الكون مكتبة؛ هو أغرب تصوّر لمكتبة وضعنا فيه تخييل بورخيس الغرائبى فى القصة الشهيرة «مكتبة بابل»؛ حيث المكتبة المتاهة، عالم مُركّب، أو مكتبة كونيّة، شاملة لكل شىء، أو كما وصفها «تلال بريّة من الكتب». لكن على أرض الواقع؛ بالفعل، هناك مكتبات ودور نشر اتخذت أسماء لافتة مُغوية، ثم هى فوق كل شىء دالّة بقوّة. معلومات طريفة أخرى وأخبار فريدة من نوعها، نتعرّف عليها فى سياحة مرحة تعدنا بها الشهادات التالية لكتّاب حول العالم عن أغرب وأجمل مكتبات الدُنيا. ياسر عبد اللطيف : المكتبة المسكونة بدايةً أحب أن أفرّق بين أنواع الأماكن والمنشآت التى نطلق عليها كلها مكتبات باللغة العربية، ولاسيما فى مصر. فمتاجر الأدوات المكتبية التى يُطلق عليها العرب المشرقيون «القرطاسية» ويسمونها بالانجليزية Stationery نسمّيها نحن فى مصر أيضًا «مكتبة» باعتبارها قد تبيع كتبًا من قبيل «سلاح التلميذ» وتلك الأشياء! ومن هذه المكتبات أذكر واحدة عرفتها فى طفولتى كان اسمها مكتبة «فى الأمجاد» لا مكتبة الأمجاد، لكن فى الأمجاد؛ ولم أعرف أبدًا دلالة حرف الجر (فى) هنا، أو ما هى تكملة الجملة التى تنتهى أو تبتدئ بهذين الجار والمجرور. ثم هناك المكتبة المخصصة لبيع الكتب أو متجر الكتب. والطريف أن تلك فى اللغة الفرنسية يسمّونهاLibrairie بينما Library وهو هجاء نفس الكلمة فى الانجليزية تدلّ على المكتبة العامة؛ سواء فى المدرسة أو الجامعة أو الحيّ السكنى، ويسمون متجر الكتبBook Shop أوBook Store فيما يُسمى الفرنسيون المكتبة العامة Bibliotheque اشتقاقًا من اللاتينية. من المكتبات (متاجر الكتب) الأولى التى عرفتها؛ حانوت صغير فى شارع مصطفى كامل بحى عابدين، واجهته مطلية باللون الأخضر يعرف ب «مكتبة الكاملابى». كان دكانًا مكتظًا بالكتب القديمة من الأرض وحتى السقف. صاحبه - عم على الكاملابى - كهل نوبى بنظارات سميكة وشارب صغير، يرتدى ملابس على طراز الخمسينيات ويجلس إلى باب المحل ينتظر زبائن لا يجيئون، ربما كنت أحد زبائنه القلائل. وكنت تجد هناك كتبًا من مطبوعات النصف الأول من القرن العشرين تآكلت أغلفتها. قصص لمحمد فريد أبو حديد ومحمود تيمور ومؤلفات للعقّاد فى طبعاتها الأصلية وأشياء من هذا القبيل. ومن الطريف أيضًا أن الروائى محمد علاء الدين، وإن كان يصغرنى بعشر سنوات كاملة لكنه تربّى أيضًا فى نفس المنطقة بحى عابدين وكان بدوره من زبائن مكتبة الكاملابى كما حكى لى، لكن لا أعتقد أنه يعرف مكتبة «فى الأمجاد». ومن أجمل أسماء دور النشر أو أكثرها دلالة بين ما عرفت هى الفرنسيةEdition de MinuitLes أى «منشورات منتصف الليل». وهى دار نشر تأسّست فى خضم المقاومة الفرنسية للاحتلال النازى فى الأربعينيات، وتخصّصت بعد ذلك فى نشر الأدب والفكر الطليعى