أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 فى أسواق الإسكندرية    سعر الجنيه الاسترليني يبدأ تعاملات اليوم الأربعاء 28-5-2025 على تراجع    نتنياهو: اعتقلنا آلاف المدنيين بغزة وصورناهم عراة ولا تظهر عليهم المجاعة    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب في زيارة ثنائية    هل عقدت سوريا اتصالات مباشرة مع إسرائيل؟.. مصادر تكشف التفاصيل    الدرع 45 يناديه.. الأهلي يتحدى فاركو في ختام الدوري    باتشوكا يعلن تفاصيل مباراته الودية مع الأهلي قبل المونديال    مدرب مالي يكشف موعد انضمام ديانج للأهلي    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    السيطرة على حريق بمخزن بلاستيك في الخانكة    وزير الثقافة يناقش خطة العمل بالتزامن مع احتفالات 30 يونيو    ليبيا.. الدبيبة يدعو إلى إجراء الانتخابات مباشرة    فشل رحلة اختبار ستارشيب التاسعة لإيلون ماسك وتحطم الصاروخ عند العودة إلى الأرض    سعر الذهب اليوم الأربعاء 28-5-2025 وعيار 21 الآن في مصر بعد انخفاضه الكبير    المغرب يعلن عيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو    الدفاع الجوى الروسى يعترض 112 طائرة مسيرة أوكرانية فوق أراضى عدة مقاطعات    ارتفاع كبير للأسهم الأمريكية بعد إعلان ترامب تأجيل الرسوم الجديدة على الاتحاد الأوروبي    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    وزير العمل يعلن استمرار التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل "الوزارة" و"مديرياتها"    تعليم البحر الأحمر تنهي استعداداتها لإجراء امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    إيلون ماسك: الهبوط على المريخ هو الهدف الأول ل"سبيس إكس"    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    الفاصوليا ب 70.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الأربعاء 28 مايو 2025    طن الحديد تجاوز ال39 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 28-5-2025    منع ابنه من الغش.. ولي أمر يعتدي على معلم داخل مدرسة بالفيوم    صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي    أبطال فيلم "ريستارت" يحتفلون بعرضه في السعودية، شاهد ماذا فعل تامر حسني    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أحمد الكاس: نحاول الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في كأس العالم للشباب    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    افتتاح معرض الكاريكاتير «صبأرت.. العناصر الأربعة» بمعهد ثربانتس بالقاهرة| صور    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    الكرملين: تصريحات المستشار الألماني تهدد عملية السلام الهشة في أوكرانيا    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    السعودية تعلن غدا أول أيام شهر ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرب لا نراهم!!
نشر في صباح الخير يوم 14 - 02 - 2012

(العرب لديهم العزم على تحقيق نهضة عربية جديدة فى واحدة من أصعب مراحل التاريخ المعاصر)
(إن الحراك والإبداع الفنى والسياسى الكامن تحت الرماد هو الذى يسير لصالح أحفاد ابن خلدون).
(العالم العربى فى واقع الأمر هو شىء آخر أبعد بكثير عن الصورة العبوسة المخيفة التى تقدم لنا منذ سنوات، إنه عالم لا يعبر عنه وجه أسامة بن لادن المعروف، ولا ملامح الثأر التى تملأ نوم الانتحاريين البائس).
.. هكذا تعبر باولا كاريدى فى كتابها ( عرب لا نراهم) عن صورة مختلفة للعالم العربى، تختلف عن تلك الصور النمطية التى تتبناها وسائل الإعلام الغربى، وخاصة بعد حادث الحادى عشر من سبتمبر.
الكتاب قدم له الروائى علاء الأسوانى، وترجمته مروة على فوزى وصدر عن المركز القومى للترجمة.
وفى مقدمته يقول علاء الأسوانى: (حان الوقت للغرب لكى يعرف ماذا يحدث حقيقة فى العالم العربى دون التأثر بما تقوله وسائل الإعلام، لأن عدم فهم ما يحدث فى مجتمعاتنا قد يشكل خطرا كبيرا ليس فقط على مستقبل العالم العربى وإنما على مستقبل العالم بأسره).
