أصبح اسمه دائم التكرار فى الأزمات المتعلقة بالسلطة القضائية، إنه المستشار «د. حسام الغريانى» رئيس تأسيسية الدستور، فما كادت مشاكل الهيئات القضائية بسبب موضعها فى الدستور المرتقب تهدأ.. حتى تفجرت من جديد بسبب ما وصفوه بتعنت «الغريانى» ضدهم، ولم يكن غريبا للبعض أن يطل برأسه فى أزمة النائب العام ليكون من ضمن من ورطوا الرئيس فى هذا الخطأ القانونى الغريب، وكالعادة ما لبثت تنتهى أزمة النائب العام بتداعياتها حتى أثيرت أزمة جديدة مع المحكمة الدستورية بسبب تقليص صلاحياتها فى مسودة الدستور المقدمة للنقاش المجتمعى!
فما سر هذا القاضى العجوز الملتحى الذى كان من قيادات تيار استقلال القضاء، لكن مواقفه المثيرة تحيطه بعلامات الاستفهام؟!
بحثنا فى تاريخ الغريانى فاكتشفنا أنه رجل معتاد عنه المفارقات الغريبة، ومن الضرورى أن نقف مع هذا الرجل الذى يعتلى حتى الآن اللجنة التأسيسية رغم الجدل الدائر حوله، خاصة أنه ترأس أيضا المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومواقفه المتكررة فى الفترة الأخيرة غير مطمئنة فى الكثير من الملفات الحيوية!
مفارقة مثيرة تلك التى جعلت المستشار محمد حسام الدين الغريانى يجلس على مقعد رئاسة مجلس القضاء الأعلى لمدة عام.. بالتزامن مع وجود المستشار عبدالمعز أحمد إبراهيم فى مقعد رئيس محكمة استئناف القاهرة باعتباره أقدم قاض فى مصر.. الأمر الذى دعا الأخير إلى استخدام حقه القانونى خلال رئاسته للجنة القضائية العليا للانتخابات البرلمانية أن يقول: إنه قاضى مصر الأول.
وفقا لأوراق الترشيحات لمحكمة النقض منذ ما يزيد على عشرين عاما وحسب مصادر قضائية مطلعة فى هذا السياق.. فقد كان الدور فى الترشيحات التى تقدم لمحكمة النقض من جانب محكمة استئناف القاهرة وفق ما هو متبع قانونا خلال انعقاد الجمعية العمومية لكلتا المحكمتين فى سبتمبر من كل عام.. أن يكون الدور على المستشار عبدالمعز أحمد إبراهيم المستشار وقتها بمحكمة استئناف القاهرة لتتم ترقيته واختياره للانضمام إلى محكمة النقض أعلى محكمة قانونية، إلا أن المستشار يحيى الرفاعى رفض وبشدة رغم مبدأ الأقدمية فى هذا السياق قائلا: ابننا الغريانى أحق بذلك لأنه شاب واعد فى المطالبة باستقلال القضاء.. وخلال جلسة التصويت السرية أوعز «الرفاعى» إلى عدد من المقربين منه برفض ترشيح عبدالمعز واختيار الغريانى.. مخالفا بذلك مبدأ الأقدمية ليعلى من شأنه فى إشارة ضمنية إلى اختيار الغريانى فيما بعد رئيسا لمجلس القضاء الأعلى.. وهو ما حدث خلال 1102 عام الثورة الذى حاول فيه استغلال واقعة إخلاء سبيل «الأجانب» فى قضية التمويل الأجنبى!
قريبون من الأحداث بمحكمتى النقض والاستئناف قالوا ل «روزاليوسف»: كانت هناك حالة من التنافس أراد خلالها الغريانى أن يحصل على كل شىء على الرغم من مواقفه المتضاربة.. حيث ظهر فجأة وهو يدافع عن استقلال القضاء على الرغم من أن القضاء مستقل.. ثم ظهر فجأة يهاجم إعارة القضاة للخارج رغم إعارته هو شخصيا لأكثر من مرة إلى خارج البلاد: ليبيا، الإمارات، ومن أبوظبى إلى رأس الخيمة حيث عمل قاضيا بمحكمة التمييز الإماراتية.
ثم مواقفه الأخرى من أن المحامين العموم بمكتب النائب العام يتبعون قراراته الشخصية، وعلى الرغم من ذلك فقد عمل محاميا عاما بمكتب النائب فترة الثمانينيات، وقبل ذلك محاميا عاما أول بنيابة الأموال العامة العليا.
