ألف يوم رفعت الإخوان إلى عنان السماء وأعادتهم مرة أخرى إلى أسوأ فترة فى تاريخ الجماعة.. على مدار ثلاث سنوات من بداية ثورة يناير حتى الاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة.. عادوا فيها من جماعة محظورة فى نظام ما قبل الثورة.. إلى جماعة شرعية فى بداية الثورة.. ثم جماعة حاكمة.. وأخيرا جماعة إرهابية. لا تزال الجماعة الإرهابية تحارب طواحين الهواء بعد أن أصابها الجنون وتحاول أن تكسب أى أرض كى تحاور وتناور من جديد.. الجماعة الإرهابية تعتقد أن بإمكانها العودة للنور مرة أخرى وتعتقد أن الذكرى الثالثة للثورة يمكن أن تفتح لها «ممر آمن» لدخول الحياة السياسية من جديد.
تنظيم الإرهابية أعلن حالة «النفير» بين أعضائه مع ضرورة الحشد لمظاهرات كبيرة فى القاهرة والمحافظات، وأصدر التنظيم الإرهابى تعليمات لمسئولى المحافظات بالحشد لمظاهرات الذكرى الثالثة للثورة فى كل ميادين المحافظات، بالإضافة إلى مظاهرات طلاب الجامعات وخروجها فى مسيرات خارج أسوار الجامعة.. وتعليمات أخرى لأقسام المرأة بالمحافظات للمشاركة فى فعاليات يناير.
وأعلن تحالف الإخوان المشاركة فى المظاهرات وطالب رجال الجيش والشرطة بعدم توجيه السلاح إلى المصريين.. ودعا فى بيان له إلى المشاركة فيما أطلق عليه «الموجة الثورية الجامعة» وطالب بعدم التأخر عن الركب، مواصلا دعوته للتدخل فى الشأن الدخلى بدعوة من أسماهم «شعوب العالم المتحضر، بالوقوف الإيجابى بجانب حرية الشعب المصرى وإرادته» وقال التحالف إن المظاهرات حتى 11 فبراير، على أن تبدأ الفعاليات بجمعة «التحدى الثورى» وطالب التحالف بالاحتشاد المهيب فى القاهرة الكبرى والتصعيد فى جميع المحافظات.
وقرر التحالف ترك إدارة الأرض للمتظاهرين وفق تطورات المشهد وطبيعته، سواء فى التوقيتات أو الأماكن أو طبيعة الحركة، بما يضمن تعظيم النتائج الإيجابية المرجوة، واستمرار الزخم الثورى على مدار الموجة الثورية.
وسط هذه الدعوات الإرهابية تحاول الجماعة أن تضحك من جديد على شباب الثورة بخطاب وهمى عما أطلقت عليه «أخطاء ارتكبها الجميع» ولا تملك حتى جرأة الاعتذار عن الجرائم التى ارتكبتها -ومازالت- فى حق الشعب بمختلف طوائفه.. عن إرهاب حلفائها من «أنصار بيت المقدس» و«حركة حماس» عن تهديدات قادتها من على منصتى رابعة والنهضة.. عن الإرهاب الذى يمارسه شبابها كل يوم فى الجامعات وفى الشوارع.. بل أصدرت خطابا تحاول فيه أن تساوى بين الضحية والجلاد.. تحاول من جديد خداع الثورة والثوار.
يعلق الزعفرانى القيادى المنشق عن التنظيم: أن بيان الإخوان ما هو إلا «محاولة جديدة للخداع» بعد أن فقد التنظيم كل شىء ويحاول قبل الذكرى الثالثة للثورة أن يستعيد وضعه فى الشارع، مشيرا إلى أن الإخوان لم ترتكب أخطاء، بل ارتكبت «جرائم» فى حق الجميع ليس الثوار وحدهم.
وقال: إن البيان صادر فى توقيت مريب قبل الذكرى الثالثة للثورة وكأن الإخوان تحاول من جديد خداع شباب الثورة بعد أن ركبوا ثورتهم وتراجعوا عن كل الوعود التى وعدوها للمشاركين من المشاركة فى الحكم ولكن فى أول استحقاق انتخابى لم يرشحوا أيا من المشاركين لهم على قوائم الانتخابات.
وأضاف: الإخوان نجحت فى إقصاء الجميع سوى شركائهم فى الأهداف ولو عاد بهم الزمن مرة أخرى لكرروا ما فعلوا وكان أمامهم عشرات الفرص للتراجع لكنهم ساروا على مبدأ «نحن نحكم وأنتم تعارضون».