الذى طغى بتأثيره على المشهد العالمى بأكمله لا فى فرنسا وحدها. ومن بين الكتّاب الذين قدمتهم الدار: موريس بلانشو وجورج باتاى وكلود سيمون وصمويل بيكيت وناتالى ساروت إضافة لفلاسفة ومفكرى ما بعد البنيوية كجيل دولوز وجاك ديريدا وبيير بورديو والعديد من الأسماء الأخرى. كاتب ومترجم مصرى يعيش فى كندا عماد فؤاد: «بولاق» فى هولندا أغلب دور النشر فى هولنداوبلجيكا تكاد تكون جميعها دور نشر مُستقلّة، فالدولة ليس لديها مؤسسات ثقافية تطبع من خلالها بنفسها، بل دور نشر مُستقلّة تتلقّى دعمًا من الحكومة بشكل مُقنن، ولكن الكثير من دور النشر فى بلجيكاوهولندا (وكلامى هنا مقصور فقط على دور النشر التى تطبع باللغة الهولندية؛ وليس عن الجزء الفرانكفونى من بلجيكا) يركّز على كتّاب بعينهم، وسنجد أن كل دار لها كتّابها الذين تَكاد تَحتكِر كتاباتهم، ولكن بما أن كلامنا هنا يتناول أسماء دور النشر وطرافتها، مقارنة بأسماء دور النشر فى عالمنا العربي؛ فسأبدأ مع الأسماء: دار نشر «ده بازيخه باى» الهولندية(http://www.debezigebij.nl) : أو «النحلة النشيطة»، أكبر دار نشر فى هولنداوبلجيكا، تحتكر كُتّابًّا كباراً فى اللغة الهولنديّة من أمثال الشاعر الهولندى الكبير ريمكو كامبرت والبلجيكى الراحل هوغو كلاوس وغيرهما، تُقدم سنويًّا ما يزيد على «100» عنوان فى مختلف المجالات. تُركّز أيضًا هذه الدار على الأصوات الهجينة فى الأدب الهولندى المعاصر، فتنشر لكتّاب من أصول غير أوروبية لكنهم يكتبون بالهولندية، مثل الشاعر الهولندى الفلسطينى الأصل رمزى نصر والكاتب الهولندى من أصل مغربى حفيظ بوعزة وغيرهما. هناك أيضا دار نشر «بولاق»، اشتهرت قبل 20 عاما فى بلجيكاوهولندا بتركيزها على تقديم ترجمات من الأدب العربى والعالم الإسلامى، فقدّمت الترجمة الكاملة لألف ليلة وليلة التى نقلها من العربية مباشرة ريتشارد فان لوين، وهو المترجم نفسه الذى قدّم فيما بعد ترجمات ضخمة من الأدب العربى المعاصر، فكان أوّل من ترجم من العربية مباشرة كلاًّ من نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعبد الحكيم قاسم ونوال السعداوى ويحيى حقّى وطه حسين وغيرهم إلى القارئ الهولندى، لكن هذه الدار انحصر إنتاجها فى السنوات العشر الأخيرة، ولم تعد تطبع إلا عددًا محدودًا من الكتب كل عام. علاء خالد: كُشك نجيب محفوظ مكتبة الرملى. كان هذا الكُشك، الذى لا تزيد مساحته على مترين مربعين، محطة توقّف أساسية عند نزولى محطة الرمل، والتى أصبحت لقبا للعائلة، وعبورى بتلك الساحة الواسعة التى تقع أمامه. كان صاحبه له وجه متجهّم دائما، يعتبر الفرجة على الكتب والجرائد له ثمن يجب أن تدفعه، فلو طال وقوفك وشغفك، يقوم من كرسيّه ليرسِّم حدود المكان، ليحول بينك وبين حرم