لم يعد غريبا، عندما تجد الأب والأم وأبناءهما وكل منهم قد اختلى بنفسه داخل المنزل وأمسك هاتفه المحمول ولاذ بالصمت، يتواصل مع عالمه الخاص، فى محاولة لإيجاد الحميمية والدفء بعد أن تفاقمت المشاكل داخل الأسرة الواحدة، واختفت أواصر الترابط الأسرى.. الجميع وجد فى مواقع التواصل الاجتماعى المتنفس للتعبير عما يجول فى خاطره أو ما يواجه من مشاكل، أحيانا يجد لبعضها الحل، وأحيانا أخرى يتورط فيها أكثر، دون أن يشاركه أحد من أفراد أسرته. حالة التفكك الأسرى التى أصابت العديد من البيوت المصرية، دفعت الكثيرين إلى كتمان أسراره عن أقرب المحيطين به إلى مجموعات مغلقة ظهرت على «فيس بوك» كل منها يدور حول مشكلة معينة أو ظاهرة واحدة منتشرة فى المجتمع ويتشارك فيها الكثيرون، ربما تجد من يشاركك الرأى على مواقع التواصل أحد أفراد أسرتك وتحولت هذه المجموعات إلى عالم سرى للبيوت المصرية، يكشف عن تفاصيل دقيقة وخفية للمشاكل التى تواجهها الأسر المصرية. غاضبات: مجموعة «غاضبات» واحدة من بين المجموعات المعنية بمناقشة الأمور الأسرية، وهى معنية بالشأن النسائى فقط، ترفع شعار «غاضبات من حاجات كتير.. مسئوليات.. هموم.. متاعب.. مشاكل.. هنا هتسرق وقت نساعد فيه بعض إننا نغلب الغضب وأسبابه وهى «الرجال والسياسة» ودول ممنوعين تماما فى المجموعة السرية». يشارك فى المجموعة ما يقارب ال100 ألف عضوة من جميع الأعمار النسائية والمحافظات المختلفة، وتعرض العديد من المشكلات التى تحدث خلف الأبواب المغلقة، ومنها ما عرضته إحدى السيدات التى ترغب فى حل فورى لمشاكلها، قائلة: «أنا كنت زعلانة عند أهلى من أربع شهور ولسه راجعة شقتى ولما جوزى جه خدنى أهلى طلبوا الفلوس اللى صرفوها -20 ألف جنيه- وهو مرضيش يدفعها فأمى خدت دهبى مقابل صرفها علينا ومش عاوزة تديهولى وهوا مش عاوز يدفع حاجة أعمل إيه انصحونى أسيب البيت تانى لحد ما يدفعها مع العلم ماما قالت لى لو غضبك تانى متجيليش ولا أعمل إيه ياريت من غير تجريح لو سمحتم أو غلط». وشاركت امراة أخرى، أعضاء المجموعة فى مشكلة خيانة زوجها لها، قائلة: «مشكلتى إن فى واحدة جارتى حلوة وأصغر منى بسنة ومش مخلفة وجوزها بيسافر كتير.. كنت شاكة واتأكدت أنها على علاقة بجوزى.. من كام يوم كانت فى زيارة عندى وتعمدت أسيبها مع جوزى وادخل أخد شاور وكنت مشغلة كاميرة الفيديو بتاعة الموبايل وحصل تجاوز هى كانت متجاوبة معاه، هى شخصيتها خفيفة وفيها سنة طيبة أو هبل.. وعارفة إن جوزى ممكن يكون هو اللى حاول معاها لحد ما وقعها فى شباكه.. واجهتها بالفيديو وقولتلها من غير حوارات كتير أنا عرفت اللى بينك وبين جوزي». أزواج حاقدون على العزاب: ومن العالم السرى للزوجات، إلى مجموعة «أزواج حاقدون على العزاب»، التى ترفع شعارًا ساخرًا قائلة: «دخول الحمام مش زى خروجه» حيث تقارن بين حياة العازب والمتزوج، وترى أن حياة العزوبية أكثر ترفيهاً وحياة المتزوجين محملة بالمتاعب والمشقات اليومية، وهى مجموعة يتابعها الملايين من الأشخاص حول العالم الرافضون لهموم الزواج. ويروى المتزوجون