خطوة استباقية، بادرت بها مصر لإنهاء الصراع الدائر منذ 6 أعوام تقريبا، بسبب أزمة سد النهضة الإثيوبى، إذ يعد وزيرا الخارجية والرى يعد الصياغات الخاصة باتفاق مصرى إثيوبى سودانى جديد ويحدد القواعد الخاصة بملء خزان سد النهضة، ما ينهى الأزمة ويغلق الملف العالق منذ سنوات فى القريب العاجل. مصادر مطلعة بملف مفاوضات سد النهضة، قالت إن اجتماع الأسبوع الماضى، بين وزير خارجية إثيوبيا، الدكتور ورقينه جباييه، وسامح شكرى، وزير الخارجية، بالإضافة إلى السفير الإثيوبى بالقاهرة، شهد بحث آليات وسبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، ونقل وزير الخارجية الإثيوبى، للرئيس عبدالفتاح السيسى، تحيات رئيس الوزراء الإثيوبى، هايلى ماريام ديسالين، وسلّمه رسالة مكتوبة منه، تتضمن حرص الجانب الإثيوبى على تطوير وتعميق علاقاته مع مصر على مختلف الأصعدة. المصادر لفتت إلى أن رؤية مصر الخاصة بضرورة الالتزام الإثيوبى باتفاقية المباديء، تؤكد التزام مصر وإثيوبيا والسودان بقواعد ملء وتشغيل سد النهضة وفقا لمبدأ عدم الإضرار، فضلا عن أهمية انتهاء الشركة التى تُنفذ الدراسات الخاصة بالسد من أعمالها فى أقرب وقت، والوصول إلى التوافق على قواعد ملء السد وفقاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع فى الخرطوم. كما تم عرض رؤية مصر بشأن تنفيذ عدد من المشروعات التى تعمل على زيادة الحصص المائية لدول النيل الشرقى مصر والسودان وإثيوبيا، من أجل الاستخدام الأمثل لمجمل الموارد المائية المشتركة فى حوض النيل، بما يراعى تحقيق التنمية لكل الدول، دون الإنتقاص على الحق فى الحياة، أو الإضرار بالاستخدامات القائمة بالفعل. ودعا السيسى رئيس الوزراء الإثيوبى لزيارة القاهرة، وعقد جلسات مفاوضات للدفع بحل أزمة سد النهضة، وبحث خطة التعاون المشتركة بين البلدين خلال الفترة القادمة. وأضافت المصادر أن التأكيد المصرى جاء فى توقيته، حيث يعتزم الجانب الإثيوبى بدء عمليات تخزين المياه فى موسم الفيضان المقبل والذى يبدأ يونيو المقبل فى إثيوبيا، وتظهر آثاره بالقاهرة فى أوائل شهر أغسطس، لافتة إلى أن وزير الخارجية المصرى نقل ذات الرسالة إلى الرئيس السودانى عمر البشير، فور وصوله الخرطوم عقب انتهاء المباحثات المصرية الإثيوبية بالقاهرة، والتى أعقبتها جولة مفاوضات مصرية سودانية بالخرطوم، على هامش الاجتماعات. كما أرسل الجانب المصرى رسالة تطمين إلى النظام الإثيوبى، مشددا على أن مصر لا تتآمر ولا تتدخل فى شئون الدول الأخرى، بل تسعى إلى البناء والتعاون والتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بالشرق الأوسط وأفريقيا. ورحب وزير خارجية إثيوبيا بما تم إحرازه من تقدم خلال السنوات الثلاث الماضية على مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيراً إلى ما يعكسه ذلك من توافر إرادة سياسية حقيقية لدى قيادتى وشعبى البلدين، تستهدف تعزيز التفاهم المشترك وأواصر التعاون بين دول حوض النيل، خاصة فى ضوء ما يجمع بين مصر وإثيوبيا من تاريخ مشترك ومصير واحد. كما أكد الوزير الإثيوبى التزام بلاده بتحقيق المصالح المشتركة للشعبين وعدم الإضرار بمصالح مصر، مشيراً إلى أن التواصل والتشاور الدورى بين البلدين يعززان من التعاون المشترك ويساهمان فى ترسيخ الثقة على المستويين الرسمى والشعبى. وشدد على كثير من الثوابت التى اعتبرها القائمون على ملف مفاوضات سد النهضة بمثابة تطمينات يمكن أن يبنى عليها الكثير من الخطوات التى من شأنها حفظ الحقوق المصرية فى مياه النيل، وقال إنه لن يضار مصرى واحد من إثيوبيا، وأن مصر وإثيوبيا تاريخ مشترك، والإعلام فى أغلب الوقت يركز على الأشياء السلبية، لافتا