء»، (يومين حلوين)، فبمجرد سماع اسم الأغنية فقط، تجد نفسك لا شعوريا تستعيد ذكرياتك مع أغنية (يومين وعدو) التى صدرت فى األبوم (ياللى ماشى) عام 2009، أى قبل 13 عاما بالتمام، حيث تغير ذوق الجمهور، وتغيرت شكل الأغنية، ولم يتغير منهج «بهاء سلطان» فى طريقة اختياره للكلمات والألحان وقطعا التوزيعات الموسيقية ولا حتى فى عناوين أغانيه التى تشبه بعضها البعض، ولذلك فمن الطبيعى أن نجد مشاهدات ضعيفة للأغنية التى تخطت بشق الأنفس حاجز النصف مليون مشاهدة فى يومين. وبخلاف المشاهدات، لم يتوقف الجمهور أمام الأغانى الجديدة ل«بهاء سلطان» بخلاف (تعالى ادلعك)، ونستطيع أن نستدل على ذلك بكل سهولة من خلال متابعة مواقع التواصل الاجتماعي! بعد البوم (سيجارة) ستنتهى علاقة «بهاء سلطان» مع «نصر محروس» بشكل نهائى، وسيكون أمامنا «بهاء» لأول مرة فى اختبار صعب للغاية، وسيكون مطالبا بأن يصنع أغنيات بهوية مختلفة بعيدا عن الشخص الذى صنع له هويته الفنية وكان يختار له الكلمات والألحان والمظهر الذى سيراه به الناس على الشاشات، ويحدد له أيضا توقيت صدور الأغانى. وسيكون على «بهاء سلطان» خوض التحدى بمفرده بعد أن انتهت زهوة رجوعه للساحة بأعمال جديدة، وعليه أن يلبى احتياجات الجمهور الذى ينتظر من الفنان أن يخاطبه بطريقة 2022، وليس بطريقة بدايات الألفية الثالثة! فهل سينجح فى ذلك؟!