يمثل ملف «مسارح الدولة المغلقة» صداعًا فى رأس المسئولين عن الحركة المسرحية، ففى الوقت الذى تعانى فيه فرق البيت الفنى للمسرح والبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية من قلة عدد المسارح، توجد 4 مسارح مهمة مغلقة للصيانة، ثلاثة منها تابعة للبيت الفنى للمسرح هي: «القومي» و«العائم»، و«الليسيه» بالإسكندرية، وواحد تابع للبيت الفنى للفنون الشعبية وهو «محمد عبدالوهاب» بالإسكندرية، الأمر الذى جعل فنانى بعض الفرق «يتسولون» مسرحًا لبروفاتهم!. المثير أن تكاليف الصيانة الخاصة ببعض المسارح تضاعفت أثناء العمل، حيث ارتفعت تكاليف المواد المستخدمة فى الترميم والصيانة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، فضلا عن تأثير «تعويم الجنيه»، مما أثر على مواعيد تسليم المسارح، وبالاقتراب من «المسرح العائم» - حيث مقر مسرحى «الكوميدي» و«الشباب» - لمحاولة معرفة حقيقة التطورات والتجديدات التى تتم بداخله، ومدى صحة إعادة افتتاحه خلال شهرين، وفقًا لتأكيد «إسماعيل مختار» رئيس «البيت الفنى للمسرح»، الذى واجهناه بسؤال حول الحالة المزرية التى وجدنا عليها المسرح من الخارج، سواء من الإهمال أو عدم النظافة أو القمامة المتواجدة فى كل أركانه، أكد أن كل ما يخص الواجهة والحديقة والسور الذى يحيط بالمسرح مجرد أعمال نظافة لن تستغرق أكثر من أسبوع، وأن المسرح سيتم افتتاحه فى مدة أقصاها ثلاثة شهور.. وأضاف: «لقد قمنا بتسليم المسرح لوزارة الإنتاج الحربى لتتولى عملية التطوير، وهم المتسببون فى التأخير، لأنه كان من المفترض تسليمه منذ ثلاثة أشهر، والحقيقة أن التغير المستمر فى سعر الدولار الفترة الماضية هو السبب الرئيسى فى التأخير، بالإضافة إلى بعض الأمور التى تتعلق بالشركات القائمة على المشروع، وكل ما يقال عن أن الميزانية تعدت ال9 ملايين جنيه غير صحيح، فالميزانية المحددة للمشروع 4.5 مليون جنيه».. ويؤكد أيضا: «أعتقد أن الموضوع بهذه الكيفية لا توجد به أى شبهة أو تلاعب، فنحن نتعامل مع جهة محترمة ولا يوجد أى قيل وقال، فهى ليست جهة خاصة تهدف إلى التلاعب فى الوقت المحدد للتسليم، كما أنها تحترم الشروط والبنود المدرجة فى عقد الاتفاق، وأى تأخير سيعود عليهم بغرامة كما هو متفق عليه وسنتخذ جميع الإجراءات القانونية، وقد قامت وزارة الإنتاج الحربي بإرسال خطاب تشير فيه إلى أنها تريد تسليم المسرح، وبناء عليه تم عمل لجنة استلام لتعاين جميع البنود الموجودة بالعقد ومدى مطابقتها للمواصفات المتفق عليها، وستكون تحت إشراف أحمد السيد مدير عام المسرح الكوميدى، و«عادل حسان» مدير عام مسرح الشباب، ومجموعة من المتخصصين فى الكهرباء والإنشاءات وغيرها». وبالتواصل مع المهندس «محمد شرين» رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير الإنتاج الحربى، وهى الجهة التى تتولى مسئولية ترميم وتطوير «المسرح العائم» أكد أنه تم الانتهاء من أعمال التطوير من جانبهم، وتمت