افتتحت نقابة المهن التمثيلية «مسرح النهار»، (فيصل ندا سابقا)، التابع لها منذ عدة أسابيع قليلة، لتقدم من خلاله مجموعة من العروض المسرحية بواقع خمس ليالى عرض لكل مسرحية ثم تصويرها وعرضها من خلال شاشة قناة «النهار»، التى تعاقدت معها النقابة على تقديم 105 أعمال مسرحية على مدار ثلاثة أعوام ليقدم كل عام 35 مسرحية، وقد قدمت النقابة حتى كتابة هذه السطور أربعة عروض وهى «الحب فى قلب هضبة الهرم، فضفضة، الطيار، أمباليه» وتستعد لتقديم عرض مسرحى جديد تحت عنوان «مهمة فى فرن لبيب». وقد استطاعت هذه الأعمال لفت الأنظار إلى الطاقات الشبابية الجديدة منذ اللحظة الأولى لافتتاح المسرح ليس فقط على مستوى الإبداع التمثيلى والتأليفى والإخراجى، بل أيضا على مستوى الإبداع التقنى والتنفيذى فى تجهيز المسرح، إلى جانب الإنجاز الوقتى غير المسبوق، حيث قامت نقابة المهن التمثيلية تحت إشراف المهندس وائل عبدالله، عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية والمشرف العام ومدير مسرح النهار، بتجهيز مسرح النهار والانتهاء من أعمال الصيانة والبناء فى فترة وجيزة وغير مسبوقة بلغت 47 يوما فقط وبميزانية لم تصل إلى 3 ملايين جنيه مصرى، حيث قام وائل عبدالله، المهندس المختص بتجهيز المسرح، بما يشبه إعادة بناء المسرح من جديد باستثناء المبنى نفسه بعد أن تم إخلاء المسرح فى عهد الكاتب فيصل ندا وترك فى حالة مزرية للغاية جعلته أقرب للأماكن المهجورة منه للمسرح، هذا إلى جانب ضعف المستوى التجهيزى من حيث التقنيات الفنية منذ بداية استخدامه فى عهد فيصل ندا. وقد صرح وائل عبدالله، المهندس المختص والمشرف العام على المشروع، ل«البوابة»، بأن فكرة تجهيز مسرح يكون تابعا لنقابة المهن التمثيلية كانت مطروحة منذ عام 2013 مع بداية التجهيز لمكتب الكاستينج الخاص بالنقابة عن طريق الفنان أحمد صيام والفنان أشرف طلبة، وأننا بالفعل قمنا بالتواصل مع مجموعة كبيرة من المخرجين الشباب الذين استطاعوا إيجاد منفذ لهم عن طريق أعمالهم المسرحية خلال السنوات الماضية، ووضعنا عدة أسس لهذا المشروع وهى تقديم أعمال كوميدية ذات مضمون وهدف تليق باسم نقابة المهن التمثيلية. ثم بدأنا فى ترشيح عدة مسارح لاختيار واحد منها ليكون مسرحا خاصا بنقابة المهن التمثيلية، وقد كان من ضمن هذه المسارح «مسرح النهار» حاليا (فيصل ندا) سابقا، وكان هذا فى الوقت الذى وضع فيه البيت الفنى للمسرح ميزانية مبدئية لتجهيز المسرح ب6 ملايين جنيه، عن طريق لجنة هندسية، ليتبع المسرح هيئة البيت الفنى للمسرح مع تحديد 3 أعوام للانتهاء من تجهيز المسرح، وهو ما لم تقبله إدارة البيت الفنى للمسرح، ثم قام الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، فى شهر ديسمبر 2015 بالتواصل مع إدارة مدرسة هدى شعراوى المالكة للمسرح وتوقيع التعاقد معهم على تأجير مسرح مدرسة هدى شعراوى، ليصبح «مسرح النهار»، على أن يتم تجهيز المسرح فى فترة أقصاها ثلاثة أشهر ليتم افتتاح المسرح فى شهر مارس 2016. وللوهلة الأولى عند دخولنا للمسرح وجدناه عبارة عن مكان مهجور لا توجد به إلا خشبة مسرح بطول خمسة أمتار فى ستة أمتار وبعض المقاعد المتهالكة، إلى جانب تدمير كامل لكل أجهزة الإضاءة والصوت والتكييف والدفاع