وتمضى باولا كاريدى فى البحث عن لغة البحر المتوسط المفقودة، تلك اللغة المشتركة التى تحدثها الناس طيلة قرون من الزمان، وطالها الآن الصدأ فتقول :
بعد الحادى عشر من سبتمبر أصبحت اللعبة الكبرى للسياسة العالمية يتم تخطيطها أكثر من ذى قبل على الطاولة دون ارتباط كبير بالواقع بل إن سوء معرفة الولايات المتحدة بهذا الواقع جعلها، وهى فى أوج سلطتها أكثر ضعفا، وضعف معها الغرب كله.
لا يجب أن نصِّدر ديمقراطيتنا لا بالدبابات ولا بالنظرات المعسولة التى تصدر ممن يريد أن يفرض قواعده بأدوات مختلفة أقل عنفا !!
لابد أيضا من تفادى أن يغشى أعيننا الخيلاء بتفوق نظامنا السياسى الذى نريد أن نلقنه للعرب بطرق أخرى، يجب علينا ببساطة قراءة مفهوم الديمقراطية الآخذ فى الظهور لدى النخبة العربية.
* مصداقية الغرب
تنادى كاريدى بوثيقة يكتبها العرب والغربيون معا وثيقة تبحر ضد تيار (صراع الحضارات) وضد الصور النمطية، وثيقة يسألون بعضهم بعضا فيها أولا من أين يجب أن تصل حدود التعايش وأين يجب أن يترك التناصح المجال للجيرة الطيبة وتكشف كاريدى عن جوانب مهمة فى علاقة الغرب بالعرب فتقول:
يجب على الغرب استعادة مصداقيته: تلك الميزة التى فقدها فى مواقف كثيرة ولأسباب كثيرة ولأخطاء متعددة، بداية يرى العرب أن الغرب ضحى بمصداقيته على مذابح الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى سواء كان ذلك على يد أمريكا وأوروبا- وأوروبا ظلت تخضع لرغبات إسرائيل وأمريكا على الأقل حتى الحرب على لبنان فى صيف 2006، ولكن الأمر لا يتعلق بمصداقية الحكومات والتصويت الأوروبى بالأمم المتحدة، فهناك أيضا ما يتعلق بالسياسات الداخلية والسلوكيات الاجتماعية إذ تغيب مصداقية الغرب أمام العرب عندما ينظرون إلى سياسات الهجرة فى أوروبا وإلى التفرقة تجاه من يأتى من الشاطئ الجنوبى للبحر المتوسط وإلى ازدراء ثقافات وديانات الآخر وتضرب مثالا لذلك: (واقعة الصور الكاريكاتورية الدنماركية).
* ملامح الشارع العربى
تمضى كاريدى فى كتابها (عرب لا نراهم) لتستقرئ ملامح الشارع العربى التى لا يعرفها الغرب، والتى يتحدث عنها حقيقة - على حد تعبيرها «الشباب الباحثون عن مستقبل لهم بدءا من أولئك الذين يجدون هذا المستقبل أو جزءا منه فى المنتديات الافتراضية والتى أصبحت منتديات سياسية إلى ملايين الشباب الذين يدرسون ويبحثون عن عمل شريف، وناشطات نسويات لا يتبعن شعارات الحركة النسوية الغربية، ولكنهن يناضلن بالحجاب ضد التفرقة والعنف خلف جدران المنازل ويطالبن بتكافؤ الفرص، ومفكرون محترمون وسياسيون محنكون يحاولون تحدى أنظمة فقدت معناها كى يحققوا ديمقراطية حقة، وتيارات فنية جديدة بدأت فى الظهور على السطح - بعد فترة كتم أنفاس طويلة - فى جميع المجالات بدءا من الروايات المصورة إلى الخط، ومن السينما إلى الموسيقى فى أنشطة متلاحقة وحيوية وفى بعض الأحيان مدهشة»
ومن الملامح المهمة التى رصدتها كاريدى : الفضاء الافتراضى الذى استخدمه الشباب العربى استخداما واسعا إذ وجدوا فيه طرقا ممكنة للتعبير، فظهرت المدونات العربية التى لا تزال تشهد نموا سريعا واسترعت انتباه الجميع فى كل البلاد التى شهدت (الربيع العربى) مدونات طالبت بالثورة والإصلاح فى المؤسسات السياسية التى أصابها الركود وتعلق كاريدى قائلة : (لقد أحرز المدونون العرب شهرة غير متوقعة يعود جانب كبير منها إلى دهشة كثيرين فى الغرب حال اكتشافهم أنه فى بلاد العرب التى لا يعرفونها هناك أيضا ما هو أكثر من مجرد الصور النمطية المطبوعة من أيام لورنس والاستشراق الذى عفا عليه الزمن!
