لأول مرة فى تاريخ مصر يصدر قرار جمهورى فى شكل قانون بمرسوم بطرد 160 قيادة نقابية منتخبة فى تنظيم نقابى من المفروض أنه غير خاضع لرئاسة الجمهورية ووزارة القوى العاملة. إنه قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لعام 2012 والصادر بتاريخ 24 نوفمبر الحالى. يقول المحامى العمالى سيد أبوزيد المستشار القانونى لنقابة الصحفيين: ليس من سلطات الرئيس إصدار أية إعلانات دستورية، وهذا استناد إلى أن الإعلان الدستورى «الأول» الذى أصدره المجلس العسكرى وتم الاستفتاء عليه فى مارس من العام الماضى. ثم تلاه إصدار دستور مؤقت وهذا الدستور لم يمنح رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء سلطة إصدار قرارات لها قوة القانون. وكان هذا واضحا فى المادة رقم 61 وبالتالى يعتبر الإعلان الدستورى الأخير باطلا، وهذا ينطبق أيضا على التعديلات الخاصة ببعض مواد قانون النقابات العمالية باعتبار أنه إجراء مخالف لاتفاقيات العمل الدولية الخاصة بالحريات النقابية. وأية تشكيلات نقابية تمت تنفيذا لهذه التعديلات تعتبر باطلة وأى كيان نقابى لا يأتى عبر الانتخابات لن يتم الاعتراف به للاستيلاء على التنظيم النقابى. والإجراءات التى يجب اتخاذها فى مثل هذه الحالات هى الطعن على قرار رئيس الجمهورية والمطالبة بوقف تنفيذه فورا مع ضرورة اللجوء لمنظمة العمل الدولية ولباقى المنظمات النقابية العربية والدولية. ويضيف طلعت المنسى رئيس النقابة العامة للعاملين بالطباعة والصحافة وعضو المجلس الأعلى للصحافة: على الرغم من سرعة قيام الزملاء النقابيين فى مجلس إدارة الاتحاد بالإسراع فى تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بناء على تعليمات واتفاقات مسبقة مع خالد الأزهرى وزير القوى العاملة، وأعلنوا تغيير أعضاء مجلس إدارة الاتحاد باستبعاد بعض زملائهم النقابيين إلا أننا اجتمعنا وقمنا بتوجيه الدعوة لاجتماع طارئ وعاجل لمواجهة هذه المتغيرات التى لا تتفق مع الحق الدستورى وأصدرنا البيان جاء فيه: رفض الإعلان الدستورى شكلا وموضوعا، ورفض التعديلات التى أجريت على قانون النقابات العمالية رقم 35 لعام 1976 دون الأخذ برأى التنظيم النقابى طبقا للقانون ومخالفة ذلك للاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالحريات النقابية. ∎ إسماعيل فهمى رئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل قال: أرفض قرار الرئيس وأتفق مع أى إجراءات تتخذها النقابات العامة ضد هذا القرار باعتباره يمثل انتهاكا صارخا للحريات النقابية. والسؤال لماذا لا يتم تعميم ذلك على النقابات المهنية والنقابات العمالية المستقلة؟! أما الدكتور أحمد عبدالظاهر الذى تم تعيينه بقرار إدارى للقيام بعمل رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال والذى قبل على نفسه تنفيذ القرار الإدارى رغم عدم قانونيته فى 4 أغسطس 2011 فيقول: تركت العمل النقابى منذ شهر بعد قيامى برفع دعوى قضائية للطعن فى قرار مجلس الوزراء الذى تم اتخاذه فى أكتوبر الماضى بشأن الموافقة على قبول التعديلات المقترحة ببعض مواد قانون النقابات العمالية.. والتى قام الوزير منفردًا بإعدادها دون أخذ رأى التنظيم النقابى، وهو يعلم تماما أن ما قام به من إجراءات مخالف للقانون. والدعوى أو الطعن مازال منظورًا أمام القضاء الإدارى فى مجلس الدولة، وتضم فى الدعوى بعض الزملاء النقابيين.. ومنهم إسماعيل فهمى رئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل الجوى، ورمضان الجندى رئيس النقابة العامة للعاملين بالسكك الحديدية. بينما تقول جليلة عثمان سكرتير الخدمات بالنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام وعضو مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين فى التليفزيون: إن القرار الجمهورى الخاص بتعديل بعض مواد قانون النقابات العمالية لم