مع تصاعد أزمة الدواء التى تضرب السوق المصرية بسبب ارتفاع أسعارها من جهة وأزمة الدولار من جهة أخري، اختفت حبوب منع الحمل من الصيدليات المصرية بنوعيها المصرى المدعم والأجنبي، وتفاقمت أزمة نقص أدوية العقم وحبوب منع الحمل فى كل محافظات مصر الأمر الذى قد يتسبب فى كارثة كبرى فى زيادة التعداد السكانى وأثرها السيئ على الأمن القومى المصرى. حيث إن اختفاء تلك الحبوب قد يتسبب فى حدوث حالات حمل بالخطأ، وهو ما يتعارض مع خطط وزارة الصحة فى ضرورة البدء بخفض معدل الخصوبة عند الرجال، وبعدها خفض الخصوبة أيضًا عند النساء، بعد أن أصبحنا 100 مليون مواطن. عدد من الصيادلة أكدوا اختفاء أقراص منع الحمل تماما من السوق، ومن أشهرها أصناف «ياسمين» و«جينيرا» و«مارفيلون» و«جراسيال» و«سيليت» و«لوجيون» و«ديان 35» و«سيرازيت» وحقن «ميزوسيت» الشهرية، وأقراص تنظيم الدورة «يكلو بريجينوفا»، وحقنة تنشيط هرمونات المبايض للإناث وهرمونات ميريونال وفوستيمون، كما ارتفع سعر محلول الملح من 4 جنيهات إلى 30 و40 جنيهًا للعبوة الواحدة وأقراص معالجة الأورام أندوكسان فضلاً عن اختفاء منظم ضربات القلب أندرال 40 ملجم، واختفت أدوية معالجة الديدان فلوفيرمال وبتداكس والزنتال، وتيرميزول شراب، واختفاء أدوية فواتح الشهية والمهضمات. ويؤكد الصيادلة أن السبب فى أزمة نقص حبوب منع الحمل هو أن المخازن والشركات منعت توزيع الكميات التى تمتلكها فى محاولة لاحتكار السوق ورفع الأسعار، وأن ارتفاع سعر الدولار أيضًا أحد الأسباب لأن أغلب المواد الخام يتم استيرادها من خارج مصر، وإن عدد الأدوية بشكل عام زاد فى الفترة الأخيرة، ولكن لم يتناسب مع استمرار ارتفاع الدولار فى الفترة الماضية، وهو ما خلق رغبة لدى شركات الأدوية فى تعويض خسائرها، حتى صار أسعار السوق السوداء لحبوب منع الحمل تتراوح ما بين 25 و40 جنيهًا للشريط لنوع «سلست»، ومن 30 إلى 60 جنيهًا للنوع «جينيرا»، ومن 39 إلى 70 جنيهًا للنوع «ياسمين». النقص كان قد بدأ منذ 3 أشهر، بعدم توافر نوعين وهما «جينيرا»، و«سيليت» ..بعض الأصناف من أقراص منع الحمل المستوردة مختفية بالفعل والمصرى مختفٍ تماما ويوجد نقص حاد فى أدوية العقم، إلا أنه خلال الأسبوعين الماضيين اختفت هذه الأصناف تماما. أزمة نقص الدواء فى السوق المصرية قد تشعبت حتى وصلت إلى أدوية منع الحمل، وأشار بعض الصيادلة إلى أن الأزمة الحقيقية ستظهر فى شهر أكتوبر المقبل. وقال أسامة رستم، عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات: إن 8 %من أدوية منع الحمل مستوردة تامة الصنع، بينما يتم تصنيع النسبة الأخرى محليًا، لكن بمواد خام مستوردة. وذكر أن البنوك لم توفر العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الأدوية الناقصة، رغم علمها الكامل بمدى تأثير الأزمة على القطاع. وأشار إلى أن المهلة التى منحتها وزارة الصحة لشركات الأدوية لإنتاج النواقص (3 أشهر من تاريخ إصدار قرار رفع الأسعار الصادر منتصف مايو الماضى)، غير كافية، خاصة أن أغلب الشركات استنفدت مخزون المواد الخام لديها خلال تلك المدة ولم تستطع استيراد كميات جديدة تعادل حجم الاحتياجات، وأضاف أن الشركات لا ترغب فى زيادة أسعار الأدوية مرة أخري، لكنها تسعى لتوفير الدولار اللازم لشراء المواد الخام، وأن الموردين امتنعوا عن تقديم تسهيلات فى الدفع لصالح شركات الدواء المصرية نتيجة زيادة