تطور جديد شهدته العلاقات المتوترة بين روسيا وجارتها إستونيا، بعد أن أدانت المحكمة الروسية رجل الأعمال الإستونى فى مجال تكنولوجيا الطيران «رافيو سوسى» بتهمة التجسس، وقضت بسجنه لمدة 12 عامًا فى مستعمرة عقابية صارمة، فى القضية التى تم تصنيفها على أنها «سرية للغاية» وتمت المحاكمة التى اختتمت يوم 11 ديسمبر وراء أبواب مغلقة. كان ضباط من جهاز الأمن الاتحادى الروسى FSB «Susi» اعتقلوا «رافيو سوسى» فى فبراير عام 2016 فى مطار شيريميتييفو الدولى بموسكو، بينما كان على وشك السفر إلى دولة طاجيكستان فى آسيا الوسطي. وذكر محامى المتهم للصحفيين أن قضية موكله تنبع من أعماله ما بين عامى 2004-2007 وبدأ التحقيق معه فى مطلع عام 2016. وأفادت المعلومات المنشورة بأن «سوسى» يمتلك عدة شركات فى إستونيا تعمل فى صيانة وإصلاح وبيع الطائرات النفاثة وكان من ضمن زبائنه مليونيرات وأعضاء نوادى الطيران فى روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وأوروبا الغربية. وقامت إحدى شركات المتهم «Aerohooldus OU» بإيجار طائرتين تدريبتين من طراز L-39 إلى قوات الدفاع الإستونية بموجب اتفاق مدته 4 سنوات بدءا من عام 2015. ولم تكن هذه القضية هى الوحيدة من نوعها بين إستونيا وروسيا بل سبقها قضية أخري. ففى عام 2014، اختطفت روسيا من إستونيا «استون كوهفر» أحد عملاء المخابرات الإستونية وضابطا من مكتب مدينة تارتو لإدارة شرطة الأمن بوزارة الداخلية الإستونية. وواجه عقوبة السجن التى تصل إلى 20 عامًا. وفى المقابل اتهمت العاصمة الإستونية «تالين» نظيرتها الروسية باستخدام حيلة جريئة فى اختطاف «كوهفر» حيث شملت عملية الاختطاف على قنبلة دخان وتشويش الاتصالات اللاسلكية لكن اتهم جهاز الأمن الفيدرالى الروسيFSB العميل الإستونى بأنه كان داخل روسيا عندما ألقى القبض عليه وتم استجوابه - آنذاك - لجمع المعلومات الاستخباراتية لصالح دولة البلطيق السوفيتية السابقة. واحتجز «كوهفر» فى سجن مشدد بموسكو بعد نقله من منطقة بسكوف الحدودية إلى العاصمة الروسية فى حادث ينعش ذكريات الحرب الباردة. وقد صرح مصدر روسى - آنذاك -إن المتهم قد يواجه ما بين 10 و20 عاما بالسجن إذا أدين بتجسسه. وأبلغت المحكمة أنه تم العثور على «كوهفر» فى حيازته مسدس أمريكى الصنع وذخائر، بالإضافة إلى 5000 يورو، إلى جانب معدات خاصة لتنفيذ التسجيلات السرية ومواد لجمع المعلومات الاستخباراتية. وقد تم احتجازه فى قفص تحت حراسة مسلحة فى قاعة محكمةLefortovo بالقرب من أحد سجون روسيا سيئة السمعة، وقامت روسيا بتعزيز الحادث من خلال السماح للقنوات التلفزيونية بعرض لقطات للمحتجز والأشياء التى تمت مصادرتها. والجدير بالذكر أنه كانت هناك الكثير من الشكوك لدى الغرب حول الحادث وتوقيته الذى جاء بعد يومين من زيارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما إلى العاصمة الإستونية وتعهد بأن الهجوم على إستونيا سيعتبر ضد كل الناتو، كما ألمح أوباما إلى إنشاء قاعدة بحرية أمريكية فى البلاد، ومن جانب الاتحاد الأوروبى أضفى الطابع الرسمى على مجموعة جديدة من العقوبات ضد روسيا على سياستها فى أوكرانيا. وذكرت العاصمة الإستونية -التى جمعتها لعدة سنوات علاقات متوترة مع موسكو - أن عميل المخابرات (دائرة الأمن الداخلى الإستونية) KAPO اختطف من قبل مجهولين من روسيا وليس من قبل حراس عاديين. فى حين استدعت وزارة الخارجية الإستونية السفير الروسى يورى ميرزلياكوف ووصف وزير خارجية البلاد «أورماس بايت» الحادث بأنه مقلق للغاية. وكتب الرئيس الإستونى توماس هندريك على فيسبوك مؤكدًا، بعد عودته من «KAPO»، أن الاختطاف حدث فى سياق التحقيق فى الفساد عبر الحدود، وأفادت إستونيا بأنه تم القبض على كوهفر أثناء التحقيق فى عملية تهريب بين روسيا وإستونيا. كل هذا أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين حيث أعلنت وزارة الخارجية الإستونية فى شهر مايو من عام 2017 أنها طردت اثنين من الدبلوماسيين الروس، هما ديمترى كازينوف القنصل العام الروسى فى مدينة نارفا الشرقية والقنصل آندريه سورجيف، فى الحادث الأخير لإقامة علاقات دولية بين إستونيا وروسيا. ويأتى هذا الحادث بعد سلسلة من قضايا التجسس، وآخرها الحكم الصادر عن محكمة «تالين»، فى وقت سابق من نفس الشهر، بالسجن على مواطن روسى يقيم فى إستونيا لمدة 5 سنوات بتهمة التجسس لصالح وكالة الاستخبارات العسكرية GRU. يشار إلى أن العلاقات بين موسكو ونظيرتها الإستونية كانت محفوفة بالمخاطر منذ أن انفصلت إستونيا عن الاتحاد السوفيتى المتفكك فى عام 1991 وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبى والناتو فى عام 2004.