فَرْشَتهِ. كان لهذه المكتبة جاذبية خاصة مثل محال التحف القديمة، والمكتبات المنتشرة على نهر السين. هناك تعرّفت على مجلتى «العرب والفكر العالمى» و«الفكر العربى المعاصر» شديدتى الأهمية، وكل كتابات مُطاع صفدى. وأيضا تعرّفت على أقرانى من الغرباء الذين يهوون هذه الكتابات الجديدة لفكر الحداثة وما بعد الحداثة، بينما باقى أكشاك الصحف الأخرى غارقة فى جرأة خليل حنا تادرس وأغلفته اللافتة واغتراب كولن ولسون، وكتب نصائح ليلة الزفاف. تغيّر الوضع كثيرا عندما استلم الابن المكتبة بعد وفاة أبيه. صنع شبكة وصل للأفكار الحديثة وللغُرباء من المثقفين والكتاب فى الإسكندرية. كان يعرِّفنا ببعضنا البعض ليختصر الوقت والمسافة. كان أكثر حماسا ومرونة وبشاشة مع الزبائن المثقّفين، وتوسّعت حدود المكتبة، فيمكنك أن تمد يدك وتأخذ كتابا وتتصفّحه دون أن تشتريه، ويمكنك أيضا أن تقسّط الثمن. لم يعاصر الابن صعوبة لحظة التأسيس وسط هذه المساحة الكبيرة من البشر والأقدار والتحولات، تلك التى عاصرها الأب عندما أنشأ المكتبة مع جده سنة 1935. أو تلك التى عاصرها «محمود أبو العبّاس» بائع الجرائد فى رواية «ميرامار» لنجيب محفوظ، الذى كانت «مكتبة الرملى» أيضا إحدى محطاته خلال وجوده بالإسكندرية. عندما صدر ديوانى الأول عام 1990؛ فكرت أن أعرضه فى هذه الفاترينة الثقافية. كم فرحت عندما أخبرنى الابن بأن هناك نسخة بيعت من الديوان! كدت أطير من الفرح، وكان تعليق صديقى الشاعر الراحل أسامة الدناصوري؛ بأننا يجب أن نأتى باسم المشترى المجهول، ونذهب بأنفسنا لبيته لنقوم بشكره، وربما لنقدم له هدية مجانية! إلى هذا الحد لم نكن نرى أنفسنا داخل هذه السوق الكبيرة. كنا نتحرك من نقطة الصفر المعنوى والمادى، بسخرية من لا يملك شيئا. ولكن هذه المشترى المجهول صار معلوما، بعدها بعقد كامل، عندما أصبحت تلك المكتبة الصغيرة توزع أعداد مجلة «أمكنة»، التى كنا نصدرها. فقد أصبح للمجلة جمهور واسع من الصعب أن نشكر كل واحد على حدة. تحركّت سوق الثقافة وزادت الثقة فى النفس. وتحركنا أيضا، كأصدقاء، من نقطة الصفر المادى والمعنوى إلى «صفر صوفى متّسع»، وقلّت مساحة السخرية التى كنا نداعب بها ذواتنا والآخرين. كاتب، وشاعر، وأحد محرّرى مجلة «أمكنة» أحمد صلاح الدين: الاسم «قصة حب» أنا من هُواة زيارة المكتبات فى أى مكان، فالتجوال بين الكتب ومطالعة العناوين ورائحة الكتب ذاتها متعة بالنسبة لى، وبذكر الكتب والمكتبات، تلمع فى ذاكرتى على الفور صورة شارع «كوزنيتسكى موست» أو جسر كوزنيتسكى فى موسكو الذى قضيت فيه أجمل أيامى هناك. هذا الشارع المائل الذى يصطف بائعى الكتب على جانبيه، والذى يشهد العديد من الكرنفالات الموسكوفية على مدار العام، ويحمل تاريخا مثيرا مع الكتب، فقد شهد بيع