فى الوقت الذى يهدد المستشار «هشام جنينة» رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أى أحد يتكلم عن مقاضاته، كان من الضرورى ألا نستسلم لهذه التهديدات وأن نفتح ملف هذا الرجل ضمن حملاتنا من البؤر الإخوانية المستمرة فى النظام حتى الآن رغم مرور أكثر من 140 يومًا على ثورة إسقاط الإخوان ..! المتتبع لمسيرة جنينة يذكر أنه كان رئيس محكمة استئناف القاهرة وأحد القضاة المنتمين لجبهة المستشار أحمد مكى وزير العدل الإخوانى الذى ساهم بقدر كبير فى صياغة البنود القانونية للكثير من القرارات والإعلانات الدستورية التى طرحها ممثل جماعة الإخوان فى رئاسة الجمهورية «المعزول» الذى يحاكم الآن! «جنينة» الذى يعيش على ذكرى والده المستشار «أحمد جنينة» رئيس نادى القضاة الأسبق وقت حكم الرئيس الراحل أنور السادات، من مواليد مدينة المنصورة محافظة الدقهلية عام 1954 تخرج فى كلية الشرطة دفعة العام 1976وبدأ العمل بعد التخرج كضابط فى مديرية أمن الجيزة، ثم انتقل للعمل فى النيابة العامة بعد تدخل والده بفترة وجيزة لينتقل بعدها للعمل فى حقل القضاء، بدءًا من معاون نيابة عامة حتى أصبح محاميًا عامًا فترة وجود المستشار يحيى الرفاعى فى محكمة النقض، كما أعير للعمل كقاض فى دولة الكويت لمدة 6 سنوات، وكان عضوًا فى عدة مجالس لنادى القضاة.. حيث انضم خلال فترة الثمانينيات لفريق الرفاعية المكون من المستشارين «أحمد مكى.. محمود مكى زميل دراسته فى كلية الشرطة.. زكريا عبدالعزيز.. حسام الغريانى» وكانوا النواة التى تكونت فيما بعد لصالح جماعة الإخوان المحظورة داخل المؤسسة القضائية والتى بدأتها الجماعة مبكرًا خلال العام 1987 عندما تدخلوا فى إحدى القضايا التى طرحت على نيابة الأموال العامة وقتها بشأن الحصول على قطع أراض للاستثمار الزراعى فى محافظة الإسكندرية ومرسى مطروح فيما بعد وهى القضية التى مازالت حبيسة الأدراج حتى الآن.. وهى التى اتهم فيها المستشار «أحمد مكى» بالحصول عليها عن طريق وضع اليد، وهى القضية التى رفض الإفصاح عنها عقب توليه رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات قبل أن يثور الشعب على حكم الإخوان الذى أتى به رئيسًا لهذا الجهاز كمكافأة له على دوره التواصلى مع الاتحاد الأوروبى فى فترة حكم المجلس العسكرى داخل نادى القضاة، عندما اجتمع بعدد منهم بعيدًا عن زملائه داخل مقر النادى خلال مايو .2012 وهو الشهر الذى سبق الترتيب للانتخابات الرئاسية التى كان له دور بارز فيها من خلال الترشيحات التى كان يقدمها للمستشار أحمد مكى من شباب القضاة والتى كان يقوم الأخير بتقديمهم إلى مكتب إرشاد الإخوان.
وفقًا لمصادرنا كان هشام جنينة من ضمن مستشارى ممثل جماعة الإخوان فى رئاسة الجمهورية أيام «المعزول» قبيل اندلاع ثورة يونيو، حيث كان من ضمن الفريق القانونى الموازى الذى شكله المستشارون «أحمد مكى.. حسام الغريانى.. أحمد سليمان آخر وزير عدل لمرسى قبل خلعه».. وسبق هذه الفترة التحضير لما سمى ركوب الإخوان السلطة فترة وجود المجلس العسكرى برئاسة المشير حسين طنطاوى.. حيث ساهم فى صناعة أزمة القضية المعروفة إعلاميًا باسم «قضية منظمات المجتمع المدنى».. فقاد حوالى 70 قاضيًا داخل محكمة استئناف القاهرة إرضاءً للمستشار حسام الغريانى والذى شغل موقع رئيس مجلس القضاء الأعلى وقتها فى اقتحام مكتب المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات وقتها.. فى محاولة منه لسحب الثقة من عبدالمعز بمعاونة المستشار «طه شاهين» الذى عمل بالمكتب الفنى وقتها، ومنتدب حاليًا إلى وزارة العدل.. إضافة إلى اجتماعه بشخصيات أوروبية تحت ما يسمى إصلاح القضاء فى شهر رمضان للعام 2012 فى أحد الفنادق الواقعة بمحافظة الجيزة.
