لا تتوقف عمليات التجسس بين روسيا ودول أوروبا، بل أصبحت فى تزايد بعد احتدام الصراع بين الطرفين حول الأزمة السورية، أما أحدث هذه العمليات الاستخباراتية؛ فقد كشف عنها جهاز الاستخبارات الروسى FSB الأسبوع الماضى بعد أن أعلن احتجاز شخص نرويجى الجنسية بتهمة التجسس. المتهم النرويجى «فرود بيرج» اعتقل فى موسكو فى ديسمبر 2017 وأعلنت الاستخبارات الروسية أنه مفتش حدودى متقاعد يبلغ من العمر 62 عامًا، وبعد التحقيق معه أمرت السلطات الروسية بحبسه بسجن «لوفورتوفو» بينما يصر «بيرج» على أن الهدف من رحلته إلى موسكو كان زيارة بعض الأصدقاء، والقيام بالتسوق لشراء هدايا عيد الميلاد. لكن المفاجأة كانت فى إعلان «برينوف ريسنس» محامى «بيرج» النرويجى إلى جانب محامٍ روسى آخر يدعى «إيليا نوفيكوف» أن «فرود» سافر إلى موسكو باسم جهاز الاستخبارات النرويجى، أى أنه سافر فى مهمة استخباراتية، وليس رحلة ترفيهية كما ادعى وقت إلقاء القبض عليه، ومع ذلك لم يغير «بيرج» أقواله ويرفض الاعتراف بحقيقة المهمة التى جاء لتنفيذها. «بيرج» يؤكد أنه تم استخدامه من قبل شخص إلا أنه لن يكشف عن هوية هذا الشخص الذى طلب منه أن يسافر إلى موسكو ومعه 3 آلاف يورو كان يعتزم إرسالها إلى امرأة تدعى «ناتاليا» بينما يصر جهاز الاستخبارات الروسى FSB على اتهام الرجل بالتجسس، ويؤكد أن لديه الدليل، وأنه لم يستطع نفى التهمة عن نفسه، تقارير الاستخبارات الروسية أكدت أن «بيرج» سعى إلى معرفة معلومات سرية حول البحرية الروسية فى القطب الشمالى، ونقلها إلى استخبارات النرويج. وتشير التحقيقات إلى أن «بيرج» كان يحمل 3 آلاف يورو عندما ألقت القوات التابعة لجهاز الاستخبارات الروسى القبض عليه، وتؤكد التقارير الاستخباراتية الروسية أن هذه الأموال كان من المقرر إرسالها إلى شخص روسى كدفعة أولى فى مقابل الحصول على معلومات عن الغواصات النووية فى الأسطول الروسى الشمالى، ووفقا للبيانات الروسية فإن «فرود» قد تسلم الوثائق من قبل ضابط شرطة روسى يدعى «أليكسى تشيتتيوك» الاستخبارات الروسية اعتقلت الضابط الروسى المتورط فى هذه العملية، ويبدو أنه اعترف بالتفاصيل التى ساعدت فى القبض على «فرود» نفسه. الغريب أن «فرود» رغم نفيه التجسس على روسيا فإنه أكد للمحامى الروسى الخاص به أنه التقى رجلاً فى أوسلو فى الخريف الماضى يعمل لصالح الاستخبارات النرويجية وطلب الرجل من «فرود» الذهاب إلى موسكو، أما محامى «بيرج» النرويجى فأكد أن موكله أخبره بالأشخاص الذين كان على اتصال بهم قبل رحلته إلى موسكو مؤكدًا اعتقاده أن هؤلاء الأشخاص هم الذين جندوا «بيرج» وأرسلوه إلى عدة مدن روسية. ومن ناحية أخرى، أكدت إحدى الصحف النرويجية أن أحد الأشخاص الذين أعلن «بيرج» أنه التقاهم كان يعمل لدى الاستخبارات العسكرية النرويجية لكن تم نقله مؤخرًا إلى مقر الاستخبارات الرئيسى فى العاصمة النرويجيةأوسلو، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعد ضابط الاستخبارات النرويجى لقاء بين «فرود» وشخص يدعى «جورجن» فى أوسلو، والذى أعطى «بيرج» مظروفًا يحتوى على 3 آلاف يورو طالبًا منه تسليمه عبر البريد الروسى إلى شخص. لم يفصح «بيرج» عن هوية الشخص الروسى الذى كان يرسل إليه النقود عبر البريد، ولا المهمة التى كان يقوم بها هذا الشخص مقابل هذه الأموال، لكنه أكد أنه قام بتنفيذ هذه العملية من مرتين لخمس مرات، فلم تكن رحلة «فرود» لموسكو فى ديسمبر الماضى هى أول مهمة له هناك، بل إنه أكد قيامه بالكثير من هذه العمليات التى أكد محاميه أنها مهمات كلفته بها الاستخبارات النرويجية. أما الاستخبارات الروسية، فقد وجهت ل«فرود» اتهامات التجسس وجمع معلومات سرية منذ عام 2015 وهو اتهام قد يضع «بيرج» أمام حكم قاسٍ قد يصل إلى السجن 20 عامًا، وتؤكد الاستخبارات الروسية أن فرود عمل لصالح الاستخبارات النرويجية فضلا عن عمله لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA إلا أن محامييه يؤكدان أنه غير متورط فى عمليات التجسس وأن ضباط الاستخبارات النرويجية قد استخدموه فى نقل وثائق سرية دون علمه. وقد طلب «نوفيكوف» من السلطات النرويجية أن تكون أكثر تفاعلًا فيما يتعلق بقضية «بيرج» وأن تهتم بهذه القضية مشيرا إلى أن «بيرج» يمكنه تجنب البقاء فى السجن الروسى لسنوات طويلة، ومن جانبه، رفض جهاز الاستخبارات النرويجى التعليق على القضية إلا من خلال «كيم جولدبراندزن» المتحدث باسم الجهاز والذى أكد أن قضية «فرود بيرج» قنصلية، ولذلك يجب أن يتم توجيه جميع المناشدات المتعلقة بهذا الأمر إلى وزارة الخارجية، وهو ما أكدت عليه «إينا مارى اريكسى» مشيرة إلى أن الوزارة تقدم المساعدة للقنصلية من أجل حماية مصالح فرود وزيارته فى السجن.