إلى أن هناك الكثير من الأمور المشتركة والإيجابية بين الشعبين. وأضاف: «أكدنا للجانب المصرى أنه لا يمكن أن نعيش منفصلين وإننا متصلان شئنا أم أبينا وقدرنا واحد وإذا سبحنا سنسبح معًا وإذا غرقنا سنغرق معًا، فنحن لن نعمل ضد مصلحة شعب مصر، وهذه رسالة من الشعب الإثيوبى، وشعب مصر يجب أن يساعدنا فى استخدام مواردنا، وما جمعه النيل لن تفرقه السياسة». وتعد زيارة وزير الخارجية الإثيوبى هى أول زيارة له عقب تسلم مهامه منذ فترة وجيزة كوزير للخارجية، حيث كان يشغل منصب وزير النقل والمواصلات فى إثيوبيا، بينما أكد مصدر مطلع بوزارة الموارد المائية والرى ل«روزاليوسف» أن وزير الخارجية الإثيوبى الجديد أظهر مرونة خلال المناقشات الخاصة بملف سد النهضة خلال الاجتماعات، وانعكس ذلك خلال المؤتمر الصحفى بكلماته التى أكدت حرص بلاده والتزامها بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، بل حرص خلال اللقاء على حمل حقيبة مليئة بالمستندات والدراسات الخاصة بسد النهضة التى اطلع عليها وزير الخارجية المصرى وخبراء الملف بمصر خلال الزيارة. ووفقا لذات المصدر فإن الدراسات التى حملها وزير الخارجية الإثيوبى للقاهرة يبرهن الجانب الإثيوبى أنه استدل من خلالها على سلامة التربة هل ستتحمل حمولة السد بعد تخزين المياه بداخله كى لا ينهار مستقبلاً ويحدث فيضان وتتأثر به مصر، بالإضافة إلى معرفة عدد السنوات التى سيتم تخزين المياه بداخله. وأشارت المصادر إلى أن وزير الخارجية الإثيوبى ناقش مع وزير الخارجية المصرى، الموقف السودانى من سد النهضة، وحمل عددًا من التفسيرات التى نقلها بالنيابة عن السودان لمصر خاصة بتصريحات «البشير» الأخيرة بشأن الأمن القومى السودانى، باعتباره جزءًا لا يتجزأ عن الأمن القومى الإثيوبى. وفى السياق نفسه، أكد مصدر مسئول بوزارة الرى، أن مصر بصدد إعداد مشروع جديد تحت مسمى الدبلوماسية المائية، حيث تعمل لجنة خاصة حاليا باختيار مجموعة من النساء المصريات لتكون نواة لمشروع الدبلوماسيات اللاتى سيعملن على القيام بكثير من المهام فى منطقة حوض النيل على المستوى الشعبى ومنظمات المجتمع المدنى النسائية بدول حوض النيل، خاصة إثيوبيا والسودان، لافتا إلى أن المشروع يتضمن مجموعات أخرى من الشباب، فضلا عن بدء برامج لصقل خبرات التفاوض ومبادئ القانون الدولى لجميع الوفود والبعثات المصرية إلى حوض النيل، لتكون هذه البعثات بها سفراء لمصر قادرون على التفاوض والإقناع على المستويات الشعبية، إضافة إلى المفاوضات الرسمية. وأضاف المصدر أن هناك دورات لإعلاميى مصر ودول حوض النيل ستبدأ أكتوبر المقبل، بالتعاون مع معهد استكهولم للمياه لوضع رؤية إعلامية مشتركة لتغطية القضايا المتعلقة بمياه النيل، لافتا إلى أنه فى إطار استراتيجية إعلامية جديدة سيتم التنسيق مع الهيئات الصحفية الجديدة على قواعدها بما يخفض النبرة الإعلامية المتبادلة بين مصر ودول منابع النيل. وكانت زيارة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى للخرطوم قد شهدت تهدئة للأجواء المتأزمة بين البلدين، وشملت الاتفاق على إعلان ميثاق شرف إعلامى بين البلدين يعمل على إعادة القوى الإعلامية بين البلدين. ورغم موجة الهجوم التى شهدتها وسائل التواصل الاجتماعى بالسودان قبيل زيارة شكرى، وتصعيد هاشتاج يرفض زيارة الوزير المصرى، رصدت «روزاليوسف» نبرة إعلامية شديدة الترحيب بزيارة وزير الخارجية، حيث اهتمت وسائل الإعلام السودانية بزيارة شكرى للخرطوم، مترأسًا وفد مصر فى اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، وتناولت الصحف الحكومية والمستقلة عناوين عن قطع الطريق أمام الأكاذيب للساعين خلف الوقيعة بين البلدين.