عظيمة هي التحديات الدولية والإقليمية والداخلية التي سنواجهها كعرب خلال الأعوام المقبلة وحولها يكمن مناط البحث عن سبل وإستراتيجيات الحل والتقدم. فهل ستسمح ثقافتنا السياسية وبنية نقاشاتنا العامة، بما صار يغشاهما من تحايل في الطرح وتهافت في القضايا، بالتناول الجاد لتلك التحديات دون خطوط حمراء وبموضوعية جريئة تتناسب مع ما يتهددنا؟ أغالب شكوكي وتشاؤمي لأضع كلمة "أتمنى".-فالوطن العربى ومنطقة الشرق الاوسط اصبحت هى حلبة صراع المصالح الغربيه -فالصين فى جنوب السودان واصبح دور اسرائيل واضح ايضا على منابع النيل -وامريكا واقصد امريكا فى عصر اوباما الذى انتهى عام كامل على توليه الحكم الا ان نتاج هذا العام احبط العرب كثيرا وكانت نتائجه فيما يخص العرب غير مرضى واقل بكثير مما كانوا يطمحون --فهو يحاول النجاح فى افغانستان واحتواء مشكلة ملف ايران النووى ولم تأخذ القضيه الفلسطنيه حقها الطبيعى والمشروع على اجندة سياسته الى ان البعض قال لاامل لمن يعول على امريكا فهى دولة مؤسسات ولن تتغير سياستها بتغيير الرئيس فليس بمقدور اوباما او غير اوباما ان يكون الحكم العادل وينصف العرب من ظلم اشرائيل -وتنامى الدور الايرانى سواء فى لبنان او العراق او جنوب اليمن وقضية الجزر الاماراتيه كل هذا يقلق العرب ويقض مضاجع الحكام --وكذلك نمو دور الدول الصغيرة التى ارادات ان تكون شريكه فعليا بلعب دور على المستوى الاقليمى والدولى جعل هناك تنافس غير مريح بل زاد من الهوة والخلافات بين الدول العربيه -وهذا التشتت والتمزق يغرى جميع الاعبين من الدول الاخرى سواء تركيا او ايران او امريكا او الصين او دول الاتحاد الاوربى لكى ينقلوا نشاطهم على تلك الاراضى العربيه فهذا الضعف العربى لم تمر به المنطقه منذ عدة قرون والتحديات اصبحت اكبر من امكاتياتهم على الحل --في الوقت الذي تغيب به عن المشهد الإقليمي نماذج عربية ناجحة، تشترك تركيا مع إيران في طرحها نموذجا متكاملا ورؤية متسقة لمستقبل الشرق الأوسط، مع التباينات المركزية بين النموذجين التركي والإيراني. ففي حين تمثل إيران داخليا حالة من التداخل بين الدين والسياسة تغيب عنها الديموقراطية، تقف تركيا معبرة عن إمكان الجمع الناجح بين علمنة مؤسسات الدولة والمجال العام والتحول نحو ديموقراطية تقبل مشاركة بل هيمنة الحركات الإسلامية على الحياة السياسية في إطار ضمانات دستورية وقانونية واضحة. وفي حين ترفع طهران إقليميا وخارجيا شعارات مواجهة الهيمنة الاميركية والغربية في الشرق الأوسط ورفض الاعتراف بإسرائيل ودعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وتعمل على تكوين جبهة تضم إلى جانبها إطرافا عربية لمناوئة الغرب ولا تتحفظ في هذا الإطار عن التدخل في شؤون بعض الدول العربية، تتسم السياسة الإقليمية لتركيا بالديبلوماسية الهادئة وبالبحث عن صناعة التوافق والحلول التفاوضية إن بين الغرب وإيران أو بين سوريا وإسرائيل أو بين الأخيرة والفلسطينيين، وبتقديم التعاون الاقتصادي والتجاري على الشعارات الإيديولوجية أو التدخل غير المسؤول في شؤون الدول الأخرى. والحقيقة أن أهمية النموذجين التركي والإيراني وجاذبيتهما، مجددا على الرغم من تبايناتهما، مرشحتان للتصاعد خلال الأعوام المقبلة وهو ما سيشكل واقعا ضاغطا على الدول العربية الحائرة بين التحالف مع الغرب والابتعاد عنه، بين المقاومة والسلام، بين الدين والديموقراطية، بين السياسة والاقتصاد.-على الحكومات العربيه ان تقوم بمصالحة شعوبها وتعرف ان العدو المشترك هو اسرائيل وان تتقارب وان تعرف ان امن اى دولة عربيه هو امن كل العرب وان لاترتمى فى احضان امريكا وتقدم تنازلات اكثر واكثر -والمثال واضح -تركيا وايران د/محمود عثمان صحفى وكاتب مقيم بالخارج [email protected]