تحولت تبعية الهيئة العامة للاستعلامات- بقرار جمهورى- إلى رئاسة الجمهورية!! وتوجس الجميع من أن تصبح «هيئة إخوانية»!! لكن- المفاجأة- أن الرئيس ابن وزارة الخارجية السفير الدكتور بدر الدين زايد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات اختار إعلام مصلحة الدولة المصرية- بحرفية- دون الانحياز إلى فكر أو حزب أو تيار معين. ويؤكد رغم أننا نعيش ظاهرة جديدة وهى امتداد حالة الصراع والانشقاق السياسى، يجب علينا الخروج من عنق الزجاجة بالعمل واستمرار عجلة الإنتاج والديمقراطية الكاملة والإخلاص لمصر. ∎ الهيئة العامة للاستعلامات أصبحت بقرار جمهورى تابعة لرئاسة الجمهورية، ورغم ذلك نفيت أن يكون وراءه «تكريس للأخونة»!! كيف؟! - نعم أنا شخصية مستقلة ولست منتميا للإخوان المسلمين ولا أى أحزاب سياسية، بل أنتمى لمؤسسة الخارجية وأقوم بمهمتى فى ضوء معطيات تفكيرى الاحترافى المستقل، لأننى خادم للدولة والشعب المصرى ولست مؤيدا ولا مشجعا لأى تيار سياسى. ∎ حتى لو جاء الرئيس مرسى وأملى عليك مواقف بعينها تميل للإخوان وعليك تنفيذ الأوامر؟ - لم يحدث هذا على الإطلاق وأنا التقيت بالرئيس مرسى ثلاث مرات خلال الأربعة أشهر ولم يطلب منى شيئا فيه شبهة الانحياز السياسى آخر مرة عرضت عليه خطة تطوير الهيئة فى المجالات المختلفة وبارك الخطة تماما لبناء إعلام الدولة المحترف المستقل ولم يطلب منى أى أمور تخرج عن هذه الرؤية. أنا حريص على فكرة الاحتراف ولن أعمل إلا فى مثل هذه الظروف. ∎ ما خطة تطوير الهيئة العامة للاستعلامات فى ظل الانهيار الاقتصادى؟ - نحن دولة فى مراحل التقدم وتعانى من صعوبات اقتصادية، والإعلام يقوم بمهمة أساسية فى التوعية التنموية «عبر المراكز الإعلامية فى الخارج والداخل» واخترنا ثلاثة محاور للتوعية فى مجالات البيئة والسياحة والصحة. فى مجال البيئة نحن نعيش كارثة بيئية تؤثر على العملية الاقتصادية وصحة المواطن ورؤيته للأمور بشكل صحيح، وخصصنا الاهتمام بمياه نهر النيل وحمايته من التلوث ونقوم بالتوعية البيئية، ونسعى لتطبيق «الاقتصاد الأخضر»، وهو تدوير المخلفات الزراعية الخضراء لتصبح «سمادا زراعيا»، حيث الملاحظ أن مصر تستورد هذا السماد رغم إمكانية تصنيعه محليا! نحن- هيئة الاستعلامات- نتعاون مع وزارتى البيئة والزراعة ونتحالف مع المجتمع المدنى لعمل شراكة كاملة بين الجهات الرسمية والمجتمع والشركات الخاصة والإعلام لنشر مفاهيم الاقتصاد الأخضر وتحويله إلى طاقة صناعية، بدلا من إلقائه كمخلفات تلوث نهر النيل. ∎ هذا يحتاج إلى تمويل مادى ضخم.. من أين؟ - نعم ونحن نعمل بالمثل الشعبى «الشاطرة تغزل برجل حمار»، وبدأنا خطة طموحة خلال الثلاثة أشهر المقبلة بتنفيذ «1000 نشاط شهرى» يشمل عقد المحاضرات والندوات فى مواقع تجمع البشر بالمدارس والجامعات والمصانع ومراكز الشباب، وورش العمل لنشر الفكرة والتوعية. نحن بدأنا الخطة منذ منتصف شهر ديسمبر الماضى، لكن نظرا للانشغال السياسى المجتمعى فى مصر لم يشعر الرأى العام بهذه الحملة، وستزداد كثافتها فى شهرى يناير وفبراير. إعلام هيئة الاستعلامات مملوك للشعب المصرى، وبالتالى قدراتها نخصصها للتوعية التنموية بعيدا عن الصراعات السياسية. هذه الكارثة البيئية المهددة لمستقبل الأجيال القادمة يجب تعزيزها بقوانين رادعة تقضى على انتهاكات البيئة بما يحمى الحياة فى مصر. ∎ ما خطة التنمية فى مجال السياحة؟ - نسعى للتوعية السياحية فى بعض المحافظات دون غيرها مثلا مشاكل فى مدينتى الغردقة وشرم الشيخ، وهناك خطة تعاون للعمل المشترك مع وزارة السياحة ونسعى لتوعية المواطن المصرى باحترام خصوصية الأجنبى بعيدا عن مطاردته من أجل الحصول على البقشيش. ∎ هل- فى ظل الانهيار والكساد السياحى- نحتاج إلى هذه التوعية؟ - من ضمن خطط التنشيط السياحى أن تقوم الهيئة بالتعاون مع وزارة السياحة لتشغيل مكاتبنا الإعلامية فى الخارج للترويج. للأسف وضع السياحة صعب للغاية وأمامنا حل من اثنين وهو إنقاذ ما يمكن إنقاذه أو نتركه يتدهور!! والإنقاذ يأتى بحملات الترويج الخارجية والتوعية السياحية فى الداخل. ∎ الأوضاع السياسية المتأزمة فى مصر- تصل عبر الأقمار الصناعية والإنترنت فى لحظتها حول العالم.. كيف تواجه إعلاميا؟ - فى الماضى كنا نعانى من الحوادث الإرهابية وهى مشكلة تواجه العاملين بالخارج لسنوات طويلة وعقب الحادثة الإرهابية تلغى الحجوزات!! وأمامنا أمر من اثنين، إما نتوقف عن الترويج ويزداد الانخفاض إلى «30-40٪»، أو نبذل كل جهودنا لتحسين الصورة السلبية. هناك أسطورة إغريقية بأن البطل يرغب فى رفع صخرة إلى قمة الجبل، لكنها تسقط باستمرار ويظل يحاول حتى الممات!! وهذه هى الحياة، لا تتوقف عن المحاولة. أنا عملت بالولايات المتحدة فى الثمانينيات، ثم كندا فى التسعينيات وكل حادثة إرهابية فى مصر يقابلها على الفور انخفاض فى السياحة، واجتهدت وجاهدت مع من جاهد فى تلك الفترة لتهدئة المخاوف وإعادة السياحة مرة أخرى. ∎ ما نسبة النجاح التى حققتها لإعادة السياحة؟ - لا يمكن قياسها بالأرقام.. مثال.. فى الحوادث الإرهابية انخفضت السياحة الأمريكية بشكل تكاد تكون توقفت!! وساعدنا العاملين فى قطاع السياحة والفنادق الدولية والكثير من جهات الأمن لتحسين الوضع لإعادة النشاط السياحى، وهناك مثل شعبى أستخدمه «أنا مش مغسل وضامن جنة». أنا بذلت جهدى حتى يرتاح ضميرى وكنت أذهب للأطفال بالمدارس الأمريكية لأحدثهم عن مصر ونشارك فى المعارض لتحسين الصورة. نحن نعيش ظاهرة جديدة وهى امتداد حالة الصراع والانشقاق السياسى فى مصر، وليس من المصلحة أن نقف جميعا مكتوفى الأيدى ويتوقف العمل حتى ينتهى الصراع!! علينا تواصل العمل، وهذا دور مؤسسات الاحتراف المعبرة عن كل الشعب المصرى وانتمائها للوطن وليس لفصيل سياسى واحد. ∎ فى ظل الانقسام السياسى.. ما ردكم عبر مكاتبكم الإعلامية فى أوروبا وأمريكا عن الوضع المصرى الراهن؟ - الصراع السياسى أمر طبيعى ويأخذ أشكالا مختلفة قد يكون عنيفا وحادا فى بعض المجتمعات، وقد يكون صراعا حضاريا وهادئا، وكل شىء يتغير ونحن فى بداية مرحلة ديمقراطية ولا ينبغى أن نعتقد أن الأمر سيظل هكذا للأبد. إن الحياة فى مصر بها مظاهر جاذبة أخرى والناس تعيش حياتها وتتسوق والجذب السياحى فى مصر متواجد فى شرم الشيخ والغردقة. ∎ الكونجرس الأمريكى خصص 100 مليون دولار لمكافحة الإرهاب فى سيناء المتمثل فى جماعات الجهاديين السلفيين!! كيف تعالج هذا إعلاميا؟! - لدينا مراكز النيل فى شرم الشيخ ورفح «تم إحراقها وقت الثورة»!! والعريش وقريبا سوف نفتتح مركزا فى «بئر العبد». مصر واجهت خطر الإرهاب فى الثمانينيات والتسعينيات وكنا نجاهد بشدة وعندى ثقة أن مصر سوف تنتصر فى هذه المعركة. المشكلة - الآن - وصلت لمرحلة المواجهات الأمنية وأصبحت المسألة معقدة. مراكزنا الإعلامية فى سيناء أغلب العاملين فيها من أبناء المحافظة «شمال وجنوبسيناء» ونحن على علاقات طيبة، لكن الأجواء متوترة وهناك انخفاض فى نسبة التفاعل. ∎ ما خطتك تجاه مكاتبنا الإعلامية «32» بالخارج؟ هل هناك اتجاه لتقليصها لتخفيض الأعباء المالية؟ - فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وعدم إمكانية توفير الموارد المادية الضخمة من أجل افتتاح مكاتب فى أفريقيا حيث المصالح المصرية الكبيرة يقابله قدر كبير من الغياب المصرى فى أفريقيا، لدينا «3» مكاتب فى أثيوبيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا، وهذا غير كافٍ، ويجب التنوع ونشر تواجدنا الإعلامى بدرجة أكبر، خاصة فى دول حوض النيل وهى جنوب السودان وأوغندا وكينيا وغرب أفريقيا فى السنغال، وخطتنا افتتاح مراكز فى هذه الدول ويقابله غلق البعض الآخر فى دول أوروبا. هذه الخطة من أجل تكثيف التواجد المصرى والاتصال بالمجتمعات الأفريقية وفتح منصات إضافية للتفاعل والمساعدة فى الترويج السياحى والتجارى وتطوير العلاقات السياسية ونحن جزء من منظومة قومية شاملة وأن مصالح مصر الخارجية جزء لا يتجزأ منها ومن ثم الدفاع عنها وحمايتها. ∎ ما المكاتب الإعلامية المرشح غلقها فى أوروبا؟ - ليس من الحكمة الإعلان عنها الآن لاعتبارات إدارية وسياسية وفلسفة توزيع المكاتب الخارجية وفق مصالح مصر الخارجية، بعيداً عن كون البلد الأجنبى حلو!! مثلاً.. دولة فى أمريكا اللاتينية أقل أهمية لمصر من دولة عربية أو أفريقية. مصر دولة عربية أفريقية مسلمة متوسطية «البحر المتوسط» وهى دوائر تحرك مصر وهناك دول كبرى ومؤثرة مثل أمريكا والصين والهند والبرازيل. التمثيل الخارجى يحتاج إلى رؤية شاملة، لذلك نحن نعيد ترشيد المكاتب وفق الأكثر أهمية لمصر. ∎ ميزانية الهيئة العامة للاستعلامات هل تقلصت؟! أم تسعى لخلق موارد أخرى للحفاظ على مستوى الأداء؟ الميزانية «258 مليون جنيه» كما هى وأغلبها مرتبات العاملين فى الخارج والداخل «209 ملايين جنيه» بجانب «11 مليونا» قيمة خطط التطوير للإعلام الداخلى. نحن نعمل بالجهود الذاتية ونعتمد على علاقتنا بالمحاضرين والمشاركين فى خدماتهم التطوعية والانتقال على نفقاتهم الخاصة لترشيد النفقات ونعمل حتى تتوافر ميزانية أفضل نقدر نشتغل بها، لأن هيئة الاستعلامات لا تسمح بالوسائل المالية فى المرحلة الراهنة، ونسعى لإجراء تعديلات تشريعية فى المستقبل فى «نادى القاهرة للمراسلين الأجانب» أن يصبح باشتراكات لتغطية نفقاته. ∎ أنت ابن وزارة الخارجية.. ما رأيك فى دعوة «عصام العريان» لعودة اليهود لمصر مع استرداد ممتلكاتهم؟! عصام العريان هو أحد قيادات حزب الحرية والعدالة وما قاله على مسئوليته الشخصية وليس رأياً ملزماً للدولة المصرية ومؤسسة الرئاسة أوضحت هذا جلياً. ∎ ذكرت أن هيئة الاستعلامات شاركت فى توزيع مسودات الدستور وتجميع الملاحظات.. ما أبرزها؟ - نعم بالفعل وزعنا مسودات الدستور، لكن لم يحدث فى الحقيقة تجميع للملاحظات لأن العملية لم تتسع نظراً لضيق الوقت، فالأسبوعان لم يكونا كافيين وحصل تغيير فى الخطط، واختصر دورنا على عقد عدة ندوات تعريفية شارك فيها شخصيات سياسية عامة وأكاديمية مؤيدة ومعارضة، مثلاً.. شخصية من الجمعية التأسيسية للدستور وآخر معارض مستقل. ∎ توليت منصب مساعد وزير الخارجية للشئون العربية لمدة عامين.. ما تقييمك لأزمة دولة «الإمارات» وإرسال عصام الحداد للإفراج عن «خلية الإخوان المصريين»؟ - نظراً لتخصصى الدبلوماسى دائماً أؤكد أن علاقات مصر بالدول العربية تتسم بالخصوصية، ومهما حدث من خلافات عارضة بين مصر وأى دولة عربية أخرى على مدار التاريخ سيتم تجاوز الأزمة عاجلاً أم آجلاً. لن يحدث استقرار إقليمى إلا باستقرار علاقات مصر بجميع الدول العربية، لذلك أثق فى أنها مسألة وقت وتبذل الجهود لرأب الصدع وتجاوز الأزمة لأن العلاقات بين مصر والإمارات قوية جداً. ∎ هل منطقى إرسال «عصام الحداد» بديلاً لوزير الخارجية «محمد كامل عمرو»؟ ألا يعد هذا تجاهلاً متعمداً لدور الخارجية المصرية؟ - صانع السياسة الخارجية وصاحب القرار الرئيسى يلجأ إلى وسائل متعددة وعلى سبيل المثال الذى لعب دوراً رئيسياً فى مرحلة تاريخية لإعادة العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى السابق كان المرحوم «لطفى الخولى» وبالتالى هناك قدر كبير من اللبس حينما نطرح أن كل شىء يقوم به وزير الخارجية وهذا غير صحيح. السياسة الخارجية المصرية ليست مهمة وزير الخارجية وحده لكنه يلعب الدور الرئيسى فيها، لكن هناك مؤسسات أخرى تشارك فى صنع وتنفيذ السياسة الخارجية، وهذه المسألة يجب أن تكون واضحة للرأى العام بعيداً عن الأحكام القاطعة وفى المقابل الدكتور عصام الحداد هو مساعد الرئيس للشئون الخارجية وبرفقته مدير المخابرات المصرية وهو موظف مسئول مصرى. ليس صحيحاً أن السياسة الخارجية يقوم بها وزير الخارجية فقط. ∎ ما مساهمات هيئة الاستعلامات فى حركة الترجمة حالياً؟ - بالفعل لدينا إدارة للترجمة ستواصل قريباً نشاطها، لكن حالياً نحن نجرى عملية ترشيد لما يجب أن يترجم والمفيد فى نفس الوقت للرأى العام. ∎ مع الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.. ما قراءتك للمشهد؟! - الثورة عملية تغيير صعبة، حالياً نمر بفترة انتقالية، وسنواجه الكثير من التحديات والصعوبات ولن تنتهى بمجرد العبور من مرحلة إلى أخرى. عندى ثقة وإيمان بأن مصر تستطيع فى نهاية المطاف الوصول إلى المرحلة التى يأملها أغلب المصريين، وهى الديمقراطية الكاملة الحقيقية، وإننى فى هذا الإطار أقوم بمهمتى لخدمة مصر فى التمثيل الخارجى وهيئة الاستعلامات. أتمنى المشاركة فى التحضير للمرحلة المقبلة وهى تحول مصر إلى مجتمع ديمقراطى مدنى كامل فى ضوء دور جهاز إعلام الدولة والالتزام بالحيادية الكاملة.