ومع أن صاحبتها واحدة ست.. إلا أنها علمتنا أن نكون رجالا.. ومع أنها مجلة حكومية.. إلا أنها وطوال تاريخها كانت مجلة مستقلة عن الحكومة.. تتبنى وجهة نظر المعارضة.. لا تخاف ولا تهادن ولا تمشى بجوار الحيط.. تقول للأعور أنت أعور فى عينه.. وتقول للتخين طظ فى حضرتك.. وعندما أممتها الحكومة فى 1956 كانت تدرك أنها تؤمم مجلة معارضة.. فأوكلت إدارتها إلى ذات التيار المعارض.. ضمانا لعدم تغيير هويتها واستقلاليتها عن الحكومة. ومع أننى شخصيا لم أتعامل مع «الست» فاطمة اليوسف.. إلا أننى تعلمت وتتلمذت على يد الأسطوات الكبار.. عبدالرحمن الشرقاوى وصلاح حافظ وفتحى غانم ولويس جريس ثم محمود السعدنى بعد ذلك.. تعلمنا الصنعة وشربنا المهنة.. وأدركنا مبكرا أن الصحافة تعنى الكلمة الحرة والأمينة.. وأن المهنة رسالة.. ولن تتقدم سوى بالصحفيين المستقلين عن الحكومة والكتاب التقدميين والأحرار.. الذين لا يقفون فى الصف ولا يطبلون للحكومة ولا يزمرون لأصحاب المال والنفوذ. تعلمنا أن الصحافة الحقيقية هى الصحافة التى لا تتبع أحدا.. وأن الخبر لابد أن يكون محايدا.. أما الرأى فلابد أن ينحاز إلى الناس الحقيقيين.. إلى قوى الشعب الحقيقية.. وليس إلى قوى المال والنفوذ. وهكذا كانت «روزا» طوال تاريخها وهكذا اكتسبت سمعتها كمجلة مشاغبة لا تسمع الكلام ولا تمشى على الصراط.. وحتى عندما سيطرت عليها الحكومة أحيانا.. واختارت لها رؤساء تحرير من خارج المجلة.. ظلت روزا مشاغبة مستقلة.. بما اضطر الوافدون إليها.. إلى المشى على الخط بحيث لم تتغير روزا أبدا.. وحتى فى عز سطوة السادات.. وعندما وقعت أحداث الانتفاضة الشعبية فى 18 و19 يناير 77 وكان السادات يرى أنها انتفاضة حرامية.. فى حين رأت روزا أنها انتفاضة شعبية.. بما تسبب فى الخلاف مع رئيس الدولة، وفى إبعاد رئيس التحرير أستاذنا صلاح حافظ.. والغريب أن سياسة المجلة لم تتغير مع رئيس التحرير الجديد الذى اختاره السادات! من الواضح أن چينات الرفض والمشاغبة تحلق فى سماء روزا.. المكان والتيار.. نشربها مع القهوة والشاى.. والغريب يا أخى أن الأجيال الجديدة التى لم تتعامل مع جيل الأساتذة الكبار تتميز بنفس السلوك.. كما لو أن الخط العام للمجلة.. الخط المشاغب والرافض يطبع الوافد الجديد بمواصفات وصفات روزا! صحفى روزا ليس كصحفى الأهرام أو الأخبار.. صحفى روزا المشاكس الذى لا يسمع الكلام والمتمرد دائما لا يرتدى الكرافت ولا يحمل السمسونايت.. ومع هذا هو صحفى محترم عظيم القدرة بالجينز والسويتر والهاندباك على الكتف.. ولن تتغير روزا أبدا.. ولهذا عندما تؤول إدارتها إلى المجلس الأعلى التابع لمجلس الشورى التابع لجماعة الإخوان.. فإن روزا تظل روزا.. تظل المجلة المنتقدة المشاغبة طويلة اللسان.. التى لا تجادل فى الحق ولا تجامل المسئول ولا تطبل أو تزمر لتيار الإخوان.. ومحاولات أخونة روزا لن تجدى أبدا.. حتى لو حاولوا تكميم الأفواه فسوف تظل المجلة المشاغبة.. وسوف تمر مرحلة التكميم كما مرت غيرها.. لتكون نقطة سوداء دخيلة على المجلة التى أسستها واحدة ست.. لكنها علمت الأجيال المتلاحقة.. أن تكون رجالا.