الفيلم واحد من أجمل ما رأيت فى السنوات الأخيرة.. الفيلم روائى سعودى.. ومع أن السعودية لا تعرف صناعة السينما بالمعنى المهنى والتجارى.. إلا أن هناك تجارب لا بأس بها فى مراحل البدايات.. منها ذلك الفيلم الجميل الذى قامت بكتابته وإخراجه هيفاء منصور.. الفنانة السعودية التى تقيم خارج المملكة فى ألمانيا غالبا.. وبطولة عهد كامل وهى ممثلة ومخرجة سعودية لها تجارب لا بأس بها فى مجالى التمثيل والإخراج وتقيم بالولايات المتحدة. ولأن السعودية لا تعرف الصناعة السينمائية.. ولا تعرف حتى دور العرض السينمائى.. فقد استعانت المخرجة هيفاء منصور بطاقم فنى ألمانى لجميع المراحل الفنية للفيلم.. بل استعانت بالمصور الألمانى العالمى (لوثز رايتماير) الحائز على العديد من الجوائز العالمية، استعانت به لتصوير الفيلم.. ثم كانت حريصة على الاستعانة ببعض الفنيين السعوديين الذين يجيدون التعامل التليفزيونى.. من أجل التدريب واكتساب الخبرة فى فيلم (وجدة).
الفيلم إنتاج ألمانى بمشاركة من شركة روتانا.. ويعرض الآن على نطاق تجارى فى جميع دور السينما بأوروبا والولايات المتحدة.. بعد أن اشترت حقوق توزيعه شركة سونى بيكتشر الأمريكية التى طرحته للعرض ابتداء من العام الحالى 3102. لكنه وللأسف لم يعرض حتى الآن بالسعودية.. وإن كانت التصريحات الحكومية هناك تؤكد على نيتهم لعرضه رغم انتقاده الواضح للمجتمع السعودى.
نعم.. الفيلم ينتقد المجتمع السعودى الذى يتعامل بصرامة مع المرأة.. ويحكى عن مدرسة بنات إعدادية.. البنات فيها فى المرحلة ما بين الطفولة والمراهقة.. المدرسة حكومية سعودية محافظة.. الحركة فيها بحساب.. وملابس البنات تخضع للتفتيش اليومى وحقائبهن أيضا من خلال ناظرة صارمة.. لا تسمح بالتجاوز فى السلوك والتصرفات.. وقد لعبت الدور ببراعة الممثلة عهد كامل.. هى مبتسمة بشوش لكنها تخفى وراء الابتسام الجدة والقسوة المبالغ فيها.
بطلة الفيلم طفلة فى العاشرة - وعد محمد - تعيش مع أمها فى بيت متواضع بأحد الأحياء الجديدة بالرياض وأبيها العامل الذى يزورهم أحيانا والغائب بالعمل معظم أيام الأسبوع.. الأسرة لم تنجب سوى الطفلة (وجدة) ولهذا يخضع الوالد لضغوط عائلته من أجل الزواج مرة أخرى لينجب الولد وحتى تكتمل شجرة العائلة المعلقة صورتها فى صدر المنزل. الطفلة (وجدة) تحلم بشراء دراجة كما ابن الجيران الصغير.. يلعبان سويا طوال الأسبوع بدراجة الطفل الصغير.. والمشكلة أن الدراجة غالية الثمن ثم إن ركوب الدراجة خطر جدا لأسباب تتعلق بالعذرية والبنات..!
تضطر الطفلة الحالمة بالدراجة إلى خوض مسابقة لحفظ وتجويد القرآن الكريم.. حتى تحصل على الجائزة المالية المخصصة لحافظات القرآن.. وذلك من أجل شراء الدراجة التى تمر عليها كل يوم فى المتجر القريب من البيت. الطفلة تتفوق وتحصل على الجائزة المالية بالفعل.. لكنها تصطدم بالواقع والتقاليد المتشددة التى تمثلها الناظرة التى لعبت دورها بذكاء عهد كامل. الفيلم يعرض الآن بنجاح.. وكما عرفت فقد فاز بجائزة الجمهور فى مهرجان فينسيا السينمائى قبل شهور.. كما فاز فى مهرجان دبى بجائزة أفضل ممثلة للطفلة الصغيرة «وعد».. وإن كنت شخصيا أرى أن الثلاث ممثلات الرئيسيات بالفيلم يستحققن الجائزة.. الناظرة والطفلة ثم الأم التى تجهض أحلامها تباعاً.. فتحاول أن تساعد طفلتها على تحقيق حلمها.. ولعبت دور الأم الممثلة السعودية القديرة ريم عبدالله.
الفيلم الذى يعرض تجاريا فى العالم كله.. لم يعرض حتى الآن بالسعودية.. ومن الواضح أن ذلك يسبب لهم حرجا خاصاً.. لأنهم يدرسون عرضه هناك.. رغم الانتقادات التى وجهها للمجتمع السعودى.. وهى خطوة لو تحققت تحسب لهم وتحسب لجيل الفنانات الرائدات اللاتى اقتحمن الداخل والخارج بفنهن الجميل والمتميز.