يكن مناسبًا بالمرة وكان يمكن الانتظار بعد انتخابات مجلس الشعب القادم لكى يتسنى إعداد قانون جديد للنقابات العمالية، وللعلم ليس من حق الدكتور مرسى أو الوزير الانفراد بوضع أى تشريع خاص بالنقابات العمالية وأن الهدف الأساسى مما تم مؤخرًا هو أخونة التنظيم النقابى. ويضيف فريد الأزهرى المستشار القانونى للنقابة العامة للعاملين بالكيماويات: الإجراء الأخير غير قانونى ومخالف للدستور، ويعتبر تدخلاً فى صميم العمل النقابى والإجراء هو الطعن أمام القضاء الإدارى الذى يمكن له إحالة الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا والمطالبة بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار لحين الفصل فى الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا. ويؤكد عبدالرحمن خير من القيادات النقابية للنقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى أن قرار الرئيس باطل، وأنه غير ملزم بتنفيذه، متمسكًا بالبقاء فى مقر النقابة العامة التى أتبعها، ولن يغادرها مشيرًا إلى تضامنه مع الزملاء فى باقى النقابات الأخرى بالدعوة إلى عقد جمعية عمومية طارئة تهدف إلى إسقاط المجلس الحالى لاتحاد العمال وطرد أعضائه. كما يقول إسماعيل كرار من القيادات النقابية فى النقابة العامة للعاملين بالبنوك وممثلها فى اتحاد العمال: للأسف الشديد حضرت جلسة الاتحاد التى عقدت صباح الاثنين 26 نوفمبر وشعرت بالإهانة لوجودى تنظيم نقابى لا يحافظ على بنيانه من خلال تصرفات بعض الزملاء النقابيين الذين باعوا أنفسهم للوزير واستسلموا لتنفيذ قرار خاطئ مخالف لاتفاقيات العمل الدولية خاصة الاتفاقية الدولية رقم 87 لعام 1948 والخاص بالحريات النقابية والتى صدقت عليها مصر رسميًا عام .1957 والاتفاقية رقم 98 لعام 1949 والخاصة بحق المفاوضة الجماعية وحق التنظيم والتى صدقت عليها رسميا الحكومة المصرية فى عام 1956 بالإضافة إلى مخالفة ذلك للمادة رقم 17 من قانون النقابات العمالية والتى تنص على أن من حق التنظيم النقابى إبداء الرأى فى جميع التشريعات الخاصة والتى تهم جموع العمال. ويضيف إبراهيم حسيب المستشار القانونى للنقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والأخشاب: هذه التعديلات ما هى إلا محاولة من جانب جماعة الإخوان المسلمين للسطو على التنظيم النقابى الذين فشلوا فى الاستيلاء عليه لمدة ثمانين عامًا لعدة اعتبارات أهمها، عدم إيمانهم أساسا بالعمل النقابى باعتباره الوسيط بين العامل وصاحب العمل وهم يعيشون بمبدأ أن صاحب العمل حر فى علاقته مع عماله طبقًا لوضعه، وحاول الإخوان فى الأربعينيات من القرن الماضى الاختراق للتنظيم النقابى من خلال إقامة كيانات نقابية لهم فى مصانع الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة والتى كان يمتلكها أصحاب الأعمال من الإخوان وأرادوا بذلك خلق كيان نقابى خاص بهم يتولى التصدى لأى محاولة يقوم بها العمال لإعلان الإضراب بعد الفشل فى الحصول على حقوقهم القانونية. ورغم ذلك فشلت هذه المحاولات وتنبه العمال منذ ذلك الحين إلى الآن إلى خطورة ذلك وأصبح عندهم عداوة تاريخية مع تنظيم الإخوان المسلمين مازالت مستمرة إلى اليوم.. وفى سنوات التسعينيات من القرن الماضى وبعد تصفية شركات القطاع العام والتى أقيمت وتوسعت من عرق عمال مصر حيث خضعت لبرنامج الخصخصة وعرضت للبيع وقام مجموعة من رجال الأعمال المنتمين لعضوية جماعة الإخوان المسلمين بشراء أعداد كبيرة من هذه الشركات، وكان أبرز هؤلاء عائلة سلام التى قامت بشراء شركة إيديال المتخصصة فى إنتاج الثلاجات والبوتاجازات والسخانات بمصانعها ومعارضها ومخازنها المنتشرة فى القاهرة الكبرى وباقى المحافظات وهى مساحة الأراضى الشاسعة والتى تقع خلف مطار القاهرة وكانت مخصصة للإسكان العمالى إلا أنه تم الاستيلاء عليها باعتبارها جزءا من أصول الشركة.