رغم كل الأجواء الصعبة التى تحيط بلجنة الخمسين (المعدلة) للدستور المتأسلم، فإن أغلب القوى الوطنية المشكلة لها مصرة على تحقيق المطالب الشعبية فى ثورتى يناير ويونيو، فى مواجهة الأصوات الإرهابية التى تهدف لتعطيل المسيرة المصرية للأمام، فمفضوح جدا مخططات من يسمون أنفسهم بالتيار الإسلامى، وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام الصحيح، والذين عادوا ليفجروا اللجنة من الداخل ويثيروا المشاكل ويحولوا أنظار الرأى العام عن قضايانا الأكثر إلحاحا بأمر من أسيادهم الغربيين ! قائمة الأزمات طويلة ومنها المفتعل المكشوف، وقليل منها الواقعى القادرون حله بعد النقاش، لكن الجانب المشرق فى هذا المشهد أن الكل يعرف من هم أعداء الوطن ومصرون على تجنب كل مؤامراتهم لتأخير خارطة الطريق، إلا أنه كان مضحكا للغاية أن يعترض الليبراليون على ممثلهم د. (محمد أبوالغار) فىاللجنة باعتبار أنه (اشتراكى)، فى إشارة لانقسامات مبكرة فى المعسكر الليبرالى قبل الانتخابات. وحتى مع معركة الاستفتاء على الدستور المصرى! وسنراقب طوال الوقت نماذج مثل د. (خيرى عبدالدايم) نقيب الأطباء الذى لا يعتبره (النور) ممثلا للتيار الإسلامى وتفرغ لمهاجمة د. (كمال الهلباوى) الموصوف بأنه الممثل المعتدل للإخوان فى اللجنة وسنراقب تصرفاته هو الآخر، لأن المنهج البناوى لم ينشق عنه وإن اعترض فقط على الفكر العقلى!
نتمنى ألا تنشغل اللجنة التى تبدأ عملها (الأحد) بهذه المهاترات المكشوفة فى ظل حرب دستورية ثانية خلال عام واحد، فكانت الأولى ليبرالية «مصر» والحالية «متأسلمة» عدوانية! يقود الحملة المفترضة على اللجنة عدد من التيارات والأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها حزب النور السلفى الذى يريد أن يمسك العصا من المنتصف، وبدأ اعتراضه على هيمنة التيار الليبرالى على اللجنة، واتهماللجنة بأنها تفتقر لوجود فقهاء الدستور والقانونيين وقد حذرت بعض التيارات الأخرى وقوع اللجنة فى ظلم لجنة الإخوان السابقة والتى أقصت خصومها السياسيين .
وانتقد (الإخوانى) د. خيرى عبدالدايم نقيب الأطباء وعضو لجنة الدستور وعضو سابق فى مجلس الشورى المنحل تشكيل لجنة الخمسين، بسبب غلبة ما أسماه التيار الليبرالى على تشكيل اللجنة وقلة تمثيل الأحزاب الممثلة بستة أعضاء فقط، مؤكدا أن الجمعية التأسيسية التى أعدت دستور 2012 المعطل كانت تعانى من نفس عيب عدم تمثيل القوى السياسية والتيارات المختلفة ؟ بسبب غلبة التيار الإسلامى عليها والتيار الليبرالى فى لجنة الخمسين تقع عليه مسئولية كبيرة فى أن يعوض غياب التيارات الأخرى من خلال إدارة اللجنة، وأكد أنه يجب أن يكون التصويت داخل اللجنة على مواد الدستور بموافقة 75٪ من أعضاء اللجنة، وهو ما يوازى 35 عضوا.
وعن المادة (219) المفسرةللمادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية ، قال عبدالدايم (الإخوانى) إنه كان رافضا لها منذ الجمعية التأسيسية للدستور والجميع يعلم ذلك، وعلى القائمين على اللجنة الحالية مراعاة أن الدستور يجب أن يمر بالتوافق وليس الغلبة حتى لا يقع الجميع فى المحظور .
ود. صلاح عبدالمعبود عضو الهيئة العليا للنور قال لنا: إن الحزب أرسل مذكرة إلى مؤسسة الرئاسة باعتراضاته على تشكيل اللجنة وأنه ينتظر ردا، وأكد أن الحزب يرفض نهائيا التعرض للمادة ,219 وسوف ينسق مع الأزهر وأعضائه داخل اللجنة للحفاظ على مواد الهوية الإسلامية وسنتواصل مع رؤساء الأحزاب المدنية لعرض رؤيتنا لأهمية بقاء مواد الهوية .
وأضاف: إن التيار الإسلامى لم يمثل فى اللجنة إلا بعضو واحد فقط، فى حين استنكر د. كمال الهلباوى المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين فى الخارج وعضو لجنة الخمسين رفض حزب النور اختياره فىاللجنة ممثلا عن التيار الإسلامى بدعوى أنه لا يمثل هذا التيار، لافتا إلى أن اعتراض الحزب على اختياره فعل غير مقبول وباطل .
