.سنشهد جميعا بعد ربيع الثورات العربية عالما جديدا لم نعرفه من قبل.. حيث ستحدث تغيرات جذرية فى جوهر النظام العربى.. وستتغير ثوابت كثيرة قد تصل إلى مفهوم القومية العربية ذاته.. وسيشمل هذا التغيير المنطقة العربية كلها.. وستؤثر عوامل كثيرة على العلاقات الخارجية للدول العربية.. منها مثلا أننا سنشهد نهاية الدولة المركزية الموحدة إذ سينتشر نموذج الدولة اللبنانية التى تتسم بزيادة قوة المجتمع عن قوة الدولة كما يتسم بتعدد مراكز الدولة.. ويصبح على من يريد التعامل مع الحالة المصرية فى المستقبل كما أتصور أن يتعامل مع قيادة الجيش وجماعة الإخوان والحكومة والبرلمان.. إلخ، حيث لن يكون دور الرئيس محوريًا كما كان فى العقود الماضية.. وهو نموذج للدولة أقرب للنموذج الأمريكى.. وكانت هذه بعض الآراء الصادمة التى طرحها د.محمد عبدالسلام رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية فى ندوة بعنوان «دور وتأثير القوى الإقليمية غير العربية - تركيا وإيران - على متغيرات العالم العربى» والتى عقدها المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية الأسبوع الماضى. وشهدت الندوة مشاركة عدد كبير من خبراء السياسة المصريين والعرب.. كما شهدت مناقشات علمية جادة حول الدورين التركى والإيرانى فى المنطقة بعد اندلاع الثورات العربية.. وفى البداية أكد د. عادل سليمان المدير التنفيذى للمركز أن القراءة المتأنية للخريطة السياسية المترتبة على الأحداث التى شهدتها دول الربيع العربى قد أوضحت تقارب الأسباب التى أدت إليها.. وأظهرت صعود تيارات الإسلام السياسى مما سيكون له تأثير مباشر على تشكيل مستقبل المنطقة.
كما أوضحت زيادة الاهتمام الإقليمى والدولى بتلك الأحداث.. وفى هذا الإطار نلاحظ اتباع إيران سياسات متضاربة بشأن الثورات العربية، حيث أيدت الثورة فى مصر وتونس واليمن وليبيا.
واعتبرت تلك الثورات امتدادا للثورة الخومينية من وجهة النظر الإيرانية.. إلا أنها تعارض بشدة أى تدخلات فى الشأن السورى.. كما نلاحظ أن تركيا تحاول تدعيم دورها الإقليمى على مستوى القضايا العربية المثارة فى العراق وسوريا وفلسطين.
وبعد تداول العديد من الآراء والتصورات التى اتسم أغلبها بعدم التفاؤل.. قال د. عبد الحسين شعبان الكاتب والمفكر العراقى: الحقيقة أننى أشعر بالتفاؤل بعد أن قلب الربيع العربى الكثير من المسلمات والثوابت لا فى البلدان العربية فقط، لكن أيضا بشأن العلاقة مع دول الجوار الإقليمى خاصة تركيا وإيران.. ولعل نهوض مصر المحتمل ومعها الدول العربية التى شهدت تغيرات باتجاه الانتقال الديمقراطى يمكن أن يبلور مشروعا عربيا جديدا، خاصة إذا أعيد بناء المجتمعات العربية على أسس متطورة وحديثة، ولكن هذا يحتاج إلى أكثر من عشر سنوات من التنمية المستدامة.