يتغير الزمان فيتبدل ما كان. تمر الأيام فتتحول الأحوال. تدور السنون ويستدير البعض للبعض . تتكرر الأوجاع، ثم ينتصر النسيان. إنه الزمن . يجعلنا نردد منه الآه. إلا أنه أيضا من جانب آخر كثيرا ما يكون لا مثيل له كدواء. كثيرا ما يعتقد البعض ألا سبيل للشفاء من الارتباط بآخرين أو الشفاء من الارتباط بعادات، أو حتي الارتباط بمستوي من الإمكانيات، إلا أن الزمن لديه القدرة علي أن يجعلنا نعبر المحن. فقد منحنا الله سبحانه نعمة لا يلحظ الكثيرون قيمتها، وبالتالي لا يشكرون الله سبحانه عليها، إنها نعمة النسيان. أشخاص نتصور أنهم لابد أن يظلوا علي البال، إنما تروح أيام وتأتي أيام فإذا بهم ليسوا إطلاقا علي البال. فبمرور الوقت ننسي، وما تستجد به الأيام من حلو أو مر تجعل الألم الذي مضي يمر. وحتي الحلو حين ننتظره ولا يجيء فإننا بالتدريج لا نظل في انتظاره إذا استعصي وطال الأمد علي الانتظار، حيث بمرور الأيام يتم تشغيل ما يملكه الزمن من خاصية عدم الانتظار فإذا بالوهج يخبو والتشبث يرتخي، لأن الله سبحانه أنعم علينا بالنسيان وجعلنا نتآلف مع ما صار مثلما كنا قد تآلفنا من قبل مع ما كان. وهو حال يحصل عليه الإنسان حين يفوض أمره لله سبحانه ويتقبل مجريات الأمور باعتبار أن لله حكمة في كل ما يمر بالإنسان من حلو ومن مر. ومع الرضي يرتاح البال. وإصلاح البال نعمة كبري من الله سبحانه وتعالي، ألا يلحظ من يقرأ القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالي في الآية الثانية من سورة «محمد» «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُم». أن ينصلح البال هي نعمة كبري ومكافأة عظيمة يمنحها الله سبحانه وتعالي خاصة للمؤمنين الذين يعملون الصالحات . ربنا يصلح لكم الحال ويبارك في المال ويوفق للخير العيال ويروق البال.