واعترض الهلباوى على (النور) بأنه الوحيد الممثل للتيار الإسلامى داخل اللجنة متسائلا وأين علماء الأزهر الشريف وهل التيار الإسلامى أصبح أحزاباً فقط.. هذا أمر غير مقبول بالمرة !
الهلباوى أكد أنه كان معترضا على المادة 219 منذ وضعها فى الدستور المعطل، لأنها تزيد الخلافات والفرقة فى المجتمع فى الوقت الذى يجب العمل على الوصول لتوافق وطنى لأن هذه المادة وضعت تفسيرا غير دقيق للمادة الثانية تعكس فقط وجهة نظر (النور).
وقال الناشط السيناوى (مسعد أبوفجر) عضو لجنة الخمسين إنه فوجئ باختياره عن منطقة سيناء وأنه سوف يعمل جاهدا مع أعضاء اللجنة، على أن يكون الدستور مشرفا لكل مصر، لكنه وضع أسسا ومبادئ لن يحيد عنها فى الدستور الجديد، أهمها أنه لن يوافق على أىمواد إلا ما هو من أجل مصر وشعبها وحتى تتوحد صفوف المصريين جميعا وبعيدا عن الخلافات والاتفاقات التى مزقت مصر طوال السنوات الأخيرة.
وأضاف : إنه سوف يحاول أن يجعل من وجوده داخل اللجنة تحقيقا لأحلام كل مواطن على أرض سيناء، وأكد أن اختيار اللجنة جعل جميع التيارات والطوائف، والأحزاب ممثلة فيها.
فى حين اتهم (حسين عبدالرازق) القيادى بحزب التجمع والممثل للتيار اليسارى فى لجنة ال50 حزب النور بابتزاز الدولة ، مشيرا إلى أن امتناع الأحزاب الإسلامية الأخرى عن المشاركة فى اللجنة دفع السلطات السياسية إلى ملء هذا الفراغ باختيار ممثل معتدل للإخوان هو د. كمال الهلباوى القيادى السابق فى التنظيم الدولى .
فى حين انتقد د. (على السلمى) نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية عدم الإعلان عن معايير وأسس الاختيار الأمر الذى جعل البعض ينتقد اللجنة، ويتحفظ السلمى عن عدم تمثيل حزبه للتيارالليبرالى فى اللجنة، مؤكدا أن تمثيل د. محمد أبوالغار رئيس حزب المصرى الديمقراطى للتيار الليبرالى غير واقعى، لأنه ذو توجهات يسارية فى حين أن حزب الجبهة حزب ليبرالى ناصع!
واشتد الصراع أكثر وأكثر داخل نقابة الفلاحين ونقابات العمال، بعد أن أعلنت لجنة ال10 عن عدم وجود المادة الخاصة ب50٪ «عمال وفلاحين» فى ترشيحات أعضاء مجلس الشعب، الأمر الذى جعل محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين يؤكد لنا أن هذا أمر غير مقبول بالمرة، فليس بعد أن تأتى ثورة 30 يونيو ومن قبلها ثورة 25 يناير ورحب بها جميع المصريين تكون الثورتان على حساب مكتسبات ثورة 1952 التى أعطت الفلاح المصرى حقوقه ويأتى اليوم الذى تسلب منه، مؤكدا أنه سوف يحارب وبقوة لإعادة نسبة العمال والفلاحين كما كانت فى الدساتير الماضية .
فى حين اشتد الخلاف داخل اتحادات العمال ولكن هذا الخلاف على اختيار جبالى المراغى رئيس اتحادنقابات عمال مصر المستقلة فى لجنة الخميس على حساب اتحاد عمال مصر الأصلى واعتبر اتحاد عمال مصر، أنه غير ممثل فى اللجنة وكان يجب اختيار من يمثل عمال مصر من داخل الاتحاد على الرغم من إعلان (المراغى) أنه ممثل لكل عمال مصر وأنه سوف يعمل داخل اللجنة من أجل جميع العمال فى مصر ولن يكون ممثلا لفئة خاصة على حساب أخرى، الأمر الذى يبعث بالاطمئنان بين العمال.
فى الوقت ذاته اعترض اتحاد المصريين فى أوروبا على عدم تمثيل المصريين فى الخارج فى لجنة الخمسين وأصدر بيانا انتقد فيه اللجنة بشدة معتبرها قد تجاهلت المصريين العاملين فى الخارج واعترضت أيضا على لجنة قضايا الدولة بعدم تمثيلها فى اللجنة !
وأظهرت حركة (إخوان بلا عنف) وجهها الحقيقى، والتى تخرج علينا بين الحين والآخر لتنتقد الإخوان معتبرة نفسها قد انشقت على الجماعة لكنها فضحت نفسها ببيان أعلنت فيه رفضها تشكيل لجنة الخمسينلتعديل دستور الإخوان، مؤكدة أنها سوف تقيم دعوى قضائية أمام القضاء الإدارى لرفض تشكيل اللجنة الذى اعتبرته غير عادل!