المدنى، حيث قام المستأجر السابق للمسرح، فيصل ندا، ببيع محتويات المسرح لتاجر خردة بمبلغ 50 ألف جنيه شمل كل أجهزة الإضاءة والصوت، إلى جانب نجفة هدى شعراوى ومكتبتها الأثريتين. وبالفعل تم استلام المسرح فى الرابع من يناير 2016 وتم البدء فى التجهيز بشكل فعلى فى الثالث عشر من يناير، ليتم تحويل مكان مهجور لا يحتوى إلا على أربع غرف ممثلين وخشبة مسرح صغيرة للغاية لم تزد على خمسة أمتار فى ستة أمتار وبعض المقاعد المدمرة تماما، إلى جانب مشاكل البنية التحتية للمسرح من صرف صحى ووصلات إضاءة داخلية، إلى مسرح مجهز بأحدث التقنيات الفنية والتأمينية، وبالفعل تم وضع ميزانية مبدئية 2 مليون جنيه من صندوق النقابة ليتم عمل التجهيزات فى الموعد المحدد، مما دفعنا للعمل طوال 22 ساعة بشكل يومى بطاقة تشغيلية وصلت إلى 350 عاملا وفنى تجهيزات فى اليوم الواحد، حتى نتمكن من الانتهاء خلال فترة لا تزيد على ال60 يوما. وهو ما نجح فيه فريق العمل من الانتهاء فى فترة أقل من المدة المحددة، حيث تم تسليم المسرح والبدء فى استخدامه فى عروض مشروع مسرح بعد 47 يوما فقط من يوم البدء فى تنفيذ التجديدات والصيانة، ليصبح المسرح مجهزا بأحدث تقنيات الصوت والإضاءة مع زيادة مساحة خشبة المسرح لتصل إلى 13 مترا ونصف المتر مع توفير 10 غرف للممثلين، و3 قاعات للبروفات، إلى جانب تجهيز المسرح بأكمله بتكييف مركزى مع توفير أجهزة إطفاء ذاتية ووضع كافة شروط الحماية المدنية، حيث كانت إدارة الحماية المدنية تقوم بالإشراف والمتابعة على التجهيزات الأمنية خلال تنفيذها لتوفير أكبر قدر من الأمان واختصارا للوقت والمجهود، وقد تم كل هذا بتكلفة تقل عن العشرة بالمئة من الميزانيات المعتادة لتجهيز المسارح. وعن الإنجاز المالى والوقتى فى الانتهاء من تجهيز المسرح مقارنةً بمسارح كبيرة تم غلقها لأعوام وتكلفتها بميزانيات بعشرات الملايين مثال المسرح القومى الذى تم غلقه لمدة 7 سنين وتم تجهيزه بميزانية 150 مليون جنيه، ومسرح السلام الذى ظل مغلقا 3 أعوام وتم تجهيزه بميزانية 40 مليون جنيه ومسرح الطليعة الذى أغُلق 5 أعوام، وتم صرف 15 مليون جنيه لتجهيزه وتجديده، يرى عبدالله أن الفارق بين هذه المسارح ومسرح النهار هو إحساس القائمين على العمل بعنصر الوقت وأهميته والإحساس الكارثى بغلق مسرح، أى غلق منفذ فنى وتربوى وتثقيفى يحتاج إليه المجتمع إلى جانب غلق منفذ من منافذ الرزق للكثير من الفنانين العاملين بهذه المسارح، كما يرجع هذا إلى نظرية الاستسهال لدى بعض القيادات الثقافية والفنية بوزارة الثقافة بدءًا من وزير الثقافة، مرورا برؤساء الهيئات والقطاعات الفنية بالوزارة التى لا تتحرج ولا ترى مانعا من غلق هذه المنافذ التنويرية الهامة. حيث يرى عبدالله أن وزارة الثقافة مصابة بحالة من التبلد وعدم الإدراك بأهمية المسرح والفن والعملية الثقافية ككل فى بناء المجتمع وتنويره وتهذيبه، وهو ما أوصلنا إلى هذه الحالة المتردية من منتج ثقافى وفنى على المستوى الإبداعى والمستوى التقنى، الذى نتج عنه مستوى مترد من التعامل المجتمعى بين أفراد المجتمع وبعضها، مشددا على ضرورة اختيار قيادات ثقافية تدرك وتعى قيمة الثقافة وأهمية تطويرها وتوصيلها إلى كافة قطاعات وفئات المجتمع بمختلف طبقاته وثقافاته.