جنينة لم يدرج مبلغ «850 ألف جنيه» قيمة فاتورة نزيل خاص لرئاسة الجمهورية حتى تاريخ الأول من يوليو الماضى داخل فندق «فيرمونت». والمفاجأة أن هذا النزيل هو صدى عمره المستشار «محمود مكى نائب رئيس الجمهورية، «جنينة» الذى ترك منصبه وقتها وظل مقيمًا فى الفندق حتى اندلاع ثورة يونيو.. إضافة إلى قيامه بالتوسط لدى إدارة التحقيقات والدعاوى التابعة لوزارة العدل من أجل غلق التحقيقات مع أحد زملائه الذين حصلوا على 170 ألف جنيه من أحد رجال الأعمال لقيامه ببيع قطعة أرض له.. حيث قام بعدها باستخدام اسم أحد زملائه بنادى قضاة الإسكندرية وقدم بلاغًا للنائب العام وقتها المستشار «عبدالمجيد محمود» يتهم فيه أحد زملائه بالفساد وهو ما نفاه القاضى وطلب اعتذارًا رسميًا من «جنينة» ووفقًا لذات المصادر فإن جنينة قام بتسخير الجهاز لخدمة جماعة الإخوان عقب توليه رئاسته بشكل مباشر، وخلال أبريل الماضى تم رصد ما يزيد على 50 اسمًا إخوانيًا داخل الجهاز، منهم أعضاء داخل المكتب الفنى.. كما رفض مع معاونيه بالشئون القانونية والأمانة العامة تنفيذ الحكم الصادر من الإدارية العليا رقم 167 لسنة 44 الصادر ضد محمود محمد حمزة- مدير عام بالشئون القانونية- إضافة إلى قيامه بالتشكيك فى نزاهة قادة القوات المسلحة وجهاز الشرطة المدنية من خلال ادعائه بوجود فساد فى جميع مشروعاتهم ومؤسساتهم، رغم علمه وعلم معاونيه بأن الجهاز يقوم بمراجعة حسابات جميع مشروعات الجيش منذ عام.
كما أن «هشام جنينة» قام بالتستر على ملفات الفساد الرئيسية داخل الجهاز، ومنها ملف المخالفات المالية والإدارية لصندوق الخدمات الطبية، وكذا نادى العاملين بالجهاز، وأيضًا وسائل النقل رغم انتهاء اللجنة التى شكلها بنفسه إلى وجود مخالفات مالية فى هذه الإدارات تفوق كما ونوعًا ما تضمنته البلاغات التى قدمت إلى نيابة الأموال العامة.. وأفادت المذكرة أن «جنينة» تعمد التستر على فساد «شوقى سعد» الأمين العام للجهاز، رغم توافر الأدلة على التجاوزات!
قدمت ضد جنينة بلاغات عديدة منها البلاغ الذى يحمل رقم 1549 بلاغات النائب العام.. والبلاغ الذى حمل رقم 1555ويطالبون النائب العام بالتحقيق مع «جنينة» فى اتهامه للمستشار عبدالمجيد محمود النائب العام السابق بالفساد، كذا اتهام رئيس الجهاز للمستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة بالرشوة وإهدار المال العام، وإصداره قرارًا بتعيين وتفويض نائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات منيرة عبدالهادى والتى انتهت مدة خدمتها بالجهاز، وتضمن قرار تعيينها حصولها على امتيازات خاصة من رئيس الجهاز وتفويضها فى إصدار 19 قرارًا من صلاحيات رئيس الجهاز فقط.
كما قام بتعيين مستشارين من خارج الجهاز دون النظر إلى كوادر الجهاز نفسه، حيث تم تعيين محمد أبو العلا عقيدة أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة عين شمس مستشارًا لرئيس الجهاز دون أسباب، نص البلاغ المقدم من حسن أبو العينين المحامى، بصفته وكيلاً عن هشام عبدالحليم عامر المنتدب للعمل بمكتب المستشارين بالبورصة المصرية سابقًا، إلى النائب العام المستشار هشام بركات، ضد المستشار هشام جنينة، والدكتور محمد مصطفى عبدالرحمن عمران رئيس البورصة المصرية، والدكتور مصطفى عبدالرحمن عمران عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية السابق، بالتستر على وقائع فساد.. واتهم البلاغ «هشام جنينة» بامتناعه عمدًا عن تأدية العمل المنوط به وهو التحقيق فى شكوى مقدمة إليه عن وقائع إهدار للمال العام وتربح وتربيح الغير بالبورصة، وذلك جراء منفعة ومصلحة خاصة وهو البقاء فى منصبه وإبداء طاعته لنظام الإخوان، وفى 6 يناير الماضى تقدم بشكوى ل«هشام جنينة»، ضد كل من المشكو فى حقه الثانى بصفته وآخرين عن وقائع إهدار مال عام وتربح وتربيح الغير بالبورصة مدعمة بالمستندات نتج عنها الضرر بالأموال والمنقولات والأجهزة المملوكة للبورصة وهى الجهة التى يعملون بها وذلك بعدم الالتزام بالقواعد القانونية والفنية والمالية والإدارية مما أدى إلى إحداث الضرر بتلك الأموال بفقد هذه المنقولات والأجهزة واستغلالها بمعرفة آخرين لا ينتمون إلى البورصة، وكان ذلك عن عمد من المشكو فى حقهم لعلمهم بجميع جوانب العناصر الإجرامية لجريمة الإضرار بالمال العام والتربح وتربيح الغير.
