الأسهم واللوحات الإرشادية دائما ما يحرص على متابعتها المسافرون؛ خصوصاً الراغبين فى قضاء إجازة أو مصيف جديد للمرة الأولى، وأحيانا ما يخاف البعض عند اختفاء مثل هذه اللوحات عن الطرق، لكن هل فكرت يوما فى تجربة مغامرة من نوع خاص، وتبعد عن اللوحات والإرشادات لقضاء وقت مميز فى مكان لما تطئه قدم أحد من قبل. أسماء محمد عبد الرءوف.. فتاة مصرية فعلت هذا وأقنعت العديد من الأفواج السياحية الأجنبية بقضاء وقت ممتع فى العديد من الأماكن المميزة، ووضعت التعريف بالعديد من الأماكن السياحية غير المعروفة وغير المدرجة على قوائم الشركات السياحية على قائمة أولوياتها، وأطلقت حملتها «مصر أحلى مع أسما» لتسليط الضوء على أهم مناطق الجذب السياحى فى ربوع مصر.
عندما كانت أسماء طالبة بالجامعة، التى تخرجت فيها فى تخصص إدارة الأعمال، كان والدها الذى يملك شركة سياحة يصطحبها مع الأفواج الأجنبية وكانت ترى أماكن جميلة وغير معروفة، وفى إحدى المرات أوقفت الأوتوبيس الذى كان يمر باستمرار على إحدى أهم هذه المناطق، وأقنعت الوفد بعمل «كامبينج»، وقتها الوفد بدأ يتحرك داخل الأوتوبيس تجاه البحر وهم يشاهدون المكان، وحاولت إقناعهم بشتى الطرق، حتى وافق الوفد بالأغلبية على الفكرة. تقول: بعد مرور أول ليلة كان رد الفعل خارج توقعاتي، حيث طلب أحدهم الوصول إلى الفندق للاستحمام وإحضار بعض الأغراض والعودة مرة أخرى للموقع، وقتها شعرت أنى عملت إنجازًا كبيرًا جدًا، فقد اكتشفنا شاطئًا جديدًا، وأثبت للفوج الأجنبى أنهم فى مأمن من أى خطر فى أى مكان حتى لو كان غير مُؤمّن من الشرطة، وأن ذلك أقوى رد على ما يردده الإعلام الأجنبى حول تردى الوضع الأمنى فى مصر. اقتنع والد أسماء بفكرتها ودعمها خلال عملها معه فى شركته الخاصة، وأتاح لها الحصول على عروض من الفنادق للإقامة مع الوفود بأسعار قليلة، فكانت عندما تسرد للفنادق برنامجها السياحي، وتعرض أسعارًا أقل كثيرًا من الشركات السياحية، فلم يكن المكسب المادى هو ما تسعى إليه، فقد كانت ردود فعل السياح أفضل مقابل تحصل عليه، حيث كان الكثير منهم يطلب رؤية أماكن أخرى، وأخرون يلغون برامجهم السياحية لرؤية أماكن جديدة فى مصر. ترى أسماء أن لدينا تقصيرًا فى تسويق السياحة بمختلف أنواعها شاطئية، علاجية أو حتى بيئية، مؤكدة من خلال خبرتها التى لم تتعد ال 10 سنوات أن السياحة العربية مهمة جدًا، وتزيد أهميتها عن السياحة الأجنبية، فالسائح الأجنبى يضع حدًا يصل 300 دولار مصروف يومى يجتازه أو يقل عنه قليلاً، أما السائح العربى فمعدل مصروفه اليومى ألف دولار تقريبًا، وهو ما دفعنى لتسجيل ڤيديوهات استرشادية باللغة العربية عن الأماكن والطبيعة الخلابة التى مّنَ الله بها على مصر. تروى أسماء أنها تعجبت عندما كانت بصحبة أحد الوفود على جبل موسى بسانت كاترين، وكل ما كان يعنى الوفد متابعة شروق الشمس دون التطرق لأهمية الجبل والروحانيات لهذا المكان الذى مر منه غالبية الأنبياء المرسلين، وهو ما دفعها لإجراء بحث تناولت فيه تفاصيل ومعلومات عن مزارات سياحية متميزة جغرافيًا وتاريخيًا ومن الممكن تسويقها كسياحة دينية لها مُريدون. سعت أسماء إلى إبراز جمال أهم المناطق السياحية فى مصر من خلال ڤيديوهات لهذه الأماكن، من خلال إبراز الطبيعة واستعراض مميزات الأماكن، بالإضافة إلى كسر روتين البرنامج السياحى لأغلب الشركات. استغلت كذلك رحلات السفارى فى إبراز الوجه الجمالى لمصر، فكل ما يتبادر لذهن أى شخص عند ذكر السفارى الجبال والرمال، أما السفارى فى مبادرة «مصر أحلى مع أسما» فبها سفارى البحار بأنشطة متنوعة، كان أغلبها للرجال فقط، وبعد أن تأكدت من مالكى اليخوت التى تؤجر والعاملين أن سفارى البحار ومزاولة أنشطة كثيرة منها رياضة الصيد بأنواعها مثل التورلينج والجيجنج والكاستينج والتى كانت محتكرة للرجال، كونت أول فرقة بنات، وقامت بأول رحلة سفارى فى البحار للفتيات استغرقت 4 أيام. تقول أسماء: النظام السائد أن كل شخص يقوم بفصل ما رزق