أسقط الشعب المصرى الإخوان المسلمين، وكشف زيفهم وتضليلهم، ورفض مشروعهم الذى يقوم على الدولة الدينية السلفية، وهو ينجح فى وضع دستور، ليقيم عليه دولة مدنية وديمقراطية.. وهذا العمل أصعب بكثير من القضاء على الإخوان.
ليصلوا إلى مرحلة «الجماعة الحاكمة» فارتكبوا خطايا وجرائم بداية من الأسبوع الأول لتبدأ مرحلة جديدة فى عمر الجماعة «الإرهابية» وبعد ثورة شعبية فى 30 يونيو استجاب لها الجيش فى 3 يوليو وقرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بدأت معها الجماعة الحرب على الجميع من عمليات إرهابية فى سيناء إلى تفجيرات فى أقسام ومديريات الأمن مرورا بالاغتيالات السياسية ولا تزال الجماعة تواصل إرهابها فى الوقت الذى فر فيه قادتها إلى الخارج ويحاكم البعض منهم بما فيهم رئيس الإرهابية وصبيانه.
وقال أحمد بان الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن سقوط تنظيم الإخوان يرجع لعدة أسباب تتعلق بالبناء التنظيم للجماعة وانغلاقها واستعجالها فى جنى المكاسب وفرض سياسة الحكم الديكتاتورى على الشعب المصرى.
وأضاف: الجماعة لم تنجح فى قراءة ثورة 25 يناير واعتبرتها مناسبة ل«التمكين» وليس تحالفا واسعا مع القوى السياسية التى صنعت الثورة وساهمت فى نجاحها وهذا يرجع للعيب البنيوى للجماعة وطريقة إدارتها.
وأشار بان إلى أن الجماعة دخلت فى صراع مع كل مؤسسات الدولة بداية من القضاء والإعلام والمؤسسة العسكرية والداخلية، فضلا عن غياب رؤية الأمن القومى وظهرت تسريبات عن التنازل عن حلايب وشلاتين وتوطين أهالى قطاع غزة فى سيناء، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية لإدارة ملف علاقات مصر الخارجية بالتقارب مع حماس وقطر على حساب الدول الخليجية والزيارات الرئاسية التى لا نعرف الهدف منها.
واختتم بان تصريحاته بأن الجماعة سقطت لأنها غابت عن المجتمع المصرى ولم تقدم برنامجا سياسيا واقعيا لحل أزمات المجتمع المصرى فى الوقت الذى تسارعت فيه وتيرة الأخونة وفرض نموذج الرئيس الديكتاتور بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس المعزول وحصن فيه قراراته وأكد فيه أن الجماعة تتجه إلى منحدر بنفس طريقة مبارك.
عندما خرج الشعب المصرى فى ثورة يونيو لكى يكتب تاريخا جديدا لمصر، بعد عام مرير من الإخفاق والفشل والتراجع على كل المستويات، خرج لينقذ بلاده من قبضة الفاشية الدينية، خرج ليضع حدا لتهديد الأمن القومى، ووقف استهداف مؤسسة القضاء، ومحاولات تكميم الإعلام، خرج ليدافع عن الدولة المصرية ومحاولات هدم أركانها.
حاولت الجماعة عبر تنظيمها الدولى الاستقواء بالغرب، والبحث عن الدعم الأمريكى بعد عزل رئيسهم، بما يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الجماعة لا تعنيها مصر، ولا يهمها مصالح شعبها، ولا تهتم بفرض عقوبات اقتصادية أو سياسية على البلاد، طالما أن ذلك يمكن أن يعيدهم إلى السلطة، وطالما أن ذلك يمكن أن يحفظ مصالحهم.
بنى الإخوان استراتيجيتهم، على استحالة تدخل الجيش، وعلى مقدرتهم على التضليل بأنهم مع الشرعية، رغم ما فعلوا بالدستور ثم إنكار وجود سخط شعبى، والاستهانة بالجموع التى نزلت إلى الشارع ضدهم، وظنهم أنهم بالتخطيط والتنظيم، يمكن أن يحشدوا حشوداً مثلها.
عادت الجماعة إلى أصلها كأم لكل حركات الإرهاب التى ظهرت فى العالم من القاعدة إلى أصغر تنظيم إرهابى وعادت مصر أيضا لكل المصريين.