«أنت أقوى من المخدرات».. عبارة ستكون فى استقبال طلاب جامعة القاهرة هذا العام، بعد افتتاح أول مَقر رسمى لصندوق مكافحة الإدمان تحت مُسمى «بيت التطوع»، على بُعد 40 مترًا فقط من باب الجامعة الرئيسى فى الساحة القريبة من كلية الآداب، الذى تم تجهيزه بما يتوافق مع أفكار الشباب بألوانه البيضاء وواجهته الزجاجية، ومقاعده المرصوصة فى أشكال دائرية ومستديرة. حرصتْ كلٌّ من جامعة القاهرة ووزارة التضامن فى تعاونهما لافتتاح «بيت التطوع»، أن يكون ذا تصميم جذاب كالمرآة؛ ليكشف عمّا يحدث بداخله من إجراء المقابلات لقبول المزيد من المتطوعين وتقديم التوعية اللازمة، ويميز جدرانه اللون الأبيض مع خطوط حمراء لجذب الانتباه وتكون مصدرًا للراحة عند النظر لجدرانه الممتلئة بالعِبارات التحفيزية، ويضم بين جنباته الكثير من الكُتُب التى تناسب جميع الأذواق. فى مدخل الجامعة وأمَام مَقر «بيت التطوع» يجذب انتباهك مجموعة من الشباب والفتيات يرتدون زيّا موحدًا عليه بعض العبارات التحفيزية «أنت أقوى من المخدرات»؛ لتكون المفتاح لتقديم التوعية الصامتة بمخاطر الإدمان وجذب متطوعين جُدُد. البيت الصغير بحجمه، الكبير فى هدفه، تم افتتاحه رسميّا الثلاثاء العاشر من سبتمبر الجارى، بحضور الدكتورة غادة والى- وزيرة التضامن الاجتماعى- وعمرو عثمان- رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان- والدكتور إبراهيم عسكر- مدير البرامج الوقائية- وهو أول مَقر لمتطوعى صندوق مكافحة الإدمان كمَقر دائم لتقديم التوعية اللازمة واستثمار وقت الفراغ للمتطوعين من الطلبة والخريجين بشكل إيجابى فى تنمية المهارات، تنظيم المبادرات، عرض الأفكار، التأهيل لسوق العمل، وكسر حاجز رهبة الحديث أمام الجمهور. قبل ثلاث سنوات، التحقت «آلاء»، الحاصلة على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان، بالعمل التطوعى، بعدما علمت إمكانية التطوع بالصندوق ضِمن سنوات التدريب الميدانى الذى تفرضه الكلية على طلاب الفرقتين الثالثة والرابعة، أعجبتها فكرة التطوع بمجال مكافحة الإدمان، رُغْمَ وجود العديد من الأماكن الأخرى المتاح لها التدريب فيها كالمؤسسات الخيرية والتعليمية والمستشفيات. اكتسبت الفتاة صاحبة ال22عامًا، خبرة كبيرة فى مجال التوعية، والقدرة على الإقناع، من خلال الدورات التدريبية التى خَضعت لها داخل الصندوق والتدريب الميدانى والحملات، لذا تتلخص مهمتها فى تصحيح الشائعات المتعلقة بالمخدرات والتعاطى: «كنا عاملين حملة اسمها تُوصَل بالسلامة للسائقين بنعرّفهم المخاطر والأضرار». يحرص الدكتور إبراهيم عسكر- مدير المشروع ومدير البرامج الوقائية- على عَقد اجتماعاته مع المتطوعين بصورة دورية للتعرُّف عن قُرب عن الأفكار ومحاولة استثمار المناسب منها وتنفيذه، سواء كان ذلك مجرد فكرة أو تنظيم مبادرة ما؛ حيث كان متحمسًا بشدة عند سماعه مقترح «بيت التطوع»، وكانت فكرته أن بيت التطوع ينظم البرامج التدريبية لطلاب المدارس كطلاب الابتدائية؛ حيث يتم تقديم التوعية للطفل بطرُق غير مباشرة كقصة ما مِثل قصة (أنت البطل)، ولعبة (السلم والدخان)، وكراسة (فَكّر ولوّن)، وتوعية الطفل بأضرار التدخين وكيفية اختيار صديقه واللجوء لوالديه قبل أن يقدِم على شىء لا يعرفه، كذلك يتم تقديم برنامج تدريبى لطلاب الإعدادية والثانوية، عبارة عن 3 أيام وتعليمهم مهارات حياتية (التواصل، التعارف، التعامل مع الأسرة)، وتصحيح الشائعات الخاطئة عن التدخين وتعاطى المخدرات، وكيفية التصرف عندما يجد نفسه فى هذا الموقف. داخل «بيت التطوُّع»، يبدأ الشاب المتطوّع رحلته بعد اجتيازه المقابلة الشخصية للتأكد من رغبته الحقيقية فى الانضمام لهذا الكيان، فالعمل التطوعى