مخاطبة البيت الفنى للمسرح لتشكيل لجنة للتسليم الابتدائى للمسرحين الشباب والكوميدى إلا أن البيت الفنى لم يرد حتى الآن، ولذلك تم إرسال خطاب استعجال لتشكيل اللجنة. وبالحديث مع «جمال حجاج» مدير عام دور العرض بالبيت الفنى للمسرح قال: «المسرح العائم مغلق منذ عام ونصف العام، والسبب الحقيقى وراء التأخير هو الميزانية المرصودة له، وقد قمنا بتكليف وزارة الإنتاج الحربى لعمل صيانة المسرح العائم، وللأسف لا يوجود لديها المقاولون الكافون أو شركات الإنتاج الكافية للتسليم فى الوقت المحدد، وهو ما نتج عنه عدم التسليم فى الموعد المتفق عليه، كما أن وزارة الإنتاج الحربى طالبتنا بالمبالغ الخاصة بالمشروع مقدمًا، وهذا ما يصعب تنفيذه، لأننا محكومون بميزانيات الوزارة فى مواعيد ودفعات، كذلك لم تبدأ فى العمل على المشروع إلا بعد استلامه بخمسة أشهر. أما مسرح الليسيه بالإسكندرية فهو مغلق منذ ستة أشهر رغم تكلفة الإيجار المرتفعة والتى تصل إلى 250 ألف جنيه فى السنة، ولكن هذا الإغلاق يعود إلى ضرورة صيانة المسرح التى لم تحدث منذ 10 سنوات، وهو ما جعله يتهالك، ونسبة الهالك فى السنة 10 % إذن فى 10 سنوات وصلت النسبة إلى 100 %، أما العطلة فى الانتهاء من أعمال الصيانة فتعود إلى ضرورة تطبيق شروط الدفاع المدنى ومنها أعمال الكهرباء التى تتطلب تكلفة حوالى أربعة ملايين جنيه». وتابع «حجاج» موضحًا موقف المسرح القومى قائلا: «كل ما يقال عن إغلاق المسرح القومى بالكامل غير حقيقى، فالمسرح يعمل وبه بروفات، وكل ما فى الأمر أن شركة حسن علام التى كانت منوطة بعمل التجديدات والصيانة والتى تسلمت مبلغ 80 مليون جنيه من قبل، قامت بسحب العمال والفنيين المسئولين عن تشغيل أجهزة التكييف والحماية المدنية لحين تسديد مبلغ 14 مليون جنيه مستخلص ختامى، وهو ما رفضنا تسديده لأن الشركة لم تنته من كل الأعمال المتفق عليها، فقد استلمنا المسرح استلامًا ابتدائيًا ومازالت هناك ملاحظات على أعمال الدفاع المدنى والأعمال المعمارية وأعمال خاصة بالكهرباء، وقد قررنا تشكيل لجنة استلام نهائى يعقبها اجتماع بين مسئول الشركة ومسئول البيت الفنى للوقوف على التفاصيل وتسوية المبلغ المطلوب وخصم ما لم يتم انتهاء الشركة منه». أما «عادل حسان» مدير مسرح الشباب، فقد أضاف تعليقه على إغلاق مسرح الشباب - أحد مسرحيى العائم - قائلا: «لقد توليت منصبى الجديد فى شهر يوليو الماضى، أى بعد البدء فى مشروع صيانة المسرح، وكان المدير المسئول وقتها الدكتور أسامة رءوف، لذلك لم أطلع على أى مواصفات أو اتفاقيات ولم أشارك فى اختيار أى شيء من مواصفات الصيانة الجديدة، فهناك إدارة المشروعات وهى المسئولة عن وضع المواصفات والموازنة وغيرها من التجهيزات، لذلك لم أقم بزيارة المسرح نهائيًا حتى الآن، ورغم أنهم أخبرونا أنه سيتم تسليم المسرح فى أغسطس الماضى، فإنه وللأسف لا شيء يسلم فى موعده ولا يوجد ثمن للوقت، وقد أصبحنا كفرقة مسرح الشباب