هل تخشى الحب؟ لا.. بالعكس تماما لدىَّ مشاعر نادرة لكننى لم أقابل حتى الآن من تستحقها؟ ؟ أنت فى الخمسين من عمرك .. كيف لم تحب حتى الآن؟ من قال لك ذلك.. أنا أعشق النساء.. لكننى أخشى الاقتراب منهن. ممَ تخاف بالضبط؟ أخشى ألا يكون الحب الحقيقى كما تخيلته وأتخيله منذ سنوات. لو ظللت على الشاطئ دائما تخشى السباحة فلن تتعلمها أبدا.. لماذا لا تنزل إلى بحر الحب؟ أخاف من الغرق فيه؟ لماذا؟ بعد كل هذه السنوات.. سيحطمنى الفشل.. لقد صبرت طويلا.. وبنيت قصورا من الرمال، وسبحت فى أحلام اليقظة كثيرا.. فى الخيال تطلق العنان للأفكار الجميلة.. لكن فى الواقع لابد وأن تتلقى سهام كيوبيد، وهى كلها ليست جميلة.. فيها شجن وألم.. وواقع به الكثير من الأمور المادية. وإلى متى ستنتظر وتعيش فى خيالك؟ إلى أن يدق قلبى بجد، وتتسارع نبضات الحب، وأشعر بكهرباء وكيمياء غريبة تسرى فى عروقى. ؟ هل تعرف أن الحب مثل الكهرباء؟ لا.. كيف ذلك؟ بينما تمسك بسلك كهرباء عارٍ، تنطلق الشحنات الكهربائية فى سائر أنحاء جسدك، تصعقك، تشل تفكيرك، لكنك لا تستطيع أن تتركه بإرادتك.. فقط الكهرباء وحدها يمكنك أن تدفعها بعيدا بعد أن تكون قد سلبتك حياتك.. وهكذا هو الحب.. أنت يا صديقى نتنظر مأساة .. لا تجربة عاطفية تنعش حياتك! إذن.. ماذا أفعل؟ لو كنت مكانك لفضلت العيش فى أحلامى.. عشت فيها خمسين عاما فما المانع من الاستمرار، الخيال لا يوجع، بينما آلام الحقيقة لا يمكن تحملها فى بعض الأحيان، وأنت شخص شديد الرومانسية، مرهف الأحاسيس.. بصراحة أنت لن تتحمل الألم. هكذا انتهى الحوار مع صديقى الذى يحب على نفسه، كان أشبه بمحضر تحقيق مع مواطن ضبط فى حالة وجد غير حقيقية، خاصمه الحب، فعاش فيه فى خياله، وهو بالمناسبة ليس حالة نادرة.. فالخائفون من الحب من الجنسين كثيرون.. بعضهم لم تواتيه الفرصة.. والبعض جاءته ولم ينتهزها.. والبعض يعتقد بأن فى التأنى السلامة.. لكن من لم تشتعل جذوة الحب داخله، وتلفحه نيرانه، وتعذبه آلامه، لم يعش حياته.. لم يجرب متعة أن تحب وتتحب.. تفرح وتتعذب دون سبب فقط لأن كيمياء داخلية امتزجت بين اثنين حتى ولو فشلت هذه المعادلة بعد ذلك.