ما يزيد على 3 أشهُر، مرّت ولا حديث فى العالم سوى عن فيروس «كورونا».. ذلك الوباء الذى قلَب العالم رأسًا على عقب؛ خصوصًا فى ظل التفشى السريع له وانتشاره فى غالبية دول العالم.. إلّا أن المصريين كان لهم تعامل خاص مع أزمة «كوفيد - 19»، فرُغم حالات التهويل والمبالغة كان دائمًا حس الدعابة والسُّخرية حاضرًا فى أغلب المواقف. مع بداية انتشار الفيروس فى العديد من دول العالم احتل هاشتاج «#كرونا - مين - إحنا - مصريين» تريند مصر على موقع التواصل الاجتماعى «توتير» عدة أيام، وبلغ عدد المشاركين فيه 2مليون و717 ألفًا و794 مغردًا، فى الساعات الأولى من انطلاق الهاشتاج، بعدد تغريدات فاقت فى يوم واحد 6ملايين و200 ألف تغريدة للسخرية من فيروس كورونا.
كمامة الكورونا
الدعابة لم تنتهِِ بعد، وطالت السُّخرية المصريين الذين يحاولون تجنب المرض واتباع بعض طرُق الوقاية، باستخدام المنظفات مثلًا ومواد التعقيم الشخصية، وصولًا إلى «كمامة» الأنف، فمنذ ما يزيد على شهر قررت «حنان.م» (27 عامًا) ارتداء «الكمامة الواقية» حرصًا على صحتها من انتشار فيروس كورونا، وبدأت التجوُّل بها بين الناس بالشارع، لكنها لم تَسْلم من السُّخرية على مدار يومها: «نزلتُ إلى الشارع بكمامتى ولدَىّ معتقد أن الجميع مرتدى الكمامة ولستُ بمفردى، حتى إن لبستها بمفردى فلدَى الشارع وعى كافٍ، بمدى الكارثة التى يواجهها عالمنا، والخطر الكبير حولنا، لكنى كنتُ مخطئة تمامًا، فالشعبُ ليس لديه وعىٌ حقّا بأى شىء».
وتروى «حنان» مواقف السُّخرية من كمامتها قائلة: «تحولتُ فى لمح البصر لمادة ساخرة للمارين، يقول أحدهم ابتعدى عنّى يا كورونا، والآخر كورونا تسير بيننا، وبالمصالح الحكومية، رأيتُ الموظفين لا يلبسون أى شىء يشير إلى حرصهم على الوقاية أو الخوف على سلامة المواطنين حولهم، ولم يكتفوا بإهمالهم وكفى، بل بدأوا فى وصمى كونى مريضة كورونا، وكأن المريض يسير بين الناس بالكمامة ولا يُحجَر صحيّا».
فيلم ساخر
بطبيعة دراستها فى مجال العلاج الطبيعى، تتناوب «إسراء سامى» صاحبة ال(22 عامًا) بين المستشفيات الحكومية؛ لاستكمال الجزء العملى من دراستها، وبحُكم عِلمها الجيد بأضرار فيروس كورونا، قررت استخدام الكمامة الوقائية الأسبوع الفائت داخل المستشفى، والاكتفاء بالمناديل الورقية على أنفها بالمواصلات العامة: «كل الأخبار أشارت إلى أنه لا توجد حالات كورونا فى مصر، فكنت مطمئنة إلى حد ما، ولم أرتدِ الكمامة مع بداية ظهور المرض، لكن بعد اكتشاف حالات فى مصر، بدأتُ فورًا ارتداءها داخل المستشفى خصيصًا».
المشهد كان فيلمًا ساخرًا، بطولته الطبيبة الصغيرة، وسط بعض المصريين الذين لا يعلمون عن الكمامة سوى أن مرتديها مريض يسير بيننا: «كنتُ محرجة من ارتدائها فى البداية واكتفيت بالمنديل الورقى، لكن كان لا بُدّ من ارتدائها داخل المستشفى دون حرج، لاسيما أنى سمعت إشاعة أن هناك حالة كورونا تم اكتشافها بالمستشفى التى أتدرب به، فوجدت إحدى المريضات تسخر منها قائلة «يعنى اللى حطاه على وشك هو اللى هيحميكى.. ده كله قضاء ربنا».
