شهدت الأممالمتحدة تحركات واجتماعات الأسبوع الماضى بخصوص لجوء أوكرانيا إلى الجمعية العامة من أجل اعتماد قرار يؤكد تبعية القرم لها وبطلان الاستفتاء وعدم شرعية ضم روسيا لشبه الجزيرة بعد أن فشلت أوكرانيا فى الخروج بقرار من مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسى.. وفى نهاية الأسبوع اجتمع أعضاء الجمعية وصوتوا بأغلبية 100 صوت لصالح القرار الذى يؤكد على سيادة أوكرانيا وبطلان الاستفتاء بينما صوتت 11 دولة ضد القرار، وامتنعت 58 دولة عن التصويت بينما لم تحضر 25 دولة الاجتماع من الأساس. مصر كانت من الدول التى امتنعت عن التصويت على القرار وكذلك الصين، والهند، والبرازيل، والأرجنتين، وباكستان، وجنوب أفريقيا والجزائر، والعراق، وموريتانيا، وجيبوتى، وجزر القمر، بينما صوتت كل من الأردن، والسعودية، وقطر، والبحرين، والامارات، والكويت، وتونس، وليبيا، والصومال لصالح القرار. فيما صوت كل من السودان، وسوريا ضد القرار، ولم تشارك كل من اليمن، ولبنان، والمغرب، وعُمان فى التصويت.
مندوب روسيا الدائم فيتالى تشوركين رفض القرار وقال أن هذا القرار لن يؤثر فى إعادة ضم إقليم القرم لروسيا مضيفا: الأمر أصبح واقعاً، وعلى العالم أن يتعايش معه، وفى المقابل عبر وزير الخارجية الأوكرانى الذى حضر التصويت على القرار فى جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة عن سعادته بالقرار، وامتنانه لأعضاء مجلس الأمن الذين ساندوا التصويت، قائلا: هذا انتصار لمبادىء الأممالمتحدة والقانون الدولى، وأنه يشعر بفخر لأن معظم الدول صوتت مع القرار بينما صوت ضده 11 دولة فقط.. أما مندوبة أمريكا فلوحت بالعقوبات.
يذكر أن البند الخامس من القرار الذى ينص على أن الاستفتاء الذى أجرى على ضم جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول فى 16 مارس عام 2014 ليس له صلاحية ولا يمكن أن يشكل أساسًا لتغيير الوضع القائم فى الجمهورية ذاتية الحكم.
والبند السادس يهيب بجميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة عدم الاعتراف بأى تغيير فى وضع شبه جزيرة القرم ذاتية الحكم ومدينة سيفاستوبول على أساس الاستفتاء.
القرار يدعو جميع الدول إلى الكف والامتناع عن القيام بأعمال تهدف إلى التقويض الجزئى أو الكلى للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لأوكرانيا، بما فى ذلك أى محاولات لتعديل حدود أوكرانيا من خلال التهديد أو استخدام القوة أو الوسائل غير المشروعة الأخرى.
كما ينص على حث جميع الأطراف على مواصلة البحث عن حل سلمى من خلال الحوار السياسى المباشر وممارسة ضبط النفس والامتناع عن اتخاذ إجراءات من جانب واحد والخطابة التحريضية التى قد تؤدى إلى زيادة التوترات.
وعلق مندوب مصر الدائم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة السفير معتز أحمدين خليل على امتناع مصر عن التصويت على القرار الذى اعتمدته الجمعية العامة، قائلاً: الأزمة فى أوكرانيا تمس النظام الدولى بأسره وتؤثر عليه، وأن النظام الدولى الحالى لم يأخذ فى اعتباره ما شهده العالم من تطورات على مدار ربع القرن الأخير، ولم يلتفت للتغيرات الجذرية التى شهدها المجتمع الدولى منذ انهيار النظام العالمى السابق الذى حكمته اعتبارات الثنائية القطبية وعقلية الحرب الباردة.
وأوضح مندوب مصر الدائم أن مصر امتنعت عن التصويت على القرار لإبراز وجود حاجة ماسة لإصلاح النظام الدولى الحالى ليتسم بمزيد من التوازن وتفادى ازدواجية المعايير.
وأضاف أنه رغم اقتناع مصر بثوابت مبادئ القانون الدولى، وأن الأسلوب الأمثل لحل الأزمات التى شهدها المجتمع الدولى هو اللجوء للسبل الدبلوماسية بعيداً عن التصعيد، فإنها تؤمن أيضاً بأن العالم فى حاجة ماسة لعملية شاملة تهدف إلى إعادة صياغة نظامه الدولى ليتواءم مع معطيات الواقع.
ونبه خليل على أنه فى أحيان أخرى يكون هناك تناقض بين إرادات الشعوب والأطر القانونية التى تحكمها؛ وهو ما يتطلب تحقيق توازن بين هذين العنصرين، وأضاف أنه مادام لم يتم التعامل مع هذه الظواهر، والابتعاد عن ازدواجية المعايير وانتقائية المفاضلة بين المصالح تارة والمبادئ تارة أخرى، فإن الأزمات الدولية والإقليمية ستظهر الواحدة تلو الأخرى، وسيظل النظام الدولى عاجزاً عن احتوائها.