مشتتين، فأنا لا أمتلك مكتبًا حتى الآن، ومكتبى هو حقيبتى الموجودة بسيارتى، وأنظم بروفات الفرقة وورش الشباب ما بين مسرح قصر ثقافة الجيزة ومسرح ملك، وهو ما يجعلنى أعمل بالإمكانيات المتاحة دون طموح لأننى والفرقة نشعر بأننا ضيوف ولسنا فى بيتنا». فى حين يوضح «مدحت مصطفى» مدير عام الإدارة الهندسية بالبيت الفنى للمسرح أسباب التأخير قائلا: «المدة الرسمية المحددة لصيانة للمسرح العائم هى عام ونصف، وقد حدث تأخير فى الموعد المحدد للاستلام بسبب كثرة التراخيص المطلوبة لكل التفاصيل، فمثلا الأرض المخصصة للمسرح تتبع حماية النيل، ولكى يتم الحفر لعمل غرف أو أى إنشاءات لابد من استخراج تصاريح تتطلب وقتا كبيرا، كما أن الشاشة الإلكترونية التى توضع على باب المسرح تحتاج إلى تصريح من محافظة القاهرة، وهو ما خلق مشكلة مادية فبعد أن كان متر إيجار الشاشة من المحافظة 500 جنيه أصبح 5000 جنيه، وهو ما أخل بالميزانية الموضوعة، فتفاصيل المشروع كثيرة وكل كبيرة وصغيرة تخضع لأوراق إدارية وتراخيص، وكلما مر الوقت كلما اختلفت التكاليف، وتغير المسئولون عن المشروع، وكل مدير يأتى تكون له متطلبات مختلفة ووجهة نظر مغايرة للموصفات التى طلبها سابقيه، وهو ما يؤدى للتأخير، ولكن فى النهاية نحاول الالتزام بالمواصفات والبنود التى وضعت فى العقد». من جانبه قال «هشام عطوة» رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية: «بالنسبة لمسرح محمد عبدالوهاب بالإسكندرية، فلا توجد به فرقة معطلة بسبب إغلاقه، وعندما استلمت مهام عملى منذ ثلاث سنوات كانت هناك لجنة من مديرى عموم البيت الفنى والهيئة الهندسية، وكان مرصودًا مبلغ 24 مليون جنيه ميزانية مبدئية، وكانت ستصل إلى 40 مليون من المفترض أن تنفذ فى ميزانية 2013 / 2014.. ومع ذلك عندما توليت منصبى فى عام 2015 كان من المفترض أن أبدأ المشروع فى العام المالى 2016-2017، وبالفعل عندما بدأنا كان من المفترض أن يتم الانتهاء فى 2017، ولكن المهندس الاستشارى اكتشف بعض العيوب وأقر بأهمية إصلاحها، وهو ما جعل هناك مرحلة ثانية تسلم فى 2017 / 2018، وبالتالى فمواعيد المشروع منضبطة وليس بها تأخير». وأضاف: «لقد تم تسليم المشروع للهيئة القومية للإنتاج الحربى بمرحلتيه الأولى والثانية بتكلفة 15 مليون جنيه، فى المرحلة الأولى تم عمل مبنى لغرف الممثلين، وتدعيم الأسقف والأعمدة والسور والواجهة الخارجية وغرف الإدارة والحمامات، وباقى أعمال المرحلة الثانية التى تتضمن خشبة المسرح وصالة العرض وأعمال الحماية المدنية، سوف يتم الانتهاء منها خلال ثلاثة أشهر، أى مع موسم الصيف القادم، خاصة أن التأخير ليست له علاقة بمواعيد التعاقد، ولكنه بسبب أعمال الحماية المدنية». وفى النهاية سواء كان المتسبب فى التأخير هو الدولار أو التراخيص أو تغير المسئولين يبقى الوضع على ما هو عليه، ومازالت هذه المسارح مغلقة ومعلقة بين أمل الافتتاح والسطوع أو يأس البقاء فى الإغلاق والظلام.