خناقة كورونا
«كورونا أهو».. هكذا كانت بداية الشجار الذى حدث بين «أحمد خليل» (25 عامًا) ومجموعة من الشباب الذين حاولوا السُّخرية منه والتقليل من شخصيته بمترو الأنفاق أمام الركاب؛ لأنه قرر ارتداء الكمامة أثناء ذهابه إلى العمل: «كنت أجلس على أحد المقاعد والجَوّ مزدحم كعادة المترو فى الساعات الأولى من صباح كل يوم، حتى صعد مجموعة من الشباب يبدو عليهم أنهم ذاهبون لمدرسة ثانوية مثلما أوضح زيهم، بدأ أحدهم الإشارة إلىَّ ولفت نظر أصدقائه، وتعالت السُّخرية والضحك، حتى وبّختهم جميعًا، فبدأوا فى وصمى ب«كورونا أهو»، كدت أشتبك معهم لولا تدخُّل البعض وتهدئتى بكونهم «عيال ما يفهموش».
كورونا وصل المدرسة
لم يختلف المَشهد عمَّا واجهه «عمر رضا» (17 عامًا) أثناء ذاهبه للمدرسة مرتديًا كمامته البيضاء، لكن حين يتعلق الأمر بسُخرية شباب بسِن المرهقة من بعضهم، قد يصل الأمْرُ لأكبر من مجرد سُخرية: «صممتْ والدتى أن أرتدى كمامة أثناء الذهاب إلى المدرسة نظرًا للتكدس والزحمة هناك، رفضتُ فى البداية لكنها أصرتْ، ووضحتْ أن الجميع سيرتديها لحماية نفسه، وأعطتنى بحقيبتى زجاجة ديتول صغيرة لتعقيم يدى من حين لآخر، واقتنعتُ بفكرتها حتى وصلتُ إلى بوابة الدخول للمدرسة».
عمر يتابع قصته: «قابلنى زملائى بالسُّخرية منّى (كورونا وصل المدرسة) واصطحبتْ الكلمات، الضحكات المتقاطعة هنا وهناك، وكل منهم بدأ نداء صديقه الآخر؛ لاستكمال قصيدة السُّخرية، فاشتبكتُ مع أكثر من أحد، حتى وصمنى أحدهم بلقب يخص والدتى، فاندفعتُ نحوه وتشاجرتُ بالأيدى معه وفصل بيننا المدرسون فى غرفة الإصلاح الاجتماعى واستدعوا أولياء الأمور، وأجبروا زميلى على الاعتذار لى عمّا بدر منه».
صينى على الدائرى
حالات الدعابة والسُّخرية وصلت إلى حد التنمر، وكان أكثرها ألمًا ما تعرّض له شاب آسيوى فى شوارع المحروسة، فبحسب مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل يظهر سائق سيارة بإحدى «الشركات الخاصة» وبالخلف طالب آسيوى، يسيران فى شوارع القاهرة، وتلاحقهما السُّخرية من السيارات المحيطة بهما كلها، وطالبت الأصوات المتداخلة فى الفيديو السائق أن يُنزل الطالب بالشارع فورًا وإلّا سيصاب ب«كورونا»، واستجاب السائق لهذا بالفعل، وأنزل الطالب وسط طريق الدائرى!.
لم يتوقف الفيديو هنا، واستمر فى متابعة الأحداث عقب نزول الآسيوى، الذى حاول توقيف سيارات أجرة أخرى للركوب بها، إلّا أن السيارات لم تتوقف له رُغم ارتدائه ل«الكمامة الطبية»، وازداد الأمْرُ سوءًا حين حاولت سيارات دهسه والسير سريعًا، وفضّل البعض إيذاءه بالكلمات دون تقديم يد العون له!