رحلة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى روسيا أتاحت فرصة مصر للانضمام إلى مجموعة «البريكس» التى تقودها موسكو لتكون عضوا مراقبا فى مجموعة البريكس حتى تكون عضوا دائما فى نهاية العام الجديد، وهى مجموعة من التكتل الاقتصادى الذى يضم 5 دول هى: البرازيلوروسياوالهندوالصينوجنوب أفريقيا، وأخذ اسم بريكس من الحروف الأولى لتلك الدول، لتكون أكبر تكتل اقتصادى فى العالم باعتبار أن هذه الدول تمثل نصف العالم سكانيا.. مما جعل هذا التكتل - خطرا حقيقيا على الدولة الكبرى الأولى فى العالم وهى أمريكا، والتى تمارس الهيمنة الاقتصادية والسياسية على العالم خاصة أن أمريكا تعانى عجز موازنة كبيرا جدا، وكذلك أوروبا التى تعانى عجزا فى الموازنة، والذى نتج عن فرض عقوبات على روسيا، بل إنه خلال أيام سوف تعلن بعض الشركات فى أوروبا وأمريكا إفلاسها بسبب حصار روسيا. تعتبر «البريكس» هو أكبر تكتل اقتصادى فى العالم فإن روسيا لديها 600 مليار دولار فائض و1900 طن ذهب، بالإضافة إلى 29 طن بلاتين والصين لديها 550 مليار دولار و1400 طن ذهب بالإضافة إلى 25 طن بلاتين، والهند لديها 415 مليار دولار و920 طن ذهب، والبرازيل لديها 310 مليارات دولار و فائض 650 طن ذهب، وجنوب أفريقيا 115 مليار دولار وفائض 220 طن ذهب، بالإضافة إلى 20 طنا من الألماس، ومن هنا تحاول أمريكا بكل قواها كسر هذا التكتل المرعب فى كل شىء؛ فى قوة الاقتصاد؛ فى قوة السلاح والتكتل السكانى، والمساحات الشاسعة من الأراضى التى يمتلكها هذا التكتل من قوة بشرية هائلة، خاصة أن المسافات بين هذه الدول تعتبر قصيرة لقرب الحدود مع بعضها، فالصينوالهند وحدهما نحو 3 مليارات و220 مليون شخص؛ بالإضافة إلى أنها تمتلك جيوشا قوية للغاية تستطيع حماية كل ذلك وأن انضمام مصر للتكتل أشعل الوضع فى أوروبا وأمريكا وإسرائيل؛ وهذا هو أحد الأسباب التى جعلت جون كيرى يسرع بالحضور إلى مصر، ويقول: سوف نسمح ب10 طائرات أباتشى لمصر؛ ولذلك فإن بوتين طلب تحديد موعد زيارة لمصر لأن من يسلح الجيش العربى القادم هو روسياوالصين، خاصة بعد زيارة الرئيس السيسى الأخيرة للدولتين؛ ومعرض الأسلحة فى باكو فى أذربيجان وبه أحدث أنواع الأسلحة على وجه الأرض بمشاركة 250 شركة و32 وفداً رسميا و42 دولة مشاركة فيه. وتظهر أهمية دور مصر فى «البريكس» لأنها محور الشرق الأوسط وأكبر قوة فيها، ولها أكبر دور فى ذلك، لأنها تربط بين الشرق والغرب وهى قائدة العرب. وستكون مركز الربط بين كل دول البريكس لأنه بانضمام مصر سوف يدخل الخليج العربى معها؛ لأنها مركز قيادة الجيش العربى الموحد. وفى اجتماع البرازيل الأخير وفى عام 2014 تم الاتفاق على إنشاء صندوق موازٍ لصندوق النقد الدولى برأس مال 50 مليار دولار؛ وإنشاء صندوق للأزمات برأس مال 100 مليار دولار، وبنك جديد برأس مال 100 مليار دولار فى شنغهاى، وعقدت أول قمة بين رؤساء الدول فى روسيا فى يونيو 2009، حيث تتضمن الإعلان تأسيس نظام عالمى ثنائى القطبية. وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء الدول فى يوليو عام 2008، وذلك فى جزيرة هوكايدو اليابانية. انضمت دولة جنوب إفريقيا إلى المجموعة فى عام 2010 وتشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40٪ من سكان الأرض. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول فى العالم حاليا، وتقدم دول البريكس نفسها كبديل ومنافس للنظام الاقتصادى الحالى الذى تسيطر عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية الغربية من خلال المؤسسات الدولية مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى. ومحاولة الافتكاك من سلطة الدولار الذى أدخل كثيرا من دول العالم، خاصة الدول الفقيرة والدول النامية وبعض دول البريكس إلى حظيرة العبودية وخسارة الاستقلال السياسى والأمنى، وكان كثير من الدول التى هى على خلاف مع الدول الغربية تنظر إلى دول البريكس على أنها طوق النجاة من هذا النظام المالى العالمى غير العادل والجائر طبقا لوجهة نظرهم. ويتعدى نفوذ دول البريكس فى الساحة العالمية الدور الاقتصادى، وذلك من خلال وجود دولتين فى مجموعة البريكس وهما: الصينوروسيا واللتان تتمتعان بالعضوية الدائمة فى مجلس الأمن الدولى مما يجعلهما دولا فوق القانون الدولى وهذا شىء مهم ويعطى مجموعة دول البريكس حماية من المخاطر للدول الاعضاء الأخرى، أو حتى الدول التى تسير فى فلكها، ويعطى النظام الاقتصادى الوليد مناعة ضد النظام الاقتصادى العالمى الحالى والنظم السياسية الأخرى. والأمر الغريب أن هناك مؤشرات تؤكد أن ألمانيا على استعداد لترك نظام القطب الواحد المدعوم (والمحمى) من قبل حلف شمال الأطلنطى والولاياتالمتحدة لصالح الانضمام إلى دول البريكس، وهذا هو السبب فى التجسس على إنجيلا ميركل وغيرها من القادة السياسيين الألمان، لخوف الولاياتالمتحدة من محاولة أكبر قوة اقتصادية أوروبية للهروب من الانهيار الحتمى للدولار. ومن الواضح أن بريكس سيكون له أثر كبير فى القضايا الدولية السياسية والاقتصادية، فالبرازيل تعتبر الرائدة فى أمريكا اللاتينية وهى القائدة للمجموعة وعضو مؤسس للسوق المشتركة لدول أمريكاالجنوبية «ميركوسور»، وأما دولة جنوب أفريقيا فهى البوابة الاقتصادية للقارة الأفريقية وتقود الاتحاد الأفريقى، وتم ضمها إلى مجموعة بريكس برعاية صينية فى عام 2011 فى قمة سانيا لأن للصين مصالح استراتيجية فى إفريقيا، وفى آسيا تبرز كل من الهندوالصين كقوتين اقتصاديتين صاعدتين على مستوى القارة والعالم، فالهند تتميز بصناعة تكنولوجيا المعلومات وقطعت شوطا مهماً فى هذه الصناعة، بالإضافة إلى بعض الزراعات أما الصين فتتميز بالصناعات الخفيفة ذات اليد العاملة الكثيفة والرخيصة مما يعكس انخفاضا فى التكلفة، بالنسبة لروسيا فهى قيصر الغاز فى العالم وتسعى لتبقى الرائدة فى هذا القطاع. ومن هذا المنطلق يجب أن تلحق مصر بركب البريكس لأنه فى غضون السنوات ال 10 إلى ال 15 المقبلة، ستعيد البريكس هيكلة العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الدولية، وفى تلك الفترة سيكون من الصعب أن ترتد قوتها إلى الوراء مرة أخرى وستدفع كل من فيها إلى مصاف الدول الأكثر قوة فى العالم. خاصة أن مصر تملك مقومات الانضمام إليها فإن مصر بمثابة بوابة إلى أفريقيا والشرق الأوسط كسوق تجارية قوية. إلى جانب امتلاكنا العديد من المواد الخام، والأيدى العاملة الرخيصة. فهل تصبح زيارة الرئيس الروسى بوتين القادمة إلى مصر أول خطوة فى طريق الانضمام إلى كيان يزداد قوته وصلابته الاقتصادية والسياسية يوما بعد يوم. ومثل أى اقتصادات ناشئة، لدى دول البريكس مزايا واضحة. فاقتصاد الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم مع معدل نمو سنوى قدره 10٪ على مدى السنوات الثلاثين الماضية. كما أن الصين تعد أكبر مصدر، وثانى أكبر مستورد فى العالم. كما تمثل البرازيل خامس أكبر دولة فى العالم، وتجاوزت المملكة المتحدة لتصبح سادس أكبر اقتصاد فى العالم. أما روسيا فاقتصادها يحتل المرتبة الحادية عشرة فى العالم من حيث الناتج المحلى الإجمالى، وسادس أكبر قوة شرائية أيضا. ويمثل النفط، والغاز الطبيعى، والمعادن، والأخشاب أكثر من 80٪ من صادراتها. وتملك الهند سوقا استهلاكية كبيرة، وهى واحدة من أهم الدول المصدرة. وجنوب إفريقيا، باعتبارها أكبر اقتصاد فى الاتحاد الإفريقى، وتمثل واحدة من الدول الرائدة فى التعدين وتصنيع المعادن فى العالم، كما أنها ثالث أكبر مصدر للفحم على مستوى العالم.∎