الكتب الممنوعة أثناء الحكم السوفيتي؛ حيث كانت تتم الصفقات بين راغبى الشراء وبائعى الكتب فى سريّة تامّة بعيدا عن عيون أجهزة الأمن، كما روى لى دكتور أنور إبراهيم. فى هذا الشارع مكتبتان أحبهما كثيرا وكنت أتردّد عليهما من وقت لآخر، «دوم ايناسترانى كنيجى» أو «بيت الكتب الأجنبية»، و«ماسكوفسكى دوم كنيج» أو بيت موسكو للكتب. ومن بين أجمل المكتبات التى زرتها فى حياتى كانت مكتبة لينين الرائعة التى تحوى عددا مهولا من الكتب المتنوعة فى جميع فروع المعرفة فى مبنى جميل بالعاصمة الروسية. ومن المواقف الطريفة، صحبنى ذات مرة صديق روسى لمكتبة فى ضاحية من ضواحى موسكو تحمل اسم «ايستوريا لوبفى» أو «قصّة حب»، تلك المكتبة الجميلة ذات الألوان الزاهية التى تخصصت فى بيع كتب عن الحب وأشعار الغزل، كما أنها تبيع الورد أيضا، وأخبرنى أن المكتبة يتردّد عليها العُشّاق، وتشهد بدايات قصص حب كثيرة، أو اشتعالها. وبين المكتبات أيضا؛ هناك ما يسمى ب«ديتسكى مير» أو «دُنيا الأطفال»، وهذا النوع من المكتبات يحتوى على كل ما يخصّ الأطفال من كتب وألعاب وأشياء أخرى، وقد رأيته فى عدّة مدن روسية وهى من الأماكن الجميلة التى تشعرك بالبهجة عند زيارتها. أما سان بيتربورج؛ فلى معها قصّة أخرى، فعندما زرتها للمرة الأولى نصحنى أحد الأصدقاء بزيارة مكانين بالأساس، الإرميتاج وهو واحد من أكبر متاحف العالم، ومكتبة «دوم كنيج» أو«بيت الكتب» التى تقع فى شارع نيفيسكى وسط المدينة، وبالمناسبة نيكالاى جوجول كتب قصة رائعة عن هذا المكان، الذى وصفه أنه من أجمل أماكن المدينة القيصرية. تحوى المكتبة كل أنواع الكتب تقريبا، وتستضيف حلقات مناقشة مع الكتّاب والأدباء باستمرار، لذا فهى مُزدحمة طيلة الوقت. وأثناء جولتى بالمدينة، تعرّفت على مكتبات أخرى مثل مكتبة «أكاديمكنيجا» أو «الكتاب الأكاديمى» التى تضم إصدارات قديمة لكتب من الفترة السوفيتية فى جميع الموضوعات، وهى بمثابة كنز لمحبّى الكتب والباحثين عن الكتب النادرة التى ربما لا يوجد مثلها. ليس لهذه الكتب أسعارا ثابتة؛ إنما خاضعة للتفاوض للحصول على أفضل سعر. وهناك أيضا مكتبة «بادبيسانى إيذدانيا». وتعنى «اشتراكات»، وهى تماثل مكتبة ديوان أو ألف والشروق فى مصر، تحتوى على العديد من الكتب والأدوات المكتبية والهدايا أيضا، وتغلب عليها كتب فى الأدب والعلوم الإنسانية. مترجم مصرى أحمد الخميسى: مكتبة مُتحرّكة! فى عهد الاتحاد السوفيتى كانت المكتبات تُسمّى بأسماء كبار الأدباء والثوريين مثل مكتبة «جوركى»، ومكتبة «لينين» وهى أضخم مكتبة فى موسكو، وبالطبع كانت تلك المكتبات تضم أعدادا مهولة من الكتب بكل اللغات ومن مشارق الأرض ومغاربها. لكن سياسة منع الكتب الأدبيّة التى كانت السُلطة ترى أنها خارجة عن الخط السياسى