فى الأيام الماضية صدرت مجموعة من الأغانى المشتركة، سواء فى فئة أغانى ال«pop»، أو «المهرجانات»، وبعد الاستماع إلى كل هذه الأغانى نستطيع أن نعلن بكل وضوح أن هناك تفوقًا واضحًا لأصحاب «المهرجانات» على ال«pop»، وذلك للكثير من الأسباب. أول هذه الأسباب يعود إلى افتقاد فئة مغنيي ال«pop» لمفهوم الأغنية المشتركة والغرض من صناعتها، ففى الغالب عندما يتشارك أكثر من فرد فى عمل معين، يكون الغرض هو أن يكمّل كل فرد الآخر لإنجاز المهمة المحددة، وهذا لم يحدث فى الأغانى الصادرة حديثًا مثل (اختراع) ل«تامر حسنى» و«محمود العسيلى»، و(أبويا قالى) ل«مصطفى حجاج» و«رضا البحراوى». مثلًا، فى الأغنية الأولى لا نعلم ما الفائدة من تواجد «العسيلى» فى الأغنية، فلو كان «تامر حسنى» قام بغنائها بشكل منفرد فلن تتأثر الجودة الفنية للأغنية بأى شكل على الإطلاق، خاصة إذا كانت الأغنية مصنوعة فى الأساس للفنان الذى لقب نفسه ب«نجم الجيل»، والأمر نفسه فى الأغنية الثانية، فهى صنعت لفنان واحد فقط وهذا واضح من طريقة سرد الأغنية والتى تتحدث عن نصائح أب لابن واحد فقط وليس اثنين، فيستطيع «حجاج» أن يغنيها منفردًا دون أن تتأثر جودة الأغنية بغياب «البحراوى»! ربما يكون الغرض من صناعة الأغانى المشتركة هو الوصول لحالة من المزج الفنى بين الأشكال الموسيقية المختلفة، ومن هنا يأتى السؤال، أليس جمهور موسيقى ال«pop» هو نفس الجمهور الذى يستمع إلى «تامر حسنى» و«محمود العسيلى»؟. وأليس جمهور الأغنية الشعبية هو نفسه الذى يستمع إلى «رضا البحراوى» و«مصطفى حجاج»؟ فما الإضافة إذن؟ بل على العكس، كان الأمر سيكون أكثر فائدة إذا كانت هناك مشاركة بين «تامر حسنى» مع «رضا البحراوى»، و«العسيلى» مع «مصطفى حجاج» على سبيل المثال، فمن هنا سيأتى المزج بين الأشكال الغنائية المختلفة! وما نقوله على إصدار «تامر حسنى مع العسيلى» وإصدار «مصطفى حجاج ورضا البحراوى» ليس الغرض منه التقليل من شأن العملين، فالنجمان الكبيران «عمرو دياب ومحمد منير» فعلا نفس الأمر فى أغنية (القاهرة)، والتى كانت مصنوعة للهضبة فقط وتمت الاستعانة ب«منير» لأغراض تسويقية وكنوع من التلبية لرغبة الجمهور الذى كان يريد أن يرى نجمين من أهم صناع الموسيقى فى عمل مشترك، ولكن بالمعايير الفنية فلم يضف أحد منهما إلى الآخر. وعلى العكس تمامًا سنجد تجربة فريق المهرجانات «الصواريخ» مع «شحتة كاريكا» فى أغنية (إخواتى) أفضل على المستوى الفنى، فلا يستطيع فريق «الصواريخ» أن يقوم بغناء الأغنية بدون «شحتة» لأن التوزيع الموسيقى للأغنية يتغير على حسب سرعة إلقاء كل فرد مشارك فيها، ولو غاب أى فرد منهم سيختل توازن الأغنية ولن تكون بنفس القوة التى استمعنا إليها عندما قدموها سويًا، والأمر نفسه فى أغنية (لغبطيطا) ل«عمر كمال» و«حسن شاكوش»، فبغياب أى منهما عن الأغنية سيختل توازنها وتفقد قوتها الفنية. وكذلك فى أغنية (يا حبيبى) للنجم العالمى «ميتر جيمس» مع «محمد رمضان»، فمثل هذه الأعمال ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح أغنية «مشتركة» لأن كل فنان يقدم شيئًا مختلفًا عن الآخر من حيث الجمل اللحنية وطريقة الغناء، وتتم صناعة العمل فى البداية على حسب إمكانيات كل فنان مشارك فى العمل وهو ما يجعل تواجده أمرًا رئيسيًا وبغيابه تتأثر جودة العمل الفنى، فهذا هو المفهوم السائد عالميًا، وهو ما دفع مغنى ال«pop»، «برونو مارس» للمشاركة مع مغنية ال«rap»، «كاردى بى» فى أغنية (Please Me)، وهو نفس ما دفع نجم ال«Reggaeton»، «دادى يانكى» للمشاركة مع مغنى ال«pop»، «لويس فونسى» فى الأغنية الأشهر فى التاريخ (despacito)، فإذا لم يكن هذا المفهوم هو المحرك الرئيسى لنجومنا فى صناعة الأغانى المشتركة «فبلاش منها أحسن»!