الديون. وقال محمود فؤاد، مدير مركز «الحق فى الدواء»: إن المركز رصد نقصًا فى هذه الأصناف، موضحا أنه وفقا للمؤشرات الأولية لتقرير مؤسسة IMS العالمية للمعلومات والاستشارات فى مجال الصيدلة والرعاية الطبية، فإن إحصائيات الاستهلاك الشهرى تقدر بمليون و453 ألف شريط شهريا، و576 ألف حقنة، و120 ألف كبسولة تحت الجلد، و674 ألف لولب، وأضاف أن التقرير أظهر أن المبيعات للنصف الثانى فى عام 2015 لحبوب منع الحمل وحدها فى الصيدليات 420 مليون جنيه دون التوزيع الحكومي، أما خلال النصف الأول فى 2016 فقد وصل إلى 211 مليون جنيه. وأكد د. كرم المتحدث الرسمى للشركة المصرية لتجارة الأدوية، أن سبب وجود نقص فى حبوب منع الحمل، هو أن غالبيتها مستوردة، وتوقف الاستيراد بسبب أزمة الدولار التى تواجه القطاع، لافتا إلى وجود 5 أصناف رئيسية مستوردة يتم تداولها فى الصيدليات، وغير موجودة على الإطلاق. وأضاف أنه يوجد صنفان فقط من إنتاج شركة سيد الحكومية التابعة للقابضة للأدوية، أحدهما متوافر والآخر ناقص أيضاً. الدكتور محى عبيد نقيب الصيادلة أكد أن وزارة الصحة قامت مؤخرا بحملة تفتيش على مخازن الشركات المسئولة عن استيراد حبوب منع الحمل والمحاليل وعلاج العقم، ووجد بمخازنها كميات كبيرة من تلك الأصناف وذلك للضغط على وزارة الصحة لرفع سعرها! ويؤكد بعض المواطنين أن بعض الصيادلة الذين كانت لديهم كميات كبيرة استغلوا الأزمة ويقومون حاليا ببيعها بأضعاف سعرها، فمثلا أحد الأصناف وصل سعره إلى 70 جنيها للشريط الواحد بدلا من 30 جنيها. من ناحية أخرى أعلنت الوزارة، أنها توفر عددًا من الوسائل لمنع الحمل لدى السيدات فى مختلف الوحدات الصحية المنتشرة بالجمهورية منها «اللولب النحاسي، والحقن المركبة». وأكد الدكتور على فهيم، صاحب صيدلية أن المحاليل اختفت تماما من جميع الصيدليات وجارٍ تصديرها لخارج مصر للحصول على العملة الصعبة، أما حبوب منع الحمل فإن النوع المصرى المدعم مختفٍ تماما والأجنبى قليل وغير متوافر أيضا، ويؤيده الدكتور حنا نبيل. ويقول الدكتور حسين كامل: إن نقص المحاليل كارثة ويجب أن تكون هناك حصة ثابتة للمستشفيات الجامعية أو الحكومية ولا تتحكم فيها الشركات المنتجة لرفع أسعارها وهى أدوية استراتيجية لا يتحمل المريض نقصها ويجب على وزير الصحة التدخل لتوفيرها. ويعتبر نقص المحاليل الطبية من أكثر الأزمات التى لفتت انتباه رواد مواقع السوشيال ميديا، خصوصًا بعد نفى وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين وجود مثل هذه الأزمة فى مطلع أغسطس الجاري، فيما أكدته المستشفيات ونقيب الأطباء فى أكثر من محافظة. وكانت أخبار قد تم تداولها مؤخرا عن ارتفاع أسعار المحاليل الطبية بشكل جنوني، خلال الفترة الأخيرة، وصلت إلى 500 جنيه للكرتونة التى تحوى 20 علبة، بعد أن كانت تباع ب200 جنيه فقط، وذلك على رغم أنها محاليل محلية الصنع. أحد المواطنين أكد أن صيدلانية فى صيدلية العزبى قالت له ردا على نقص دواء الحساسية الخاص بطفلته «اعملها أعشاب من عند العطار، واحمد ربنا إنك بتتكلم ف دواء كحة ناقص، غيرك بيطلبوا أدوية هيموتوا لو مخدوهاش النهاردة، ومبيلاقوهاش وبيموتوا»!! يذكر أن المركز المصرى للحق فى الدواء كان أعلن فى أواخر أبريل الماضى عن تحريره محضرًا ضد وزارة الصحة بسبب المخاطر التى يتعرض لها مرضى الأورام بسبب اختفاء الأدوية المكملة للعلاج الكيماوى.