الحاقدون على العزاب العديد من تفاصيل حياتهم اليومية، حيث كتب أحد أعضاء المجموعة قائلا: «لما أنتِ تنكدى عليه لما يرجع البيت والمدير ينكد عليه بسبب الزحمة والأسعار تنكد عليه بسبب الغلاء وأمه تنكد عليه عشان مبيسألش وأخته تنكد عليه عشان متخانقة مع جوزها، يعمل إيه فى حياته»، وعبر آخر عن تجربته مع الجواز قائلا: «اتجوزت منذ 28 سنة آخر 14 سنة من العذاب اللى شفته نسيت إذا كنت انبسطت فى أول 14 سنة ولاَّ لا عموما تم الطلاق منذ عام ونصف وأعيش فى راحة تامة». نساء مقهورات: وفى مقابل الأزواج الحاقدين على العزاب، هناك «نساء مقهورات» يكشفن من خلال «فيس بوك» عن ما يتعرضن له من أزواجهن، ووضعت المجموعة رقم هاتف للفضفضة عن طريق الهاتف وليس «فيس بوك» فقط، مؤكدة أن المرأة المقهورة تدين نفسها وتتحيز ضد نفسها لصالح الذكر القاهر لها، وأن الرجولة صفة وليست نوعًا.. مثل الأمانة والصدق والاجتهاد.. يمكن لامرأة أن تكون رجلا ويمكن لذكر أن يكون رجلا، إذا توفرت لكل منهما مواصفات الرجولة ومسئولياتها». ثورة البنات: ورفعت ما يزيد على 15 ألف فتاة شعار مناهضة العنف ضد النساء، وكشفت التفاصيل التى تعانى منها الفتيات داخل الأسرة مثل حبس الفتيات والعنف والحرمان من التعليم، وشاركت العديد منهن بقصص داخل مجموعة خاصة على «فيس بوك» تحت مسمى «ثورة البنات جوه البيت»، والتى تحرص على نشر قصص ليوميات فتيات وقعن ضحية للعنف والاضطهاد، فى محاولة لخلق جيل نسائى يمتلك حرية اتخاذ قرار شخصى أو حرية إبداع فى عمل ما. أمهات مصر المعيلات: كما يلقى جروب «أمهات مصر المعيلات» انتشارًا واسعًا بين النساء المطلقات، ويصل عدد أعضائه إلى ما يقرب من 25 ألف امرأة، ويهدف إلى إعطاء الفرصة لكل الأمهات المعيلات بعرض مشاكلهن ومعاناتهن مع القوانين والتشريعات المتعلقة بحقوق الأطفال والعمل على تأهيل المطلقات فى مواجهة المجتمع والخروج للعمل بعد الطلاق، وتقديم الدعم من خلال الاستشارات القانونية والأطباء النفسيين ونشطاء فى حقوق المرأة للمشاركة بالرأى. ترفع المجموعة شعار «أنتِ مش لوحدك.. كلنا معاكى من غير ما نكون عايزين منك حاجة!» وهو ما دفع الكثيرات لعرض مشاكلهن، حيث كتبت إحداهن قائلة: «أنا معايا بنت عندها 4 سنين مشفتش باباها من سنتين ونص وهو اللى كان رافض، وقالى البنت مش فى حضنتك خلاص خليها معاكى.. وطبعا رافعين قضايا وكده ولاقيته بيدلها نفقة بزيادة وبعد كام شهر طلب يشوفها.. أنا مش عارفة هواجه بنتى إزاى بيه خصوصا أن بنتى ذكية وكانت زمان بتقول أنا معنديش بابا.. أنا خائفة البنت تتصدم.. وخائفة يشوفها مرة وميدومش على رؤيتها.. ياريت تسعدونى وتفكروا معايا». أريد حلا: وتسعى صفحة «أريد حلا» التى يصل عدد أعضائها إلي160 الفًا، إلى مساعدة الشباب والشابات فى إيجاد حلول لمشكلاتهم بكل سرية من خلال عرضها على المتابعين لإيجاد اقتراحات مناسبة لحلها، كما يتم نشر الاعترافات والمشاكل الزوجية والعاطفية والتى يصعب حلها أو الإفصاح بها للآخرين. وكتبت إحدى عضوات المجموعة عن تفاصيل مشكلتها قائلة: «أنا فتاة