الحياة الأنثوية من ختان الإناث وحتى انقطاع الطمث. هما التيمة الرئيسية فى معظم الأفلام التى تعرض فى الدورة السادسة من مهرجان القاهرة الدولى لسينما المرأة. والذى ينطلق اليوم وحتى 22 نوفمبر المقبل. المهرجان يقدم عروضه مجانا فى مركز الإبداع ومسرح الفلكى وقاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية. ومع نهاية الفعاليات يقدم المهرجان جائزة قدرها 36 ألف جنيه مصرى للفيلم الحائز على أكبر نسبة تصويت من الجمهور. تنظيم المهرجان تقوم به شركة الإنتاج المصرية (كلاكيت عربى) بالتعاون مع جمعية الثقافة والإعلام والتنمية الإسبانية. أما الدعم الرئيسى فيأتى من حكومة إقليم الباسك الإسبانية. الغريب أن إسبانيا التى تدعم هذا المهرجان المختص بسينما المرأة ولا يعرض إلا أفلاما من صنع النساء. كانت هى الدولة التى خرج منها أفضل الأفلام التى عبرت عن المرأة.
ولكنها كانت بتوقيع مخرج رجل هو «بيدرو المودوفار»! لذلك فمن الصعب أن ينظر المرء إلى هذا المهرجان دون أن يستشعر الغضب من هذا التصنيف. الذى من المؤكد لن يفيد المرأة بوضعها من جديد فى إطار أنها موضوع للبحث. وأنها مازالت تلهث وراء لفت الأنظار والحصول على حقوقها وحريتها. وهذا ما يضر المرأة أكثر مما يفيدها. فالمرأة لم تعد فى حاجة إلى برهان لتؤكد على اكتمالها. من خلال تسليط الأضواء عليها فى فعاليات تخصها.
ال 35 فيلما التى يعرضها المهرجان. كلها من إخراج نساء. باستثناء القليل الذى يظهر فيها الرجال كمشاركين فى الإخراج. وأيضا فإن كل الموضوعات والقضايا ستكون حصرية عن المرأة بينما الرجال سيكونون فى الظل الحميم.
أكثر الأفلام الأنثوية أو النسوية التى يعرضها المهرجان إثارة وعمقا. فيلم الافتتاح الهولندى «طفل الماء» للمخرجة «اليونا فان دير هويست». وهو فيلم وثائقى عن عازفة البيانو والفنانة اليابانية - الهولندية «توماكو مايكوياما». ويتناول الرحلة الفنية ل«توماكو» والتى استطاعت من خلالها أن تصنع فنا مرتبطا ب«تيمة» الأنوثة والخصوبة.
وذلك من خلال ابتكارها لما يشبه الكاتدرائية المصنوعة من 12 ألف ثوب من الحرير الأبيض. والتى تذهب إليها النساء للتأمل والاعتراف حول تفاصيل حياتهن كإناث. ومن خلال هذه الاعترافات يتم صياغة معانى: الأمومة ، الإجهاض، سن اليأس، وواحد من أكثر المحرمات (الطمث).
وفى مضمون أقرب إلى «طفل الماء» يأتى الفيلم الهندى - الإنجليزى «سلمى» إخراج «كيم لونجينوتو». والذى يتناول السيرة الذاتية للشاعرة الهندية «سلمى» والتى أصبحت الآن شاعرة وناشطة حقوقية. «سلمى» الفتاة الهندية المسلمة التى ما أن وصلت إلى سن البلوغ، حتى قام والداها بحبسها فى غرفة صغيرة فى منزلها، إجبارها على الزواج ومنعها من الخروج لمدة 25 عاما. إلا أنها استطاعت أن تعبر عن آلامها وغضبها. من خلال كتابة قصائد تمكنت من تهريبها. لتصل إلى يد أحد الناشرين فيقوم بنشرها. وبينما كانت هذه القصائد تلهم العالم فى جنوبالهند، كانت «سلمى» تواجه غضبا وسخطا من عائلتها بسبب ما فعلته.
وعلى ذات المنوال يأتى الفيلم الألمانى «ساراباه» من إخراج «ماريا لويس جامبيلا» و«جلوريا بريمر». الفيلم يقدم حالة فنية أفريقية فريدة. عن المطربة السنغالية «الأخت فا» التى تعد أول مغنية أفريقية تحترف «الراب» وتقدم من خلال كلمات أغانيها. كل ما يشغلها من قضايا وأزمات المرأة وأهمها قضية «ختان الإناث».
باقى أفلام المهرجان تتناول معظمها موضوعات سياسية خالصة. وبالتأكيد لا يوجد من يزايد على العرب فى السياسة والأحداث السياسية من حروب واحتلال وثورات. فمن تونس يعرض فيلم «يا من عاش» للمخرجة «هند بوجمعة» والتى تقدم حالة إنسانية عن امرأة تونسية فقيرة.
تحاول المخرجة من خلالها البحث عن معانى العيش والكرامة الإنسانية. بعد قيام ثورة تونس وسقوط بن على. وفى حالة مجمعة للربيع العربى يأتى الفيلم الألمانى «إنها فقط البداية» إخراج «باولا رودريجيز وشوز لويتر» والذى نشاهد من خلاله التقاء ستة نساء من مختلف الدول العربية، يعملن فى المجال السينمائى، يجتمعن فى ألمانيا باستضافة مخرجات الفيلم. ليقدمن شهادتهن حول الثورات التى عايشوها فى بلادهن. وحول الشعلة التى انطلقت من خلالها الحرب الأهلية اللبنانية يأتى فيلم «74 استعادة النضال» من إخراج الشقيقان رانيا ورائد الرافعى. الفيلم يصور حالة الغليان الفكرى والثقافى وتوسع الحركات الطلابية والعمالية التى شهدتها لبنان قبل الحرب. وتحديدا التظاهرات التى وقعت فى الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1974 .
أما القضية الفلسطينية فتظهر فى ثلاثة أفلام: الفيلم الأول «لما شفتك» للمخرجة «آن مارى جاسر». الفيلم تقدمت به فلسطين هذا العام للمشاركة فى الأوسكار أفضل فيلم أجنبى. ويدور حول اللاجئين والفدائيين الفلسطينيين الذين ذهبوا إلى الأردن فى عام 1967 .كما يعرض فيلم «غزة تنادى» إخراج «ناهد عوض» والذى يتناول معاناة وغربة الفلسطينيين داخل وطنهم. بسبب الحاجز الذى يفصل غزة عن الضفة. مما يعوق التواصل مع وزيارة العائلات لبعضهم حتى فى أحلك الظروف. الفلسطينى يصبح متسللا داخل وطنه بسبب إجباره على استخدام المعابر. أما المخرجة عرب لطفى فيعرض لها فيلم «على أجسادهم» والذى تناولت من خلاله مذبحة الطنطورة التى ارتكبتها الحركة الصهيونية ضد الفلسطينيين والتى وقعت فى مايو 1948 ولم تكتشف إلا بعد مرور نصف قرن على وقوعها.
المهرجان بقوم بتكريم المخرجة «نبيهة لطفى» والتى تعد واحدة من أهم مخرجات السينما الوثائقية فى العالم العربى. ويعرض لها أفلام: «صلاة من وحى مصر القديمة»، «لعب عيال»، «شارع محمد على» وأحدث أفلامها «تحية كاريوكا» الذى يلقى الضوء على مسيرتها الفنية.