وتستطرد : (يجب أن يعرف الآخرون أن الإنترنت باللغة العربية لا ينتمى فقط لمؤيدى القاعدة وللمواقع التى تتحدث عن الجهاد المسلح ضد الغرب، والإسلام الأكثر تطرفا، هناك أشياء أخرى غير المشاهد المروعة على صفحات الإنترنت التى تعرضها النشرات الإخبارية فى أوروبا وأمريكا، هناك عالم بأكمله تحجبه عنا أستار كثيفة، قليلون فقط هم من يحاولون إزاحتها، أصبحت المدونات العربية مصادر للمعلومات، ومساحات للتجريب الفنى لأن الذين قاموا بتوسعة وتطوير اليوميات الافتراضية أرادوا أن يعبروا عن الهوية العربية، الإسلامية، الشرق أوسطية، السياسية، والمدنية، أرادوا أن يتواصلوا خارج إطار الصور النمطية ليس فقط مع أقرانهم، ولكن أيضا مع جمهور غالبيته من الغرب، وذلك من خلال استخدام المدونين للغات أخرى غير عربية ).
وأشارت المؤلفة إلى أثر (اليوميات الافتراضية) فى تغطية الواقع الاجتماعى والسياسى المحلى من منظور يختلف عن منظور الحكومات أو حتى منظور الصحافة وقنوات التليفزيون بما فيها محطات الفضائيات العربية، قربت (الصحوة العربية) بين شباب المتصفحين ثم قاموا هم بتحقيق ما كان يمكن إنجازه فى الإعلان عن التظاهرات ومبادرات الإصلاح الجارية فى بلدان مختلفة فى المنطقة العربية).
* روح التسامح
وأشارت كاريدى إلى السلوك اليومى الذى يتميز بالتسامح فى الشارع العربى فتقول : لا تعجب إذن عندما تصبح أعياد المسيحيين أعيادا للجميع، ليس هناك استبعاد لأحد من التجهيزات لعيد القيامة، وبالمثل لا يتخلف أحد عن تحضير الفوانيس التى تميز شهر رمضان.
كما تحدثت عن المدارس المسيحية التى يديرها الرهبان من شمال إفريقية وحتى الأراضى المقدسة ودورها فى الترحاب الممزوج بالبحث عن القيم المشتركة، حيث تستقبل المدارس المسيحية منذ قديم الزمان أطفالا مسلمين، حيث تعايش الديانتين معا يعد أمرا عاديا والسلوك المقبول دينيا هو سلوك نابع من عمق صادق، فالأمر يتعلق بطريقة حياة.
* قراءة الغرب للحجاب
وتفرد كاريدى فصلا بعنوان (ليس مجرد حجاب للشعر) فى كتابها (عرب لا نراهم) فتتناول فيه كيف يقرأ الغرب مسألة الحجاب فتقول:
( إن جيش المتحجبات متعدد الألوان الذى ينتشر فى العالم العربى كله وقسم كبير من العالم الإسلامى هو بلا شك الصورة التى تلفت انتباه الإيطاليين والأوروبيين وكل الغرب وتربكهم كما لو أن الحجاب له معنى واحد فقط هو الركض الحثيث المضاد للمعاصرة بما تمليه الطاعة العمياء للتعاليم الدينية ).وتستعين كاريدى بكثير من الآراء لتفسير ظاهرة انتشار الحجاب فتعود إلى دراسة فدوى الجندى عالمة الأنثروبولجى المصرية عن الموضوع فى دراسة لها بعنوان : الحجاب : تواضع، خصوصية، مقاومة حيث ترى الجندى (أن الحجاب هو إعادة اكتشاف للهوية القومية، ومقاومة لضغوط الغرب، ولكنه أيضا انصياع لشكل اجتماعى سائد وتنفيذ للتواضع الذى تأمر به تعاليم الدين فالحجاب إذن يجمع الحس السياسى والدينى معا).