المستشار فتحى خليفة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق.. خرج عن صمته ليكشف تفاصيل 5 سنوات عصيبة فى المؤسسة القضائية فى مذكراته تحت عنوان «فتنة القضاء المصرى»، وكشف النقاب عن أنه حاول إخراج من سماهم «رءوس الفتنة» وهم القضاة: أحمد مكى ومحمود مكى وحسام الغريانى وناجى دربالة وآخرون من العمل بالقضاء وإحالتهم للمعاش، ولكن محاولته باءت بالفشل، حيث وقع فى تناقض عندما شدد على أن القضاء المصرى مستقل ولا يجرؤ أى مسئول على التدخل فى عمله، وعلى الرغم من ذلك قال: إن مسئولين كبارا تدخلوا فى عمله، وطلبوا منه عدم إصدار حكم فى قضية تأديب القاضيين محمود مكى وهشام البسطويسى نائبى رئيس المحكمة لتصريحاتهما عن اشتراك نفر من القضاة فى تزوير الانتخابات.
وعلى الرغم من توليه أعلى المناصب القضائية وأرفعها شأنا، فإنه عجز عن تطبيق ما يعتقد أنه صحيح القانون، حيث لم يلق الدعم الكافى من وزير العدل وقتها المستشار محمود أبوالليل والنائب العام وقتها ماهر عبدالواحد، بل إن الرجل وجد نفسه وحيدا فى صراعه مع تيار استقلال القضاء.. حتى إنه لم يتخذ أى إجراء تجاه ما سماه جريمة اقتحام مكتبه من قبل محام وسيدة وعضو مجلس شعب، بل إنه تلقى سيلا من الشكاوى من عشرات القضاة ضد خصومه لكن لم يطلب إجراء فى غالبيتها.. ثم قدم إلى المجلس اقتراحا مكتوبا يطلب فيه العودة بسن التقاعد إلى الستين عاما، وصولا إلى أن تقف فتنة القضاة بخروجه هو وقادة الفتنة أحمد مكى وهشام البسطويسى وناجى دربالة وحسام الغريانى أملا فى أن يعود للقضاء المصرى هيبته ووقاره، لكن مجلس القضاء الأعلى لم يوافق على الاقتراح استنادا إلى أن من بدأ بإشعال الفتنة هو المستشار متقاعد يحيى الرفاعى، الذى ستغل صلته بأعضاء مجلس إدارة النادى، ثم انضم إليه فى التأثير على سلوكيات النادى من تربطهم به صلة المصاهرة أو الصداقة وهم من قادوا التجاوزات، ولذلك كان رأى أعضاء مجلس القضاء أن خروج المتجاوزين من الخدمة لن يمنعهم من استغلال علاقتهم بمن فى مجلس إدارة النادى لاستمرار التجاوزات وربما تصعيدها، بزعم أنهم يبغون إصلاح سياسة الدولة خاصة بعد أن غرتهم بعض الصحف التى وصفت بعضهم بأنه أجدر برئاسة الدولة من رئيسها الحالى.
وفقا لسجلات محكمة النقض المصرية التى اطلعنا عليها.. فقد ولد المستشار محمد حسام الدين الغريانى فى الخامس والعشرين من شهر أكتوبر لعام 1491 بمحافظة الشرقية.. ويقطن بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية.
ووفقا للتدرج الوظيفى فقد رقى فى 4791 لدرجة قاض بمحكمة الإسكندرية الابتدائية، وخلال العامين من 5791 حتى 7791 تمت إعارته إلى دولة ليبيا بدرجة قاض بمحكمة أجدابيا وبنغازى.. ثم عاد نهاية 7791 ليشغل موقع رئيس نيابة الأموال العامة بالإسكندرية أكتوبر 8791.
وخلال عام 18 شغل موقع مدير نيابة النقض بمحكمة النقض، ثم عاد مرة أخرى للعمل فى النيابة العامة خلال شهر من نفس العام بدرجة محام عام بمكتب النائب العام، ومع بداية العام القضائى شغل موقع مستشار بمحكمة الاستئناف.
ورقى إلى درجة مستشار بمحكمة النقض ثم أعير خلال الفترة من 1991 حتى عام 6991 ليعمل مديرا لمعهد التدريب والدراسات القضائية التابع لوزارة العدل فى دولة الإمارات.. ثم مستشارا بمحكمة التمييز برأس الخيمة.