مشكلة طلاب المدن الجامعية المغتربين ما زالت لاتبرح مكانها عاصية على الحل، رغم مرور أكثر من شهر على بدء الدراسة، الطلاب ينتظرون على الرصيف لعل الفرج يأتى وتتحقق الفرصة المستحيلة، للفوز بمكان فى المدينة الجامعية. المسئولون فى جامعة الأزهر يقولون إن سبب تأخير التسكين أعمال الصيانة، ويهددون بإغلاق المدينة عند ظهور أية أعمال شغب، وعلى الجانب الآخر ارتفعت أسعار الإيجار الشهرية للشقة إلى آلاف جنيه. حالة من الاستياء والغضب بين الطلاب والطالبات المغتربين من صعوبة البحث عن فرص للتسكين فى المدن الجامعية. الأزمة تتكرر كل عام، ولكن المشكلة ازدادت حدة هذا العام.. موسم معاناة الطلاب بدأ مبكرا مع وعود المسئولين بالتسكين السريع الذى تأخر تنفيذه كثيرا، وترك المغتربين للسماسرة وتجار العقارات فى رحلة البحث عن مأوى.. المشكلة ظهرت جلية فى جامعة الأزهر. تقول نسرين سعد «كلية تجارة» من أسيوط: لا توجد أعمال صيانة كما يدعون لأننا نحضر إلى الجامعة بشكل يومى لحضور المحاضرات ولا نرى شيئا فهى مجرد قرارات، وإن وجدت صيانة فهى لا تأخذ كل هذا الوقت، إجازة الصيف ثلاثة أشهر، وكان من السهل الانتهاء من الصيانة المزعومة، وللأسف نحن من محافظات بعيدة ولا نستطيع أن نحضر كل يوم، فالأمر شاق خاصة أننا من الصعيد ولا نستطيع أن ندفع تكاليف السكن الخاص، الذى نسمع عنه فالأسعار نار ونعيش حالة مأساوية مع السماسرة وأصحاب العقارات فقد يتعجب البعض من الأرقام الخيالية لإيجار الشقق المفروشة الذى وصل إلى 6 آلاف جنيه فى الشهر، وليس هناك أى رقيب على الطلاب والطالبات داخل الشقة التى يضطر الطالبات لتفادى ارتفاع الأسعار إلى تسكين نحو 12 فتاة داخل شقة واحدة دون خصوصية، فهى مجرد مكان للنوم وليس للحياة والاستقرار. وللأسف مع وصف تلك الشقق الصعبة فإن هناك العشرات من الطلاب غير قادرين على دفع تلك المبالغ لأن حياتهم مرتبة منذ شهور بمبالغ مالية ادخروها لوقت الدراسة وليس لهم أى دخل، وحاول العديد منا التفكير فى أمر العودة إلى بلادهم بشكل يومى إلا أن الأمر أصعب بكثير، لأننا ننتهى من اليوم الدراسى فى الساعة الرابعة عصراً ونسارع للذهاب إلى موقف عبود وقد تكون المواصلات غير متاحة نهاية اليوم، وإذا وجدناها نواجه بالتكلفة المرتفعة وضياع وقت أطول للعودة، الأمر شائك ولابد من وقفة من المسئولين للنظر إلى حالنا ومحاولة إنقاذنا من سماسرة الشقق المفروشة. وتضيف سعاد محمود، بزراعة الأزهر من الشرقية: للأسف شروط القبول فى المدينة الجامعية صعبة للغاية، فرغم حصولى على تقدير جيد جداً العام الماضي، إلا أننى فشلت فى الحصول على مكان فى المدينة لأنها للحاصلين على الامتياز فقط، وفى البداية قررت العودة إلى بلدى بشكل يومى حتى أجد مكاناً مناسباً للسكن لأن جميع الشقق المفروشة غير آمنة وأسعارها لا تتناسب معى على الإطلاق فأقل إيجار 800 جنيه شهرياً.. فمن أين نوفر تلك المبالغ؟ غير مصاريف الجامعة الباهظة، علما بأن لى ثلاث أخوات ولهن التزامات متعددة ومصاريف دراسية، ولا أتوقع حصولى على أى تقدير جامعى لأن الأزمة تحدث كل عام، ولكن العام الحالى أصعب من الماضي، والسماسرة منتشرون فى كل مكان لاصطياد الطلبة والطالبات للحصول على أكبر قدر من المال مقابل غرفة قد تكون على البلاط وليست آدمية. راندا السعدي، بهندسة الأزهر من الغربية، تؤكد: نحن الأكثر معاناة بين طلاب الجامعات المصرية فى أزمة التسكين فالجامعة تضم نحو 30 ألف طالب وطالبة، وللأسف نحن الآن فى موسم النصب على الطلبة واستغلال ظروفهم المادية الصعبة من الطرفين، الجامعة وأصحاب الشقق المفروشة، وتستطرد: حتى أتفادى الأمر ذهبت للسكن فى حلوان فالأسعار هناك معقولة لكنى أجلس فى عربة المترو ساعتين يومياً من وقتى وأكون مرهقة، ولكن السكن هناك فى غرفة بها 4 بنات ب100 جنيه فقط، ولا يطلب منى أى أوراق تثبت شخصيتي، ولا أواجه أى عقبات فى الدخول والخروج من البيت فى أى وقت، لكن مدينة حلوان غير آمنة وأسرتى تتابعنى لحظة بلحظة بشكل يومى خوفاً على حياتى لأن الطلبة يتعرضون للتحرش والنشل فى المترو. منار على طب الأزهر قالت: أنا من البحيرة وكنت أسافر يومياً ولكن القطارات تقف فى الطريق بدون مبررات وتتأخر زيادة عن الأوقات المقررة لها، وهناك أيام كنت أخرج فيها من الجامعة الخامسة عصراً لأصل بيتى فى كفر الدوار الحادية عشر مساء طبعاً بعد كل هذا الوقت لا أستطيع المذاكرة وأكون فى حاجة للنوم استعدادا للسفر مبكراً فى اليوم التالى للمحاضرات ولا أحد يقبل أعذار التأخير ماذا نفعل؟.. السفر اليومى يجعلنا كمن يدور فى ساقية، لا نستطيع أن نرحل عنها وتكون دراستنا كلها سفر فى سفر، وكأن واجبنا هو التمرين على السفر وليس المذاكرة ووسط هذا كله رئيس الجامعة يخيرنا بين الامتياز، والجيد جداً لدخول المدينة الجامعية فليضع نفسه مكانى إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع. من جانبها، قالت ليلى غالي، تجارة الأزهر من البحيرة: ملاك العقارات استغلوا ما فعله قيادات جامعة الأزهر ورفعوا الأسعار بشكل جنونى لا أحد يقدر خاصة أبناء الريف الذين يسعون للإقامة فى القاهرة ليس حباً فى البعد عن قراهم، ولكن توفيراً للنفقات، بالإضافة إلى أن معدل المحاضرات فى اليوم كبير جداً وطول اليوم محاضرات فلا يكون لدينا وقت للمذاكرة، وبعد هذا كله الجامعة تطالبنا بالحصول على امتياز لنجد أماكن فى التسكين الجامعي، بدأنا نشعر وكأن إدارة الجامعة هى التى سلمتنا للسماسرة ليستغلونا، والحقيقة أننا لا نستطيع مجاراتهم فى الأسعار لأننا بالفعل لا نملكها.. مأساة البنين لم تغب عن المدينة الجامعية أيضاً، وطالت فترة معاناتهم بعد قرار رئيس الجامعة بأن التسكين سيكون للطالبات أولاً لم يعترضوا بل كل ما طالبوا به هو سرعة التسكين. حسن عبدالحميد كلية الشريعة والقانون (سوهاج) قال: «من الطبيعى أن يكون تسكين الطالبات أولاً ولا نعترض ولكن لا تتركونا تحت رحمة السماسرة وأصحاب العقارات الشقة تجاوز إيجارها خمسة آلاف جنيه ومعظمنا لا يستطيع أن يدفع كل هذا». مشيراً إلى أنه سكن فى شقة مع 12 طالباً بعضهم لا يعرفهم وكانت الشقة ثلاثة غرف فقط كل أربعة فى غرفة ومن ينام على الأرض له جدول يتبادلونه بينهم ففى الشهر كل فرد له أسبوع نوم على الأرض نطلق عليه شهر التكدير. مضيفا: كلنا يعلم أن التأخير من أجل التأمين مطالباً وزارة الداخلية بسرعة الكشف عن الطلاب حتى لا يتحمل الطالب الملتزم ما لا يحتمل بسبب طالب آخر غير منضبط جاء من أجل التظاهر وليس العلم. عادل عبد السلام (طب) من الغربية أكد أنه لايثق فى تصريحات المسئولين عن الجامعة فكذبهم لا يتوقف مرة يقولون أن هناك صيانة لبعض المبانى على غير الحقيقة فهناك من يتم تسكينهم من بعض فرق الطب، نحن نطلب المساواة بأن نسكن فى مبان خاضعة للصيانة الداخلية ولن نشتكى. وقال: إن المسئولين لا يراعون ظروف بعض الطلاب فنجد تسكين الطلبة ذوى الاحتياجات المقعدين بالأدوار العليا دون مراعاة لظروفهم، ومنع الطلاب أن يبدلوا الغرف بينهم بشكل ودى. حسان عاطف، طب الأزهر قال: نعلم أن التسكين لن يتم إلا بعد الاستعلام الأمني، كل ما نطلبه منهم هو الإسراع فيه ويجب المصارحة فلا داعى إلى أن يقولوا أن هناك أعمال صيانة وتساءل: لماذا طلاب يقيمون فى المدينة وعندما يأتى طلاب الصعيد تظهر أعمال الصيانة؟ مصروفات المدينة الجامعية ثابتة فى كل الجامعات والمبانى الفندقية للعرب فقط: لم تختلف أسعار المدن الجامعية بجامعة القاهرة وحلوان وعين شمس. تقول سناء كمال، طالبة فى جامعة القاهرة مصروفات المدينة الجامعية 165 جنيها فقط منها 100 جنيه للسكن و65 للطعام طوال الشهر، ولا يوجد أى تأمين للمدينة الجامعية، والمبلغ يتم دفعة مقدماً خاصة مصروفات الطعام ونحو نصف البنات يحرصن على طعام المدينة الجامعية والنصف الآخر يرفضن خوفاً على حياتهن بعد ظهور وقائع التسمم الشهيرة العام الماضى. وتضيف رحاب الشافعي، طالبة فى جامعة عين شمس، مصروفات المدينة الجامعية 165 جنيهاً فقط، لكن المدينة الجامعية فى عين شمس اختلفت تماماً عن المدن الجامعية الأخرى لأنها قامت بإدخال الفنادق الفاخرة لأولاد الأغنياء، فيوجد غرف فاخرة بجوار المدينة الجامعية فى عين شمس الغرفة الواحدة ب 2000 جنيه مميزة بالتكييفات وثلاجة خاصة وحمام خاص لكل طالبة وخدمة إنترنت سريع، وغرفة ب1500 جنيه ليس بها حمام خاص، وتلك الفنادق الفاخرة لا يجرؤ أى مصرى بسيط الحال الاقتراب منها لأن المقبلين عليها من يملك المال من الطلاب العرب. وتشير إيمان السيد، جامعة حلوان إلى أن مصروفات المدينة لم تزد على العام الماضى فهى ثابتة ومعظم الفتيات يحرصن على دفع ما يخص السكن فقط والطعام اختيارى وليس إجبارياً. رداً على أزمة التسكين يقول الدكتور عبد الحى عزب رئيس جامعة الأزهر: المدينة الجامعية هذا العام لها شروط مختلفة فهى من حق المتفوقين والجادين فقط لأنها منحة لمن يستحق ذلك، والتسكين له ترتيب بالطالبات والطلاب القدامى ثم الطالبات الجدد، بعيداً عن الطلاب المشاركين فى أى أعمال شغب سابقة وأؤكد أنه فى حالة ظهور أى أعمال شغب مثل العام الماضى سيتم إغلاق المدينة فوراً. مؤكداً أن الطالب لا يدرك أن تسكينه فى المدينة الجامعية منحة من الدولة وليس حقاً ليطالب به، كما يفعل الآن ولكنها تمنح للمتفوقين فقط وحسب التقديرات الأعلي، وأنه ستكون هناك مراقبة لسلوك الطلاب ومن سيثبت سوء سلوكه سيتم إنهاء تسكينه وسيطرد منها فالجامعة لمن جاء للتعلم.