كما استعانت برؤية للروائية المصرية أهداف سويف والتى تعيش فى لندن حيث أوضحت سويف: عاد الحجاب فى مصر فى العشرين سنة الأخيرة وبشكل عام فهو تعبير عن الهوية واحتجاج على العولمة الثقافية واعتراض على فكرة أن يكون النموذج الغربى هو النموذج الوحيد المطروح للمرأة فى عالمنا المعاصر.
كما تستقرئ كاريدى برامج الإسلام السياسى فى هذا الشأن فتقول :
الحجاب كرمز للالتزام الدينى اليومى الذى يحوى معانى الإحسان والتواضع والصدق والإحساس بالمسئولية إضافة إلى الانصياع الكامل لما ينص عليه الدين الإسلامى فى حياة يحكمها الإيمان وما تمليه الشريعة الإسلامية..
هى باختصار حياة يحكمها القانون الإلهى فى العام والخاص، وإن تعارض هذا القانون مع قوانين البشر فالغلبة ستكون للأول.
ثم تخلص كاريدى إلى قولها : ( لا يمكن التغاضى عن العلاقة بين غطاء الرأس والإسلام وأنها تحديدا هذه العلاقة التى تخيف الغرب الذى هو من الضعف بحيث لا يستطيع أن يتعامل بتسامح واحترام مع ظاهرة تحتاج إلى فهم ما وراء الشكل )، ولكنها فى موضع آخر من الكتاب تقول : (مناهضة المعاصرة هى بالطبع واحدة من مكونات الظاهرة (الحجاب)، وهو أيضا المكون الأكثر وضوحا والأكثر جذبا للعيون الغربية ولكن ليس هناك ما يجزم بأن مناهضة المعاصرة هى المكون الأكثر أهمية، والمسألة على الأقل ليست كذلك بالنسبة لمن ترتدى الحجاب).
وتستطرد كاريدى فتقول : ( الحجاب حتى فى أكثر صوره تشددا لم يمنع مشاركة المرأة فى الأنشطة العامة والاجتماعية، فهناك الفلسطينيات العضوات فى حركة ( الجهاد الإسلامية ) أو(حماس) اللواتى ذهبن فى حجابهن إلى صناديق الاقتراع فى يناير 2006 ورجحت بفضل اصواتهن كفة حركة المقاومة الإسلامية التى أسسها الشيخ أحمد ياسين.
كما تشير إلى جهود الناشطات الإسلاميات اللواتى انضممن إلى العلمانيات فى الكويت لتمكين المرأة وممارسة الضغط على الأحزاب الأقل تشددا كى يعيدوا النظر فى موقفهم ويغيروا رأيهم وأخيرا لتوفير تلك الأغلبية البرلمانية اللازمة لإعطاء السيدات الكويتيات حقوقهن السياسية.
أما تحرير المرأة فى شبه الجزيرة العربية فقد كان من خلال قنوات أخرى غير السياسية ليتيح للسيدات فرص مناصب قيادية فى مؤسسات ربما على درجة من الأهمية نفسها، وتشير كاريدى إلى انتخاب سيدتين من سيدات الأعمال فى الغرفة التجارية بجدة، وهى أبرز هيئة تمثل عالم الأعمال الحرة فى السعودية.