متزوجة جديد تزوجت شقيق حبيبى ليس بهدف الانتقام من حبيبى، وجوزى وحبيبى بيحبونى كتير مش عارفة شو أعمل هلا لو اطلقت من جوزى ينفع أتزوج من شقيق زوجى إللى هو حبيبى الحقيقي»، وأضافت أخري: «أنا عمرى 19 سنة.. فى شاب بيحبنى وأنا كمان بحبه ووعدنى إنه يخطبنى وعرفنى على إخواته.. بس للأسف أنا اكتشفت أنى مريضة بالسرطان الله يبعده عنكم يارب ويشفينى منه.. وحالتى ما فى أمل فيها كتير انى أعيش، وكل ما بفتح معه الموضوع وانو يبعد عنى هو رافض تماما، كيف أقنعه يبعد عنى ويحاول ينساني». ثورة أنثى: ويسعى جروب «ثورة أنثى» الذى يصل عدد عضواته إلى 20 ألفًا إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية، حيث يهتم بعرض المشاكل الزوجية فقط، المعروضة أمام المحاكم كالنفقة والرؤية والطلاق، وتحكى كل سيدة قصتها على عضوات المجموعة، وكتبت إحداهن قائلة : «عمرى 25 عاما لديَّ ولدان أحدهما أربع سنوات ونصف والآخر سنتان وقام طليقى بخطف ابنى الأكبر بعد أن كسبت قضية الخلع وبعد التنازل عن كل مستحقاتى، طلب القاضى رؤيتى فسافرت من أسوان وهى بلد أهلى إلى الإسكندرية التى تزوجت فيها ورفعت القضية فيها واصطحبت معى ابنى ووالدى، فقابلنى زوجى قبل الحكم بقضية الخلع وطلب منى أن يأخذ ابنى وابنه ليشترى له بعض الحلوى ثم يعيده لى فأعطيته له، ففوجئت به أنه هرب بابنى، فحررت محضرًا بالواقعة، وسافرت لأسوان مع والدى، وفوجئت أنه رفع دعوى قضية بعدم نسب ابنى الثانى له رغم أن ولادته تمت وهو معي». تمرد الرجال: وانضم ما يزيد على 41 ألف رجل إلى جروب خاص على فيس بوك حمل عنوان «تمرد الرجال» ضد قانون الأحوال الشخصية، بهدف تطبيق قانون الاستضافة وتخفيض سن الحضانة ونقل الحضانة إلى الأب بعد الأم مباشرة، ويهاجمون دائما المنظمات النسائية والناشطات فى مجال الدفاع عن المرأة. جت فى السوستة: ويعد جروب «جت فى السوستة» الذى أنشئ خلال 2017 الأشهر بين الرجال، وبين جميع المجموعات المغلقة على مواقع التواصل حيث وصل عدد أعضائه إلى ما يقرب من 1.5 مليون عضو ، وبه 24 أدمن مؤسس و140 لمتابعة الجروب. جاءت فكرة جروب جت فى السوستة من محمد الجيرى -أدمن جروب-، الذى كان لديه مشكلة ذكورية وهو مقبل على الزواج، فعمل مجموعة مغلقة على «فيس بوك» أضاف إليها 50 من المقربين له دكاترة ورجال متزوجون، ليناقش معهم بحرية المشاكل التى تواجهه، وحينما عرض مشكلته على الخمسين المشاركين فى الجروب، تشجع بعض المتواجدين فى الجروب على توجيه أسئلة ذكورية لأعضاء الجروب، ومن هنا بدأ الأعضاء يضيفون أصحابهم للجروب. وعمل أدمن جروب قواعد للجروب لتجنب التجاوزات من بعض الأعضاء خاصة بعد نشر بوستات جنسية، ومن تلك القواعد عدم إضافة أعضاء الجروب لأى عنصر نسائى، عدم التحدث مطلقًا فى السياسة والدين والكرة، تحول الجروب من مغلق إلى سرى، حتى لا يتم توجيه طلب إضافة من فتيات، ويتناول المشاكل الشخصية الخاصة بالرجال ويروون فيه كثيرا من تفاصيل حياتهم الشخصية، كما يتم عرض المشاكل الخاصة بأعضاء المجموعة أو المحيطين بهم فى محاولة لإيجاد حل لها.