به أثناء الصيد، وفى مبادرتى قمت بتعديل البند بأن تقسم الأسماك التى قمنا باصطيادها، فبعض الفتيات اجتهدن ولم يرزقن، فلا بد من أن نكون «حديدة واحدة» وهو الشعار الذى أطلقته على رحلات السفارى فى البحار والمقصود به أيد واحدة، بعد فترة من تكوين فريق الفتيات تم وضع سفارى البحر ضمن برامج أغلب شركات السياحة. «مصر أحلى مع أسما» تضمنت دورًا توعويًا وتوجيهيًا بالإضافة لتثقيف المصريين سياحيًا، بعد أن كشفت إحدى الدراسات أن السائح المصرى أكثر التزامًا خارج مصر بالقوانين والعادات والتقاليد للمكان الذى يتوجه إليه، وأنه لا توجد قوانين تحكم سلوكيات المصريين فى المزارات السياحية مثل شرم الشيخ أو غيرها، حيث اعتاد المصريون الذهاب لأماكن كلها مصريون وسلوكياتهم موحدة، فلا يستشعرون أى حرج فى ممارسة حياتهم الطبيعية بما فيها من إيجابيات أو سلبيات. وتكشف أسماء عن العديد من المناطق الخلابة فى مصر، حيث تضم الصحراء الغربية خمس واحات، منها الداخلة والخارجة بالوادى الجديد، بها عيون وآبار وسياحة علاجية لأمراض روماتيزمية، بالإضافة إلى المعابد، والفرافرة بها قصور رومانية بالإضافة لكهف الجارة الذى اكتشفه الألمانى چيرهارد رولفز عام 1873، وهو واحد من أجمل الكهوف فى العالم، ولم تتدخل أياد بشرية فى تشكيله الذى تم عن طريق ترسبات للرمال والمياه صنعت تشكيلاً من شلالات ثلجية، بالإضافة لواحة سيوة بها معبد آمون وجبل الموتى ورمالها تشفى من أمراض كثيرة، وأخيرًا أجمل الواحات واحة باريس، لذلك أطلقت اسم «كنز مصر المفقود» على الواحات. وتعد المحميات من أهم مناطق الجذب التى سقطت من قائمة البرامج السياحية، فمحمية وادى الحيتان التى يبلغ عمرها 40 مليون سنة، تم بناء متحف فيها لا يتردد عليه أحد ولم يتم التسويق له، كما تعج مصر بالجزر، التى تعد الأغلى فى العالم، فهناك جزيرة الزبرجد أو جزيرة سانت چونز بمرسى علم وتتكون أغلبها من حجر الزبرجد وهو من أغلى الأحجار الكريمة فى العالم، كما تم نقل قطعة منها بطول 7 سم وعرضها 5 سم وارتفاعها 2.5 سم للمتحف البريطانى بالعاصمة لندن وعرضت ضمن أحد القطع التاريخية. الجزيرة التى لا نعرف عنها شيئا تم نقل قطعة منها تزن 320 قيراطًا إلى المتحف الأمريكي، عوضًا عن ندرة فصائل الحيوانات البرمائية بمحيط الجزيرة، مثل السلاحف والدولفين والدوجونج، وهو حيوان برمائى يشبه خليطًا من الأفيال والأبقار بالإضافة لوجود أندر الطيور بالعالم. وتعدد أسماء أهم المناطق السياحية فى مصر، التى منها حماطة، فى محمية وادى الجمال بمرسى علم، التى تبعد عن القاهرة مسافة 950 كيلو مترا، وكانت مجرد مزار سياحى للصيد فقط، حيث نجحت فى كسر الروتين وأضافت عليه تعديلات برحلات سفارى البحار، وزيارة جزر سيال وأم الشيخ ومحابس، وممارسة أنشطة ترفيهية كثيرة، حيث أصبحت مقصدا للعديد من الوفود والشركات السياحية. تؤكد أيضًا أن من أهم عوامل نجاحها الالتزام بمعايير الأمان بزيارة الأماكن قبل وصول الأفواج، ففى سيناء يتعاون معى البدو فى حماية الأفواج، وفى مرسى علم محمية وادى الجمال التى تملكها قبيلة العبابدة أبرم معهم اتفاقا بتأمين الزوار قبل كل رحلة، وفى رحلات سفارى البحار يتم مراجعة حالة اليخت قبل التحرك ومراجعة عدد چواكيت الإنقاذ وتأمين جميع المعدات لممارسة أنشطة الصيد وأيضًا أجهزة اللاسلكى. أسماء التى وجدت الدعم من أبنائها وزوجها فى أغلب الرحلات تشير إلى أن التكلفة المادية لم تعد حائلا أمام الراغب فى الاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية، ف300 جنيه بحد أقصى 500 جنيه قد تكون كافية لقضاء ليلة شاملة الوجبات بكامب فى مرسى علم، فعلى سبيل المثال، الزائر يسعى لدفع أقل تكلفة والحصول على أفضل خدمات والاستمتاع، والفنادق تعتمد فى المقام الأول على عدد أفراد الأفواج وإلى أى مدى تلك الإشغالات ستكون مربحة، لذا أستطيع الحصول على عروض مناسبة لعملائى وقد تكون جميع الأطراف حصدت مكاسب وأولهم مصر التى تستحق منا أن نعيد اكتشافها