* العلمانيون والإسلاميون
وتناقش كاريدى قضية مهمة وهى إمكانية التحالف بين العلمانيين والإسلاميين فى المشهد السياسى العربى فتقول :
إن التحالف بين العلمانيين والإسلاميين والذى يبدو مستحيلا فى نظر الغرب بعد الحادى عشر من سبتمبر، يبدو فى نظر العرب أقل غرابة ويمكن تقبله بل إنه جزء من نقاش مستمر منذ سنوات عدة يتجاهله الغرب المهتم فقط بالمعركة ضد كيان غير واضح المعالم سمى (الإرهاب الإسلامى)!، فالحركات الإسلامية ليست (القاعدة) ولا يصنع أعضاؤها نظريات الحرب المقدسة ولا يستخدمون العنف للوصول إلى السلطة.. وتطرح كاريدى أسباب هذا التحالف بين العلمانيين والإسلاميين فتقول :
منذ سنوات ترابض القوات الغربية فى صحارى العراق - على سبيل المثال - والأمر ليس كما حدث فى حرب الخليج عام 1991 عندما تدخلت القوات الدولية لصالح الكويت فى نزاع عربى - عربى بتأييد عدد كبير من أعضاء الجامعة العربية ولكن أحدا لم يطلب تدخل القوات الأمريكية والبريطانية التى وصلت إلى بغداد فى عام 3002 ولذا يجمع العرب على اختلاف انتماءاتهم على أنها قوات احتلال، غزو استعمارى جديد يعترض عليه ( علمانيون وإسلاميون ) منذ سنوات عديدة، فهناك إحساس بالحصار العسكرى والغزو الثقافى والسياسى أيضا، وهناك العلاقة بين المواطنين العرب وأنظمتهم الحاكمة التى تعتبر أنظمة استبدادية فاسدة أو لا يزال ينقصها الكثير على صعيد الديمقراطية إذن فهناك ضرورة التخلص من القوى الاستعمارية الجديدة وأهمية إرساء ديمقراطية كاملة وفعالة، وسيكون هذا أساس أى تحالف بين العلمانيين والإسلاميين.
وبعبارة بسيطة كما تقول مؤلفة الكتاب :
إنها تلك الرغبة فى الحرية التى تجمع الطرفين التى ولدت قناعة لدى كثير من العلمانيين بضرورة إخراج الإسلاميين من مكامنهم ومنحهم على الأقل حرية المشاركة داخل المجتمعات السياسية.
* فضول المشاهد الغربى !
وفى الكتاب أيضا إطلالة على الواقع الاجتماعى والثقافى والفنى فى العالم العربى من وجهة نظر باولا كاريدى فهى ترى فى الصيحة الأخيرة من الأغانى العربية (الفيديو كليب) الظاهرة الاجتماعية الأكثر أهمية من الأغانى نفسها فتقول : لقد أصبحت قنوات الأغانى وسيلة مهمة للوساطة خاصة فى منطقة الخليج، حيث العادات الاجتماعية الأكثر تشددا، فتسمح قنوات الأغانى بإرسال رسائل مشفرة يتراوح مضمونها بين ملامح آخر فتاة قابلها الراسل إلى وعود الحب بين الخُطاب.
وتوصف كاريدى ما تعرضه الأغنيات من أسلوب حياة إذ يبعد سنوات ضوئية عن الحياة العادية لغالب العرب، ولكنه قريب من أسلوب حياة النخبة المرتبطة بعالم السياسة والأعمال الحرة والعائلات الملكية والبرجوازية العليا فى المدن، وترى كاريدى أن ما يثير فضول المشاهد الغربى هو ما يستشفه من النص أى التغيرات الاجتماعية الدقيقة فى قصص الأغانى التى كثيرا ما تكون بطلاتها من النساء.
وقد مضت كاريدى بعيدا فى استقراء معانى فيديو كليب لنانسى عجرم بعنوان ( ما أدرى كيف ؟ ) حيث تعيش مصففة شعر قصة حب وتبوح لأمها التى تتعاطف معها ثم لصديقها المفضل الشاذ، والمفاجأة التى تراها كاريدى فى هذا الكليب هو أن الصديق الشاذ لا يتم تقديمه بشىء من التهكم !، وفى النهاية تساعدها الأم والصديق ويبذلان قصارى جهدهما حتى تنتهى القصة نهاية سعيدة على حد تعبير هامفرى داييز المترجم والخبير الكبير فى الشئون العربية ومؤلف كتاب يدافع فيه دفاعا مريرا عن الفيديو كليب الذى يرى فيه تعبيرا جيدا عن الثقافة الجماهيرية فى المنطقة ! حيث يرى داييز أن هذا كليب يصيب فى الصميم بعض السلوكيات فى مجتمعات الحضر مثل زواج الصالونات والتعامل مع المثلية الجنسية على أنها «تابو» يستحيل الحديث عنه علانية.