العام، مثل قصائد الشاعرة «آنا آخماتوفا»، والشاعرة «ماريا تسفيتايفا» وغيرهما، سياسة منع تلك الكتب، وطباعتها بأعداد قليلة رمزيّة، أدّت إلى ظُهور مكتبة أخرى، بلا جدران، ولا قاعات، مكتبة متحرّكة تتكوّن من إنسان واحد هو «توليك»، الذى كان تاجر كتب فى سوق الكتب السوداء، تطلب منه أى كتاب ممنوع فيأتيك به خلال يومين لكن بأضعاف سعره الرسمى. وأطلقنا نحن طلاب الدكتوراه فى جامعة موسكو على «توليك» هذا: مكتبة توليك. وفى مكتبة توليك فقط كان يمكن أن تجد كل الكتب الممنوعة. هذه أغرب مكتبة صادفتها، إذ كانت كل مبانيها وقاعاتها تتألّف من شخص واحد نحيف، سريع الحركة، هو «توليك». كاتب وقاص أحمد يمانى: جيب الكتب بمدريد عدد هائل من المكتبات، لبعضها أسماء شعراء وكتّاب مثل رافائيل ألبرتى وخوان رولفو، ولبعضها أسماء غريبة من قبيل: «التنين القارئ»، «سيئو السمعة»، «مُهربو الأحلام»، «تحت البركان». كما أن هناك مكتبات تهتم بمطبوعات حول العالم العربى كمكتبة ديوان ومكتبة بلقيس، وهى مكتبة البيت العربى فى مدريد. إضافة إلى المكتبة الشهيرة ثمانية ونصف (عنوان فيلم فيللينى الشهير) التى تهتم بكل ما له علاقة بالسينما. هذا بخلاف المكتبات الكبرى مثل كاسا ديل ليبرو (بيت الكِتاب) وفناك وغيرهما. شخصيا أحب مكتبة «انكلابى دى ليبروس» Enclave de Libros لصاحبتها الإيطالية ماريا ماكيا والإيطالى بينو مايو، بواجهتها القديمة التى تبدو من ثلاثينيات القرن الماضى. يعنى الاسم «جيب الكتب». والجيب هنا بمعنى الجيب الداخلى، أى قطعة من دولة داخل دولة أخرى. فى واجهة المكتبة تجد حرف ال E الأخير من الكلمة مكتوبا بالعكس كأنه فى مرآة، تأكيدا على معنى الكلمة. هناك تم تقديم مختارات من قصائدى مترجمة إلى الإسبانية، وهناك أيضا شاركت فى فيلم تسجيلى عن صديقى الشاعر الإسبانى الكبير آنخل جيندا. كما استمعت هناك إلى شعراء كثيرين من إسبانيا ومن خارجها، منهم شاعر الهند الكبير ك. ستشدانندن. كنت أشعر بارتياح كبير فى مكتبة لا ليبريLa Libre الواقعة خلف متحف الفن الحديث الملكة صوفيا، كنت أسكن قريبا منها وأتردّد عليها بعض الأحيان فى فترة المساء، يأتى اسمها من لعب على الحروف بين كلمتى مكتبة Librería وكلمةLibre بمعنى حُرّة، وهى عبارة عن مكتبة ومقهى فى الوقت نفسه؛ حيث يمكنك القراءة أو تناول مشروب وبعض المأكولات الخفيفة. يمثل ديكور المكان أساليب مختلفة ومتباينة زمنيا، من الخمسينيات والسبعينيات وإلى موتيفات حالية، إضافة إلى الكتب التى تتناثر هنا وهناك ولكن بشكل مرتب فى النهاية. لن يعدم الواحد شخصا يرفع صوته قليلا فى حيّز لا يسمح بذلك، أحيانا يطلق مصطلحا أدبيا أو عنوان عمل رائج أو اسم أحد الشعراء المعروفين (بابلو نيرودا مثلا)، هو بالطبع يريد أن ينتمى