بعيدا عن الغلاء وارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع المعيشية، بات الشارع المصري منشغلا بحرب من نوع جديد بين الذكور والإناث على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط جدل كبير، وتعبيرات ساخنة، وتدوينات خادشة للحياء. حرب الجروبات، والتي اجتذبت المشاهير، تكشف عن عالم آخر في مصر، وتميط اللثام عن أزمات حقيقية تشغل الشاب المصري، ومعاناة "حواء"، وسط تساؤلات حول أسباب الكبت الكامنة وراء ذلك، والحاجة الملحة لدراسة تحولات هذه الفئة، واهتماماتها واحتياجاتها. جروب "جت في السوستة"، بات الوجهة الأولى لنشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من الذكور والإناث، خلال الآونة الأخيرة، وتنوعت الآراء ما بين القبول والتشجيع من جهة وفي أقصى الجهة الأخرى الرفض والنقد، وبين الأمرين اشتعلت حرب التدوينات. يُعرف جروب "جت في السوستة"، بأنه جروب ذكوري بحت، يتنافس كثيرون في الانضمام إليه، ولا يُقبل أحد في الانضمام إليه، إلا بعد خضوع حسابه لفحص دقيق من قبل محامٍ من الإسكندرية، يدعى "محمد جيرى"، وهو مؤسس هذا الجروب. السر وراء إنشائه وعن سبب الاسم، قال "جيري"، إنه أصيب بمرض خاص بالذكورة، وأخبره الطبيب، أنه يحتاج إلى عملية، وأراد أن يسأل عن إمكانية زواجه قبل إجراء العملية أم بعدها، عملًا بمبدأ "اسأل مجرب ولا تسال طبيب"، مؤكدًا أنه استشار أصدقاءه من الرجال، ظنًا منه أنهم يستطيعون توجيهه بشكل أفضل من الطبيب المعالج. "خجلت من أن أسال أصدقائي عبر صفحته الشخصية؛ حتى لا أسبب حرجًا للبنات المتواجدات على صفحتي"، هكذا يوضح "جيري" فكرة الجروب والاسم. وقال "جيري"، إن هدفه من فكرة إنشاء الجروب، أنه يحاول صنع "هلس هادف" يقضي على الجدية المزيفة، وأعلنها صريحة على صفحته، أن الجروب "إباحي"، وفى ذات الوقت رحب بمن يختلف معه من فكرة الجروب، وأن ثورة يناير علمته أن الحرية حق، ويجب الاستمتاع بها كما يشاء. مرضى نفسيون شهد الجروب، وجود مجموعة من الشباب الذين يحتاجون للعلاج النفسي، فهم يجدون متنفسًا لهم في الألفاظ الإباحية، وسرد حكايات عجيبة وتحتاج دراسة نفسية، فهناك من يجد متنفسًا في الجروب؛ ليذكر ألفاظًا ممنوعة عنه بسبب أهله وعمله، وينضم له من يريد أن يشعر برجولته، وهناك من يتحدث عن السيدات بسوء، وآخرون يهينون زوجاتهم ويصفوهن بشكل مستفز ومسيء. مشاهير ينضمون ل"جت في السوستة" الملفت أن مجموعة من السياسيين والحقوقيين والفنانين والشخصيات العامة، انضمت إلى الجروب، منهم أشرف عبد الباقي، خالد على، محمد عرفات، باسم يوسف، طارق العوضى، عمرو واكد، خالد النبوي، وغيرهم، وكان على رأس من دخل مجموعة "جت في السوستة"، جمال عيد المحامي الحقوقى، ومؤسس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، والذي تحدث عنه على صفحته الشخصية، مشيدًا به. داخل الجروب من يتحدث عن السفه والسيدات ويصفهن بأبشع الألفاظ، ويخرج على صفحته الشخصية يمتدحهن أو يستنكر ما يحدث داخل الجروب، وهناك مدعون بالدين، حيث يكتب شخص ما: "أنا ضد المجاهرة بالمعصية، بس في نفس الوقت أنا موجود في الجروب، كحب استطلاع وترويح عن النفس، ومش معنى أنى في الجروب يبقى أنا بجاهر بالمعصية وبرتكب ذنوب". شباب الجنس ولم يخلُ الجروب من حكايات شهوانية وجنسية مختلفة، فهناك من يتباهي بقصص أنه "مفتول"، وآخر المتعدد العلاقات، ومنهم من يرى نفسه "طرزان"، ومجموعة توصف بأنها "الخبرة" في العلاقات وتجدها تنصح وتوجه الشباب، ولا يخلو الأمر ممن لا يجد حظه، ويحاولون أن يستفيدوا من أصحاب الخبرات للوصول إلى "البنات"، التي ينفصلن عنهم بجروب سري. أهداف اجتماعية وكعادة المصريين في أن لكل حاجة عكسها، نجد داخل الجروب مجموعة من الشباب الذي يسعي لحل مشكلات الآخرين، كما أن هناك من يساعد الآخر، فمن كان يريد أن يسأل عن أرخص الأسعار لتشطيب شقته، وجد من يوفر له العديد من الخدمات "مجانًا"، ومن رغب في حل عن مشكلة ما، تدخل البعض للحل، وآخرون عبروا عن استيائهم من الحياة وقلة العمل، فتم توفير عمل سواء على حسب خبراتهم أو مؤقت لحين توفير الوظيفة المناسبة لهم، وبدون أي مقابل، فقط حبًا في تجمعهم وخدمة بعضهم البعض. الفتيات ترد ب"جت في الكوبشة" قررت مجموعة من الفتيات بتدشين ثلاثة جروبات نسائية "كيد النسا"، و"جت في الكوبشة"، و"شيل إيدك"، ردًا على جروب "جت في السوستة"، حيث اقتصر أعضاؤه على الفتيات فقط، وشرعوا في نشر "بوستات" مهاجمين بها الذكور. وتم وضع قواعد عديدة من خلال أدمن الجروب حتى تسير عليها فتيات وسيدات الجروب، وحتى لا يتحول إلي جروب إباحي، أو نشر المحادثات التي تتم به خارجًا. وبعد حدوث مشكلة كبيرة في جروب "جت في الكوبشة" بسبب أخذ "برنت إسكرين" لنكتة إباحية لعضوة من أعضاء الجروب، وإرسالها للجروب الرجالي "جت في السوستة"، وقيام عدد من أعضاء الجروب الرجالي بإرسال رسائل تحرش بتلك الفتاة، وضعت أدمن الجروب قواعد لقبول الإضافة إلى الجروب المغلق، وجعلت الإضافة من خلال الصديقات الموجودات في الجروب، وأي أخطاء ستقوم بها العضوة الجديدة، سيتم حذف العضوة ومن إضافتها، كما منعت الحديث في السياسة، قائلة هذا جروب "للهلس والفضفضة والضحك ومساعدة الفتيات في حل مشاكلهم مهما كانت"، بالإضافة إلى مناقشة مشاكل الفتيات عامة التى يواجهنها فى المجتمع. ويرى البعض أن تلك المجموعات "جت في السوستة"، و"جت في الكوبشة"، هي طريقة حديثة بين الشباب لممارسة السياسة دون رقابة أو تقييد، أثارت مشاكل اجتماعية من أجل إيجاد حلول لها.