ثم تخلص كاريدى إلى تحليلها: أنه من خلال المواقف السريعة المعروضة فى الفيديو تظهر لنا فى الخلفية لمحات من حياة أكثر ثراء وأقل جمودا فى خيوط هذا النسيج الاجتماعى المتشدد فى ظاهره فقط.
وغاب عنها فى استقرائها لفيديو كليب «ما أدرى كيف؟» أنه عمل فنى تحكمه قوانينه الخاصة وهو حالة استثنائية لا يمكن الخروج منها بنتائج أو حكم معمم على التغييرات الاجتماعية الدقيقة فى المجتمع العربى فتجعل من ما هو شاذ مقبولا ومرضيا عنه من الناحية الاجتماعية.
وبنفس هذه القراءة المتعسفة تختزل كاريدى رواية «يعقوبيان» لعلاء الأسوانى فتقول: إنه للمرة الأولى فى الأدب المصرى المعاصر يحدث أن يضفى المؤلف شيئا من الاعتبار على العلاقات بين المثليين ويتعاطف معها كما يتعاطف مع بقية الشخصيات فتختزل كاريدى بذلك رواية من أهم الروايات العربية المعاصرة والتى تصف الفساد الاجتماعى والسياسى والأخلاقى فى مجتمع يعانى من أزمة اقتصادية وسياسية طاحنة، تختزل العمل الروائى الذى تحكمه قوانينه الإبداعية الخاصة والتى لا تعنى بالضرورة التعاطف مع شخصياته الروائية فهناك ما يتطلبه العمل الفنى وتنامى عنصر المفارقة التى تجعل من «حاتم» الصحفى صاحب الفكر فى الرواية رجلا شاذا أسيرا لشهوته منتهكا لأجساد الآخرين مستغلا فاقتهم ورقة حالهم وضعفهم أمام نفوذه وماله.
* الخلاص بالفن
وكما اهتمت كاريدى بعالم الفيديو كليب اهتمت بإبراز الفنون التى تعبر عن الصورة الحقيقية للعرب ومنها فن الكاريكاتير فتقول: إذا كانت رسوم الكاريكاتير تعبر عن الكثير من فكر العامة من العرب فلعل السبب فى ذلك أن وسائل الإعلام التقليدية الأخرى لا تصل أحيانا لذلك فى بلاد تزداد فيها الفجوة بين المجتمع والأنظمة بشكل مضطرب وأن الفنانين يعبرون عن المعاناة كما يعبرون أيضا عن التغييرات الثقافية.
وتؤكد على أن خلاص العرب تحديدا على أيدى الفنانين وتحدثت عن فنان الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى وعن مجموعة من رسامى الكاريكاتير الفلسطينيين ومنهم الفنانة أمية جحا وهى فنانة شابة من غزة كما تحدثت أيضا عن فيلم «الجنة الآن» للمخرج الفلسطينى هانى أبو أسعد والذى قدم حسب كاريدى «قراءة ما وراء الأحداث والتوقف عند ملامح اليأس الذى أصبح طبقا يوميا فى فلسطين».
ورغم ذلك فإن باولا كاريدى تنهى آخر فصول كتابها بالحديث عن العنف الذى تراه كما تقول: موجودا فى حزب الله الشيعى فى لبنان وفى «حماس» فى فلسطين حيث يعتبر الصراع العسكرى مع إسرائيل بالنسبة للأول واحتلال الأراضى الفلسطينية بالنسبة للثانى أمرين لا يمكن التهاون فيهما.
وهو ما تراه كاريدى إحدى المناطق الرمادية التى لم يتم توضيحها بعد عن الإسلام السياسى على حد قولها متناسية العنف المقابل، وقضية احتلال الأوطان وحق أصحابها فى الدفاع عنها. ورغم ما قدمته باولا كاريدى من جهد ومن محاولة جادة لاستقراء صورة العربى إلا أننى كنت آمل أن ترى كاريدى فى كتابها العرب الذين لابد أن تراهم لا الصورة التى آثرت أن تراها!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.