إلى المكان، أن يقول للآخرين إنه مثقف مثلهم ولكنه لا يعرف أن مرتادى هذه الأماكن ليسوا بالضرورة كتابا أو مهتمين بالشأن الثقافى، جاذبية هذا النوع من المكتبات تأتى من كونها مكانا أنيقا بالأساس. شاعر مصرى مقيم فى مدريد غادة الأغزاوى: المكتبة العوّامة دار النشر «عَسل الملائكَة» Le miel des anges يُديرها المُترجم ميشال ڤولكوڤيتش وهى مختصّة فى ترجمة الأدب اليونانى المعاصر إلى الفرنسية، كُتبُها متاحة فى بعض المكتبات الباريسيّة المستقلّة مثل مكتبَة «شَجَرةُ المُسافِر» بالدّائرة الخامسة، وبمكتبة «دَفاترُ كوليتْ» بالدائرة الرابعة، ثمّ بمدنٍ فرنسيّة أخرى مثل تولوز بمكتبَة «ظِلالٌ بيضاء»، وفى مدينة نانت بمكتبة «رِيحُ الغَرب». هناك العديد من المكتبات الباريسيّة المُستقلّة والتى ينبغى على كلِّ سائح زيارتها بُغية التعرّف على باريس أكثر ومشهدِها الأدبى والثّقافى عمومًا، فلكلّ مكتبَةٍ تيّارٌ مُعَيّن، فريقُ عملٍ مميّز وبرنامج موسمِيٍّ يجعلكَ تسجّلُ التّواريخ فى دفتركَ الخاصّ حتّى لا يفوتكَ لقاءٌ ما أو عرضٌ خاصّ أو أمسيّة فنيّة ربّما، فى إطارٍ حميميّ وممتع. نجدُ مكتبَة «ڤيوليت إند كو» violette & co بالدّائرَة 11، مكتبّةٌ نسوية بامتياز، آخرُ لقاءٍ حضرته كان تقديم كتاب عن حياةِ ألكسندرا كولونتاى، التى تُعتبرُ من أبرز نساء الحركة الشيوعية الروسية. مكتبة «كلماتٌ على الفَمِ» Les mots à la bouche بالدائرة 4، افتتحتْ فى ثمانينيات القرن الماضى، وهى تهتم أكثر بالأدبِ المثليّ والكتابات الجنسانيّة. بالضاحية الباريسية؛ نجدُ مكتبةَ «صندوقُ القِصص»، la malle aux histories? ما يُميّزُها إصداراتها الشبابية وديناميكية فريق العمل المُذهل، يُمكنكَ أنْ تجدَ، مثلاً، مُلصقًا صغيرًا على غلافِ كِتابِ ما، كَتبَ عليهِ عاملٌ فى المكتبة رأيه فى أسطُرٍ، أكثرَ شيئا أَحبّه فى الكتاب وأكثر شىء لم يحِبّه كذلك. بالدّائرة 12 نجدُ مكتبَة «شُرفَة غوتِنبرْغ»، la terrasse de Gutenberg طبعًا فى إشارَةٍ إلى يوهان غوتنبرغ مُخترِعُ الطِّباعة الحَديثة. «ألفُ صفحَة» millespages اسمُ مكتبَةٍ بڤانسان (ضاحية شرقيّة لباريس)، وهى مغارة على بابا للقصصِ المُصوّرة أو الكومكس، بأنواعها واختلافِ أزمنتها ومواضيعها. مكتبة «زَبَدُ الصّفحات» lécume des pages بالدّائرة 6، التى تبقى مفتوحَةً إلى وقتٍ متأخّرٍ. مكتبة «الماءُ والأحلام» leau et les rêves المكتبةُ التى تطفو أو المركبُ الذى يقرأ؟ ليستْ مكتبَةً عادية، هى عبارَة عن مركب يرسو فوقَ نهر السّين، تُقدّمُ كتبًا خاصّة بالملاحة وبأدب الرّحلة والأسفار. الماءُ والأحلامُ، بالمناسبة، دراسة فلسفيّة لمؤلفها غاستون باشلار تقفُ على بعضِ خصائص الماء الأنطولوجيّة. كاتبة وقاصّة مغربية تعيش فى فرنسا