وذكر مقدم البلاغ أنه قدم شكوى باليد للمشكو فى حقه الأول وتناقش معه فى الشكوى والأسانيد والأدلة القانونية على الاتهام، وقدم صورًا منها له، إلا أنه امتنع عن تأدية العمل المنوط به فى الرقابة على المال العام والحفاظ عليه وهى الوظيفة الأساسية للجهاز المركزى للمحاسبات والتى أنشئ الجهاز من أجلها والذى يعتبر رئيسه وأعضاؤه هم قضاة المال المستأمنين عليه من جميع طوائف الشعب، لامتناعه عمدًا عن إجراء التحقيقات وجمع الاستدلالات فى الشكوى المقدمة، لتحقيق منفعة ومصلحة خاصة به شخصيًا وهى استمراره فى منصبه وإبداء طاعته لنظام الإخوان الذى حكم البلاد فى ذلك الوقت.. وكان ذلك عن طريق الاستجابة لتوسط المشكو فى حقه الثالث عضو لجنة كبار علماء الأزهر «والد المشكو فى حقه الثانى» لدى المشكو فى حقه الرابع رئيس الجمهورية وعضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان والذى قبل هذه الوساطة لصالح المشكو فى حقه الثانى للإبقاء عليه فى منصبه كرئيس مجلس إدارة البورصة، وهو الأمر الذى أوقع ومازال يوقع الضرر بالمال العام متمثلاً فى ممتلكات البورصة المنقولة والعقارية ويحيطه بالخطر بالفقد والضياع وتربيح الغير بالاستيلاء عليه.
هذا الامتناع عن تأدية وظيفته تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات، وحيث إن المشكو فى حقه الأول رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قد عين فى هذا المنصب بالقرار الجمهورى رقم 172 لسنة 2012 الصادر من المشكو فى حقه الرابع بتاريخ 6 سبتمبر 2012 كأحد رموز تيار استقلال القضاة الموالى والمناصر لأفكار الإخوان والمساعد الأول لها ضد مؤسسات الدولة الرسمية الجيش والشرطة والقضاء، وهو الذى أفصح عنه مرارًا وتكرارًا فى جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، والذى اشتهر عنه فى هذه الوسائل بأنه يؤتمر مباشرة من مكتب الإرشاد الخاص بجماعة الإخوان المسلمين ويتضح ذلك من مواقفه خلال فترة حكم المشكو فى حقه الرابع، وعدم قيامه بتحريك أو الكشف عن قضايا فساد منذ توليه وخاصة امتناعه عن اتخاذ أى إجراء أو تحقيقات بشأن زيادة ميزانية رئاسة الجمهورية بمبلغ 60 مليون جنيه فى فترة حكم المشكو فى حقه الرابع.
الجدير بالذكر أن محمد مصطفى عبدالرحمن عمران رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية قد تلون وغير جلده من عباءة الحزب الوطنى إلى عباءة الإخوان وهو صاحب التعليق الشهير بأنه «إخوانى النزعة والعقيدة ولكنه لم يكن يستطيع الكشف عن ذلك»، فعقب تولى الرابع رئاسة الجمهورية وكلف أباه «الصديق الصدوق للمشكو فى حقه الرابع والمدعو الشيخ القرضاوى مفتى جماعة الإخوان وخائن الدولة المصرية وأحد القائمين بالدعوة إلى الجهاد ضد القوات المسلحة» بالتوسط لدى الرابع ليحتفظ بمنصبه كرئيس البورصة رغم مخالفاته للقانون.
الأغرب أنه رغم كل ذلك لا يستطيع رئيس الوزراء د.حازم الببلاوى مواجهة «جنينة» الإخوانى، بل ويتركه يهدد من يفكر فى الاقتراب منه!