يغرس رغبة حقيقية فى العمل، فالبيت التطوعى بمثابة البيت الثانى لهم، وموضع أمان وثقة فقد يتقبل الشخص النصيحة من آخر يقاربه فى السّن، فجميعنا يمكنه أن يتعرض لمِثل هذه المواقف، فقد تركب مع سائق ميكروباص مدمن، الذى يجعل حياتك فى خطر غير متوقع. حول طبيعة المقابلة الشخصية، يقول الدكتور إبراهيم عسكر: إن المقابلة من الأشياء المهمة التى نُركز عليها لقبول الشخص الراغب فى التطوع، نعرف من خلالها هدف هذا الشخص ومدى خبراته وإمكانياته فى مجال التوعية. موضحًا بأن هناك إقبالًا شديدًا من الطلبة للتطوع فى أنشطة الصندوق. وفى حالة القبول يتم إعطاء الطالب مجموعة من الدورات التدريبية، أولها تعريفه بماهية التطوع وكيفية إدارته وما هى حقوق المتطوع وواجباته المختلفة، كما أن هناك تدريبًا يُسمى «اختر حياتك» يتم تدريب المتطوع على كيفية حل المشكلات المختلفة التى تواجهه فى الحياة ومواجهة الضغوط المختلفة، كما أنه يتعلم مجموعة من المهارات التى تساعده على التعامل مع المواطنين كمهارة التواصل والعمل الجماعى وتوصيل الفكرة إلى المتلقى بحسب اهتماماته المختلفة.. هكذا فسَّرَ الدكتور إبراهيم عسكر. كانت وزارة الصحة، ممثلة فى إدارة علاج الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية، أعلنت مؤخرًا البدء فى تنفيذ خطة موسعة لعلاج الإدمان والقيام بحملات توعية مع فتح أبواب جميع المراكز التابعة للأمانة بالمجان للمرضَى، كما يتحمل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، تكلفة علاج أغلب الحالات الراغبة فى الإقلاع عن الإدمان بالمجان. وكشفت الأرقام التى أعلنتها وزيرة التضامن الدكتورة غادة والى، وإحصائيات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان واقع الإدمان فى مصر. موضحًا أن هناك 10 % من المصريين يتعاطون المخدرات، وهو رقم ضعف المعدل العالمى، 27.5 % من متعاطى المخدرات إناث، 72.5 % من متعاطى المخدرات ذكور، كما أن 24 % من متعاطى المخدرات سائقون، 19.7 % من متعاطى المخدرات حرفيون. واوضحت الإحصائيات أن متوسط الإنفاق الشهرى على المخدرات 237.1 جنيه للفرد، نسبة تعاطى الترامادول 51.8 %، نسبة تعاطى الهروين 25.6 %، نسبة تعاطى الحشيش 23.3 %، 30.6 % يتعاطون المخدرات من أجل العمل لفترة طويلة، 35.2 % يتعاطون المخدرات من أجل نسيان الهموم، 34.8 % يتعاطون المخدرات من أجل التغلب على الاكتئاب، 36.6 % يتعاطون المخدرات من أجل القبول الاجتماعى، 37.8 % يتعاطون المخدرات من أجل التجربة، 24.9 % يتعاطون المخدرات من أجل الإبداع، 29.1 % يتعاطون المخدرات من أجل الجرأة. الإحصائيات سَلطت الضوء على واقعة خطيرة، كاشفة انخفاض سِن تعاطى المخدرات إلى 10 و11 عامًا، 10 % من متعاطى المخدرات فى الفئة العمرية من 12 - 19 سنة، 37.8 % من متعاطى المخدرات فى الفئة العمرية من 20 - 29 سنة، %21 من متعاطى المخدرات فى الفئة العمرية من 30 - 39 سنة، 14.2 % من متعاطى المخدرات فى الفئة العمرية من 40 - 49 سنة، 17 % من متعاطى المخدرات فى الفئة العمرية من 50 - 60 سنة». بالعودة إلى «بيت التطوع»، نجد أن هناك أعدادًا كبيرة من الطلاب بدأت الإقبال عليه من أجل المشاركة فى التطوع أو أخذ استشارة أو العلاج؛ حيث تم توجيه بعضهم للخط الساخن 16023 لتوفير العلاج بالمجان بسرية تامة؛ حيث يعتزم «بيت التطوع» فتح مقرات له فى عدة محافظات، بحيث يكون لكل محافظة متطوعوها، سواء فى التصوير أو الغناء، وإعطائهم دورات فى المجال وتنمية مواهبهم، لذا يجهز «بيت تطوع» جامعة القاهرة للعديد من الفعاليات مع بدء العام الدراسى، ومنها تنظيم ماراثون لطلاب الجامعة، وحفلات استقبال لطلاب الجامعة الجُدد وعمل مسابقات تحفيزية لهم.